كنت في المسجد الأقصى

صحيفه الأنباء 12 يناير 2011

https://alanba.com.kw/163649/

فاجأني أخي الأستاذ يوسف خالد المرزوق ـ رئيس التحرير ـ بسؤال وهو باسم ضاحك مستفسرا: هل ترغب في زيارة القدس والمسجد الأقصى المبارك؟

وفي هذه اللحظة دارت في مخيلتي وذاكرتي كل الأحاديث والآيات الدالة على مكانة «بيت المقدس» خصوصا انه ثاني مسجد وضع في الأرض والصلاة فيه بـ 500 صلاة فيما سواه وكنت احلم أحيانا بأن أساهم في إهدائه «زيتا» يسرج في قناديله.

 معقول.. أزور القدس وقبة الصخرة والمسجد الأقصى وألتقي بالخلايلة والمقادسة حراس بيت المقدس الأقصى عبر التاريخ؟

دعوة كريمة من عزيز لم أتوقعها بسبب وجود العدو الإسرائيلي المحتل لأرضنا في فلسطين، وزاد من فرحتي عندما علمت ان الأخ عدنان الراشد ـ نائب المدير العام التنفيذي ونائب رئيس التحرير ـ هو من سيقوم بالتنسيق لهذه الزيارة بناء على توجيهات أخي رئيس التحرير، وبعد أن أبديت موافقتي حمدت الله مستذكرا قوله تبارك وتعالى (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) سورة الإسراء: الآية 1، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجدي هذا (المسجد النبوي)، والمسجد الأقصى».

نعم كان حلما تحقق فلقد صليت في المسجد الحرام في مكة المكرمة وأيضا في المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة، واليوم تأتيني هذه الدعوة الطيبة المباركة إلى البيت المقدس وهو أولى القبلتين وثالث الحرمين، وهكذا وفقنا الله للصلاة في بيته المقدسي في القدس الشريف مع جمع طيب من خيرة أبناء الكويت، ويحق لي اليوم أن أقول: كنت في المسجد الأقصى.

إن صح التعبير فان أفضل تسمية يجب أن تطلق على الزميل عدنان الراشد هي النقابي المجرب صاحب الخبرة، وكوني لصيقا به على مدى 22 عاما فإني على معرفة بالجهود الجبارة التي يبذلها أخونا في جمعية الصحافيين وجريدة «الأنباء» في العديد من السفرات من خلال الاتصالات والعلاقات التي يمتلكها ويسخرها لتحقيق النجاح في كل مهمة مميزة يقوم بها، حيث انه في بعض الأحيان يقوم بتكليفي بمساعدته في هذه الأمور، وعلى الرغم من تلك المعرفة الطيبة به فإنني لأول مرة أرافقه في زيارة والتي من خلالها أيقنت مدى قيمة هذا الرجل النقابي ولا أقولها من باب المجاملة وإنما من باب الإنصاف وبشهادة جميع أعضاء الوفد المرافق له، فإدارته الحكيمة تمت بشكل ممتاز ووفقا لما هو مخطط وعلى مستوى عال من الاهتمام، وتجلى ذلك في الحفاوة الكبيرة التي حظي بها الوفد الكويتي إلى درجة اعتبارنا ضيوفا خاصين لرئيس دولة فلسطين محمود عباس (ابو مازن) مما ساعد في فتح كثير من الابواب المغلقة.

السفير فيصل الحمود

كان الاهتمام بالوفد الصحافي الكويتي مميزا وملموسا من أول ما وطئت أقدام أعضاء الوفد مطار الملكة عاليا فقد حظي الوفد باستقبال حار من قبل السلطات الأردنية وأعضاء السفارة الكويتية وعلى رأسهم سفيرنا لدى المملكة الأردنية الهاشمية الشيخ فيصل حمود المالك الصباح والذي على الرغم من قرب انتهاء فترة عمله في المملكة الأردنية الهاشمية إلا انه كان حريصا على ألا يترك عمان إلا بعد أن يتأكد من توفير جميع سبل الراحة للوفد، فقد أقام على شرف الوفد مأدبة غداء في «بيت العرب» وهو البيت المميز الذي اشرف على إنشائه بنفسه والذي يعتبر مفخرة للكويت في عمان، نظرا لجمال تصميمه وفخامته وطلته المتميزة، فقد حضر الغداء نخبة من الصحافيين والإعلاميين الأردنيين والفلسطينيين، كما ألقى السفير فيصل الحمود كلمة ارتجالية اختزل فيها الكثير والكثير من الموضوعات بأسلوبه وملكة خطاباته الفذة، هذا وقد فاجأنا السفير بمفاجأة جميلة، وحقيقة لأول مرة أعيشها بشكلها الحقيقي، وتكمن المفاجأة في حضورنا خلال تلك الزيارة ببيت العرب إسلام أحد العاملين ببيت السفير حيث شهد كل الحضور نطق الشهادة هو وزوجته وابنه.

هنيئا لك يا بو مالك على هذه الروح الطيبة والمعاملة الراقية، وهي ليست بغريبة عليك، وأقتبس في هذه المناسبة كلام نقابي الرحلة «بو يوسف» حين قال له إنك صعبت المهمة على السفير الذي سوف يخلفك في عمان، وهذا تعبير عن الدور المميز الذي لعبه السفير أثناء وجوده في المملكة الأردنية الهاشمية وبشهادة الجميع وقد أعطيت القوس باريها.

مدينة التسامح

في طريقنا من عمان إلى فلسطين انتابني شعوران غريبان أولهما الفرحة التي تغمرني كلما تقلصت المسافة بين عمان والقدس وذلك لشغفي واشتياقي لرؤية المسجد الأقصى ومسجد الصخرة والصلاة فيهما، والشعور الآخر هو شعور الشخص الذي به غصة لدى مشاهدتي لأول جندي إسرائيلي وجها لوجه لأول مرة في حياتي، لكن شعوري الأول طغى على الآخر وذلك بدعوات الأهل والأحباء بأن يحفظنا الله في تلك الزيارة، وكذلك للتسهيلات التي قامت بها رئاسة السلطة الفلسطينية والتي هونت علينا مشقة السفر.

ولدى وصولنا إلى مدينة بيت لحم شعرت بالتسامح الديني بمفهومه الصحيح بين الناس، فكان التعايش بين المسلمين والمسيحيين مميزا من خلال مشاركة المسلمين لأفراح أعياد الميلاد، فقد تزامن وصول الوفد إلى بيت لحم مع مناسبة أعياد الميلاد للمسيحيين، كما حضر الوفد مأدبة العشاء التي تقيمها كنيسة المهد والتي ولد بها المسيح عليه السلام والتي دائما يشاطرهم بها الرئيس الفلسطيني الذي حضرها وبطريرك القدس «فؤاد طوال» وقد جسدت مأدبة العشاء لُحمة الشعب الفلسطيني بأطيافه، وما كانت مشاركة الوفد الصحافي الكويتي للقداس الذي أقيم في كنيسة المهد إلا دلالة على مدى تفاعلنا مع الشعب الفلسطيني بغض النظر عن الدين والمذهب، ولقد كان حضور الوفد للقداس مميزا فقد رحب البطريرك بالوفد الكويتي أثناء خطابه والذي بث على الهواء مباشرة إلى جميع أنحاء العالم وبعدة لغات، حيث يعتبر القداس في كنيسة المهد ببيت لحم في ذلك اليوم محط أنظار العالم بعد الفاتيكان.

مدينة المسجد الإبراهيمي

الخليل.. سميت بذلك نسبة الى نبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام، وتحتضن المدينة المسجد الإبراهيمي حيث مرقد بعض الأنبياء والصالحين، وقد سنحت لنا فرصة الصلاة بالمسجد والذي بانت سيطرة الإسرائيليين على مدخله الوحيد بعد أن وافقت السلطات الإسرائيلية للوفد على دخوله مع بعض التحفظات على تصويره تلفزيونيا، علما بأن المسجد مقسم إلى قسمين القسم الأكبر مخصص لليهود، وعلى الرغم من التحفظات الإسرائيلية على التصوير التلفزيوني إلا أن الوفد تمكن من اخذ لقطات فيه، وبالمناسبة ضم الوفد الصحافي الزميل مبارك القناعي من جريدة وتلفزيون «الوطن»، وقد أطلقت عليه مشاكس الوفد نظرا لحماسه الزائد لمهنته، والذي زاد تخوفنا من ان يسبب لنا حماسه مشاكل وبالأخص الأمنية منها مع السلطات الإسرائيلية فانه يبحث عن الإثارة والأحداث ويسأل عن النقاط الساخنة أثناء الزيارات بهدف تغطيتها، لكن والحمد لله مرت الأمور بسلام والفضل يرجع إلى تحذيرات أخينا نقابي الوفد أبويوسف للزميل مبارك.

ونعود إلى حديثنا عن «الخليل» ومشاهداتي فيها بشأن الاستيطان، فأثناء طريقنا إلى المسجد الإبراهيمي لاحظنا سيطرة الإسرائيليين على المناطق المحيطة بالمسجد وتضييق الخناق على «الخلايلة» ـ كما يطلق على سكان الخليل ـ بهدف تهجيرهم من المنطقة، وقد اتبع الإسرائيليون عدة وسائل غير إنسانية وغير حضارية وهم متميزون في ذلك، فقد قام الإسرائيليون بتضييق الخناق على سكان المنطقة المحيطة بالمسجد من خلال رمي القاذورات والحجارة من أعلى المستوطنات على المحلات المحيطة بالمسجد نظرا لوجودها أسفل المستوطنة الإسرائيلية مما حدا بأصحاب المحلات إلى تسقيف ممرات السوق بشباك تمنع وصول أي من ذلك على المارة والمتسوقين، ومع ذلك نجح الإسرائيليين في إغلاق العديد من المحلات بمبررات عدة، لكن جهود أهل الخليل وجلدهم واضح من خلال قيام السلطة الفلسطينية بتشجيع الفلسطينيين على الإقامة بالمدينة، وذلك بمنحهم سكنا مجانيا وخدمات مجانية بهدف المحافظة على تواجد الفلسطينيين بالمدينة والتركيبة السكانية، وتتلقى الخليل عددا من المساعدات من منظمات عالمية وعربية إلا أن جهودهم جبارة وتحتاج إلى دعم كبير للحيلولة دون إنجاح مخططات الإسرائيليين في تهجير الفلسطينيين من المدينة وتحويلها إلى مستوطنة كبيرة.

وبعد تكريم الوفد من قبل محافظ الخليل ووسائل الإعلام بمدينة الخليل غادر الوفد مدينة «حبرون» والتي سميت بعد ذلك بالخليل بعد أن لاقت زيارته ترحيبا حارا من أهلها حيث ودعتنا المدينة من خلال بث الأغاني الوطنية الكويتية على مدى ساعة مرافقة للوفد حتى خروجه من حدود المدينة وكان للأغنية الوطنية الشهيرة «وطني حبيبي» اثر بالغ في أنفسنا وأشعرتنا بحنين الوطن.

اللقاء مع الرئيس الفلسطيني

اللقاء برئيس دولة فلسطين كان مميزا إلى ابعد الحدود فخلال يومين التقينا الرئيس أربع مرات وهذه صدفة لا تتكرر ان تلتقي برئيس أربع مرات في هذه المدة، فقد استقبلنا الرئيس الفلسطيني بمقره في بيت لحم وكذلك على مأدبة العشاء على شرف البطريك فؤاد طوال، كما التقى الوفد به أثناء القداس بكنيسة المهد بأعياد الميلاد وتوجت تلك اللقاءات باللقاء المميز والشفاف بمقره في مدينة رام الله خلال مأدبة الغداء التي أقامها على شرف الوفد الكويتي، وكان اللقاء شفافا إلى ابعد الحدود ولم تكن به أي خطوط حمراء أو غيرها من الألوان، كما كان اللقاء شيقا واخويا وتميزت الزميلة إقبال الأحمد رئيس تحرير وكالة الأنباء الكويتية سابقا والكاتبة بجريدة «القبس» بجرأتها الإعلامية من خلال أسئلتها المباشرة ورأيها الصريح حول العلاقات الكويتية ـ الفلسطينية خلال اللقاء، وقد فاجأنا الرئيس أبومازن بسعة صدره وبإجاباته الواضحة والشفافة أيضا، وما وضح جليا أيضا خلال اللقاء أيضا حب الرئيس للفن الكويتي، فقد استذكر مسرحية «عزوبي السالمية» والتي كانت من بطولة الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا وبالأخص مقطعه عندما ذكر بها الإعلامية القديرة عضو الوفد السيدة فاطمة حسين (أم حسام) أو كما كان يناديها الرئيس الست فاطمة وكما يسميها الزميل عدنان الراشد بشيخة الصحافة الكويتية، وهذا مما يعزز الدور الفني للكويت في مختلف الأقطار وقد ابلغنا الرئيس الفلسطيني سعادته بزيارة هذا الوفد، كما ابلغ الوفد أمله أن تتكرر تلك الزيارات من وفود مختلفة على أن تكون وفودا تحوي العديد من الفعاليات الفنية والثقافية وغيرها، وبهذه المناسبة نسجل كل التقدير للرئيس محمود عباس على رعايته الكريمة لوفد الكويت هذا بالإضافة إلى تفضله بتسهيل دخول الوفد إلى القدس المحتلة والصلاة في المسجد الأقصى.

زهرة المدائن

الرحلة إلى القدس أشبه بالرحلة إلى المجهول فقد توزع أفراد الوفد على مركبتين، وفي الطريق إلى أحد المعابر المؤدية إلى مدينة القدس بدأ الزميل عدنان الراشد بتوجيه نصائحه لنا لكي نتلافى أي احتكاك مع الإسرائيليين وكانت توجيهاته أكثر وضوحا للمشاغب الزميل مبارك القناعي لأنه دائما كل اهتمامه هو التصوير في الأماكن الممنوعة والتي قد تسبب للوفد بعض المشاكل، وعند مغيب الشمس وصلنا إلى المعبر المؤدي إلى القدس وتوجهنا لله عز وجل بالدعاء ان يسهل اجتياز المعبر وعند نقطة التفتيش الإسرائيلية همت مجندة إسرائيلية بالدخول الى الحافلة التي تقلنا وقد خاطبتنا باللغة العبرية التي لا نعرفها، ورد عليها السائق ـ وهو بالمناسبة فلسطيني من القدس ـ بالعبري أيضا وما هي إلا لحظات حتى نزلت المجندة من الحافلة وإذا بها تدخل القدس بكل يسر وهنا شكرنا الله كثيرا على قبوله دعاءنا، ومن المعبر إلى المسجد الأقصى لم يدر في خلدي أي تصور بأن أكون في يوم من الأيام في أحد الطرق بالأراضي المحتلة وبالأخص مدينة القدس وما هي إلا دقائق معدودة وإذا بنا ندخل أزقة القدس القديمة وطرقها المؤدية إلى الحرم الأقصى، ومن باب «الأسباط» دخلنا عبر حرس البوابة التي يحرسها الإسرائيليون حيث سألونا عما إذا كنا مسلمين أم لا ومن أي بلد، وهنا تدخل السيد داود ممثل السلطة الفلسطينية بالقدس والذي رافقنا من باحة القدس الخارجية وتولى مهمة الرد عليهم ودخلنا بسلام، وعبر ممرات الحرم والمليئة بأشجار الزيتون وإذا بصورة قبة مسجد الصخرة تبدو تخرج عبر أشجار الزيتون بلونها الذهبي المميز وإذا بصوت تهليل وتكبير واضح نابع من القلب، والتفتُّ إلى يميني وإذا التكبير والتهليل مصدره السيدة فاطمة حسين حيث عبرت عن مدى فرحتها الغامرة عندما تحقق ما كانت تتمناه وهي الصلاة في المسجد الأقصى، هذا هو المسجد الأقصى أولى القبلتين وقبلة الأنبياء، وقد صلينا صلاة المغرب وصلى بنا إماما الزميل خالد معرفي من وكالة كونا الجندي المجهول بالوفد والذي لا تفارقه عدسته أبدا حتى في الأوقات العصيبة، وقررنا الانتظار إلى حين صلاة العشاء وصلينا جماعة خلف إمام المسجد وقد استغللنا كل لحظة في صلاة السنن والدعاء وقراءة القرآن ما بين المسجد الأقصى ومسجد الصخرة وأسفل صخرة المسجد.

ونظرا لقرب انتهاء فترة التصريح حيث يجب الخروج من المعبر قبل الساعة الثامنة مساء لم نترك مدينة القدس إلا قبل تذوق حلاوة نجاح الدخول الى المسجد الأقصى حيث أصر علينا الأخ داود لتلبية دعوته، وختمنا الرحلة بتجربة أكل الكنافة المقدسية.

العودة إلى الاردن

اختتمنا رحلتنا بعودتنا مرة أخرى إلى عمان وتوجناها بلقاء فريد وشيق مع وزير الدولة لشؤون الإعلام السيد علي العايد الذي امتزجت شخصيته بخبرته الديبلوماسية والسياسية حيث كان يعمل سفيرا للمملكة الأردنية الهاشمية لدى إسرائيل، اللقاء فاق التصور وتجاوز الوقت المحدد للوفد وذلك نظرا للارتياح بين الوزير وأعضاء الوفد لذا كانت لشخص الوزير مكانة عند الوفد نظرا لحيوية وعمق تفكيره وشفافيته وصراحته وهدوئه الغريب على الرغم من أنه لم يكن لأحد أعضاء الوفد أي معرفة سابقة به، ولم تتمكن السيدة فاطمة حسين أو كما عرفناها بالرحلة بالست فاطمة من الصبر على عدم التعليق خلال اللقاء، فقد وجهت أم حسام ملاحظتها الايجابية لمعالي الوزير فقالت له إنها لأول مرة تقابل وزيرا للإعلام هادئا جدا وصوته خافت، وهنا عقّب الزميل عدنان الراشد على ملاحظة أم حسام وقال لها إن معالي الوزير قد غطى عليك بالهدوء والصوت الهامس لأن السيدة أم حسام معروف عنها هدوؤها ونبرة صوتها المميزة ببطئها.

وبمناسبة وجودنا في عمان لآخر ليلة فقررنا أن نحتفل بنهاية تلك الرحلة لكن بطريقة السيدة فاطمة حسين فقد اختارت ان يكون العشاء بمطعم «الهوارة» وتركنا لها حرية اختيار الأصناف لأنه لا يوجد احد ينازعها في اختصاصها وكان اختيارا موفقا ولا يمكن أن أنسى زميلنا عبدالرحمن العليان رئيس تحرير جريدة «كويت تايمز» الذي نعتبره مؤشر الذوق وتقييم الطعام للوفد وقد منح الزميل عدنان الراشد مسمى حركيا للزميل عبدالرحمن لكن لم أتمكن من ذكره الآن لأني لم احصل على إذن منه لنشره.

ختاما… لم يكن لتلك الرحلة أن يكتب لها النجاح لولا عوامل كثيرة أولها النية الصادقة من أعضاء الوفد التي وفقها الله بإجابة دعائنا ودعاء الأحبة والإخوة لكي نتمكن من زيارة المسجد الأقصى، كما أن للزميل يوسف خالد المرزوق ـ رئيس التحرير ـ الفضل في رعاية هذا الوفد بشكل كامل، وقد حرص كل الحرص على أن تلبى كل حاجات أعضاء الوفد، وقد أكد لي ذلك في كل خطوة يخطوها الوفد فله كل الشكر والتقدير والامتنان على ذلك، ولا يخفى على احد أن للتخطيط المدروس لهذه الرحلة من أخينا عدنان الراشد قبل الرحلة وأثناءها الأثر الكبير في أن تتم الرحلة كما هو مخطط لها، ولا أنسى موقفه عندما كنا مع الرئيس الفلسطيني عند اختتامنا لزيارته بأن طلب منه خدمة راجيا ألا يرده بها وهو ان يحقق للوفد أمنيته بزيارة القدس والصلاة في المسجد الأقصى والذي بدوره أعطى الرئيس تعليماته لأجهزته وأصدرت التصاريح الخاصة في ظرف ساعة، والشكر موصول إلى الجنود المجهولين في كل من سفارة دولة الكويت بعمان السيد جهاد الرنتيسي واللواء نظمي مهنا مسؤول المعابر الحدودية الفلسطينية وكذا كل من السيد عبدالحكيم زريقي مستشار مكتب السفير الفلسطيني بعمان والسيد فراس غنام المسؤول المرافق للوفد من المراسم الرئاسية للسلطة الفلسطينية ويظل سؤال حائر يدور في رأسي: هل سأعود للصلاة في الأقصى؟ هذا في علم الغيب وعودة فلسطين لأهلها.

قراءة نقدية لمشروع قانون اعداد الميزانية العامة للدولة

صحيفة الانباء 13يونيو 2022

https://alanba.com.kw/1124520/

تقدمت الحكومة فور تشكيلها لمجلس الامة برنامج عملها التزاما لأحكام الدستور ، ويتضمن برنامج عمل الحكومة عدد من المرتكزات منها ما يتعلق بالإصلاح المالي، وهو يستهدف تحقيق الاستدامة المالية من خلال مبادرة تطوير الإدارة المالية، ولتحقيق الإصلاح المالي يتطلب إعادة النظر في التشريعات المنظمة للإدارة المالية ومن اهمها المرسوم بقانون رقم (31) لسنة 1978 بشأن قواعد اعداد الميزانية العامة والرقابة على تنفيذها والحساب الختامي وتعديلاته.

وفي هذا السياق وفي وقت سابق تقدمت وزارة المالية بمشروع قانون بتعديل جذري على المرسوم بقانون رقم (31) لسنة 1978 على النحو المنشور في الموقع الرسمي لوزارة المالية ( www.mof.gov.kw ) ، تحت مسماه الجديد (قانون في شأن قواعد إعداد الميزانيات العامة والرقابة على تنفيذها)، وقد جاء هذا المشروع بعد عدة تجارب للإدارة المالية للدولة في تنظيم الشئون المالية فيها.

فالانطلاقة الأولى للإدارة المالية الحديثة كان قبل صدور دستور دولة الكويت ، عندما صدر المرسوم الاميري رقم (1) لسنة 1960 بشان قانون بقواعد اعداد الميزانية العامة والرقابة على تنفيذها والحساب الختامي ، والذي جاء ليرسي قواعد ثابتة لإعداد ميزانية الدولة والحساب الختامي وللرقابة على تنفيذ الميزانية  ، حسب رؤية المشرع في ذلك الوقت ، وهي قواعد استخلصت اكثرها من التجارب التي مرت بها الإدارة المالية ، والتي اثبتت التجارب صلاحيتها ، وتطلّبت الحاجة على وجوب تقنينها لتكون قواعد مستقرة تلتزم بها الإدارة المالية والدوائر الحكومية الأخرى ، لتقوم الميزانية العامة للدولة على أسس ثابته ، وهو يعتبر امر من الأمور ذات  الأهمية في السياسة المالية للدولة .

اما الانطلاقة الثانية فكانت بصدور المرسوم بقانون رقم (31) لسنة 1978 بشأن قواعد اعداد الميزانيات العامة والرقابة على تنفيذها والحساب الختامي وتعديلاته، والذي رأى المشرع بان يتم وضع قانون متكامل يحل محل المرسوم بقانون رقم (1) لسنة 1960 المعمول به في ذلك الوقت ،بدل من ادخال تعديلات جزئية عليه بهدف تحقيق البساطة والوضوح في التشريع ، حيث وضع المرسوم بقانون المبادئ الأساسية للميزانيات سواء كانت ميزانية الوزارات والإدارات الحكومية ،او الميزانيات الملحقة بها ،او ميزانيات الهيئات والمؤسسات المستقلة .

وقد اكد المرسوم بقانون على مبدا الشمولية والوحدة ومبدأ سنوية الميزانية ، كما قرر تنظيم استقطاع نسبة مئوية سنويا من الإيرادات لتكوين احتياطي للأجيال القادمة لتامين مستقبلها ، وتنظيم ما يسفر عنه نتيجة الاعمال الميزانية السنوية ، هذا وعالج التشريع إجراءات اعداد الميزانية العامة للدولة وميزانيات الجهات والملحقة والمستقلة واصدارها ، ودور الجهات الحكومية المعنية في اعدادها ، وتنظيم الحسابات العامة والرقابة الحسابية ، وتحديد النظام المحاسبي المتبع بحسابات الدولة ، وتنظيم التقارير الدورية والختامية للجهات الحكومية بأنواعها .

ومقترح وزارة المالية الحالي المتمثل بمشروع قانون باستبدال المرسوم بقانون رقم (31) لسنة 1978 بشأن قواعد اعداد الميزانيات العامة والرقابة على تنفيذها والحساب الختامي وتعديلاته ،في حال اقراره يعتبر الانطلاقة الثالثة لتحديث الإدارة المالية للدولة، وعلى الرغم من عدم قيام وزارة المالية بنشر المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون في شأن قواعد إعداد الميزانيات العامة والرقابة على تنفيذها، الا اننا نتوقع من هذا القانون والذي سيصدر بعد ما يزيد عن اربعون عاما من صدور المرسوم بقانون (31) لسنة 1978 بان يراعي التطورات التي تمت على النظم المالية العامة والتقدم التكنلوجي الهائل في مجال الأنظمة الآلية وبالأخص المالية منها ، آخذا بالاعتبار معالجة الثغرات في التشريع القائم ، وان يتماشى مع تطلعات ومتطلبات الإدارة المالية الحديثة في ظل رؤية الكويت 2035 .

لكن هل جاء المشروع المقدم من وزارة المالية بما يتسق بشكل كامل مع متطلبات الإدارة المالية للدولة الحديثة؟ هذا ما سنوضحه من خلال قراءتنا لأحكام مشروع القانون.

الشكل والاحكام العامة

فبعد الاطلاع على المشروع نرى ان أول تغيير طال التشريع القائم هو عنوانه ، والذي جاء على النحو الاتي ( مشروع قانون في شأن قواعد إعداد الميزانيات العامة والرقابة على تنفيذها ) ، ونلاحظ بان مشروع القانون من خلال عنوانه يعكس اهتمام المشرع بركيزتين ، بعدما كانت التشريع الحالي في عنوانه يهتم بثلاثة ركائز ، الركيزة الأولى وهي تتعلق بالقواعد التنظيمية لإعداد الميزانيات العامة ، والركيزة الثانية هي القواعد التنظيمية للرقابة على تنفيذ الميزانيات ، اما الركيزة الثالثة التي وردت في التشريع القائم ولم ترد في مشروع القانون هي القواعد التنظيمية المتعلقة بالحساب الختامي والتي تمثل التقارير السنوية التي تعدها الإدارة المالية العامة للدولة ، والتي نرى من الأهمية ان يكون للتقارير الدورية ومنها الختامية انعكاس في عنوان التشريع لإبراز أهميتها ولتعزيز الحوكمة والشفافية للبيانات المالية للدولة من خلال تلك التقارير.

ومن جانب آخر فقد كان متوقع بان يصحح المشروع المفاهيم المتعلقة باستخدام المصطلحات الفنية الدقيقة في شان المالية العامة ، وذلك باستخدام مصطلح الموازنة العامة بدلا من الميزانية العامة ، باعتبار ان الموازنة العامة للدولة هي الأداة التخطيطية الرئيسية التي تستخدمها وزارة المالية لتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية في الدولة ، هذا الى جانب استخدامها كأداة للمراجعة والمسائلة ، باعتبارها بياناً يوضح توقعات وتنبؤات الدولة لإيراداتها ونفقاتها خلال فترة مقبلة، وليس بيانا ماليا خلال فترة سابقة ، وقد يثير البعض بان تغيير هذا المصطلح قد يتعارض مع ما ورد بأحكام الدستور [1] ، وفي راينا لا نتفق مع هذا الطرح لان استخدام المصطلحات الفنية السليمة لن يغير من جوهر الاحكام ، وما يدلل على ذلك عندما نص الدستور في أحكامه بان يُنشأ بقانون ديوان للمراقبة المالية ملحق بمجلس الامة [2] ، الا ان بموجب القانون رقم (30) لسنة 1964 تم انشاء ديوان للمحاسبة تنفيذا لأحكام الدستور ، وعدم صدوره بمسمى الرقابة المالية لم يعتبر مخالفا لأحكام الدستور .

وفي شأن المفاهيم الأخرى الواردة بمشروع القانون [3]، فقد وضّح المشروع المقصود ببعض الكلمات والعبارات الواردة فيه ، حيث أورد تعريف للجهات الحكومية والجهات ذات الميزانيات الملحقة والجهات ذات الميزانيات المستقلة ، وفي راينا ان التعريفات الواردة بالمشروع لا تتسم بالوضوح والدقة ، حيث جاء تعريف الجهة الحكومية  بمشروع القانون بشكل مغاير للتعريف بالتشريع الحالي [4]، وبما لا يتسق في راينا مع التعريف الوارد بالمرسوم بالقانون رقم 15 لسنة 1979 بشأن نظام الخدمة المدنية وتعديلاته ، باعتبار ان الجهة الحكومية تطلق على الوزارات والإدارات الحكومية والجهات ذات الميزانية الملحقة والمستقلة [5]، كما جاء ضمن تعريف الجهات الميزانيات الملحقة بانها الوزارات التي تلحق ميزانيتها بميزانية الوزارات والإدارات الحكومية ، وهذا التعريف ليس في محله فلا يوجد وزارة تلحق بميزانية الوزارات والإدارات الحكومية . 

اما تعريف الأنظمة المالية فقد جاء تعريفها بانها (هي الدورة المستندية والإجراءات والأنظمة الآلية وكافة الإجراءات واجبة الإتباع في سبيل دقة وسلامة البيانات المالية والحفاظ على أصول الدولة) ، وعلى الرغم من تعدد التعريفات في هذا الشأن الا اننا نرى ان التعريف الأنسب والاوضح للأنظمة المالية (هي العمليات والإجراءات التي تستخدمها الجهات الحكومية لممارسة الرقابة المالية والمحاسبة، وتتضمن هذه الإجراءات التسجيل والتحقق والإبلاغ في الوقت المناسب عن المعاملات التي تؤثر على الإيرادات والنفقات والأصول والالتزامات) .

ومن جانب آخر تناولت الاحكام العامة لمشروع القانون المسائل التي يتم مراعاتها عند اعداد الجهات الحكومية لميزانيتها وهي اهداف وبرامج خطة التنمية[6]، الا انه في رأينا كان يجب ان تتضمن الاحكام ما يتعلق مراعاة برنامج عمل الحكومة وذلك تأسيسا لأحكام الدستور[7].

كما تناولت الاحكام العامة إلزام الجهات الحكومية بتزويد وزارة المالية بتقارير سنوية[8]، ونرى ان مثل تلك الاحكام والمتعلقة بالتقارير يجب ان يكون مكانها في الفصل الخاص بالحساب الختامي وليس ضمن الاحكام العامة، خاصة وان ما جاء به يعتبر تكرارا الى حد كبير لما ذكر في الفصل الرابع والخاص بالحساب الختامي [9].

هذا وأشارت الاحكام العامة بان تشكل بقرار من وزير المالية لجنة برئاسة وعضوية ذوي الاختصاص لمناقشة وتحديد الإطار العام لمشروع الميزانية العامة للدولة[10]، في حين ان التشريع الحالي ينص على ان تكون اللجنة برئاسة وزير المالية[11]، وفي ظل عدم نشر المذكرة الايضاحية فانه من غير الواضح ان كانت رئاسة اللجنة من قبل الوزير ومن ثم يعتبر ثمة هناك خطأ مادي بالمادة (برئاسته بدلا من برئاسة).

الإيرادات والمصروفات

يلاحظ ان مشروع القانون قد ألغي الاحكام الحالية المتعلقة بتحديد نسبة مئوية من جملة الإيرادات المقدرة تضاف الى احتياطي الأجيال القادمة وذلك استنادا الى قانون رقم (18) لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام المرسوم بالقانون رقم (106) لسنة 1976 في شأن احتياطي الأجيال القادمة[12]، وفي راينا ان تعديل القانون جاء ليصحح المبادئ المتبعة سابقا في شان تكوين الاحتياطيات بما يتسق مع معايير المحاسبة الدولية باعتبار ان الاحتياطيات يتم تكوينها من نتائج الاعمال وليس استقطاع مباشر من الإيرادات كما هو منصوص عليه حاليا ، علما بانه لوحظ عدم الاشارة الى القانون رقم (18) لسنة 2020 في توطئة مشروع القانون.

هذا واغفل مشروع القانون دور جهاز المراقبين الماليين وفق قانون انشاءه رقم (23) لسنة 2015، والذي يلزم الجهات الحكومية على عرض مشروع ميزانية الجهات على المراقب المالي لإبداء الرأي عليه قبل تقديمه إلى وزارة المالية، هذا على الرغم من ذكر قانون انشاء الجهاز في توطئة مشروع القانون [13]، ومن المستغرب بان دور المراقب المالي في هذا الشأن ورد ضمن الاحكام المنظمة للجهات ذات الميزانية المستقلة فقط [14].

تنفيذ الميزانية والرقابة عليها

تم استحداث حكم في مشروع القانون بحيث يجيز بقرار من مجلس الوزراء – بناء على اقتراح الجهة وبعد موافقة وزير المالية- إعفاء إحدى الجهات الخاضعة لهذا القانون من كل أو بعض الديون والمستحقات المطلوبة لجهة حكومية أخرى [15]، وفي رأينا يجب ان لا يكون الحكم في صياغته المطلقة على النحو المذكور بالمشروع، هذا على ان يكون اقتراح الجهة او موافقة وزير المالية مشفوع براي قانوني وعلى وجه التحديد ادارة الفتوى والتشريع.

ومن جانب آخر يجب ان تحدد نوع الديون المعنية بالمادة فيما إذا كانت ناتجة عن الخدمات التي تؤديها الجهة الحكومية ام انها ديون غير مرتبطة بها والتي في رأينا لا تستوجب الاعفاء منها ، وفيما إذا كانت الديون مسجلة بقيود نظامية ام محاسبية، وان كل تلك المسائل المثارة تأثر على قرار الاعفاء والمعالجة المرتبطة بالقرار، كما ان الامر يتطلب بان يتم احالة هذه المسالة الى تعاميم تصدر من وزير المالية في هذا الشأن لتحدد ماهية الديون التي يسمح بإعفاء عنها وما هي المعالجة المالية لها.

كما استحدث مشروع القانون أيضا حكم يجيز بموافقة مجلس الوزراء ادراج مبلغ الاحتياطي بالميزانية[16]، وذلك للحالات التي تقتضي تمويل بعض الاحتياجات غير المتوقعة أو التي قد تطرأ خلال السنة المالية، مع تحديد الجهة المستفيدة والهدف الاستراتيجي والبرنامج والنشاط المقصود، وعلى الرغم من عدم تعريف الاحتياطي بالتعريفات الواردة بمشروع القانون وهذا أيضا مأخذ على المشروع ، براينا بان مثل هذا الحكم لا يتسق مع معايير المحاسبة الدولية باعتبار ان الاحتياطيات تتكون من نتائج الاعمال كما اسلفنا ذكره ، كما ان السحب من الاحتياطي يستلزم أداة تشريعية بدرجة قانون وليس بقرار من مجلس الوزراء ، ونعتقد هنا وجود إشكالية في صياغة الهدف المقصود من هذا الحكم .

وان كان المقصود بالاحتياطي هو تخصيص اعتماد مالي للحالات التي تقتضي تمويل بعض الاحتياجات غير المتوقعة ، فيجب صياغة الحكم ضمن احكام فصل تقدير المصروفات بحيث يتم تخصيص اعتمادات مالية على مستوى كل باب من أبواب الميزانية -حسب الأحوال- لتلك الحالات  ،أو التي قد تطرأ خلال السنة المالية ،باعتبار بانه لا يجوز  النقل بين اعتمادات أبواب الميزانية الا بقانون وفقا لأحكام الدستور ، ومثل هذا الحكم هو قريب من مبدأ الاعتمادات التكميلية المتبعة حاليا في الإدارة المالية بالدولة ،الا انها تستلزم وجود قيود واضحة لاستخداماتها مثل الطوارئ والكوارث التي تواجه الدولة، هذا ونؤكد على أهمية ان تكون هناك اعتمادات مرصودة بالميزانية لا تستخدم الا في حالات الطوارئ والكوارث وهذا يتسق مع الاتجاهات الحديثة في اعداد الميزانيات العامة للدول.

هذا ولوحظ انه تم تعديل الحكم المتعلق بالاستثناء الخاص بإجازة إبرام عقد يترتب عليه التزام مالي يجاوز سنة مالية إلى سنة مالية مقبلة مالم ينص القانون على تخصيص اعتماد لهذا الغرض لأكثر من سنة مالية واحدة الوارد بالتشريع الحالي [17]، حيث تم إضافة عبارة (الخدمات الأخرى) ضمن الاستثناءات [18]، الا ان مشروع القانون لم يوضح ضمن التعريفات تعريفا للخدمات كما هو معمول به في القانون رقم 49 لسنة 2016 بشأن المناقصات العامة وتعديلاته ،وهذا أيضا مأخذ على المشروع ، وعدم وجود تعريف سوف يترتب عليه وجود إشكالات في تطبيق هذا الحكم باعتباره تعريفا مطلقا.

كما لوحظ تحسين مشروع القانون للأحكام المتعلقة بالدفعات المقدمة من حيث الزام تقديم خطاب ضمان بقيمة الدفعة المقدمة ، واستثناءه للاشتراكات والخدمات المتبادلة بين الجهات ، بالإضافة الى تضمين الاحكام اصدار وزير المالية التعاميم اللازمة لتنفيذ هذه المادة [19]، وعلى الرغم من ذلك الا في راينا ما يعاب على هذا التعديل وجود استزادة في المادة وهي العبارة ( … بما لا يتجاوز النسبة المستحقة قانونا… ) لعدم وضوح مضمونها ، هذا بالإضافة الى المثلب المتعلق في قصر الاستثناء على الاشتراكات والخدمات المتبادلة بين الجهات ، حيث ان هناك اشتراكات غير حكومية تستلزم الاستثناء أيضا ، على سبيل المثال وليس الحصر الدوريات التي تصدر من دور النشر المختلفة واشتراك خدمات الشبكات المخالفة ( الانترنت ، الهواتف المحمولة …. ) هذا بالإضافة على استخدام بعض التراخيص كتراخيص البرامج الالكترونية وغيرها.

النظام المحاسبي:

ان من اهم الركائز التي يجب ان يتناولها مثل هذا التشريع المالي هي الاحكام التي تحدد النظام المحاسبي المستخدم في النظام المالي للدولة ، فالتشريع الحالي قد حدد النظام المحاسبي وهو الأساس النقدي المعدل [20]، حيث لا يعتبر ضمن إيرادات السنة المالية او مصروفاتها الا المبالغ التي تم تحصيلها او صرفها فعلا خلال السنة المالية المعنية ، كما يعتبر في حكم المصروف ما يستحق عن عمل أدى فعلا او مهام تم تسليمها خلال السنة المالية ، ولو لم تستكمل إجراءات صرف هذه الاستحقاقات قبل نهاية السنة المالية لاي سبب من الأسباب ، على ان تتم تسوية هذه المبالغ وفقا للشروط والأوضاع التي يحددها وزير المالية.

لكن ما جاء في مشروع القانون بان أحال لوزير المالية وضع الأسس المحاسبية التي تتم لقيد العمليات المتعلقة بتنفيذ الميزانية في الوزارات والإدارات الحكومية والهيئات ذات الميزانيات الملحقة[21]، وهو يعتبر تفويضا تشريعا لوزير المالية بان يحدد هو النظام المحاسبي للنظام المالي للدولة ودون أي قيد او حدود زمنية لتحديد الأساس المحاسبي.

وفي راينا ان مثل هذا التعديل لا يعتبر تعديلا حصيفا ،وذلك لان جوهر النظام المالي للدولة هو تحديد النظام المحاسبي ، خاصة وان وزارة المالية قد قطعت شوطا طويلا لما يزيد عن عقدين من الزمن في اتجاه تعديل نظامها المحاسبي من الأساس النقدي المعدل الى الاستحقاق ، وذلك بتكليف كبرى البيوت الاستشارية في دراسة وإعادة هيكلة العمليات في وزارة المالية ، ثم تلا ذلك تبني الأنظمة المحاسبية من خلال الاستراتيجية الانتقالية للتحول الى محاسبة الاستحقاق بشكل كامل وصحيح باستخدام معايير المحاسبة الدولية في القطاع العام (IPSAS) ، واستخدام دليل إحصاءات مالية حكومية (GFS2001) الذي أصدره صندوق النقد الدولي ، مما استلزم استجلاب الأنظمة الالية الحديثة (Oracle) لتنفيذ مثل هذا النظام المحاسبي .

فمن غير الموضوعي بعد تلك الدراسات والتكاليف التي تم تكبدها لا يتم تحديد النظام المحاسبي المزمع تنفيذه في مثل هذا التشريع بعد ان قطعت الإدارة المالية للدولة شوطا طويلا في هذا الاتجاه.

الحسابات والرقابة الحسابية

ألزمت احكام مشروع القانون بان تقوم الجهات الحكومية بتطبيق الأنظمة المالية والمحاسبية التي تحددها وزارة المالية [22]، الا ان مشروع القانون بالتعريفات قد عرف الأنظمة المالية ولم يعرف الانظمة المحاسبية، الامر الذي قد يترك فراغا في تفسيرات الأنظمة المحاسبية المعنية في الاحكام.

كما تناولت الاحكام تنظيم للتقارير الشهرية والربع سنوية[23]، ونظرا لورد أكثر من حكم بشأن التقارير التي تلتزم الجهات الحكومية في تقديمها في أكثر من موقع في مشروع القانون، ولأهمية التقارير باعتبارها أحد ركائز هذا التشريع، وكما أسلفنا نرى من الأهمية ان يكون للتقارير الدورية ومنها الختامية احكاما منفصلة بقسم خاص في التشريع، بما يعزز شفافية البيانات المالية للدولة ويتسق مع المعايير الدولية المتعلقة بالإفصاح.

وكان متوقع من مشروع القانون هذا ان يعالج القصور في التشريع الحالي وذلك بالاهتمام بأصول الدولة المنقولة باعتبارها احد ممتلكات الدولة ،من خلال تخصيص قسم يتناول الاحكام المتعلقة بأنظمة الأصول والمخزون وكل ما يتعلق بها من سجلات وأنظمتها الرقابية ، خاصة وان التعليمات الصادرة من وزارة المالية تتضمن بشكل أساسي حسابات تتعلق بالنفقات الرأسمالية منها الأصول المتداولة ، الا ان مشروع القانون لم يتضمن الا حكما واحدا يتعلق بتحديد وزير المالية لكافة النظم الحكومية المالية والإدارية والمستندية وغيرها المتعلقة بالمواد المخزنية ،والأصول المنقولة منذ دخولها في حيازة الجهة وحتى التصرف فيما يخرج منها عن نطاق الاستخدام[24].

ولا يقتصر القصور في هذا الجانب فقط، وانما امتد القصور الى عدم تضمين مشروع القانون احكام خاصة بنظم الشراء والتي تعتبر من الأنظمة المهمة التي كان من المفروض ان يتناولها مشروع القانون ، خاصة وان وزارة المالية تختص بتنظيم الشراء حيث لديها قطاع مختص بشئون التخزين ونظم الشراء ، ومن الواضح من ان المشرع لم يكن تحت نظره  القانون رقم (49) لسنة 2016 بشان المناقصات العامة وتعديلاته ، والذي أورد فيه احكام خاصة بإدارة نظم الشراء تتولاها وزارة المالية  ، حيث نصت احكام قانون المناقصات العامة بان تتولى وزارة المالية بإصدار تعليماتها الى الجهات المخاطبة بالقانون فيما يخص عمليات الشراء بكافة أنواعها ،وبما لا يتعارض مع مواد القانون ولائحته التنفيذية ، لذلك سقط ذكر قانون المناقصات العامة من توطئة مشروع القانون.

الحساب الختامي

يعتبر الحساب الختامي من اهم الوثائق التي تصدرها الإدارة المالية للدولة، سواء كان ذلك على مستوى الجهات الحكومية او على مستوى الإدارة المالية العامة للدولة ، ورغم تحفظنا الشخصي على ما نص عليه قانون انشاء جهاز المراقبين الماليين رقم (23) لسنة 2015 بان يتم توقيع الحساب الختامي من قبل المراقب المالي المعين بالجهة [25]، وذلك باعتبار ان المراقب المالي  ليس هو المعني بإعداد الحساب الختامي ، ولم يشارك فعليا في اعداده حتى يتم التوقيع عليه من قبلة ويتحمل مسئولية ما جاء به ، الا انه لوحظ عدم ذكر لاي دور للمراقب المالي في مشروع القانون ، هذا على الرغم من ذكر قانون انشاء الجهاز في توطئة مشروع القانون .

هذا وقد أضاف مشروع القانون حكما جديدا يستند الى احكام الدستور، وهو تقديم الحكومة إلى مجلس الأمة بيانا عن الحالة المالية للدولة مرة على الأقل خلال كل دور من أدوار الانعقاد العادية[26]، وقد لوحظ إضافة عبارة ضمن الحكم تتعلق بإصدار وزير المالية القواعد اللازمة بشأن البيانات التي يجب تضمينها في البيان، وفي رأينا ان إضافة تلك العبارة تعتبر استزادة ليس لها أساس من احكام الدستور.

الاحكام الخاصة الهيئات والمؤسسات الملحقة والمستقلة

تضمنت الاحكام الغاء الاستثناء الممنوح للهيئات الملحقة الوارد بالقانون الحالي والمتعلق بعدم ترحيل الفائض من نتائج الاعمال الى الاحتياطي العام [27]، كما تم الغاء جوازيه قيام الهيئات بعمل مخصصات واحتياطيات والاقتراض من الحكومة ، ولم يتبين أسباب الغاء المشرع مثل تلك الاحكام ، والتي في راينا كانت تميز ميزانيات الهيئات الملحقة عن ميزانية الوزارات والإدارات الحكومية وتمنحها مساحة من المرونة الإدارية والمالية ، هذا ولم يرد بمشروع القانون اية احكام انتقالية تعالج التصرف بالمخصصات والاحتياطيات التي قد يكون كونتها الجهات ذات الميزانيات المحلقة قبل إقرار هذا القانون .

الاحكام الخاصة بالاحتياطي العام واحتياطي الأجيال القادمة

على الرغم من افراد مشروع القانون بابا خاصا للأحكام الخاصة بالاحتياطي العام واحتياطي الأجيال القادمة، الا ان لوحظ بانه لم يرد ضمن الباب الا حكما واحدا ينص على تخصيص نسبة 10% تقتطع من صافي إيرادات الاحتياطي العام الناتجة عن استثماره وإيرادات الأموال الأخرى المستثمرة تضاف إلى احتياطي الأجيال القادمة[28]، لذا نرى من حيث الشكل العام ان يتم تضمين هذا الباب بكل الاحكام المتعلقة بالاحتياطي العام والواردة في مشروع القانون في مواقع مختلفة ، هذا بالإضافة لوجود ملاحظة بشان تسمية الاحتياطي العام ، حيث لوحظ اضافة كلمة (الخاصة) بعد الاحتياطي العام ولم يتبين أسباب إضافة تلك الكلمة .

الاحكام الختامية

تضمّن مشروع القانون حكما جديدا وهو نشر تقارير اللجنة المختصة بمجلس الامة وتوصياتها للحسابات الختامية والميزانيات الخاضعة لهذا القانون قبل عرضها للتصويت [29]، وفي رأينا ان مثل هذا الحكم قد يحمّل مشروع القانون شبه عدم الدستورية لتعارضه مع مبدا فصل السلطات، حيث ان هذا الموضوع في رأينا هو من اختصاص السلطة التشريعية [30].

كما تضمن أيضا حكما جديدا بان يجوز للجهات الحكومية، بعد موافقة وزير المالية، صرف مستحقات تخص سنوات مالية سابقة على البند والنوع المختص بشرط تقديم الأسباب والمبررات اللازمة[31]، وفي رأينا ان إجازة ذلك  يتعارض مع المبادي العامة الواردة بالقانون والمتعلقة بالشمولية والتي نصت بان تشمل الميزانية جميع المصروفات المقدرة ، وتحليلنا لوضع مثل هذا الحكم هو لتلافي الإدارة المالية العامة للدولة رصد مخالفات على مخالفة سنوية الميزانية التي تمثل نسبة كبيرة من مخالفات الجهات الحكومية التي ترصدها الجهات الرقابية والتي تمثل ظاهرة عامة ، ولا أرى ان مثل هذا الاجراء يتسم بالحصافة وذلك لعدم معالجة أسباب بروز مثل هذه الظاهرة بالشكل الصحيح  .


[1] المادة رقم (140) من الدستور.

[2] المادة رقم (151) من الدستور.

[3] المادة رقم (1) من مشروع القانون.

[4] المادة رقم (2) من المرسوم بقانون 31 لسنة 1978.

[5] قانون رقم 19 لسنة 2000 في شأن دعم العمالة الوطنية وتشجيعها للعمل في الجهات غير الحكومية

[6] المادة رقم (4) من مشروع القانون.

[7] المادة رقم (98) من الدستور.

[8] المادة رقم (5) من مشروع القانون.

[9] المادة رقم (42) من مشروع القانون.

[10] المادة رقم (7) من مشروع القانون.

[11] المادة رقم (4) من المرسوم بقانون 31 لسنة 1978.

[12] المادة رقم (8) من المرسوم بقانون 31 لسنة 1978.

[13] المادة رقم (12) من القانون 23 لسنة 2015.

[14] المادة رقم (50) من مشروع القانون.

[15] المادة رقم (22) من مشروع القانون.

[16] المادة رقم (27) من مشروع القانون.

[17] المادة رقم (26) من المرسوم بقانون 31 لسنة 1978.

[18] المادة رقم (31) من مشروع القانون.

[19] المادة رقم (32) من مشروع القانون.

[20] المادة رقم (28) من المرسوم بقانون 31 لسنة 1978.

[21] المادة رقم (33) من مشروع القانون.

[22] المادة رقم (37) من مشروع القانون.

[23] المادة رقم (38) من مشروع القانون.

[24] المادة رقم (39) من مشروع القانون.

[25] المادة رقم (12) من القانون 23 لسنة 2015.

[26] المادة رقم (44) من مشروع القانون.

[27] المادة رقم (42) من المرسوم بقانون 31 لسنة 1978.

[28] المادة رقم (58) من مشروع القانون.

[29] المادة رقم (62) من مشروع القانون.

[30] المادة رقم (50) من الدستور.

[31] المادة رقم (64) من مشروع القانون.

دراسة حول مدى هيمنة مجلس الخدمة المدنية على الجهات الحكومية

صحيفة الانباء 1 مايو 2022

https://alanba.com.kw/1116781/

تناولت هذه الدراسة الفنية التي أعدها الباحث المتخصص بالمالية العامة بدر مشاري الحماد والمنشورة في مجلة كلية القانون الكويتية العالمية مدى هيمنة مجلس الخدمة المدنية على الجهات الحكومية بوجه عام والهيئات والمؤسسات المستقلة بوجه خاص ،في ظل تطور التشريعات الكويتية التي تنظم الشؤون الوظيفية، والانعكاسات المالية لهذا التطور نتيجة للقرارات الإدارية التي تُتَخذ في شأن تنظيم شؤون التوظف بالجهات الحكومية ، ودور الأجهزة الرقابية في التحقق من مدى التزام الجهات الحكومية للتشريعات المنظمة لشئون توظف بالدولة بعد صدور المرسوم بالقانون رقم (15) لسنة 1979 بشأن الخدمة المدنية وتعديلاته ، والذي مثّل استقراراً للتنظيم الوظيفي بالدولة، خاصةً بعد إنشاء مجلس الخدمة المدنية ضَمِن أحكامه في ظل وجود تنظيمات خاصة لشئون التوظف بالعديد من الجهات الحكومية، حيث تأثرت تلك التنظيمات بصور هذا المرسوم بالقانون.

الهدف من الدراسة والإشكاليات المطروحة فيها

يرى الباحث بان المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1979 بشأن الخدمة المدنية وتعديلاته ،جاء متضمناً أحكاماً ومبادئ ثابتة تتعلق بتنظيم شؤون التوظف بالدولة، كما منح المرسوم بالقانون بعض المرونة بخصوص تنظيم بعض المسائل المتعلقة بشئون التوظف، إما من خلال اختصاصات مجلس الخدمة المدنية أو من خلال مرسوم تنفيذي يصدر بهذا الشأن.

ونتيجة لتوسيع نطاق اعمال نظام الرقابة المالية المسبقة  المكلفة بها وزارة المالية قبل صدور القانون رقم (23) لسنة 2015 بشان انشاء جهاز المراقبين الماليين ، واجه نظام الرقابة المالية المسبقة مشكلةً تمثّلت بتمتّع الهيئات والمؤسسات المستقلة بالاستقلالية المالية بالإضافة إلى الاستقلالية الإدارية المتمثلة بشئون التوظف، مما خلق تفاوتاً في الإجراءات الرقابية التي يمارسها نظام الرقابة المالية المسبقة فيما بين الجهات الحكومية التي تصنّف ميزانيتها كوزارات وإدارات حكومية، والجهات الأخرى التي تصنّف ميزانيتها على أنها جهات ذات ميزانيات مستقلة.

وفي ظل هذا التفاوت بالإجراءات الرقابية برز عدد من الإشكاليات نتيجة للممارسة العملية لنظام الرقابة المالية المسبقة والتي لخصها الباحث بالتساؤلات التالية:

  • ما هو نطاق سريان المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1979 بشأن الخدمة المدنية؟
  • هل تمتد هيمنة مجلس الخدمة المدنية إلى الهيئات والمؤسسات ذات الميزانيات المستقلة؟
  • هل تلتزم الهيئات والمؤسسات المستقلة بأحكام الخدمة المدنية المتعلقة باختصاصات مجلس الخدمة المدنية؟

ومن خلال هذه الدراسة سلط الباحث الضوء على تلك الإشكاليات التي واجهت نظام الرقابة المالية المسبقة عند ممارسة اختصاصاته على الجهات الحكومية، والكيفية التي تعامل معها النظام.

الجوانب التنظيمية للأجهزة الرقابية المعنية ذات العلاقة بشؤون التوظف

بين الباحث في الدراسة دور ديوان المحاسبة بالرقابة على شؤون التوظف وفقا لقانون إنشاءه رقم (30) لسنة 1964 والذي يهدف إلى تحقيق رقابة فعّالة على الأموال العامة، وذلك عن طريق ممارسة الاختصاصات المخوّلة له بمقتضى قانون إنشائه ، والتي منها رقابته على شؤون التوظف المنصوص عليها بالقانون، حيث وردت أحكام تفصيلية في هذا الشأن ، والتي تناولت دور الديوان في فحص ومراجعة القرارات الصادرة في شؤون التوظف بالجهات الخاضعة لرقابته؛ وذلك للاستيثاق من صحة هذه القرارات ومطابقتها للقواعد المنظّمة لها، وفحص ومراجعة حسابات المعاشات والمكافآت، كما تناولت الإجراءات الواجب اتخاذها من الديوان تجاه الجهات الخاضعة لرقابته في هذا الشأن.

وفيما يتعلق بدور جهاز المراقبين الماليين بالرقابة على شؤون التوظف، فعلى الرغم من أنّ اختصاصات المراقبين الماليين تتعلق بالمسائل المالية، إلا أنّ تلك المسائل المالية تأتي نتيجة لنشاطات الجهات الحكومية المختلفة، والتي منها ما يتعلق بالمرتبات والأجور، لذلك أصبح من الصعب أن نحصر مهام ومسؤوليات المراقبين الماليين بالجانب المالي فقط، حيث امتدت مسؤولياتهم إلى القرارات الإدارية ذات الأثر المالي ومنها القرارات الإدارية المتعلقة بشؤون التوظف.

ولم تكن مسألة مراجعة المعاملات المالية المتعلقة بشؤون التوظف تشكل أي إشكالية لدى القائمين على نظام الرقابة المالية المسبقة منذ تطبيق النظام في عام 1993، ومروراً بالتطورات التي أُلحقت باختصاصات المراقبين الماليين، وذلك بسبب مركزية صدور قرارات وتعاميم شؤون التوظف الخاصة بالجهات الحكومية (الوزارات والإدارات الحكومية والهيئات ذات الميزانيات الملحقة)، والتي تصدر من مجلس الخدمة المدنية وديوان الخدمة المدنية حيث تتسم بالثبات والشمولية.

ولكن بعد مد نطاق الرقابة المالية المسبقة بصدور القانون رقم (55) لسنة 2001 وسريان تعيين المراقبين الماليين على الهيئات والمؤسسات ذات الميزانيات المستقلة، برزت إشكاليات تتعلق بنظام شؤون التوظف في تلك الهيئات والمؤسسات، نظراً لوجود بعض الأنظمة الخاصة بشؤون التوظف فيها، الأمر الذي استلزم بذل عناية خاصة من قبل نظام الرقابة المالية المسبقة في تلك الجهات للاستيثاق من سلامة إجراءات الصرف المتعلقة بشؤون التوظف فيها، خاصةً وأنّ النظام يتعامل مع أكثر من 30  قانون خاص بعد الأخذ بعين الاعتبار قوانين إنشاء الجهات ذات الميزانيات الملحقة أيضاً، هذا بخلاف اللوائح التنفيذية لها.

وبالنسبة لدور ديوان الخدمة المدنية الرقابي، فنتيجة لتطور التشريعات المتعلقة بشئون التوظف بالدولة منذ عام 1955 وحتى صدور المرسوم رقم (15) لسنة 1979 بشأن الخدمة المدنية والذي بموجبه أُنشِئ مجلس الخدمة المدنية، برز دور ديوان الخدمة المدنية الرقابي ونطاق عمله وفقاً لما وضحه المرسوم بالقانون، بما في ذلك الجهات التي تُنَظّم شؤون الخدمة فيها قوانين خاصة، فيما لم يرد بشأنها نصاً خاصاً في هذه القوانين.

وبموجب المرسوم بالقانون تم إنشاء مجلس الخدمة المدنية وتم تحديد أربعة عشر اختصاصاً له ومن أهمها اقتراح السياسة العامة للمرتبات والأجور بما يكفل التنسيق بين الجهات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة والشركات التي تساهم فيها الدولة بأكثر من نصف رأس مالها، وقد أصدر مجلس الخدمة المدنية قراره رقم (10) لسنة 2002 في شأن نظام تعيين مراقبين لشؤون التوظف بالوزارات والإدارات الحكومية والجهات الملحقة التابعة لديوان الخدمة المدنية، وذلك تنفيذاً للقانون رقم (19) لسنة 2000 في شأن دعم العمالة الوطنية ،والذي أضاف اختصاصات لمجلس الخدمة المدنية منها تعيين مراقبين لشؤون التوظف، ومن أهم اختصاصاتهم متابعة تنفيذ أحكام القوانين واللوائح والنُظُم المتعلِقة بشؤون التوظف للتأكد من سلامة تطبيقها في الجهة الحكومية، ومراجعة كافة الموضوعات والقرارات المتعلقة بشؤون التوظف قبل البت فيها أو صدورها للتأكد من مطابقتها للقواعد القانونية المعمول بها .

وهذا يوضّح حدود دور مجلس وديوان الخدمة المدنية بخصوص شؤون التوظف بالجهات الحكومية، باعتبار أنّ التشريعات الخاصة بتنظيم الجهات الحكومية وعلى وجه التحديد الهيئات والمؤسسات الحكومية هي من تحدد نوع العلاقة فيما بين الجهة الحكومية وديوان الخدمة المدنية المسئولة عن تطبيق أحكام قانون الخدمة المدنية، وكذلك دوره الرقابي على شؤون التوظف بالجهات الحكومية، وفق الإطار الذي حدده قانون الخدمة المدنية، مما يتضح سمة التباين في طبيعة تلك العلاقة بسبب التباين في تشريعاتها الخاصة بنظيمها.

حدود ولاية مجلس الخدمة المدنية على نُظم شؤون التوظف بالجهات الحكومية

نظراً لخصوصية الهيئات والمؤسسات ذات الميزانيات المستقلة فإنّ تنظيم أعمالها يخضع لقوانين إنشاء تلك الهيئات والمؤسسات وتنظيمها (قوانين خاصة)، وبخلاف ذلك تسري عليها  القوانين العامة التي تنظم أعمال الدولة، لذلك تَطَلّب الأمر من نظام الرقابة المالية المسبقة مراعاة تلك التشريعات الخاصة، خاصةً فيما يتعلق بشؤون التوظف فيها، وذلك لما يشكله هذا الجانب من أهمية نظراً لأثره المالي على الميزانية العامة للدولة، في ظل بروز جدل قانوني فيما بين الهيئات والمؤسسات المستقلة والجهة المعنية بنظام الرقابة المالية سواء كانت ممثلة بقطاع الرقابة المالية بوزارة المالية قبل استقلالية النظام أو جهاز المراقبين الماليين؛ في شأن مدى أحقية تلك الهيئات والمؤسسات في تنظيم الموضوعات التي تتعلق بنُظُم الرواتب و الأجور فيها.

لذلك أصبح من الضروري حسم الأمر في هذا الشأن لتحديد الدور المطلوب من نظام الرقابة المالية المسبقة وفق الإطارات القانونية المنظمة لعمل النظام، وكذلك وجوب احترام تلك الهيئات والمؤسسات القوانين المُنَظِمّة لأعمالها.

ونظراً لصدور المرسوم بالقانون رقم (15) لسنة 1979 في ظل وجود قوانين إنشاء هيئات ومؤسسات حكومية وتنظيماً لأعمالها؛ فقد تناول المرسوم في مواده أحكاماً انتقالية لمعالجة ما قد صدر من لوائح تنظيمية لشؤون التوظف لتلك الهيئات والمؤسسات قبل صدور المرسوم بقانون، ومنها ما سمحت باستمرار العمل باللوائح والقرارات المعمول بها في شؤون التوظف وقت نفاذ هذا القانون لمدة سنة أو لحين صدور اللوائح والنظم المشار إليها فيها؛ أيهما أقرب، وذلك بشرط ألا تتعارض مع أحكام هذا القانون وأن لا يترتب على تطبيق الجداول المرافقة لنظام الخدمة المدنية أو الصادرة أي زيادة في قيمة البدلات والعلاوات الإضافية والمكافآت التشجيعية التي تُصَرف وقت صدوره، ويستمر صرف هذه القيمة إلى أن يحدد مجلس الخدمة المدنية أو السلطة المختصة القواعد والأحكام والشروط المنظمة لها.

كما أوجبت الأحكام الانتقالية بأن تعرض نُظم المرتبات المعمول بها في الهيئات والمؤسسات العامة والشركات المملوكة للدولة ملكية كاملة على مجلس الخدمة المدنية للنظر في إقرارها أو تعديلها حسب الأحوال، هذا ولا تجيز المادة إجراء أي تعديل على هذه النُظُم إلا بموافقة مجلس الخدمة المدنية، ومن جانب آخر أجازت المادة لمجلس الخدمة المدنية عند الاقتضاء مراجعة نُظُم المرتبات المعمول بها في الشركات والتي تساهم فيها الدولة بأكثر من نصف رأس مالها بما يكفل تنفيذ السياسة العامة للمرتبات والأجور، هذا وسمحت الأحكام تعديل المرتبات والعلاوات والبدلات المتعلقة بالموظفين والتي تُنَظّم شؤون توظيفهم قوانين خاصة على أن يكون ذلك بمرسوم.

ولقد أسهبت المذكرة الإيضاحية للمرسوم بالقانون في شرح الأحكام الانتقالية المشار إليها، حيث تم تبرير ذلك بأنّه جاء تفادياً لما قد يترتب على صدور جداول المرتبات من زيادات في البدلات والعلاوات الإضافية والمكافآت التشجيعية، فقد نصّت هذه المادة على استمرار صرف هذه البدلات والعلاوات والمكافآت بالقيمة التي وصلت إليها وقت صدور هذا القانون وذلك إلى أن يحدد مجلس الخدمة المدنية القواعد والأحكام والشروط المُنظّمّة لها.

كما أوضحت المذكرة الإيضاحية بأنّه لمّا كانت المرتبات التي تمنح لبعض موظفي الهيئات والمؤسسات العامة تتجاوز ما يمنح لأقرانهم في الجهات الحكومية أو في الهيئات أو المؤسسات المماثلة والشركات المملوكة للدولة ملكية كاملة؛ لذلك فقد نص القانون على ضرورة عرض نُظُم المرتبات في هذه الهيئات والمؤسسات و الشركات على مجلس الخدمة المدنية لإقرارها أو تعديلها حسب الأحوال، كما نصّ المرسوم بقانون على عدم جواز إجراء أي تعديل على نُظُم المرتبات في هذه الهيئات أو المؤسسات أو الشركات مستقبلاً إلا بعد موافقة مجلس الخدمة المدنية، فضلاً عن الرخصة المتروكة لهذا المجلس في مراجعة نظم المرتبات المعمول بها في الشركات التي تساهم فيها الدولة بأكثر من نصف رأس مالها بما يكفل تنفيذ السياسة العامة للمرتبات والأجور.

وبشأن الموظفين الذين تُنَظّم شؤون توظيفهم قوانين خاصة فقد أوضحت المذكرة الإيضاحية بأنّ القانون قد نص على جواز تعديل مرتباتهم وعلاواتهم وبدلاتهم بمراسيم، وذلك لتحقيق التناسق والتجانس بين مرتب العمل الواحد سواء في الجهات الحكومية، أو الهيئات، أو المؤسسات العامة، أو غيرها من الجهات التي تُنَظّم شؤون التوظف فيها قوانين خاصة.

لذا من وجهة نظر الباحث فأنّ صدور المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1979 بشأن الخدمة المدنية أعاد أدوار بعض الجهات التي كان لها اختصاصات بقوانين إنشائها قبل صدور هذا المرسوم بقانون؛ حيث أعاد دور وزير المالية في ذلك الوقت؛ حيث كان لوزير المالية الحق في إصدار القرارات التي تُنَظّم القواعد الخاصة بالبدلات والمكافآت وغيرها، والتي منحت استقلالية لديوان الموظفين كهيئة تُشرِف على شؤون الموظفين والمستخدمين وأُلحقت برئيس المالية.

كما أعاد المرسوم بالقانون دور ديوان المحاسبة؛ حيث كان لديوان المحاسبة بموجب الفصل الرابع من قانون إنشائه رقم (30) لسنة 1964 الحق في إقامة الدعوى التأديبية ضد المخالفين من الموظفين العموميين (عدا الوزراء) أمام الهيئة التي نص القانون على اختصاصاتها بالمحاكمات التأديبية عن ارتكاب المخالفات المالية.

وهناك من يرى ضرورة استبعاد قانون الخدمة المدنية في مجال تطبيق القوانين الخاصة التي تنظم شئون التوظف فيها نظم خاصة حتى في ظل المادة رقم (38) من قانون الخدمة المدنية، إلا أنّ وجهة نظر الباحث لا تميل إلى هذا الرأي، وان كان قانون الخدمة المدنية يعتبر قانون عام إلا أنه تضمن احكاماً خاصة يخاطب بها قوانين خاصة ويقيّدها مما يؤثر على الاستثناءات التي منحها المشرّع له.

و من الإشكالات المطروحة في هذه الدراسة جاء نتيجة للفهم الخاطئ لاختصاصات كل من مجلس الخدمة المدنية وديوان الخدمة المدنية والخلط فيما بينهما من قبل الجهات الحكومية، خاصةً عندما يتم الإشارة لهما في قوانين إنشاء الهيئات والمؤسسات ذات الميزانيات المستقلة وبعض الهيئات ذات الميزانيات الملحقة، وللأسف هذا الفهم الخاطئ لم تقع فيه الجهات الحكومية فقط وإنما أيضاً بعض العاملين على الجهات الرقابية؛ لذا يستوجب هنا أن نصحح هذا الفهم الخاطئ ، حيث ان اختصاصات مجلس الخدمة المدنية تختلف عن اختصاصات ديوان الخدمة المدنية .

وقد دلل الباحث في دراسة بالجوانب القانونية ذات العلاقة بموضوع الدراسة والتي تؤكد على هيمنة مجلس الخدمة المدنية على الجهات الحكومية، وبالأخص التي تشمل قوانين إنشائها أحكاماً خاصةً بشؤون التوظف كالهيئات والمؤسسات ذات الميزانيات المستقلة، ولعل من ابرزها واهمها راي إدارة الفتوى والتشريع  والمتعلق ببيان المقصود بنُظُم المرتبات التي يجب عرضها على مجلس الخدمة المدنية إعمالاً لحكم المادة (28) من المرسوم بالقانون رقم (15) لسنة 1979 في شأن الخدمة المدنية، وهل تقتصر على جداول المرتبات أو تشمل جداول المرتبات، والبدلات، والعلاوات الإضافية، وأَيّة مزايا مادية أو عينية، أم أنّها تعني هذه المفردات جميعاً بالإضافة إلى القواعد والأحكام المُنَظِمة لها كقواعد التعيين، والترقية، ومنح البدلات، والعلاوات .

حيث أفادت إدارة الفتوى والتشريع بما انتهى إليه رأي الجمعية العمومية للقسم الاستشاري من أنّ اختصاص مجلس الخدمة المدنية في إقرار وتعديل نُظُم المرتبات يشمل المرتبات الأساسية، والعلاوات الدورية، والأجور الإضافية، والبدلات، وأَيّة مزايا مادية أو عينية أخرى تُقرّر للموظف، وأنّ مباشرة هذا الاختصاص يُوجِب على الهيئة أو المؤسسة العامة أو الشركة حسب الأحوال، أن تعرض على المجلس النظام الوظيفي الخاص بها ، وذلك تفسيراً للمادة ( 5 ) من المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1979 في شأن اختصاصات مجلس الخدمة المدنية بالفقرة ( 3 ) التي تنص على اقتراح السياسات العامة للمرتبات والأجور بما يكفل التنسيق بين الجهات الحكومية والهيئات، والمؤسسات العامة، والشركات التي تساهم فيها الدولة بأكثر من نصف رأس مالها ، والمادة (38) التي نصت على أن  تُعرض نُظُم المرتبات المعمول بها في الهيئات والمؤسسات العامة والشركات المملوكة للدولة ملكية كاملة على مجلس الخدمة المدنية للنظر في إقرارها أو تعديلها حسب الأحوال. ولا يجوز بعد ذلك إجراء أي تعديل على هذه النُظُم إلا بموافقة مجلس الخدمة المدنية. كما يجوز لمجلس الخدمة المدنية عند الاقتضاء مراجعة نظم المرتبات المعمول بها في الشركات التي تساهم فيها الدولة بأكثر من نصف رأس مالها بما يكفل تنفيذ السياسة العامة للمرتبات والأجور.

وقد أَسست أيضاً إدارة الفتوى والتشريع رأيها على ضوء الغاية التي شرع النص من أجلها؛ وهي كفالة التناسق والتجانس بين مرتب العمل الواحد سواء في الجهات الحكومية، أو الهيئات، أو المؤسسات العامة والشركات المملوكة ملكية كاملة للدولة، وهي ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون ،وقد فسرت إدارة الفتوى بأنّ المقصود بنُظُم المرتبات في مفهوم المادة (38) هو تحديد الدرجات المقابلة للوظائف في الهيئة، أو المؤسسة، أو الشركة والربط المالي المخصص لكل درجة، وفئات العلاوات الدورية لها، والأجور الإضافية، والبدلات، وأَيّة مزايا مادية، أو عينية أخرى؛ بوصفها حقوقاً مالية تُصَرف للموظف لقاء عمله في الوظيفة التي يشغلها في الهيئة، أو المؤسسة، أو الشركة طبقاً للشروط والأوضاع المقررة في اللوائح أو النظم الوظيفية لهذه الهيئات، وذلك بما يكفل الرقابة على هذه النُظُم والتنسيق بينهما على وجه يحقق الغاية المستهدفة؛ وهي تحقيق التناسق والتجانس بين مرتب العمل الواحد سواء في الجهات الحكومية، أو الهيئات المذكورة.

تنظيم شئون التوظف في الهيئات والمؤسسات المستقلة وفقا لنظرة المشرّع

وفقا للدلالات القانونية التي تؤكد هيمنة مجلس الخدمة المدنية على الجهات الحكومية، وبالأخص التي تشمل قوانين إنشائها أحكاماً خاصةً بشؤون التوظف كالهيئات والمؤسسات ذات الميزانيات المستقلة، وهي تمثل الآراء القانونية التي حسمت بعض الخلافات ببن الجهات الحكومية والجهات الرقابية بشأن هيمنة مجلس الخدمة المدنية، فأن التشريعات المنظمة للجهات الحكومية هي الفيصل في تحديد سلطة تلك الجهات في تنظيم شئون التوظف فيها، ولعل من الأهمية أن نتطرق الى بعض تلك التشريعات لنؤكد وجه النظر تلك.

فمؤسسة التأمينات الاجتماعية على سبيل المثال هي من الجهات ذات الميزانيات المستقلة أُنشِئت بموجب الأمر الأميري بالقانون رقم (61) لسنة 1976 ، وقد نصت الفقرة (د) من المادة رقم (6) منه بأن من اختصاصات مجلس إدارة المؤسسة إصدار القرارات اللازمة لتنظيم الشئون المالية والإدارية للمؤسسة وتحديد مرتبات العاملين وكافة القواعد المتعلقة بشئونهم الوظيفية ، إلا أنّه بصدور المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1979 بشأن الخدمة المدنية وما تضمن من أحكام انتقالية تعالج ما صدر من تشريعات سابقة منحت بعض الجهات الحكومية سلطة تنظيم شئون موظفيها كمؤسسة التأمينات الاجتماعية ، قد قيدت تلك السلطة من خلال الرجوع إلى مجلس الخدمة المدنية صاحب الاختصاص في هذا الشأن وفق ما قرره المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1979 ، فلم يعد للفقرة (د) من المادة رقم (6) المشار إليها سالفاً أيّة قيمة قانونية ، وهذ ما أكدته إدارة الفتوى والتشريع في رأيها المتعلق بالخلاف في هذا الشأن بين المؤسسة وجهاز المراقبين الماليين ، حيث انتهى رأي الإدارة إلى وجوب عرض نظم مرتبات المتقاعدين مع مؤسسة التأمينات الاجتماعية على مجلس الخدمة المدنية.

ومؤسسة البترول الكويتية وهي أيضاً من الجهات ذات الميزانيات المستقلة أُنشِئت بموجب المرسوم بالقانون رقم (6) لسنة 1980 ، أي أنّها أُنشِئت بعد صدور المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1979 بشأن الخدمة المدنية، وقد نصت الفقرة رقم (4) من المادة (16) بشأن اختصاصات المجلس الأعلى للبترول بأن يتولى وضع نظام الموظفين والعاملين بالمؤسسة دون إخلال بأحكام المادتين رقم (5) و رقم (38) من القانون رقم (15) لسنة 1979 بشأن الخدمة المدنية ، هذا ولم يغير من الأمر شيء مما نصت عليه الفقرة رقم (3) من ذات المادة والمتعلقة بإقرار المجلس الأعلى للبترول للوائح الإدارية والمالية للمؤسسة ، واللوائح الإدارية تختلف عن نظام الموظفين والعاملين والذي يشمل المرتبات والمكافآت والحوافز النقدية والعينيّة تأسيساً على المادة رقم (5) من المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1979.

ومن جهة أخرى نرى الهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات والمنشأة بموجب القانون رقم (37) لسنة 2014 وتعديلاته قد نص القانون بموجب الفقرة (ث) من المادة رقم (8) بمنح مجلس إدارة الهيئة سلطة إقرار لائحة شئون التوظف بالهيئة والمتضمن قواعد تعيين الموظفين وترقيتهم وتأديبهم ومرتباتهم ومكافآتهم والمزايا العينية والنقدية وسائر شئون الخدمة المدنية، وأيضاً لم يغير من الأمر شيئاً مما نصت عليه الفقرة (ذ) من ذات المادة والمتعلقة بإقرار مجلس إدارة الهيئة للوائح الإدارية والمالية للهيئة.

تعامل الأجهزة المعنية مع حقيقة هيمنة مجلس الخدمة المدنية على شؤون التوظف بالدولة

من خلال الدراسة التي أعدها الباحث، أبرز الباحث حقائق ثابتة بشأن هيمنة مجلس الخدمة المدنية على شؤون التوظف بالدولة، وتتمثل بالآتي:

  1. أن ما انتهى إليه رأي الجمعية العمومية للقسم الاستشاري يعتبر رأياً قاطعاً بشأن دور واختصاصات مجلس الخدمة المدنية في هذا الشأن وهيمنته ما لم يرد نص صريح بالاستثناء من أحكام القانون رقم (15) لسنة 1979.
  2. أنّ القوانين والمراسيم بالقوانين الخاصة بإنشاء الجهات الحكومية والمنظمة لعملها والصادرة قبل تاريخ صدور المرسوم بالقانون رقم (15) لسنة 1979، صدرت في ظل تشريعات سابقة تُنَظّم شئون التوظف بالدولة، وبالتالي فإنّ ما ورد بقوانين ومراسيم القوانين بإنشاء تلك الجهات قد راعت تلك القوانين والتشريعات المتعلقة بشؤون التوظف في ذلك الوقت سواء بالتأكيد على التقيد بها أو بالاستثناء من أحكامها.
  3. أنّ صدور المرسوم بالقانون رقم (15) لسنة 1979 قد أكد على هيمنة مجلس الخدمة المدنية على وضع اطر السياسة العامة للدولة لتحديث الإدارة العامة وتطوير نُظُم الخدمة المدنية في الجهات والمؤسسات الحكومية وفق الاختصاصات المحددة بأحكام المرسوم بقانون.
  4. أنّ المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1979 قد راعى الأحكام الخاصة بشؤون التوظف الواردة والمراسيم بقوانين إنشاء الجهات الحكومية السابقة لإصداره، والتي أصبحت في ظل المرسوم بقانون من اختصاصات مجلس الخدمة المدنية، الأمر الذي أورد المشرّع فيه أحكاماً انتقالية تؤكد على دوره واختصاصاته في تلك الأحكام الخاصة الواردة والمراسيم بقوانين إنشاء الجهات الحكومية كما ورد فـي المواد (37 ،38) السابق شرحهما في سياق هذه الدراسة.
  5. يلاحظ بأنّ المشرّع ينص في معظم القوانين والمراسيم بقوانين في شأن إنشاء الجهات الحكومية بعد صدور المرسوم بالقانون رقم (15) لسنة 1979، على مراعاة المادة (38) منه، ويرى الباحث أنّ الإشارة إلى تلك المادة في غير محلها؛ حيث أنّ هذه المادة تتعلق بمرحلة انتقالية وتخاطب الجهات والمؤسسات المنشأة قبل صدور المرسوم بالقانون المشار إليه في ترتيب أوضاعها المتعلقة بشؤون التوظف والصادرة بها قواعد ولوائح من قبلها، وبالتالي لا يوجد مبرر لتضمينها أَيّة قوانين تصدر بعد صدور المرسوم بالقانون رقم (15) لسنة 1979.
  6. أنّ النص في قوانين إنشاء الهيئات والمؤسسات الحكومية بأنّ الهيئة أو المؤسسة تضع النُظُم واللوائح الإدارية التي تنظم أعمالها؛ فإنّ ذلك النص لا يعني تلقائياً أن يشمل ذلك نُظُم ولوائح الشؤون الوظيفية وتحديد المرتبات والأجور، حيث أنّه يجب أنّ ينص القانون على ذلك صراحةً كما هو وارد بالعديد من قوانين إنشاء الجهات الحكومية، لأنّ ذلك يعتبر استثناءً من قانون عام والاستثناء يجب أن يَرِد بنص واضح كما هو الحال عن النص بعدم خضوع الهيئات أو المؤسسات لقانون لجنة المناقصات المركزية على سبيل المثال، كما أنّ هناك فرق جوهري بين اللوائح الإدارية ولوائح شؤون التوظف .

التوصيات

بعد ان دلل الباحث في دراسته حقيقة هيمنة مجلس الخدمة المدنية على كافة الجهات الحكومية بما لم يرد به نصاً خاصاً بقوانين إنشاء الجهات وتنظيمها، وبالتالي وجوب التزام تلك الجهات بأحكام الخدمة المدنية المتعلقة باختصاصات مجلس الخدمة المدنية، وذلك واستناداً إلى الآراء القانونية سواء الصادرة من مجلس الخدمة المدنية بصفته المعني بتفسير أحكام التشريعات المنظمة لشؤون التوظف بالدولة، أو الصادرة من إدارة الفتوى والتشريع، اختتم الباحث دراسة بعدد من التوصيات وهي على النحو التالي:

  1. الدعوة إلى ضرورة قيام مجلس الخدمة المدنية وديوان الخدمة المدنية بتفعيل دورهم الرقابي بشكل أفضل مما هو عليه الآن فيما يتعلق بتصرفات الجهات الحكومية في شأن إقرار لوائح لشؤون التوظف فيها بما لا يتفق مع أحكام القانون، نظراً لما يترتب على تلك التصرفات في زيادة الأعباء المالية على الميزانية العامة بالدولة دون سند قانوني.
  2. قيام ديوان الخدمة المدنية بالتنسيق مع مجلس الخدمة المدنية بتطوير نظام مراقبي شؤون التوظف بحيث لا يقتصر تطبيقها بالوزارات والإدارات الحكومية والجهات ذات الميزانيات الملحقة فقط، بل وجوب مد نطاق عملهم لتشمل الهيئات والمؤسسات ذات الميزانيات المستقلة، نظراً لما أسفرت عنه الممارسة بأنّ جُلّ تلك الجهات لا تلتزم بأحكام نظام الخدمة المدنية.
  3. الدعوة الى ضرورة قيام إدارة الفتوى والتشريع عند إبداء آرائها القانونية عند استفتائها من قبل الجهات الحكومية، بمراعاة أن يكون تحت بصرها رأي ديوان الخدمة المدنية في الموضوع المطلوب إبداء الرأي فيه، التزاماً بأحكام المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1979 بشأن الخدمة المدنية، والتي تنص على أنّ مجلس الخدمة المدنية هو الذي يختص بإصدار التفسيرات الملزمة للجهات الحكومية فيما يتعلق بتشريعات الخدمة المدنية.
  4. إيلاء إدارة الفتوى والتشريع الاهتمام بتوحيد صياغة النصوص القانونية المتعلقة بشؤون التوظف بقوانين أو مراسيم إنشاء الجهات والمؤسسات الحكومية لتلافي استخدام أكثر من صيغة قد يترتب عليها الاجتهاد في تفسيرها من قبل الجهات المعنية، على أن يكون ذلك بالتنسيق مع ديوان الخدمة المدنية كونه المختص أيضاً في هذا الشأن، حيث ضمن اختصاصات مجلس الخدمة إبداء رأيه في مشروعات إنشاء الهيئات والمؤسسات العامة، إلا أنّ الواقع يعكس غير ذلك، وما يؤكد ذلك الاختلاف في صياغات المواد المعنية بالقانون.

رحلة إلى بلاد الإندوس

(موضوع من الماضي)صحيفة الأنباء 1 سبتمبر 2018

https://alanba.com.kw/853249

كان قراري السفر الى الهند قرارا سريعا، لكن لم يكن مفاجئا، كم كنت أتمنى ان أزور هذا البلد العظيم في عراقته وثقافته المتعددة، ان فكرة السفر كانت مخططا لها قبل عقد ونيف من الزمن، وعلى وجه التحديد بعد زيارتي الى «دمعة الهند» كما يطلق عليها وهي سريلانكا في بداية التسعينيات من القرن الماضي، وقد سبق ان كتبت عن تلك الزيارة في صحيفتي «الأنباء»، ويرجع الفضل في هذه الزيارة الى الصديق القديم من بلاد الهند والمقيم بدولة الكويت سانجي جواتم والذي تربطني به صداقة منذ ما يزيد على 15 عاما، وقد ساهمت مرافقته في محاكاة تاريخ الهند القديم نظرا لغزارة معرفته نتيجة شغفه بالقراءة خاصة كتب التاريخ، وقد انتهزت عطلة عيد الأضحى الطويلة لأقضيها بعيدا عن أجواء العمل رغبة في راحة الذهن والبدن.

هي جمهورية الهند، وقد اشتق اسم الهند من كلمة «اندوس»، او كما تسمى رسميا وفقا للدستور الهندي باسم «بهرات» والمشتق من اسم لملك هندي أسطوري يحمل الاسم ذاته، فالهند هي بلد العراقة وبلد الحضارة والغني بموارده البشرية على وجه التحديد، وقد فاق عدد سكانه 1.2 مليار نسمة على بقعة من الأرض تزيد مساحتها على 3.2 ملايين كلم مربع، فالهند بلد التعددية؛ فدياناتها وثقافاتها ولغاتها متنوعة وغنية، فالهند هي الأكبر عالميا تعددية ديانة وثقافة ولغة من حيث البقعة الجغرافية، وعلى الرغم من التعددية الا انها استطاعت ان تحافظ على الانسجام التعددي في الديانات والثقافات واللغات، كما نجحت في الحفاظ على تقاليدها العريقة رغم تأثرها بالعادات والتقاليد والأفكار من الثقافات الخارجية نتيجة للاحتكاك بها سواء من المهاجرين او المستعمرين.

وقد ساهم في وجود هذه التعددية رقعتها المساحية الكبيرة والتي اطلق عليها شبه القارة الهندية، وكذلك امتدادها البحري ما بين بحر العرب والمحيط الهندي وخليج البنغال، ومتاخمتها لسلسة جبال الهملايا مع جارتها الصين، ومن موقع الهند المميز الذي يعتبر طريق التجارة بين الشرق والغرب ساهم بشكل كبير في نقل الديانات والثقافات المتنوعة منها واليها، وقد نال الثقافة العربية ما نال الثقافات الأخرى من التأثر والتأثير ببلاد الهند قديما وحديثا.

وقد وصفها الشاعر خليل مطران في شعر له بعنوان «هند» بأبياته الجميلة والتي تقول:

يا هند لم يخطئ ابوك الحزم حين دعاك هندا

سماك باسم كاد يدركه التقادم فاستجدا

دعيت بنات العرب من قدم ومجدن مجدا

ما الهند إلا روضة كانت لأرقى الخلق مهدا

وطن الرؤى ابد الابيد ومعهد الأنوار عهدا

كما أطلق العرب على السيف المطبوع من حديد الهند اسم «مهند»، ونرى في بيت من قصيدة بانت سعاد لكعب بن زهير يصف الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله:

ان الرسول لسيف يستضاء به

مهند من سيوف الله مسلول

مومباي

حط الطائر الأزرق شركة الخطوط الجوية الكويتية برحلتها رقم (303 UK) الى محطتي الأولى مومباي مدينة التناقضات، واطلق على المدينة العديد من الأسماء كبوابة الهند وارض التوابل وغيرها من الأسماء، هي مومباي ذات الـ 20 مليون نسمة تقريبا، هي المدينة الأولى بالهند والمركز الثقافي والاقتصادي، تطل بسحرها على ساحل بحر العرب، نعم مدينة التناقضات فيمكنك ان تنطلق من ادنى درجات الفقر الى اعلى درجات الفحش في الثراء، ومن ادنى واسوأ معايير السكن في ازقة المدينة القديمة الهندية الى البذخ في مستوى معايير السكن في الفلل والقصور الضخمة التي يسكنها الأغنياء والمشاهير، كما ترى في المدينة ادنى درجات الجهل والتخلف، الا ان هناك نخبة من ابناء المدينة من علماء فضاء والطب والعلوم المختلفة.

نعم لقد تلمست هذا التناقض، فزيارتي لمؤسسة (The Vastalya) الخيرية التي تعنى برعاية الأطفال التي تتراوح أعمارهم ما بين السابعة والسابعة عشرة ممن ساهمت ظروف معيشتهم المضطربة الى الهرب من المنازل والعيش في الشوارع، تعكس واقع الحال لما تعانيه العديد من الأسر الهندية الفقيرة، ومشاهدتي الى اغلى منزل بالعالم الذي بناه الملياردير الهندي موكيش امباني والذي تبلغ تكلفته ما يزيد على مليار دولار أيضا تعكس واقع الحال لحياه البذخ الذي يعيشه عدد ليس بالبسيط في الهند.

وتعتبر مومباي من اهم الموانئ الهندية، وتعتبر المدخل الرئيسي للهند منذ وقت طويل والتي جعلها من اهم المدن الاقتصادية، ومنذ قرون كانت التوابل هي العصب الاقتصادي للهند وعلى وجه التحديد الفلفل الأسود، وكانت تسمى الهند قديما ارض التوابل، وجوهر الطعام الهندي مكنونه في التوابل الهندية المستخدمة فيه، ويطلق على البهارات في اللغة الإنجليزية (SPICE) وهي مشتقة من اللاتينية وتعني الشيء المميز والقيم.

وبالفعل، فقديما كانت التوابل وعلى وجه التحديد الفلفل الأسود تضاهي قيمتها الذهب، وكانت التوابل محط انظار واهتمام كل من العرب والاوروبيين على مر التاريخ، وبخلاف استخدامات الطهي يستخدم الهنود التوابل في نظام ايورفيدا الطبي القديم (علم الحياة) كميات كبيرة من التوابل ضمن الطب الوقائي والعلاجي. ولمركبات أيورفيدا أهمية للوقاية من الأمراض وقد استخدمت توابل أساسية لتحقيق هذا الهدف.

ودخلت مصادر التوابل في الصراعات السياسية تاريخيا للسيطرة على تلك التجارة الناشئة ونشبت الحرب بين البلدان الأوربية حول جزر التوابل الإندونيسية ودخلت إسبانيا وإنجلترا والبرتغال وهولندا كأطراف في ذلك الصراع، وتمكنت بريطانيا من السيطرة على تجارة التوابل في الهند عن طريق الشركة البريطانية الهندية، كما دخل الأميركيون بدورهم أيضا كطرف مهم في مجال تجارة التوابل، وتعتبر الولايات المتحدة الأميركية حاليا أكبر مستوردي التوابل في العالم تليها ألمانيا واليابان وفرنسا.

وبسبب موقع مومباي الساحلي فقد تأثرت ثقافة سكانها بثقافة مرتاديها من التجار والمهتمين بها سواء من العرب او الاوروبيين كالبرتغاليين، والهولنديين، او من الشرق كالصينيين واليابانيين، وبشكل عام فإنها من أهم المدن الحديثة والمتقدمة والمعاصرة، مع العلم أنها تتميز بعادات وتقاليد وثقافات عريقة ومتنوعة والتي تعكس شكلا من أشكال التسامح.

وقد اكتشفت من زيارتي تلك من ان مدينة مومباي مدينة نابضة بالحياة نظرا لموقعها المميز حيث تقع على الساحل الغربي، فالمدينة تلقي بظلالها على زائرها بشكل واضح، من حيث الطاقة والحيوية التي تتمتع به المدينة بشكل مستمر، فمومباي وجهة جميع الهنود بحثا عن مستقبل أفضل لتحقيق أحلامهم وتطلعاتهم، لذلك يترك الناس بدورهم بصمات دائمة على ثقافة المدينة، ولعل العبارة التي سمعتها من احد المرافقين لي خلال تلك الزيارة من انه اذا كان قد هاجر مليون هندي من المدن الهندية المختلفة الى مومباي فإن ذلك يعني ان هناك مليون قصة أضيفت للمدينة تحكي عن حياة هؤلاء المهاجرين، وهذا ما يتلمسه الزائر من المواطن الهندي اذا تعايش معه عن قرب.

ولم تكن مومباي وجهة الهنود فقط وانما وجهة الناس جميعا بحثا عن تطلعات خاصة لهم، لذلك هناك بصمات واضحة لمثل هؤلاء الناس في جوانب متعددة في حياة المدن الهندية ظلت ممتدة على مر تلك السنين، ومن تلك البصمات ما استوقفني عند مروري بشارع محمد علي والذي يطلق عليه «عقد الملكة» بسبب تشبيه شكل الشارع الساحلي المنحني كالقوس والذي تنيره انارات صفراء والتي يشكل منظرها مساء بما يشبه العقد ذهبي، استوقفني في هذا الشارع عمارة كتب عليها عمارة الجابرية (AL-JABRIAH COURT) وعمارة الصباح (AL-SABAH COURT)، تلك المباني التي تجسد مدى تأثر الهند ومدينة مومباي بزائريها الكويتيين من مختلف التطلعات، لذلك الذي يطلع على التاريخ فسيدرك ان تلك المدينة استطاعت ان تحتوي الناس بكافة أعراقهم ولغاتهم ومشاربهم فأصبحت المدينة بمنزلة البيت الكبير لهم، وهذا ما تمت مشاهدته من زياراتي لدور العبادة المختلفة كمسجد الحاج علي بخاري الذي تم تشيده على البحر، وكاتدرائية سنت تومس والمعبد اليهودي شار هاراهمين، وعدد من المعابد الهندوسية.

الهند بلد الفن العريق

طبيعة وثقافة الهند جعلت الفن الهندي مميزا، لذا فالفن الهندي معبر بشكل صادق عما يعكسه المجتمع الهندي وثقافته، فالفن الهندي ملهم ويثير لهيب المشاعر والأحاسيس، فمجتمعنا الخليجي تأثر بشكل كبير في هذا الفن ولعل قرب مجتمعنا الجغرافي وتأثير ما نقله لنا الاحتكاك التجاري بين الهند ودول الخليج وعلى وجه التحديد المجتمع الكويتي، فنلاحظ القصص التي تروى من خلال فن صناعة الأفلام الهندية تعكس الواقع الاجتماعي الحقيقي لما يعيشه المجتمع الهندي، فامتازت تلك الصناعة وضاهت نظيرتها الغربية وسميت بـ Bollywood قياسا بـ Hollywood الأميركية، واسم بوليوود مؤلف من بومباي (الاسم السابق لمومباي) وهوليوود الأميركية.

والمجتمع الكويتي وانا شخصيا، تأثرت بشكل كبير في صغري بالثقافة الهندية من باب السينما الهندية، وكان جيلي في الزمن الجميل من عشاق الأفلام الهندية الكلاسيكية والتي تتميز بالرومانسية وعنصر التشويق ولا أتصور احدا كان يحضر مثل تلك الأفلام ولا تذرف عيناه دمعة من شدة التأثر ومحاكاة للواقع، وحظيت السينما الهندية عند الكويتيين في تلك الفترة بمكانة خاصة مقارنة بالسينما الغربية، واهتمام لا مثيل له، فالأفلام الهندية لها مكانتها ورونقها المميز عند المشاهد الكويتي، وأتذكر من اشهر الأفلام الهندية التي كانت تعرض في سينما الفردوس في منطقة شرق والتي تخصص فقط للأفلام الهندية، فلم «سنغام» بطولة الممثل راج كابور وفيلم «شعلة» بطولة الممثلة هيما ماليني وأميتاب باتشان قيصر السينما الهندية.

مدينة البحيرات

مدينة اودايبور مرآة عاكسة لتاريخ الهند (او مدينة البحيرات) كما تعرف في ولاية راجستان الهندية وكانت محطتي الثانية في هذه الرحلة، وتعرف المدينة بانها اكثر المدن رومانسية في قارة الهند، حيث تعد وجهة سياحية شهيرة وتشتهر بتاريخها العريق وثقافتها المميزة وقصورها الخلابة، وقد اطلق عليها فينيسيا الشرق بسبب تميزها ببحيراتها الخلابة التي تطل عليها القصور الملكية ومبان عريقة تحكي تاريخ هذه المدينة والتي تعتبر جوهرة المملكة التي حكمتها سلالة «ميوار» المالكة وهي اقدم الأسر الحاكمة في العالم.

وتاريخ المدينة يعكس الحالة السياسية للهند ما قبل القرن العشرين حيث تسيطر على الأراضي الهندية عدد من الممالك الهندية، فمدينة اودايبور تمثل نموذجا حقيقيا لما كانت عليه الممالك الأخرى الهندية، ويطلق على حاكم المملكة «مهرانا» والتي تعني المحارب الشجاع، ومن اشهرهم المهرانا براتاب الذي نجح في مقاومة الإمبراطور المغولي «أكبار» بالسيطرة على مملكته الوالده، وعرف بأنه محارب شجاع رفض أن يخضع للغزو المغولي.

كما يعكس تاريخ المدينة طبيعة الحياة التي كانت تعيشها السلالات الحاكمة في الهند من رفاهية في غاية البذخ من خلال القصور التي شيدتها تلك السلالات، ومن اشهرها القصر الصيفي للمهرانا المشيد وسط بحيرة بيكولا والذي شيد قبل 250 عاما ويعد رمز الفخامة الهندية وتم تحويله الى فندق من سلسلة فنادق «تاج»، وجذب الفندق العديد من الشخصيات كالملكة إليزابيث الثانية وملك المغرب وجاكلين كيندي وشاه إيران، كما كان القصر مسرحا لصناع السينما العالمية ومن اشهر الأفلام التي صورت مشاهده فيه فيلم «أوكتوبوسي» بطولة الممثل روجر مور عام 1983.

وقد انتهزت فرصة وجودي بالمدينة وأقمت في هذا الفندق القصر والذي يأخذك في حلم يعود بك الى ذلك العهد خاصة بأسلوب إدارة الفندق للقصر بحيث يتم محاكاة طريقة الإقامة في هذا القصر، فالبرنامج اليومي الذي ينظمه الفندق للمقيمين به يتضمن ما كان عليه العيش في هذا القصر، فهناك الغناء والرقص الفلكلوري الهندي يقام يوميا مساء في باحة القصر الرئيسية، وعازف الناي والكمان يطرب اذان النزلاء من على الشرفة العلوية للقصر، كما يتناول النزلاء العشاء على انغام العزف على آلة «السيتار» الشهيرة، ومن اجمل ما يتمتع به الساكن هو الرحلة على القارب لمشاهدة منظر غروب الشمس التي تختبئ خلف الجبال التي تحيط بالمدينة.

وكما أسلفنا ان المدينة تعتبرا نموذجا للحالة السياسية للهند ما قبل القرن العشرين ممثلة بنظام الحكم الملكي فإن الحفاظ على المملكة يستلزم توفير اقصى درجات الحماية من الغزاة، لذلك تكثر القلاع المحصنة لردّ اي هجوم محتمل، ولعل من اعظم الحصون في إقليم راجستان هو حصن «كومبالغار» والذي شيد في منتصف القرن الرابع عشر ويعتبر سوره ثاني أطول سور بالعالم بعد سور الصين العظيم حيث يبلغ طوله 36 كيلومترا الا انه لم يحظ بالشهرة الكافية رغم عظمته.

الهند الصغيرة «دلهي»

هكذا تسمى دلهي بالهند الصغيرة لأنها تحوي الكثير من العادات والتقاليد وتنوع الديانات والثقافات، دلهي كانت محطتي الثالثة والأخير في رحلتي، وهي ثاني أكبر مدينة هندية بعد مومباي، هي عاصمة الهند ومدينة السلطات الإدارية للدولة، وتم الاختلاف على اصل تسميتها فسماها الفرس والعرب «دهلي»، وسماها الإنجليز بالتسمية الحالية «دلهي».

دلهي عريقة التاريخ فهي مزيج بين التاريخ القديم والحديث ويلاحظ ذلك من خلال مبانيها المميزة، وتعتز المدينة بعراقتها التاريخية والتي تمتد لما قبل زمن المغول، وقد حافظت دلهي على رونقها التاريخي رغم الحداثة والتطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وقد توالى على حكم دلهي عدة اسر حاكمة بين القرن الثالث عشر والقرن السابع عشر، إلى أن جاء المستعمرون الانجليز الى المدينة في العصر الحديث، حيث من قام بتأسيسها معماريان مشهوران في ذلك العصر هما Sir Edwin Lutyens وSir Herbert Baker عام 1911.

تاج محل

من يزور دلهي ولا يعرج على تاج محل فقد أضاع عليه فرصة للتعرف على تجسيد حقيقي لمعنى الحب ومعنى التعايش الديني، فتاج محل الذي شيده الامبراطور المغولي المسلم شاه جهان في منتصف القرن السادس عشر ليكون ضريحا لزوجته ومحبوبته ممتاز محل الهندوسية فقد جسد بناء هذا الضريح العلاقة القوية التي ربطت الحبيبين دون النظر الى انتماءاتهما الدينية، وانعكس ذلك على فن العمارة الذي تميز به تاج محل والذي امتزجت به الدلالات والرموز الإسلامية والهندوسية.

مهما يطلع المرء على صور لتاج محل فلن تعكس الصور مدى الجمال المعماري الحقيقي له، لذلك فالزيارة لتاج محل هي المرآة للتعرف على الجمال الحقيقي لهذا الفن المعماري الذي سبق عهده من حيث دقة العمل وهندسته، فلم اجد ثمة خطأ هندسي في هذه التحفة المعمارية، فكتابة الآيات القرآنية على الضريح من اسفل الى أعلى كتبت بقياسات خطوط يزيد حجمها من الأسفل الى الأعلى بهدف ان تكون عند النظر اليها بقياس واحد مهما ارتفعت الكتابات، فأي جمال فني هذا، وحتى الكتابة على الرخام الأبيض الهندي الفاخر فهي ليست رسما وانما رخام معشق بشكل دقيق وفي بعض الرسومات تكون مكوناتها قطعا متعددة، لكن يمكن للمشاهد في الوهلة الأولى ان يرى انها قطعة واحدة وحتى في ملمسها لن يجد أي فواصل، ولم يقف عند هذا الحد فحتى المآذن الاربع التي تحيط بالضريح صممت بميلان اتجاه عكسي للضريح تجنبا لسقوطهما على الضريح في حال وجود اية زلازل، فأي فن هندسي ومعماري وعلمي هذا؟

فتاج محل فعلا يعتبر من روائع نماذج الطراز المعمار الإسلامي وتمت تسميته بجوهرة الفن الإسلامي في الهند ويجسد إحدى الروائع الخالدة وهو مزيج بين الفن المعماري الفارسي والتركي والعثماني والهندي، والذي صمم من قبل الأستاذين عيسى شيرازي وامان الله خان شيرازي.

والدي والبشتخته

وأستذكر في هذا الموضوع والدي، رحمة الله عليه، عندما كان يمارس التجارة الحرة حال معظم الكويتيين في زمانه، وكان يملك اكثر من دكان في الديرة وكان ذلك تقريبا في منتصف القرن الماضي، واحد تلك الدكاكين متخصص في بيع الأسطوانات، ولا أزال أتذكر بعضها حيث كان يحتفظ بمنزلنا القديم بعدد منها وكان مطبوعا عليها انها صنعت في الهند، وقد حكى لي والدي، رحمة الله عليه، ذات مرة من ان احد رواد محله كان الفنان الراحل عبداللطيف الكويتي وكان دائما يستأجر منه «البشتخته» والاسطوانات، وللأسف لم نحافظ على الإرث الفني الذي تركه لنا والدي جهلا منا بقيمته في ذلك الوقت لصغر سننا.

للموسيقى الهندية ذوق خاص

وجمال السينما الهندية يكمن أيضا في الموسيقى الهندية وأغانيها التي تأخذ حيزا كبيرا من وقت الفيلم، فالموسيقى الهندية هي من الفنون العريقة ويرجع تاريخها إلى عدة قرون ماضية وهي فن كالنهر المنهمر ومصدر الهام ديني وعرف ثقافي متوارث جيلا بعد جيل واصبحت جزءا أساسيا من الحياة الاجتماعية والدينية في الهند.

وانتهزت فرصة وجودي في دلهي لكي اتذوق من الموسيقى الهندية، فالموسيقى غذاء الروح التي تعبر عن خلجاتها وتطرق أبواب المشاعر وتكون دواء للنفس، نعم هذا ما شعرت به بمجرد سماعي لها، وحبي للموسيقى الهندية ليس ناشئا، فكان حب سماعها مرتبطا بالتأثر في لحنها المؤثر في النفس عند الاستماع لها ومحاكاتها مع ما تتم مشاهدته من قصة مؤثرة ومعبرة اثناء مشاهدة الأفلام الهندية، ومن يحب الموسيقى الهندية لابد ان يعرف عازف الغيتار الهندي «آلة السيتار» الشهير الراحل رافي شانكار، والذي اعتبر كنزا وطنيا وسفيرا عالميا للتراث الثقافي الهندي.

ويعتبر «رافي» أول من أخرج الموسيقى الهندية من نطاقها المحلي الى بحر العالمية بإذهاله الغربيين بعزفه الحرفي وإبداعه الفائق بصوت آلته العذبة التي يعود اصلها للفارسية، وهي شبيهة بالعود الفارسي.

والموسيقى الهندية حالها حال الثقافة اثرت على المحيط بها بما في ذلك منطقتنا الخليجية، فامتزجت الألحان والإيقاعات الهندية بالغناء العربي تأثرا كبيرا، وكما اسلفنا كانت التجارة السبب في نقل الثقافة بين الشرق والغرب، ودولة الكويت هي منطقة في خط سير التجارة العالمية قديما وحديثا، ومن تلك الثقافة تمازجت الموسيقى الكويتية مع الهندية واستخدمت آلة المرواس والطبول وغيرها من الأدوات، ومن انواع الغناء الذي يغنى بالكويت الغناء اليماني او اليمني والذي يمتاز باستخدام «اللزمات الإيقاعية» والإخوة اليمنيين اضافوا إضافات على الموسيقى الهندية حتى تأخذ طابعا عربيا يمنيا، لذلك نجد ان الإيقاع اليمني هو المحبب للجمهور الكويتي

أسبوع في «هارفارد» أعرق الجامعات الأميركية وإحدى أقدم جامعات العالم

(موضوع من الماضي )صحيفة الأنباء 8 يونيو 2014

https://alanba.com.kw/475092

تداولت وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأسبوع المنصرم مقطعاً لكلمة الخريجة سارة فهد أبوشعر التي درست في جامعة هارفارد. تلك الكلمة الارتجالية التي تنم عن الثقة بالنفس وقوة الحضور، وهي نفس الطالبة التي القت كلمة أيضا عند تخرجها من مدرسة البيان ثنائية اللغة وكرمها وزير الخارجية السابق الشيخ د.محمد الصباح.

من منا لا يعرف جامعة هارفارد تلك الجامعة العريقة التي أسست عام 1636 وسميت على اسم المتبرع الأول لها john harvard، ويبلغ عدد هيئة التدريس بها ما يقرب من 2400 عضو، ويبلغ عدد طلابها ما يقرب من 21 ألف طالب، بما في ذلك طلاب الدراسات العليا والمهنية، وقد تخرج من الجامعة ما يزيد على 300 ألف خريج منهم ما يزيد على 50 ألفا من بلدان العالم، ولقد كرم العديد من خريجي الجامعة بجائزة «نوبل»، وتخرج منها ايضا عدد من رؤساء الدول مثل كفرانكلن، وروزفلت وجون كندي وباراك اوباما، وعدد من الشخصيات في بعض دول العالم ونذكر منهم بالدول العربية وزير الخارجية السابق الشيخ د.محمد الصباح ورئيس وزراء مصر الأسبق عزيز صدقي ونائب رئيس وزراء لبنان الأسبق غسان تويني.

ويرمز شعار الجامعة

(ve ri tas) إلى معنى «الحقيقة» باللاتيني، وبمجرد ذكر اسم الجامعة فإنك تلقائيا تربط اسمها بالنخبة والمبدعين والمفكرين، وقد وضعت كلية القانون بجامعة هارفارد على حائط المدخل الرئيسي للكلية الآية رقم 135 من سورة النساء واصفة إياها بأنها أعظم عبارات العدالة في العالم، ونقشت الآية الكريمة على حائط مخصص لأهم العبارات التي قيلت عن العدالة عبر التاريخ.

أنا أيضا كانت لي تجربة خاصة مع جامعة هارفرد، فقد تشرفت في شهر مايو الماضي بالمشاركة في ورشة عمل بمدرسة كندي بالجامعة بعنوان strategies for effective negotiation، decision-making and persuasion، ولتلك المشاركة شعور يتميز بالتشويق والإحساس بطابع فريد.

ولدى وصولي إلى مدينة بوسطن الأميركية وعلى وجه التحديد منطقة كامبرج حيث تقع جامعة هارفرد، وهي مدينة في غاية الجمال وتشبه الى حد كبير مدينة لندن من حيث نمط مبانيها، قامت إدارة الجامعة بتنظيم جولة في الحرم الجامعي والذي يتكون من عدة مبان جميلة موزعة بشكل متناسق على مساحة تزيد على 5000 فدان، ومكتبة هارفرد الأكاديمية هي المكتبة الأكبر في العالم وموزعه على 70 مكتبة فرعية، وكل مبنى في حرم الجامعة يحكي قصة عنه، وسأذكر منها فقط اثنتين، الأولى مكتبة تم تشييدها على نفقة والدة أحد الطلبة وهو أحد ركاب سفينة تايتانيك ويدعى هاري الكينز يدنر، والذي غرق مع السفينة أثناء عودته من لندن، وكان هذا الطالب هدفه من زيارة لندن هو اقتناء عدد من الكتب التي استهوته، وعند تقديم والدته لهذا التبرع علمت ان إدارة الجامعة قد أزالت إحدى المكتبات المقامة بتبرع من أحد الأشخاص، لذلك اشترطت والدة الطالب لدفع هذا التبرع عدم قيام إدارة الجامعة بإجراء اي تعديل على مبنى المكتبة وبالفعل حتى تاريخه ظل المبنى على هذا الحال واضطرت إدارة الجامعة عندما رغبت بإجراء توسعة ضرورية الى بناء سرداب بعمق دورين دون المساس بهذا المبنى.


وللمعلومة تحتوى مكتبة هاري على كتب من جلد الإنسان، والقصة الأخرى هي قاعة النصب التذكاري التي تحكي وتجسد تضحيات طلبة جامعة هارفرد في الحرب الأهلية الأميركية وقد سطرت أسماءهم على حوائط هذه القاعة. ومبنى القاعة يتكون من مسرح للاحتفالات وصالة طعام وجدارية بأسماء الطلبة القتلى.

وبالعودة إلى المشاركة في ورشة العمل فقد كانت مشاركة قيمة بمعنى الكلمة شارك فيها مجموعة مميزة من الكويتيين وغيرهم ممن يعتز الشخص بالاحتكاك بهم والتعرف عليهم ومنهم أساتذة جامعيين كالدكتورة ندى المطوع رئيس قسم البحوث والدراسات الاستراتيجية بجامعة الكويت ود.فاطمة الكندري نائب المدير العام للهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، ومن سلطنة عمان د.سعيد المحرمي عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ومنهم من هو بالقطاع الخاص كالدكتور إبراهيم الغصين الأستاذ السابق في جامعة الكويت وحاليا مدير شركة الخرافي الوطنية ورئيس مجلس إدارة الاتحاد لصناعات الورق دخيل الدخيل ونايف الهذال رئيس مجلس إدارة شركة ياكو الدوائية وعماد المنيع المدير التنفيذي لشركة بيت التمويل الكويتي للاستثمار وعبدالله الملا عضو مجلس إدارة مجموعة الملا، وكذلك مسؤولين تنفيذيين في القطاع الخاص ممن لهم مستقبل واعد تفتخر بهم الكويت ولا يسعني ذكرهم بالكامل ليس تقليلا من قدرهم لكن لا تتسع المساحة لذكرهم .

ان الهيئة التدريسية التي أشرفت وقامت على هذه الورشة تعتبر خبرة جامعة في المجال الأكاديمي والعملي والتي استطاعت ان تغرس فينا أهداف هذه الورشة ومحتواها بشكل محترف يليق بعراقة جامعة هارفرد كالأستاذة kessely hong المحاضر في السياسة العامة في كلية كينيدي بجامعة هارفارد، وتدرس في مجالات التفاوض وصنع القرار والاقتصاد الجزئي والتي فازت بجائزة العميد للتفوق في تدريس الطلاب، وتمكنت من صقل مهارات المشاركين في مبادئ ومفاهيم المفاوضات، فهي لم تكتف بإبراز الجانب الأكاديمي وإنما امتد الى الجانب التطبيقي ولعل من أبرز التطبيقات التي مارسناها كمشاركين congo river basin project وdeeport is a six-party، multi-issue negotiation.

أما المحاضر gary orren أستاذ السياسة والقيادة، والذي يحاضر ويكتب عن الرأي العام والسياسة والإقناع، فقد عمل في استطلاعات الرأي الاستراتيجي للمرشحين، وساعد في وضع مسودة قواعد لعملية الترشح للرئاسية في الولايات المتحدة، فاستطاع ان يسلب اهتمامنا بإمكانياته الفذة في طريقة تقديمه المبهرة للموضوعات المتعلقة باستراتيجية ومبادئ وأساسيات الإقناع، فأفكاره مسلسلة ومرتبة ترتيبا دقيقا ومتجانسا ومترابطة بأسلوبه القصصي والذي يعتبر جزءا من إطار مبادئ الإقناع.

ان استخدام المهارات المتعلقة بالمفاوضات والإقناع بالشكل المطلوب يجعلك قادرا على اتخاذ القرارات المناسبة في أحلك الظروف، وهنا أشير الى ما قدمه لنا الرئيس الأسبق للإكوادور jamil mahuad ذا الأصول العربية من تجربة وهو المحاضر في كلية جون كينيدي للعلوم الحكومية بجامعة هارفارد والحاصل على درجة الماجستير في الإدارة العامة من نفس الجامعة، كما انه يحاضر في الأخلاق والسياسة في العديد من الجامعات وهو زميل في مركز القيادة العامة في كلية كينيدي للإدارة الحكومية.

كان jamil خير مثال لخبرة عملية في كيفية اتخاذ قرارات مصيرية على المستوى الوطني فهو قد سطر تجربته التي نقلها لنا بكتابه والذي وضح في طياته كيفية التعامل مع ملف الخلاف بين دولته الاكوادور وبيرو والتي سبق ان دارت بينهما عدة حروب، واحتلت بيرو معظم أراضي الاكوادور والتي انتهت الى التوقيع على اتفاق السلام التاريخي مع بيرو، ووضع حل طويل الأمد للنزاعات الحدودية بموجب الاتفاق الذي تخلت فيه الإكوادور عن مطالبها لسيادة الأراضي المتنازع عليها بموجب بروتوكول ريو دي جانيرو مقابل ملكية أحد أراضي بيرو .

وبعد هذه المحاضرات انتهى الأسبوع وقد رسخت تلك التجربة الكثير من الانطباعات فقد نال المحاضرون كل التقدير والامتنان من المشاركين ولا تزال ترن في أسماعي قوة التصفيق عند انتهاء كل أستاذ من إلقاء محاضرته ما يدل على مدى رسوخ تلك التجربة في نفوس المشاركين، ونجاح المحاضرين في أدوارهم نتيجة التحضير الجيد لهذا البرنامج من جهاز إداري متميز من الجامعة.

ولعل من الإنصاف ان نخص جهود الأستاذ حمد المالكي من مملكة البحرين الشقيقة والذي ساعد الأستاذة kessely طول فترة ورشة العمل، وقد أسعدني تواضع الأستاذة عند تقديمها للأخ حمد المالكي عندما قالت انها تشرفت بتدريس الأخ حمد وبعد تخرجه تتشرف بالعمل معه كزميل بعد نيله رسالة الماجستير من جامعة هارفرد. حقا قمة التواضع والاحترام

دور مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

لا يمكن ان ننسى الدور الأساسي الذي لعبته مؤسسة الكويت للتقدم العلمي في تنظيم مثل هذه البرامج والبرامج التي سبقتها، فمؤسسة الكويت للتقدم العلمي التي أنشئت بموجب المرسوم الأميري الصادر في 12 ديسمبر 1976 كمؤسسة خاصة ذات نفع عام تعنى بدعم التطور العلمي والتكنولوجي، ويدير المؤسسة مجلس إدارة يرأسه صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، والتقدير يسجل للقائمين على تنظيم هذا البرنامج ممثلين بالدكتورة أماني البداح والأخت الفاضلة وئام العثمان تلك السيدة المتألقة في عملها والمتابعة لأدق التفاصيل واحتياجات المشاركين بهدف إنجاح هذا البرنامج من بداية التحضير حتى عودة المشاركين للكويت كل التقدير والاحترام والتقدير مني لك يا أم دعيج وسامحينا عن اي قصور بدر منا خلال تلك الفترة.

اما الأخ الفاضل خالد المحيلان فهو شخصية تفرض احترامها عليك فكان نعم الأخ والصاحب في السفر، فتجده حاضر في كل وقت وهو الذي يعمل بكل صمت، ونسجل اعتزازنا لهذه الشخصية الوطنية التي أفعالها تتكلم عنها اكثر من أقوالها، وقد أحزنني بكل صدق عندما علمت ان الأخ خالد المحيلان قد قرر ترك المؤسسة، وان صدقت تلك المعلومة فإن المؤسسة قد خسرت خيره أبنائها.

الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية والأزمة الإسكانية(2-2)

صحيفه الانباء 12 سبتمبر 2021

https://alanba.com.kw/1069946

إنّ معالجة المشكلة الإسكانية من خلال التعديل التشريعي لقانون إنشاء الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية على النحو المقدم من أعضاء مجلس الامة في رأيي لم يكن تعديلاً حصيفاً، فبدل أن يتم معالجة المشكلة الإسكانية من خلال التشريع الخاص ببنك الائتمان الكويتي وهو الجهة المختصة من خلال زيادة رأسماله أو من خلال زيادة حدود اقتراضه إذا ما تطلبت الظروف ذلك، تم المساس بأهداف الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية وفلسفة إنشائه ،علماً أنّه غير معنيّ بالتنمية المحلية لأنها مسئولية الجهات المختصة بالدولة وفقاً لقوانين ومراسيم إنشائها ، ومثل هذا التعديل يعتبر إقراراً بوجود قصور في مؤسساتنا المحلية وتشريعاتها المعنية بمعالجة القضية الإسكانية .
ولم تقف التعديلات التشريعية عند هذا الحد، فنحن أمام مقترح قانون آخر بتعديل قانون إنشاء بنك الائتمان الكويتي، في رأيي أنّ هذا التعديل المقترح يعد فريداً من الناحية التشريعية، ففي ظاهر هذا التعديل زيادة رأسمال البنك وفي باطنه مرة أخرى تعديل تشريعي مشوه على قانون إنشاء الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية وذلك بتخفيض حقوق الملكية بقيمة 750 مليون دينار ليتم تغطية زيادة رأسمال البنك.
إنّ مثل هذا الاقتراح من شأنه أن يؤثر على المركز المالي للصندوق، والذي ترتكز أعماله على تمويل المشاريع التنموية بالدول العربية وتقديم المساعدات الفنية لهم من خلال رأسماله وعوائد احتياطاته، وبهذا المقترح سيتم تخفيض احتياطاته بنسبة 22% تقريباً كما سيؤثر على تقييمه الائتماني.
ومن جانب آخر فإنّ الهيئات والمؤسسات الحكومية الأصل فيها أن يتم تمويلها من الخزانة العامة للدولة مباشرة وليس من خلال الاستقطاع من رؤوس أموال واحتياطيات الهيئات والمؤسسات الحكومية الأخرى! وهذا ما قررته التشريعات القائمة استناداً لأحكام الدستور.
هذا ولا أزال عند رأيي الذي سبق أن نشرته بأنّ السلطة التنفيذية هي المسئولة عن توفير التمويل الكافي للبنك، باعتبارها مسئولة عن التكامل في المنظومة الإسكانية ما بين توزيع القسائم السكنية وتوفير التمويل اللازم لبنائها، واذا ما رأى المشرّع ضرورة زيادة رأسمال البنك فعليه اتباع الإجراءات السليمة في نظري والمتمثلة بإعادة النظر في قانون إنشاء بنك الائتمان الكويتي بحيث يتم زيادة رأسماله من الخزانة العامة للدولة إذا تطلب الأمر ذلك أو زيادة حدود اقتراضه ، هذا بعيداً عن إعادة النظر في توزيع أرباح المؤسسات الحكومية وتخصيصها لمؤسسات أخرى ،والتي منها الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية .
فإذا ما رأى المشرّع إعادة النظر في آلية احتفاظ المؤسسات لارباحها؛ يتم تعديل تشريعاتها بحيث يتم تحويلها إلى الخزانة العامة للدولة ، كما أنّه يجب أن يستهدف التعديل التشريعي تمكين بنك الائتمان الكويتي من القيام بأهداف إنشائه دون تخصيص التشريع لأوجه محدده كمعالجة مشروع مدينة المطلاع السكنية كما وضحته المذكرة الإيضاحية للقانون المقترح.

الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية والأزمة الإسكانية (2-1)

صحيفة الانباء 7 سبتمبر 2021

https://alanba.com.kw/1068788

أخذت القضية الإسكانية أبعاداً جديدةً نظراً لتفاقم المشكلة الإسكانية وعدم وجود حلول جذرية لها خلال العقود الماضية رغم توفر المقومات الأساسية لتوفير الاستدامة للرعاية الإسكانية.

 فالمطّلع على موضوع المشكلة الإسكانية يعلم أنّه من الناحية الموضوعية لا يمكن توفير الرعاية السكنية لجميع المواطنين بنفس النهج والفلسفة التي كانت عليها في العقود الماضية، وأنّ هذه الإشكالية ليست على المستوى المحلي وإنّما على المستوى الدولي، لذلك يأتي دور الدولة لتقدم الدعم المعقول لهؤلاء المواطنين في الحصول على الرعاية السكنية من خلال مؤسساتها المختلفة كالهيئة العامة للرعاية السكنية، وبنك الائتمان الكويتي.

ونتيجة لعدم التعامل مع أبعاد المشكلة الإسكانية بشكل موضوعي بمفهومها وفلسفتها الصحيحة من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية ،واجهت الدولة مشكلة حقيقية في توفير الاستدامة في الرعاية السكنية للمواطن، لذلك برزت أبعاد تلك المشكلة من خلال عدة جوانب منها ما يتعلق بمدى توفر الوحدات السكنية لمقابلة أعداد الطلبات السكنية للمواطنين، ومنها ما يتعلق بمدى توفر العرض الكافي للأراضي السكنية ، الأمر الذي انعكس سلباً من منظور المواطن على أسعار شرائها خلال العقود الماضية، هذا إلى جانب آخر وهو الخلل في فهم مسألة توفير الرعاية السكنية ،حيث يعتقد جُلّ المواطنين بأنّ مفهوم الرعاية السكنية هو أحقيته في تملك المسكن الخاص به وفق مواصفات عالية من الرفاهية التي تفوق متوسط دخله، وهذا مفهوم في رأيي خاطئ.

ومن جهة أخرى فإنّه على الرغم من محاولات تطوير التشريعات المنظمة للرعاية السكنية إلا أنّها لم تكن لتلك التعديلات القدرة على حل المشكلة الإسكانية، بل قصرت تلك المحاولات على خلق حلول مؤقتة اتسم بعضها بأنّها تعديلات جاءت مشوهة تشريعياً مما حوّل القضية الإسكانية إلى كرة ثلج مع مرور الوقت.

وما يستوقفني في موضوع تطوير التشريعات المتعلقة بالقضية الإسكانية ،هي التعديلات التشريعية التي في ظاهرها تعالج المشكلة لكن في مضمونها تخلق تشويهاً تشريعياً لتشريعات قائمة ، فعلى سبيل المثال التعديلات التشريعية التي أجريت في عام 2003 على قانون إنشاء الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية  وذلك بتعديل أغراض الصندوق ،والذي كان يخصص أغراضه في مساعدة الدول العربية والدول النامية في تطوير اقتصاداتها ،وتنفيذ برامج التنمية فيها ،والمشاركة في توفير الاحتياجات الضرورية لها ، إلى مد نطاق عمل الصندوق بحيث يشمل المجالات المحلية ، بالإضافة إلى الاستقطاع من صافي أرباح الصندوق لدعم موارد المؤسسة العامة للرعاية السكنية .

إدارة أراضي وأملاك الدولة العقارية.. بين الرؤية والواقع(2-2)

صحيفه الانباء 23 اغسطس 2021

https://alanba.com.kw/1065574

إنّ فصل إدارة أملاك الدولة كنشاط عن وزارة المالية من شأنه أن يخلق خللاً في تناسق الأعمال فيما بين جباية الأموال من إيرادات استغلال أملاك الدولة والأعمال الأخرى التي تقوم بها الإدارة المالية العامة، فكيف ستتمكن الهيئة المُزمَع إنشاؤها من معالجة الخلل في تسجيل قيمة أملاك الدولة العقارية والتي لم تستطع وزارة المالية من معالجته رغم هيمنتها على أنشطة المالية العامة للدولة، والتي تملك من الأدوات في فرض هيبتها؟ فهذا تقرير ديوان المحاسبة للسنة المالية 2019/2020 قد أشير فيه إلى ظهور تباين في قيمة أملاك الدولة العقارية بالحساب الختامي للإدارة العامة للدولة بمبلغ وقدره 2.7 مليار دينار تقريباً، الأمر الذي يدلل على عدم بذل العناية الكافية لمتابعة قيد تلك الأملاك في سجلات الجهات الحكومية المعنية.
وفي سياق حالة سابقة عندما تقدم بعض أعضاء مجلس الأمة بمقترح قانون بفصل أحد أنشطة وزارة المالية؛ اعترضت وزارة المالية على مثل هذا المقترح بحجة أنّ فصل النشاط يخل بمبدأ التكامل بين عناصر دورة الميزانية، و تكامل السياسات التي تضعها الوزارة في هذا الشأن ، وأنّ وزارة المالية ما زالت تبذل جهدها نحو تحسين أداء المالية العامة في دولة الكويت، ورفع كفاءة أداء الأجهزة المالية في الجهات الحكومية، إلى جانب رفع كفاءة قطاعات وزارة المالية المختلفة ، والذي لا يتحقق إلا بتكاملها ، حيث تكتمل دورة الميزانية كما جاء في نصوص المرسوم بالقانون رقم 31 لسنة 1978 بقواعد إعداد الميزانية العامة والرقابة على تنفيذها والحساب الختامي.
كما بررت بأنّ السلطة التنفيذية في سعيها لعلاج الاختلال الهيكلي للمالية العامة للدولة قد أصدرت القرار رقم 666 لسنة 2001 بشأن ضبط نمو الهياكل التنظيمية بالوزارات والإدارات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة، بعد أن انعكس ذلك سلباً على هيكل تصنيف الميزانية فأصبحت المصروفات الجارية تمثل 53.5% من جملة المصروفات العامة وتمثل المرتبات من المصروفات الجارية 47% تقريباً، وأصبح الباب الأول – المرتبات من المصروفات المحصنة (ميزانية السنة المالية 2013/2014). وما يضيف المقترح بفصل النشاط ما هو إلا تضخماً في النفقات الجارية إضافة إلى ما هو عليه الآن.
كما أنّ الأخذ بمقترح فصل النشاط من شأنه أن يحفّز قطاعات أخرى في وزارة المالية للمطالبة بإنشاء أجهزة خاصة لها خارج نطاق وزارة المالية، رغبة في الكوادر الخاصة مما يفرّغ الدور الريادي لوزارة المالية في ضبط وتخصيص الموارد المالية.
لذا؛ هل مضي وزارة المالية بإنشاء هيئة عامة للأراضي والعقارات تعنى بإدارة أراضي واملاك الدولة العقارية يتوافق مع ما كانت تبديه من رأي بشأن مقترحات أعضاء مجلس الأمة بشأن فصل بعض أنشطة وزارة المالية؟
وهل مبادرة وزارة المالية للتقدم بمشروع قانون بهذا الشأن يتلاءم مع ركائز رؤية الكويت 2035 والتي تستهدف الهيكل الحكومي ليكون رشيقاً وأن يعالج الاختلالات في المالية العامة؟
وهل ورد مثل هذا المشروع ضمن أولويات المتطلبات التشريعية في برنامج عمل الحكومة (2021-2022/2024-2025)؟
في رأيي أنّ الإجابة على تلك التساؤلات يعد أمرا ضروريا قبل الموافقة على إنشاء كيان خاص لإدارة أراضي وأملاك الدولة العقارية.

إدارة أراضي وأملاك الدولة العقارية.. بين الرؤية والواقع (1-2)

صحيفة الانباء 17/8/2021

https://alanba.com.kw/1064316

هل بدأت وزارة المالية فعلياً بالتفكير بتفكيك أنشطتها والتخلي عن دورها الأساسي بصفتها الإدارة المالية للدولة؟ هذا ما أطلعتنا عليه بعض الصحف المحلية عن قيام وزارة المالية بإعداد مشروع قانون بإنشاء هيئة عامة للأراضي والعقارات تعنى بإدارة أراضي وأملاك الدولة العقارية.

كما نعلم بأنّ التشريعات رسمت دور وزارة المالية بصفتها المشرفة على شئون الخزانة العامة للدولة، وبالأخص جباية إيرادات الدولة والرقابة عليها وما يتقرر الصرف منها، ومن موارد الدولة تلك التي تنتج عن إدارة أراضي وأملاك الدولة العقارية؛ حيث أوكل القانون لوزارة المالية الإشراف على أموال الدولة الخاصة والتصرف فيها سواء بالبيع أو الاستغلال أو التأجير.

وحيث أنّ معظم الأراضي مملوكة للدولة؛ فإنّ ذلك من شأنه أن يعزّز موارد الدولة في الميزانية العامة في حال تطوير إدارتها بالشكل المطلوب، والتطوير لا يأتي بالضرورة بتغيير نوع الكيان الإداري المسؤول عن إدارة أراضي وأملاك الدولة العقارية، وإنّما بتغيير نموذج العمل المستخدم في إدارة تلك الأملاك، لذلك على وزارة المالية التركيز على نموذج العمل قبل التفكير في إنشاء هيئة مستقلة لذلك.

إنّ إنشاء هيئة عامة للأراضي والعقارات تعنى بإدارة أراضي وأملاك الدولة العقارية، وأن قد جاء نتيجة دراسات من جهات متخصصة، إلا أنّه في رأيي أنّ ذلك يتعارض مع برنامج عمل الحكومة (2021/2022-2024/2025) بشأن التحديات الرئيسية التي تواجهها الدولة ومنها الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد الوطني والمالية العامة.

فالاستمرار في تبني الحكومة لمشاريع إنشاء جهات حكومية جديدة يقوّض الجهود المبذولة في سبيل إعادة هيكلة القطاع العام وتطوير الهيكل الإداري للجهاز الحكومي، وكذلك في تحقيق الاستدامة المالية نتيجة لزيادة أعباء المصروفات الجارية في الميزانية العامة للدولة لتشغيل مثل تلك الجهات الحكومية التي يتم إنشاؤها.

فإنشاء كيانات حكومية جديدة ليست هي الوسيلة المثلى لتطوير الإدارة المالية العامة للدولة، فالتطوير يأتي في مناحي متعددة ،فيمكن على سبيل المثال إعادة النظر في التشريع المنظم لأملاك الدولة المتمثل بالمرسوم بالقانون رقم 105 لسنة 1980 بما يحقق مقاصد المشرّع في تطوير مثل هذا المورد من موارد الدولة، بحيث يعالج القصور في التشريع القائم والمتمثل بأهداف استغلال أملاك الدولة بما يحقق الربحية بشكل رئيسي إلى جانب تحقيق النفع العام ،ودون المساس بالكيان الإداري المناط بمثل هذا النشاط ، أي بأن يعاد النظر في فلسفة التشريعات المنظمة لإدارة أملاك الدولة لتكون رافداً من روافد إيرادات الدولة ، وليس على النحو الذي أفادت به وزارة المالية  في أحد ردودها على الأسئلة البرلمانية والتي أشارت فيها بأنّ إجمالي الإيرادات الناتجة عن إدارة أملاك الدولة الخاصة، واستغلالها خلال السنوات الخمس 2016/2015 – 2020/2019، بلغ 432.5 مليون دينار، وأنّ أملاك الدولة لا تدار وفق أسعار السوق بهدف الربحية، بل بهدف تحقيق النفع العام.

أداء الضرائب من الواجبات العامة(2-2)

صحيفة الانباء 2 اغسطس 2021

https://alanba.com.kw/1061367

لقد اشرنا في المقالة السابقة بان الدولة تحتاج إلى موارد مالية لتحقيق نقطة التعادل في الميزانية العامة، ويكمن التحدي لها في الاختيار بعناية نوع الضرائب والرسوم، ونوع النظام الضريبي الذي يشجّع المواطنين على تقبله وعدم رفضه.
فالنظام الضريبي لا يقتصر دوره فقط على الجانب المالي والمتمثل في اعتباره مصدر من مصادر الدخل الرئيسي للدولة فهذا مفهوم خاطئ؛ فالنظام الضريبي له أدواراً أخرى محورية؛ ففي الجانب الاقتصادي يملك النظام من الأدوات التي تمكّن الدولة من التأثير على الاقتصاد المحلي من أجل تحقيق الاستقرار الاقتصادي ومعدّلات نمو طبيعية، أمّا الجانب الاجتماعي فالنظام الضريبي له دوراً في المساهمة بتحقيق الاستقرار والعدالة الاجتماعية من خلال إعادة توزيع الدخل بين طبقات المجتمع المختلفة.
هذا ويجب ألا نغفل دور النظام الضريبي في تحقيق المساءلة، فمن خلال هذا النظام يتم تمكين دافعي الضرائب من مساءلة كل من المشرّعين والإدارة المالية للدولة عن استخدامات أموال الضرائب وتقييم أدائهم، الأمر الذي يضطر معه المشرع إلى التركيز على معالجة القضايا العامة لا الخاصة والتي تَهُم دافعي الضرائب، كالقضايا التعليمية، والصحية، والاجتماعية، والاقتصادية.
لذا فإن النظام الضريبي يحقق المنفعة العامة ويساهم في استقرار الحياة، فهذا هو الجوهر الحقيقي والثقافة الصحيحة للنظام الضريبي بغض النظر عن الممارسات الخاطئة له.
ومن جانب آخر يجب أن نذكّر بأنّ النظام الضريبي ليس بغريب على النظام الاقتصادي والمالي للدولة؛ فاقتصاد الدولة منذ تأسيسها وقبل اكتشاف النفط كان قائم على جباية الضرائب والرسوم بشكل كلي، وهذا ما تؤكده البيانات المالية التاريخية للدولة.
وحتى بعد اكتشاف النفط ظلّت الضرائب والرسوم تشكل رافداً رئيسياً لموارد ميزانية الدولة، هذا وان قل الاعتماد عليها خلال العقود السابقة، وقد أكد الدستور على مبدأ أساسي بأنّ الضرائب عمود الاقتصاد الكويتي، وهذه حقيقة يجهلها العامة وللأسف بعض المشرّعين أيضاً؛ فالدستور نص في مادته رقم (48) في الباب الثالث منه والمتعلق بالحقوق والواجبات العامة بأنّ أداء الضرائب والتكاليف العامة واجب وفقاً للقانون، وينظّم القانون إعفاء الدخول الصغيرة من الضرائب بما يكفل عدم المساس بالحد الأدنى اللازم للمعيشة.
هذا كما أكدّ الدستور أيضاً أهمية تنظيم الضرائب حيث تضمّنت أحكامه بأنّ إنشاء الضرائب العامة لا يكون إلا بقانون، ولا يجوز تكليف أحد بأداء غير ذلك من الضرائب والرسوم والتكاليف إلا في حدود القانون، كما لا يجوز أن يتضمّن قانون الميزانية أي نص من شأنه إنشاء ضريبة جديدة، أو زيادة في ضريبة موجودة.
وعلى الرغم من ذلك إلا أنّ تبنّي نظام ضريبي ليس بالأمر الهيّن، فالأمر يتطلب توفير البيئة المناسبة للنظام، ومقوّمات النجاح له؛ فالتسرع في التطبيق دون دراسة وافية ومستفيضة، أو باجتزاء توصيات الجهات الاستشارية والمختصة في هذا الشأن، بلا شك سوف يحكم على تطبيق أي نظام ضريبي بالفشل، كما لا بد أن يتزامن تطبيق الضرائب مع برنامج إصلاحات مالية حقيقية حتى لا تكون الضريبة عبئاً إضافياً على المواطنين.
إذن إصلاح الإدارة المالية العامة للدولة، ورفع كفاءة الإدارة الحكومية من خلال تطويرها وحوكمتها هو بوابة لنجاح أي نظام ضريبي فعّال؛ فبدون تلك الإصلاحات المالية لا يمكن أن نخلق نظام ضريبي ناجح يحقق الرفاهية المستدامة للمواطنين.

“الضرائب هي الثمن الذي تدفعه المجتمعات المتحضّرة
مقابل فرصة للبقاء متحضّرة”
ألبرت بوشنيل هارت

أداء الضرائب من الواجبات العامة(1-2)

صحيفة الأنباء 26 يوليو 2021

https://alanba.com.kw/1059600

أصبحت الاستدامة المالية غايةً منشودةً للدولة، لكن بات من المؤكد أنّ هناك مشكلة عدم وجود فهم حقيقي لموضوع أهمية الاستدامة المالية، وذلك نتيجة لعدم وجود برنامج لتوعية الرأي العام بأنّ الاستمرار في إدارة المالية العامة للدولة على هذا النحو لن يحقق الرخاء المنشود للأجيال القادمة إن لم يكن حتى للأجيال الحالية.
إنّ عدم وجود تنوّع بالدخل بالميزانية العامة للدولة والاستمرار بالاعتماد على عوائد النفط كمورد وحيد لن يحقق الاستدامة المالية؛ فكما نعلم أنّ الميزانية العامة أصبحت رهينة للصدمات المترتبة على تطورات أسواق النفط العالمية، ما بين الوفر والعجز.
كما أنّ الاستمرار في منهجية الإنفاق الحالية، والتي هي أيضاً رهينة للقرارات الشعوبية، بلا شك سوف تقضي على دولة الرفاه عاجلاً أم أجلاً، ما لم نرجّح قراراتنا الحكيمة للمحافظة على رفاهية المواطن بمفهومه الصحيح.
ولتحقيق الرفاهية لا بد من وجود استدامة مالية، والاستدامة لا تُتحقق إلا من خلال موارد بطبيعتها مستدامة، وعوائد النفط بكل تأكيد ليست من تلك الموارد التي تتسم بالاستدامة فهي بطبيعتها ناضبة.
لذلك يأتي دور النظام الضريبي ليحقق تلك الاستدامة في المالية العامة للدولة، هذا على الرغم من التخوّفات التي تُثار بشأن مدى مصداقية وموضوعية تحقيق النظام الضريبي للاستدامة المالية، وقد اُلتُمس العذر لتلك التخوّفات لأنها مستحقة في ظل عدم وجود إدارة مالية تتسم بالحصافة.
ومؤخراً رفضت اللجنة المالية بمجلس الأمة، ما جاء في الخطة الإنمائية للدولة بشأن تطبيق نظام ضرائب على السلع الانتقائية والقيمة المضافة، كما رفضت تطبيق الرسوم مقابل الانتفاع بالمرافق والخدمات العامة، إلا أنّ في رأيي إن مثل موضوع فرض الضرائب والرسوم يجب أن يُبحث بشكل موضوعي ومدروس، نعم الموافقة المطلقة غير مقبولة؛ إلا أنّ رفض بحث ودراسة الموضوع من حيث المبدأ أيضاً غير حصيف.
فالدولة تحتاج إلى موارد مالية لتحقيق نقطة التعادل في الميزانية العامة، ويكمن التحدي لها في الاختيار بعناية نوع الضرائب والرسوم، ونوع النظام الضريبي الذي يشجّع المواطنين على تقبله وعدم رفضه؛ فعلى سبيل المثال الاشتراكات في صناديق التأمينات الاجتماعية التي يدفعها المواطنون المنخرطون في سوق العمل، في رأيي تعتبر نوع من أنواع الضرائب، فلا أتصور يوجد مواطن واحد يرفض مثل تلك الضريبة؛ فالصناديق التقاعدية حققت الاستقرار الاجتماعي للأسرة الكويتية، فكيف نتصور حال المواطنين بدون هذا النوع من الضريبة مهما اختلفت تسميتها .
(يتبع)

الصناديق السيادية وميثاق الشفافية المالية (6)

صحيفة الانباء 11 يوليو 2021

https://alanba.com.kw/1056674

بعد الاطلاع عن كثب على فلسفة إدارة النرويج لصندوقها السيادي من خلال ما تم سرده في المقالات السابقة ، وانطلاقا من نظرة متخصص في مجال المالية العامة ، فإننا نرى ان  تحقيق مبادئ الشفافية في المالية العامة وعلى وجه التحديد في الصناديق السيادية للدولة امر قابل للتطبيق، وذلك متى ما وجدت المبادرة في ظل الايمان بمبادئ الحوكمة في إدارة هذه الصناديق، ومتى ما كان هناك توافق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في التركيز على وضع مبادئ توجيهية للأخلاقيات في إدارة الصناديق السيادية للدولة، ووضع الاليات والسياسات المناسبة لإدارتها.

فالبنية التشريعية للدولة قائمة على اساسات ودعائم تنطلق منها تلك المبادئ الأخلاقية، فأحكام الدستور نصت على حماية الأموال العامة، وان الاقتصاد الوطني أساسه العدالة الاجتماعية، وقوامه التعاون العادل بين النشاط العام والنشاط الخاص، وهدفه تحقيق التنمية الاقتصادية، ورفع المستوى المعيشة وتحقيق الرخاء للمواطنين.

كما أكد الدستور بان الثروات الطبيعية ومواردها ملك الدولة، وتقوم الدولة وبتعاون السلطات فيها على حفظها وحسن استغلالها بما يقتضيه اقتصادها الوطني، هذا وتقدم الحكومة الى مجلس الأمة بيانا عن الحالة المالية للدولة مرة على الأقل في خلال كل دور من أدوار انعقاده العادية، بما يحقق الشفافية في البيانات المالية واهمية مشاركتها بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية ممثلة بمجلس الامة وهو ممثل الشعب.

ووفقا للبنية التشريعية تلك فلا بد ان تأتي التشريعات في سياق احكام الدستور، وعلى الإدارة المالية العامة للدولة المضي قدما في تحقيق تلك المبادئ ، من خلال مبادرتها بتبني كل ما يعزز تلك المبادئ في التشريعات المتعلقة بالإدارة المالية للدولة ، ومنها ميثاق الممارسات السليمة في مجال شفافية المالية العامة الذي اعده صندوق النقد الدولي ، وافضل الممارسات المعنية في شفافية الموازنة التي أعدتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ، ومبادئ الاستثمار المسئول (ESG) الصادرة من الأمم المتحدة في هذ الشأن  (UN PRI)، وغيرها من المبادئ والممارسات الجيدة في هذا المجال .

وكما أشرنا سابقا بما ان البرنامج الوطني للاستدامة الاقتصادية والمالية في ظل برنامج عمل الحكومة (2021/2022- 2024/2025)، والذي أعده الفريق التوجيهي المشكل برئاسة وزير المالية والتابع للجنة الشئون الاقتصادية في مجلس الوزراء، قد تبني معالجة استدامة المالية العامة وفق برنامج وطني للاستدامة لتعزيز كفاءة الإدارة الحكومية من خلال عدة مبادرات منها حوكمة تنفيذ الإصلاح المالي وتطوير نزاهة وشفافية الإدارة الحكومية.

وعليه فلا مناص من تبني أفضل الممارسات الدولية في مجال شفافية المالية العامة وحوكمة إدارة الصناديق السيادية بما في ذلك تلك التي لدى مؤسسة التأمينات الاجتماعية وفق ومبادئ الاستثمار المسئول، وان تسعى الإدارة المالية العامة بالتنسيق مع السلطة التشريعية لتحقيق ذلك لتكون في مصاف الدول ذات التصنيف العالي في مؤشرات شفافية الصناديق السيادية.

خاصة وان وزارة المالية في مجال الشفافية قد أطلقت إستراتيجيتها في بداية العقد الماضي، والتي تدعم المساءلة والشفافية والسعي نحو تحسين وضع الوزارة في مؤشر الشفافية والنزاهة ومدركات الإصلاح، ونشر قيم الشفافية والنزاهة انسجاماً مع المعايير العالمية في مجال الشفافية النزاهة، والتي ترصدها منظمات عالمية.

كما صاغت رؤيتها في هذا الشأن بأن تكون نموذجا للنزاهة والشفافية، وحددت رسالتها بالسعي إلى تعزيز النزاهة لتحقيق النمو المستدام، وتحسين الخدمات العامة من خلال الشفافية في إتاحة المعلومات للمجتمع والجهات الرقابية، وتفعيل المساءلة عن القرارات، ومكافحة الفساد المالي والإداري بأنواعه، وصولا لتحقيق الإدارة الرشيدة لموارد الدولة.

(انتهى)

الصناديق السيادية وميثاق الشفافية المالية(5)

صحيفة الانباء 4 يوليو 2021

https://alanba.com.kw/1054972

أشرنا في المقالة السابقة بان من اهم مقومات نجاح الصندوق السيادي النرويجي هو التزامه بمبادئ الاستثمار المسئول المستدام (ESG)، وفي رأيي أيضا ان من مقومات نجاح الصندوق السيادي النرويجي من حيث الأداء والمكانة، هو الدور المحوري الذي لعبه البرلمان النرويجي في هذا الجانب.

فالرقابة البرلمانية حتى تحقق أهدافها يجب ان تكون رقابة موضوعية ومسئولة، وليس بمفهومها الشائع المبني على تصيّد الأخطاء والذي أرى في وجهة نظري مفهوم خاطئ للرقابة، فالرقابة الموضوعية هي التي تسمح للمشرعين بالمشاركة بإدارة المخاطر والاهداف من حيث قياس مدى تحقيق الأهداف والامتثال، وبما تسمح بالمسائلة الإدارية.

ان المبادئ التوجيهية الأخلاقية للصندوق والتي اعتمدها البرلمان بالتنسيق مع وزارة المالية، تعد دعما سياسيا لإدارة الصندوق السيادي، ومن اهمها الالتزام بضمان تحقيق العوائد المالية من الثروة النفطية لصالح الأجيال القادمة المشروطة بالتنمية المستدامة.

وفيما يتعلق بإدارة الصندوق السيادي، فوزارة المالية تديره نيابة عن الشعب النرويجي من خلال استراتيجية استثمار يتم مراجعتها مع البرلمان النرويجي بشكل دوري، ووزارة المالية هي المسئولة بشكل مباشر تجاه البرلمان بشأن إدارة هذا الصندوق، بما في ذلك استراتيجيتها الاستثمارية، وقد انشات وزارة المالية مجلس استراتيجي للصندوق بهدف المساهمة في تعزيز الاستثمار المسؤول من خلال المراجعات الدورية وزيادة الشفافية المتعلقة بإدارة الصندوق.

وقامت وزارة المالية بتفويض البنك المركزي النرويجي (Norges Bank) من خلال ادارة منفصلة للاستثمار بالبنك (NBIM) بإدارة صندوق التقاعد الحكومي العالمي كوديعة بموجب اتفاقية بين وزارة المالية والبنك، وتجيز هذه الاتفاقية للبنك بان يستعين بمدراء خارجيين لإدارة هذه الأموال، كما تجيز له تقديم المشورة لوزارة المالية، اما صندوق التقاعد الحكومي النرويجي فمفوض بإدارته التشغيلية مدير الاستثمار (Folketrygdfondet).

وبمقابل تفويض الإدارة هذا تدفع وزارة المالية بشكل منفصل من حساب وزارة المالية اتعاب إدارة البنك لهذه الأموال والتي يتم الاتفاق على حدود نسبتها مسبقا.

هذا ويتخذ البنك قرارات الاستثمار بشكل مستقل عن وزارة المالية ويلتزم البنك بتقديم تقارير دورية عن أموال المحفظة، وتتمتع تلك التقارير بالشفافية، حيث تتضمن ملخصا يوضّح الأداء الحقيقي للصندوق وتكاليف ادارته، واستراتيجية إدارة الاستثمارات ومخاطرها، ويلتزم البنك بأن يقيّم بانتظام إلى أي مدى تم تحقيق اهدافه في خطته الاستراتيجية، على ان يتم نشر التقرير السنوي خلال 3 شهور من انتهاء السنة المالية.

ووفقا للمبادئ التوجيهية للصندوق، يسعى البنك الى تحقيق عائد جيد على المدى الطويل، معتمدا في ذلك على التنمية المستدامة في الاقتصاد والبيئة والجوانب الاجتماعية، فضلا على حسن الأداء،  كما يتقيّد البنك بالمؤشرات المرجعية الاستراتيجية التي تضعها وزارة المالية للصندوق، وكذلك القيود المتعلقة بالإدارة.

ويضع المجلس التنفيذي للبنك المبادئ التوجيهية لإدارة الصندوق، كما يضع إطار عمل نظام المكافأة، حيث يجب أن يشتمل نظام المكافآت على أحكام خاصة للمديرين التنفيذيين والموظفون ، هذا على أن يساهم نظام المكافآت في تعزيز إنشاء حوافز للإدارة الجيدة والسيطرة على المخاطر التي تنطوي عليها الإدارة، ومواجهة التعرض المفرط للمخاطر والمساعدة في منع تضارب المصالح.

وقد تم انشاء مجلس الاخلاقيات للصندوق بقانون ، وهو المكلف بتنفيذ المبادئ التوجيهية للأخلاقيات ، وتقديم المشورة بشان فيما اذا كانت الاستثمارات في الأدوات المالية تتعارض مع المبادئ التوجيهية الأخلاقية للصندوق، ، وللمجلس الحق في التحقيق في بعض الأمور وجمع المعلومات التي يراها ضرورية  في عمله ، ويتكون المجلس من خمسة أعضاء من ذوي الكفاءات والمواصفات الخاصة التي تتسق مع طبيعة عملهم ، ويتم تعينهم من قبل وزارة المالية بناء على ترشيح من البنك المركزي النرويجي لمدة أربعة سنوات ، وتحدد وزارة المالية مكافآت أعضاء المجلس وميزانيته .

وللمجلس امانة سر، ويعد المجلس خططه السنوية التشغيلية، كما يقوم بتقديم تقارير سنوية عن انشطته، كما للوزارة أمانة عامة مختصة لإدارة وتنظيم الصندوق، ويعمل بها موظفون دائمون ومستشارون في الأمور المتعلقة بإدارة الصندوق بما في ذلك مجلس الأخلاقيات.

هذا وينشر مجلس الاخلاقيات توصياته كما ينشر البنك قراراته بهذا الشأن، واخر قرار للجنة نشر في شهر مايو 2021، وهو استبعاد احدى الشركات الاسيوية نظرا لما كشفت عنه التحقيقات بان ظروف العمل في أحد مصانع الشركة وصفت بانها تنتهك حقوق العمال.

Sovereign funds and the Financial Transparency Charter (4)

The Maduell-Linaburg Transparency Index has been widely adopted by sovereign wealth funds in their annual reports and various relevant publications and documents and is a means of rating the transparency of sovereign wealth funds

I consider it appropriate to refer to the best practices of transparency in sovereign funds. The Norwegian Sovereign Wealth Fund is one of the best sovereign funds in terms of governance and transparency, and the largest and most influential. The Norwegian Sovereign Fund is also considered a model for best practices because it did not ignore the importance of integrating environmental and community issues. and governance in the investment decision-making process, and the Fund has succeeded in this field, achieving high rates of return in light of the dependence of its investments on sustainable development

Norway began exploiting its oil and gas reserves in 1969, and in 1990 the Norwegian government established the sovereign wealth fund, which was first called the Petroleum Fund, and then renamed to the Government Pension Fund, which is divided into two parts, the first being the pension fund (GPFG). The second is the Norwegian Government Pension Fund (GPFN), the aim of which is to use its revenues from oil reserves away from the impact of volatile oil income on government spending, as is the case in setting the general budget of the State of Kuwait and the effects of oil price fluctuations on the budget results from incapacity or incapacity

The Norwegian Fund also acts as a tool for long-term financial savings, ensuring that Norway’s oil wealth benefits not only for the present generation but also for future generations, thus fulfilling the moral obligation in line with the principle of intergenerational equality. Norway’s general budget benefits only 3% of the proceeds The Fund This represents about 20% of Norway’s budget, which achieves the financial sustainability of the Fund and the state budget

The Fund is a responsible investor in fulfilling this ethical obligation, through the practice of good corporate governance, and the promotion of sustainable development in economic, social, and environmental terms. The Norwegian Sovereign Fund, as a for-profit entity, was able to achieve the difficult equation in the balance between maximum financial returns and sustainable development, as The Norwegian Parliament adopted the Fund’s Ethical Guidelines in 2004, which basically clarify the requirements for sustainable development, and are based on the prohibition of investments that would expose the Fund to an unacceptable risk of contributing to gross or systematic violations, whether related to human rights or the environmental field or the field of ethics, and evaluation process for those principles was conducted in 2008 and revised in 2010

One of the most important ingredients for the success of the Norwegian sovereign fund is its commitment to the principles of sustainable responsible investment (ESG), an investment that takes into account factors other than focusing on financial statements and the performance of the invested sectors, considerations based on the United Nations Principles for Responsible Investment (UN PRI), and as we mentioned earlier The Norwegian management philosophy of its sovereign fund has succeeded in integrating between maximizing financial returns and achieving sustainable investment, taking advantage of the size of its fund and its investment impact

Therefore, and in this context, the proposal submitted by some members of parliament, which was previously referred to as a request to amend the General Investment Authority (KIA)  law, to allow the publication of periodic reports on the performance of the authority and sovereign funds, in my opinion, is an incomplete amendment, as it will not achieve the principles of governance in its comprehensive sense, but rather A small amount of it, and I believe that this legislative amendment proposal will not lead to the oversight role of the legislative authority as required

Accordingly, it requires that there be a legislative amendment that achieves the effective participation of the National Assembly in achieving wise management of the sovereign funds, and I do not mean here participation in the executive management in contravention of the provisions of the Constitution, but rather the responsible participation in it as is followed in Norway

الصناديق السيادية للدولة وميثاق الشفافية المالية (4)

صحيفة الانباء 29 يونيو 2021

https://alanba.com.kw/1053869

تم اعتماد مؤشر  لينابيرغ – مانويل للشفافية (Maduell- Linaburg Transparency Index) بشكل موسع من قبل صناديق الثروة السيادية في تقاريرها السنوية ومختلف المنشورات والوثائق ذات الصلة، ويعد هذا المؤشر وسيلة لتصنيف الشفافية فيما يتعلق بصناديق الثروة السيادية.

ولعل نرى من المناسب أنّ نشير إلى أفضل الممارسات الجيدة للشفافية في الصناديق السيادية؛ فصندوق الثروة السيادي النرويجي يعد من أفضل الصناديق السيادية من حيث الحوكمة والشفافية، وأكبرها حجماً وأكثرها نفوذاً، كما يعتبر الصندوق السيادي النرويجي نموذجًا لأفضل الممارسات، لأنّه لم يتجاهل أهمية دمج قضايا البيئة والمجتمع والحوكمة في عملية اتخاذ القرارات الاستثمارية، وقد نجح الصندوق في هذا المجال محققاً معدلات عائد عالية في ظل اعتماد استثماراته على التنمية المستدامة.

والنرويج بدأت في استغلال احتياطاتها من النفط والغاز في عام 1969، وفي عام 1990 أنشأت الحكومة النرويجية بقانون صادر من البرلمان صندوق الثروة السيادي، والذي أطلق عليه أولاً اسم صندوق البترول، ثم تمت إعادة تسميته إلى صندوق التقاعد الحكومي، وهو ينقسم إلى قسمين الأول: صندوق التقاعد الحكومي العالمي  (GPFG)والثاني: صندوق التقاعد الحكومي النرويجي(GPFN)، والهدف من إنشائه استخدام عائداتها من احتياطي النفط بعيداً عن تأثير دخل النفط المتقلب على الإنفاق الحكومي، كما هو واقع الحال في وضع الميزانية العامة لدولة الكويت وتأثيرات تقلبات أسعار النفط على نتائج الميزانية من وفر أو عجز.

ويعمل الصندوق النرويجي أيضًا كأداة لتحقيق وفورات مالية طويلة الأجل، مما يضمن استفادة الثروة النفطية في النرويج ليس فقط للجيل الحالي، ولكن أيضًا للأجيال القادمة، وبالتالي الوفاء بالالتزام الأخلاقي بما يتماشى مع مبدأ المساواة بين الأجيال، وتستفيد الميزانية العامة للنرويج فقط بنسبة 3% من عوائد الصندوق ويمثل ذلك نحو 20% تقريباً من ميزانية النرويج، مما يحقق الاستدامة المالية للصندوق وميزانية الدولة.

ويعد الصندوق كمستثمر مسؤول في الوفاء بهذا الالتزام الأخلاقي، وذلك من خلال ممارسة الحوكمة الرشيدة لإدارة الشركات، وتعزيز التنمية المستدامة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، واستطاع الصندوق السيادي النرويجي ككيان ربحي أنّ يحقق المعادلة الصعبة في  التوازن بين الحد الأقصى من العائدات المالية والتنمية المستدامة؛ حيث اعتمد البرلمان النرويجي المبادئ التوجيهية الأخلاقية للصندوق في عام 2004، والتي توضّح متطلبات التنمية المستدامة بشكل أساسي، وهي ترتكز إلى تحريم الاستثمارات التي من شأنها أن تعرّض الصندوق لخطر غير مقبول للمساهمة في الانتهاكات الجسيمة أو المنهجية سواء كان متعلق ذلك في مجال حقوق الإنسان أو المجال البيئي أو المجال الأخلاقي، وقد تم إجراء عملية تقييم لتلك المبادئ في عام 2008 وتم تعديلها في عام 2010.

ولعل من أهم مقومات نجاح الصندوق السيادي النرويجي هو التزامه بمبادئ الاستثمار المسئول المستدام (ESG)؛ وهو الاستثمار الذي يراعي عوامل أخرى بخلاف التركيز على البيانات المالية وأداء القطاعات المستثمر بها، وهي اعتبارات ترتكز إلى مبادئ الأمم المتحدة للاستثمار المسئول (UN PRI)، وكما أشرنا سابقاً قد نجحت فلسفة الإدارة النرويجية لصندوقها السيادي في الدمج ما بين تعظيم العوائد المالية وتحقيق الاستثمار المستدام مستغلةً بذلك حجم صندوقها وتأثيره الاستثماري.

لذلك وفي هذا السياق فإنّ المقترَح الذي تَقَدّم به بعض النواب، والذي سبق الإشارة له سابقاً بطلب تعديل قانون الهيئة العامة للاستثمار، بما يسمح بنشر تقارير دورية عن أداء الهيئة والصناديق السيادية التي تديرها في رأيي يعتبر تعديلاً منقوصاً، فهو لن يحقق مبادئ الحوكمة بمفهومها الشامل وإنّما يحقق قدراً ضئيلاً منها، وباعتقادي أنّ مقترح التعديل التشريعي هذا لن يفضي إلى الدور الرقابي للسلطة التشريعية على النحو المطلوب.

وعليه يتطلب أنّ يكون هناك تعديلاً تشريعياً يحقق المشاركة الفعالة لمجلس الأمة في تحقيق إدارة حكيمة للصناديق السيادية، ولا اقصد هنا المشاركة في الإدارة التنفيذية بما يخالف أحكام الدستور؛ وإنّما المقصود بها المشاركة المسؤولة فيها كما هو متبع في النرويج.

Sovereign funds and the Financial Transparency Charter (3)

In the context of the General Investment KIA’s response to one of the parliamentary questions related to the request for annual reports submitted by the Chairman of the Board of Directors of the General Investment KIA to the cabinet with the KIA’s draft on the KIA’s work, and the status of invested funds in accordance with the provisions of the law establishing the KIA, it was noted that the KIA was unable to provide copies of those reports Financial .

The KIA considered in its response that the investments of sovereign funds are among the issues that the legislative and executive authorities cooperate in keeping information about them with a fence of secrecy, as this information is presented to the National Assembly annually in a secret session, without distributing any written statement about it to the members of the National Assembly. By reading out a statement of the financial situation of the state, which includes all the information about these investments, and about the investment policy, rules, and programs, in accordance with Article 150 of the Constitution, noting that by reviewing the provision of the aforementioned article, it has not been evident that the legislator has touched on the confidentiality of the statement of the financial situation .

The General Investment KIA has also justified not publishing reports on its activities and the status of the invested funds on its website because the law establishing the KIA prohibits this, as the KIA believes that the law contains articles that regulate the dissemination of information, as Article No. (8) of the law prohibits giving statements or information about Conditions of invested funds. Article No. (9) of the law also stipulates imposing penalties on anyone who divulges work secrets in the General Investment KIA or information he has access to by virtue of his work .

Also, by reviewing the legal texts to which the KIA referred, it becomes clear that these texts regulate the duties and responsibilities of the KIA’s employees and do not regulate the duties and responsibilities of the KIA, and these texts are mainly contained in the Civil Service Law, which regulates the public service in general .

It follows from this answer that what the KIA declares adopting the principles of governance and transparency in my opinion is inconsistent with its practice. The principles of transparency must be achieved by initiative rather than by binding, and the best example of this is that the Audit Bureau voluntarily initiated the initiative a decade ago by publishing its annual reports on its website. After those reports were classified as confidential, and thus the Bureau, with this initiative, ended the issue of secrecy of its annual reports, and this is an indication of the extent to which the Bureau adheres to the principles of transparency and governance in its work, especially with regard to its reports .

Therefore, in my opinion, the General Investment KIA is not characterized by full governance and transparency, and my opinion came based on what was confirmed by the Maduell-Linaburg Transparency Index, and according to the latest available data, the sovereign fund of the State of Kuwait, which is managed by the KIA, is ranked fifth Within the top 95 classifications of the largest sovereign wealth funds by total assets, the Kuwaiti fund scored 6 points out of 10 on the “Linaburg – Maduel” transparency index and this is a relatively low rating compared to other countries that scored 10 points, for example, Bahrain, the UAE, Norway, and the United States.

This index was introduced in 2008 by the Sovereign Wealth Fund Institute (SUFI), which aims to assess the transparency of sovereign wealth funds. Sovereign wealth funds are classified according to this index every three months.

 This index is based on ten basic principles that portray the transparency of sovereign wealth funds to the public so that each of the following principles adds one point of transparency to the index’s classification. The Sovereign Wealth Fund Institute recommends a minimum rating of 8 in order to demand adequate transparency, and the ten SWF classification principles are :

1. The date and justification for establishing the fund, the sources of wealth, and the governmental ownership structure.

2. The existence of audited annual financial reports.

3. A statement of the percentage of participation in the fund’s assets and the geographical distribution of those assets.

4. A statement of the total market value, returns, and director’s remuneration.

5. The existence of outlines of ethical standards and investment policies and the bodies that supervise the application of those standards.

6. Having clear strategies and goals.

7. Disclosure of the identities of the subsidiary and subsidiary companies and the means of contacting them.

8. Disclosure of the external directors.

9. The existence of a special website for the fund on the Internet and under its administration.

10.The presence of the addresses and locations of the main offices of the Fund and the means of communicating with it, such as phone, fax, etc .

الصناديق السيادية وميثاق الشفافية المالية (3)

صحيفة الانباء 20 يونيو 2021

https://alanba.com.kw/1051690

في سياق إجابة الهيئة العامة للاستثمار لإحدى الأسئلة البرلمانية، والمتعلق بطلب التقارير السنوية التي يقدمها رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار الى مجلس الوزراء مع مشروع الهيئة عن اعمال الهيئة ،واوضاع الأموال المستثمرة استنادا لأحكام قانون انشاء الهيئة ، لوحظ بتعّذر الهيئة عن تقديم نسخ من تلك التقارير المالية .

وقد اعتبرت الهيئة في اجابتها بان استثمارات الصناديق السيادية هي من المسائل التي تتعاون السلطتان التشريعية والتنفيذية في احاطة المعلومات عنها بسياج من السرية ، حيث ان هذه المعلومات تطرح على مجلس الامة سنويا في جلسة سرية ،ودون توزيع أي بيان مكتوب عنها لأعضاء مجلس الامة ، بل يكتفى بتلاوة بيان الحالة المالية للدولة والذي يشتمل على كل المعلومات عن هذه الاستثمارات ،وعن سياسة وقواعد وبرامج الاستثمار ، وذلك عملا بالمادة 150 من الدستور ، علما بانه بالاطلاع على حكم المادة المشار اليها لم يتبين من قيام المشرع بالتّطّرق لسرية بيان الحالة المالية .

كما بررت الهيئة العامة للاستثمار بعدم نشر تقارير عن أعمالها وأوضاع الاموال المستثمرة على موقعها الإلكتروني الى ان قانون انشاء الهيئة يحظر ذلك، حيث ترى الهيئة ان القانون يحتوي على مواد تنظم نشر المعلومات، اذ تحظر المادة رقم (8) من القانون الإدلاء ببيانات او معلومات عن اوضاع الأموال المستثمرة، كما تنص المادة رقم (9) من القانون على فرض عقوبات على كل من أفشى سرا من اسرار العمل بالهيئة العامة للاستثمار او معلومات اطلع عليها بحكم عمله.

وبالاطلاع أيضا على النصوص القانونية التي اشارت لها الهيئة، يتبين بان تلك النصوص تنظّم واجبات ومسئوليات موظفي الهيئة ولا تنظّم واجبات ومسئوليات الهيئة، وتلك النصوص واردة بالأساس في قانون الخدمة المدنية والذي ينظم الوظيفة العامة بشكل عام.

ويستفاد من هذه الإجابة بان ما تصرح به الهيئة من تبنيها بمبادئ الحوكمة والشفافية في رأيي لا يتسق مع ممارستها العملية، فمبادئ الشفافية يجب ان تتحقق بالمبادرة لا بالإلزام، وخير مثال على ذلك قيام ديوان المحاسبة بالمبادرة طواعية منذ عقد من الزمن بنشر تقاريره السنوية عبر موقعة الالكتروني بعدما كانت تلك التقارير تصنّف على انها سرية، وبذلك يكون الديوان بهذه المبادرة أنهى موضوع سرية تقاريره السنوية، وهذا دلاله على مدى تقيّد الديوان بمبادئ الشفافية والحوكمة في اعماله وبالأخص فيما يتعلق بتقاريره.

لذلك برأيي ان الهيئة العامة للاستثمار لا تتمتع بالحوكمة والشفافية الكاملة ، وجاء رايي هذا استنادا الى ما أكده مؤشر الينابيرغ – مانويل للشفافية (Maduell- Linaburg Transparency Index)، ووفق لآخر بيانات توافرت لدينا ، يقع ترتيب الصندوق السيادي لدولة الكويت والذي يدار من قبل الهيئة بالمرتبة الخامسة ضمن أعلى 95 تصنيفًا لأكبر صناديق الثروة السيادية حسب إجمالي الأصول، وقد سجل الصندوق الكويتي 6 نقاط من أصل 10 على مؤشر “لينابورغ – مادويل” للشفافية، وهذا تصنيف متدني نسبيا مقارنة مع دول أخرى سجلت 10 نقاط منها على سبيل المثال البحرين والامارات والنرويج والولايات المتحدة.

وقد استحدث هذا المؤشر في عام 2008 من قبل معهد صناديق الثروة السيادية (SUFI)، والذي يهدف الى تقييم شفافية صناديق الثروة السيادية، ويتم تصنيف صناديق الثروة السيادية وفقا لهذا المؤشر كل ثلاثة أشهر.

ويستند هذا المؤشر إلى عشرة مبادئ أساسية تصور شفافية صناديق الثروة السيادية للعامة، بحيث تضيف كل من المبادئ التالية نقطة واحدة من الشفافية إلى تصنيف المؤشر، ويوصي معهد صندوق الثروة السيادية بحد أدنى من التصنيف 8 من أجل المطالبة بالشفافية الكافية، ومبادئ تصنيف الصناديق السيادية العشرة هي:

  1. تاريخ ومبررات تأسيس الصندوق ومصادر الثروة وهيكلية الملكية الحكومية.
  2. وجود تقارير مالية سنوية مدققة.
  3. بيان نسبة المشاركة في اصول الصندوق والتوزيع الجغرافي لتلك الأصول.
  4. بيان إجمالي القيمة السوقية والعوائد ومكافآت المديرين.
  5. وجود الخطوط العريضة للمعايير الأخلاقية والسياسات الاستثمارية والجهات التي تشرف على تطبيق تلك المعايير.
  6. وجود استراتيجيات واهداف واضحة.
  7. الكشف عن هويات الشركات الفرعية والتابعة ووسائل الاتصال بها.
  8. الافصاح عن المديرين الخارجيين.
  9. وجود موقع خاص للصندوق على الانترنت وتحت ادارته.
  10. وجود عناوين ومواقع المكاتب الرئيسية للصندوق ووسائل الاتصال به من هاتف وفاكس وخلافه.

Sovereign funds and the Financial Transparency Charter (2)

The financial sustainability of the state is a desirable goal, which can be achieved through voluntary initiatives that enhance the efficiency, integrity, and transparency of government administration. Among the initiatives in the field of transparency is the “Fiscal Transparency Charter” prepared by the International Monetary Fund. The charter includes a comprehensive framework for financial transparency.

Among the initiatives is also the adoption of best practices in the field of public budget transparency, prepared by the Organization for Economic Cooperation and Development, and it is appropriate to point out that the Ministry of Finance has adopted one of those practices, namely the Public Expenditure and Financial Accountability (PEFA) indicators, as these indicators provide a general framework for evaluating the administration. Public finance, and identifying its strengths and weaknesses. These indicators are considered a tool to assist the state’s public financial management in making the required improvements in it, which are based on the reliability of financial data and its disclosure, the transparency of public finances, and the effective management of assets and liabilities, including investments. But at this moment, we do not know whether the Ministry of Finance has benefited from these indicators, due to the absence of any published reports in this regard.

When we deal with the state’s financial data, we mean two types of financial data, the first type is represented by the state’s general budget data and its reports. Legislations have defined the general framework for organizing these data. Financial data related to the budget must be disclosed.

In my opinion, the general budget data is characterized by a great deal of transparency except within the limits of what is restricted by the law, and these data are also subject to the control of the legislative KIA represented by the National Assembly, and they are discussed in the relevant committee of the Council with the relevant authorities, and they are approved in a plenary session in the Council in light of what is included in the report of the committee Concerned prepared by the recommendations in this regard.

The law also requires that the state’s final account and the report on it be presented to the cabinet, and then it is submitted to the legislative KIA for consideration and issuance of the law for its adoption. The Bureau submits a report on the final account to both the legislative and the executive branches.

As for the second aspect, which is the most important in my opinion and is related to the financial statements of the sovereign funds, which are managed by the General Investment Authority KIA under its establishment law issued in 1982 (with the exception of pension funds that are separately managed by the Social Insurance Institution), and are considered the sovereign funds managed by the KIA The first sovereign wealth funds in the world, as it laid down its basic building block during the reign of the late His Highness Sheikh Abdullah Al-Salem Al-Sabah, and its legal form was framed during the reign of the late His Highness Sheikh Jaber Al-Ahmad Al-Sabah.

Unfortunately, what weakens the financial statements of these funds from my point of view is that they are not characterized by the required transparency in accordance with international standards, despite the KIA’s statement that it has one of the strongest governance structures and is characterized by complete transparency, and the KIA relies on its statement that its accounts are reviewed and verified by two of the largest International companies for an external audit, in addition to that they submit semi-annual data on their assets to the Audit Bureau, and an annual report. Statement of their accounts to both the Council of Ministers and the National Assembly.

Despite the KIA’s statement, its procedures did not enable it to be in the ranks of the highest transparent sovereign funds.

الصناديق السيادية للدولة وميثاق الشفافية المالية (2)

صحيفة الانباء 13 يونيو 2021

https://alanba.com.kw/1050025

الاستدامة المالية للدولة هدفٌ منشودٌ، يمكن تحقيقها من خلال المبادرات الطوعية التي تعزز كفاءة ونزاهة وشفافية الإدارة الحكومية، ومن المبادرات في مجال الشفافية “ميثاق شفافية المالية العامة” والذي أعدّه صندوق النقد الدولي، ويتضمن الميثاق إطاراً شاملاً للشفافية المالية.

ومن المبادرات أيضاً تبنّي أفضل الممارسات في مجال شفافية الميزانية العامة، والتي أعدتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، ولعل من المناسب أنّ نشير بأنّ وزارة المالية قد تبنت إحدى تلك الممارسات؛ وهي مؤشرات الإنفاق العام والمساءلة المالية (PEFA)، حيث توفّر تلك المؤشرات إطاراً عاماً لتقيم الإدارة المالية العامة، وتحديد نقاط القوة والضعف فيها، وتعتبر تلك المؤشرات أداة لتساعد الإدارة المالية العامة للدولة في إجراء التحسينات المطلوبة فيها، والتي ترتكز إلى مدى موثوقية البيانات المالية والإفصاح عنها، وشفافية المالية العامة والإدارة الفعالة للأصول والخصوم بما في ذلك الاستثمارات، لكن لم يتبين حتى هذه اللحظة أي انعكاس لتبني وزارة المالية لمثل تلك المؤشرات، وذلك بسبب عدم وجود أي تقارير منشورة بهذا الشأن .

وعندما نتطرق للبيانات المالية للدولة؛ فإننا نعني بها نوعين من البيانات المالية، النوع الأول: يتمثل ببيانات الميزانية العامة للدولة والتقارير الخاصة بها، وقد حدّدت التشريعات الإطارالعام لتنظيم تلك البيانات، فوفقاً لأحكام الدستور نظّم القانون قواعد إعداد الميزانيات العامة والرقابة عليها وإعداد الحسابات الختامية، تم تحديد البيانات المالية المتعلقة بالميزانية والواجب الإفصاح عنها.

وتتمتع تلك البيانات في رأيي بقدر كبير من الشفافية إلا في حدود ما قيده القانون، كما تخضع تلك البيانات لرقابة السلطة التشريعية ممثلة بمجلس الأمة، ويتم مناقشتها في اللجنة المختصّة بالمجلس مع الجهات ذات العلاقة، وإقرارها بجلسة عامة بالمجلس على ضوء ما يتضمّن تقرير اللجنة المعنية التي أعدته من توصيات في هذا الشأن.

ومن البيانات المالية الواجب تقديمها من قِبَلْ الجهات الحكومية الحسابات الشهرية والربع سنوية وغيرها من الحسابات، كما تقدم تلك الجهات لوزارة المالية الحساب الختامي في توقيتات محددة، ويعد وزير المالية الحساب الختامي للإدارة المالية للدولة متضمناً تقريراً خاصاً عنه بما يكفل إظهار حقيقة المركز المالي، والمقصود بحقيقة المركز المالي هنا هو نتائج تنفيذ قانون الميزانية العامة وليس المركز المالي للدولة بمفهومه الدقيق.

كما يلزم القانون بعرض الحساب الختامي للدولة والتقرير الخاص به على مجلس الوزراء، ومن ثم يقدم إلى السلطة التشريعية للنظر فيه وإصدار القانون الخاص باعتماده؛ هذا وألزم القانون السلطة التنفيذية بتقديم نسخة من تلك التقارير والحسابات لديوان المحاسبة حيث تخضع لدراسته وفقاً لقانون إنشائه، ويقدم الديوان تقريراً بشأنه إلى كل من السلطة التشريعية والتنفيذية.

أمّا الجانب الثاني وهو الأهم في نظري؛ فهو المتعلق بالبيانات المالية بالصناديق السيادية، والتي تُدار من قبل الهيئة العامة للاستثمار بموجب قانون إنشائها الصادر في عام 1982 (باستثناء صناديق التقاعد التي تُدار بشكل منفصل من قِبَل مؤسسة التأمينات الاجتماعية)، وتعتبر الصناديق السيادية التي تديرها الهيئة أول صناديق ثروة سيادية في العالم؛ حيث وضعت لَبْنتها الأساسية في عهد المغفور له سمو الشيخ عبد الله السالم الصباح، وأطّر شكلها القانوني في عهد المغفور له سمو الشيخ جابر الأحمد الصباح.

وللأسف ما يُعاب على البيانات المالية لهذه الصناديق في نظري عدم تمتعّها بالشفافية المطلوبة وفق المعايير الدولية، على الرغم من إفادة الهيئة بأنّ لديها واحد من أقوى هياكل الحوكمة وأنها تتمتع بالشفافية التامة، وتستند الهيئة في إفادتها تلك بأنّ حساباتها تراجع ويدقّق عليها من قبل اثنين من أكبر الشركات العالمية للتدقيق الخارجي، كما تفيد بأنّها تقدم بيانات نصف سنوية عن أصولها إلى ديوان المحاسبة، وبياناً سنوياً بحساباتها إلى كل من مجلس الوزراء ومجلس الأمة.

وعلى الرغم من إفادة الهيئة تلك، إلا أنّ إجراءاتها لم تمكّنها من أنّ تكون في مصاف الصناديق السيادية الأعلى شفافية.

الصناديق السيادية للدولة وميثاق الشفافية المالية (1)

صحيفة الانباء 6 يونيو 2021

https://alanba.com.kw/1048325

أثار الجدل حول الموقف الحقيقي للمركز المالي للدولة تباين في المواقف بين الأطراف المعنية في هذا الموضوع، وذلك نتيجة لغياب الشفافية الكاملة للبيانات المالية ومدى موثوقيتها، الأمر الذي انعكس سلباً على إيجاد الحلول الناجحة لمعالجة الاختلالات في الميزانية العامة للدولة لسد الهوة الكبيرة بين إيرادات الدولة ونفقاتها.

وقد قدّمت الإدارة المالية العامة للدولة مبادرات عديدة لترشيد الإنفاق في الميزانية والحد من الهدر، إلا أنّ التحديات التي تواجهها الإدارة المالية العامة لم تمكَنها من معالجة هذه الهوة بسبب عمق الاختلالات الهيكلية في المالية العامة للدولة، بل إنّ أزمة العجز في الميزانية العامة للدولة قد تفاقمت إلى درجة أنّه قدّرت احتياجات الدولة من السيولة خلال الخمس سنوات المقبلة لتصل في حدود 45-60 مليار دينار حسب التقارير الصادرة بهذا الشأن.

وحتى هذه اللحظة لم يتم حسم القرارات المتعلقة بمعالجة عجز الميزانية العامة، سواء كان ذلك بقانون الدين العام أو السحب من احتياطي الأجيال القادمة، وذلك بسبب وجود أزمة ثقة بين الأطراف ذات الصلة.

وترى الإدارة المالية العامة لمعالجة موضوع الاستدامة المالية وفقاً لبرنامجها الوطني للاستدامة الاقتصادية والمالية في سياق برنامج عمل الحكومة (2021/2022- 2024/2025)، يتمثل في تعزيز كفاءة الإدارة الحكومية من خلال عدة مبادرات منها حوكمة تنفيذ الإصلاح المالي، وتطوير نزاهة وشفافية الإدارة الحكومية.

ويأتي ما تصبوا إليه الإدارة المالية العامة للدولة في سياق التوجه العالمي بالاهتمام بشكل ملحوظ بضرورة تبني مبادئ الحوكمة ومعايير المحاسبة الدولية في السنوات الماضية؛ لتعزيز الثقة في البيانات المالية التي تصدرها مؤسسات القطاع العام، ودورها في تحسين جودة تلك البيانات، خاصةً في ظل الحاجة الماسة لها لتحسين اتخاذ القرارات الاقتصادية والمالية، والتي تعتبر من المعطيات الأساسية لتلك القرارات سواء كان ذلك على مستوى القطاع العام أو الخاص.

أمّا على مستوى الرأي العام والذي يعتبر الشريك الرئيسي في العملية الإصلاحية، فيتطلب الأمر الافصاح له عن البيانات الكاملة عن الأنشطة المالية للدولة، سواء كانت ضمن الميزانية العامة للدولة أو خارجها، وعن أهم المخاطر التي قد تعتريها، خاصةً في ظل قانون حق الاطلاع على المعلومات الذي تم إقراره مؤخراً من قبل مجلس الأمة، ويأتي هذا القانون في سياق تعزيز الرقابة العامة والمساءلة.

وبما أنّنا هنا نتطرّق للأنشطة التي تكون خارج الميزانية العامة للدولة، وعلى وجه التحديد أنشطة الاستثمارات المتعلقة بالصناديق السيادية، فإنّه لابد أنّ تكون لإدارة مثل تلك الاستثمارات استراتيجية واضحة تتسم بالشفافية، على أنّ تتضمن تلك الاستراتيجية تحديد المخاطر المحتملة وأنواع الاستثمارات ومكوناتها، وكيفية إدارتها وكلفة إدارتها من أجل تحقيق الاستدامة المالية للأجيال الحالية والقادمة على حد سواء.

كما ينبغي إخضاع تلك البيانات المالية بوجه عام لمتابعة الأجهزة الرقابية المستقلة، ولعلّ من أهم تلك الأجهزة الرقابية بالدولة ديوان المحاسبة، والذي يتّبع السلطة التشريعية ممثل بمجلس الأمة، حيث يوافي الديوان المجلس بتقارير دورية سنوية وحسب الطلب أيضاً – حسب الأحوال-، ويهدف الديوان من هذه المتابعة التحقق من جودة وموثوقية البيانات المالية التي تصدرها الإدارة المالية العامة للدولة.

ولتعزيز الثقة بالبيانات للمالية العامة للدولة يتطلب تبني الإدارة المالية العامة لمبادئ الحوكمة، وتحسين مستوى الشفافية للمالية العامة بشكل طوعي لنيل ثقة الرأي العام، وهناك الكثير من الدول بادرت طوعاً لتحقيق ذلك، ويجب أنّ لا نغفل بأنّ مثل تلك المبادرات تعزز من مكانة الدولة المالية أمام المؤسسات المالية الدولية بما فيها مؤسسات التصنيف المالي.

ونأمل من ان تتحقق شفافية للبيانات المالية وفقاً لما جاء بمضمون البرنامج الوطني للاستدامة الاقتصادية والمالية، والذي أعده الفريق التوجيهي المشكّل برئاسة وزير المالية التابع للجنة الشؤون الاقتصادية في مجلس الوزراء، هذا بأنّ يأتي هذا البرنامج في سياق تبني وتنفيذ الإدارة المالية العامة للدولة لمبادئ الحوكمة والشفافية، بما ينسجم إلى حد ما مع مقترح بعض النواب المتعلق بطلب تعديل قانون الهيئة العامة للاستثمار رقم (47) لسنة 1982؛ بحيث يتم إلزام الهيئة بنشر وإصدار تقارير دورية سنوية عن أداء أعمال الهيئة وإدارة الصناديق الاستثمارية السيادية والأموال المستثمرة التابعة لها، أو المكلّفة باستثمارها بالجريدة الرسمية وبالموقع الإلكتروني الخاص بالهيئة .

Sovereign funds and the Financial Transparency Charter (1)

The controversy over the real position of the state’s financial position sparked a difference in positions between the parties concerned in this matter, due to the lack of full transparency of the financial data and the extent of their reliability, which was negatively reflected in finding effective solutions to address imbalances in the state’s general budget

The State’s Public Financial Administration has presented many initiatives to rationalize spending in the budget and reduce expenditures, but the challenges facing public financial management have not been able to do so, due to the depth of structural imbalances in the state’s public finances. It has estimated the country’s liquidity needs during the next five years to reach between 45-60 billion dinars, according to reports issued in this regard

Until this moment, the decisions related to addressing the public budget deficit have not been resolved, whether it is the public debt law or the use of reserves for future generations, due to the existence of a crisis of confidence between the relevant parties

he Public Financial Department considers addressing the issue of financial sustainability by its national program for economic and financial sustainability, which is to enhance the efficiency of government administration through several initiatives, including the governance of implementing financial reform, and the development of integrity and transparency of government administration

The aspiration of the state’s public financial management in the context of the global trend comes with a marked attention to the need to adopt the principles of governance and international accounting standards in recent years, to enhance confidence in the financial statements issued by public sector institutions, and its role in improving the quality of those data, especially in light of the urgent need for them To improve economic and financial decision-making, which is considered one of the basic data for those decisions, whether at the level of the public or private sector

As for public opinion, which is the main partner in the reform process, the matter requires disclosure to it of complete data on the state’s financial activities, whether within or outside the state’s general budget, and about the most important risks that it may encounter, especially in light of the Right to Access Information Act. That was recently approved by the National Assembly, and this law comes in the context of strengthening public oversight and accountability

Since we are talking here about activities that are outside the state’s general budget, and specifically investment activities related to sovereign funds, the management of such investments must have a clear and transparent strategy, provided that this strategy includes identifying potential risks, types of investments and their components, how to manage them and the cost of managing them. To achieve financial sustainability for both present and future generations

In general, these financial statements should be subject to the follow-up of independent oversight agencies, and perhaps the most important of these auditing bodies in the country is The State Audit Bureau, which is affiliated with the legislative KIA represented by the National Assembly, where the Bureau provides the Council with annual periodic reports as well as on-demand, and the Bureau aims from this Follow-up Verify the quality and reliability of the financial statements issued by the State’s Public Financial Administration

To enhance confidence in the data of the state’s public finances, the public finance department is required to adopt the principles of governance and to improve the level of transparency of public finances on a voluntary basis to gain the confidence of the public opinion, and there are many countries that voluntarily took the initiative to achieve this, and we must not overlook that such initiatives enhance the state’s financial standing. In front of international financial institutions, including financial rating institutions

I hope that there will be transparency of the financial data through the National Program for Economic and Financial Sustainability contents. This program comes in the context of adopting and implementing the state’s public financial management principles of governance and transparency, in accordance to some extent with the proposal of some representatives related to the request to amend the General Investment (KIA) Law. No. (47) for the year 1982 with the commitment of the (KIA) to publish and issue annual periodic reports on the performance of the KIA’s business and the management of sovereign investment funds and investment funds affiliated to it or in the Official Gazette. And on the KIA’s website

Leaderships appointment decrees and compliance control

The regulatory agencies in the state exercise different types of control, each according to their competencies. At the same time, a common oversight is practiced, namely Compliance Control, which aims to verify the extent to which government agencies adhere to the relevant laws and regulations

Compliance Control enhances the principles of governance and transparency in the public sector, and it also contributes to strengthening the principles of accountability through the reports prepared by the regulatory bodies, which identify the areas of imbalance in government agencies.

On the other hand, the reports reflected by the compliance control; measure the performance of officials in government agencies, including the extent of their compliance with the laws, regulations and work regulations.

Adherence to the legislation of different degrees is obligatory, and we should not differentiate between these legislations. We see that the provisions of Decree No. (3) For the year 2021 to end the work of the decrees issued for an appointment with the position of a minister have been observed, but, strangely, there are leaders in the state who have continued their work and exercise the authority to issue administrative decisions and presidential powers over their employees and the authority to regulate administrative work. Although their service was legally terminated because their appointment decrees had not been renewed on time; some regulatory authorities have monitored this observation.

I would like to point out here that the law has regulated appointment and renewal in a leadership position. The law obliges the concerned minister, six months before the end of the period of occupying the leadership position, to submit a report to the Council of Ministers stating his opinion on the renewal or non-renewal of the leadership’s occupation of his position, accompanied by justifications and in light of the annual reports submitted on him. In my opinion, this is a sufficient period in which to evaluate the leader performance from the Relevant Minister.

The Fatwa and Legislation Department affirmed in one of its fatwa’s the provisions of the Civil Service Law that appointment to leadership positions can only be made by an Emiri decree for a period of four years, and that renewal of appointment is not implicit. Rather, a decree must be issued to that effect, and the failure to issue it will result at the end of the service of the occupants of the leadership position as of the expiration date of the period referred to in the appointment decree.

But in reality, the provisions of the law are not observed; Sometimes we see the renewal for leaders six months before the end of the decree of their appointment. Whereas there are leaders who are not renewed until after the decree of their appointment has expired, and in those cases that the period has exceeded several years. Some legal opinions have contributed to the continuation of this phenomenon.

Therefore, compliance controls imperative to adhere to the legislation issued to regulate the work of leaders in the country, similar to the issuance of Decree No. (3) For the year 2021, and there is no excuse for exceptional cases to ensure regularity in public facilities. Whereas, the law has regulated such cases through Law No. (116) of 1992 in the matter of administrative organization, defining the functions, and delegation of them.

It is also a guarantee for the governance of administrative work in public facilities, far from the leadership being subject to pressure to renew or not. In my opinion, the leader’s continuing to work despite the end of the decree appointing him is considered a kind of conflict of interest, in addition to being problematic in his legal adaptation, especially with regard to the responsibilities, duties, and penalties stipulated in the Civil Service Law, Whereas, the law does not grant him leadership status while he is practicing his work.

مراسيم القياديين ورقابة الامتثال

صحيفة الانباء 19 مايو 2021

https://alanba.com.kw/1044361

تمارس الأجهزة الرقابية بالدولة أنواعاً مختلفةً من الرقابة كلٍ حسب اختصاصاتها المحددة في قانون إنشائها؛ إلا أنها تمارس في ذات الوقت رقابة شائعة لم يتطرق لها المشرع بشكل صريح وإنما بشكل ضمني، وهي ما يسمى برقابة الامتثال أو رقابة الالتزام (omplianceCControl)، والتي تهدف إلى التحقق من مدى التزام الجهات الحكومية بالقوانين واللوائح والأنظمة المعنية.

تعزز رقابة الامتثال مبادئ الحوكمة والشفافية في القطاع العام، كما تساهم في تعزيز مبادئ المساءلة من خلال التقارير التي تعدها الأجهزة الرقابية، والتي تحدد مكامن الخلل في الجهات الحكومية.

ومن جانب آخر فإن التقارير التي تعكسها رقابة الامتثال تقيس أداء المسؤولين القائمين على الأجهزة الحكومية، ومن ضمنها مدى التزامهم بالقوانين واللوائح والأنظمة الخاصة بالعمل.

وفي سياق حديثنا عن هذا النوع من الرقابة فإن التقيد بالتشريعات باختلاف درجاتها أمرٌ ملزمٌ، ولا يجب أن نفرق بين تلك التشريعات؛ فعلى سبيل المثال عندما صدر المرسوم رقم (3) لسنة 2021 بإنهاء العمل بالمراسيم الصادرة بالتعيين بدرجة وزير، والذي نص على إنهاء العمل بالمراسيم الصادرة بالتعيين بهذه الدرجة اعتباراً من 31/1/2021، وبغض النظر إن كان الغرض من إصدار هذا المرسوم تقنين هذه الدرجة سواء من حيث عدد شاغليها أو مدة شغلها؛ لكن من الملاحظ أنّه تم الالتزام بالتاريخ الذي حدد العمل بالمرسوم.

لذلك فمن الغريب أنّ هناك قياديون بالدولة استمروا على رأس عملهم ويمارسون سلطة إصدار القرارات الإدارية والسلطات الرئاسية على الموظفين التابعين لهم وسلطة تنظيم العمل الإداري؛ على الرغم من انتهاء خدمتهم قانونياً بعدم تجديد مراسيم تعيينهم في حينه؛ حيث قامت بعض الجهات الرقابية برصد هذه الملاحظة.

وتجدر الإشارة بأنّ القانون قد نظّم التعيين في الدرجات القيادية والتجديد فيها من عدمه؛ فالقانون ألزم الوزير المعني قبل انتهاء مدة شَغْل الوظائف القيادية بستة أشهر بأن يرفع تقريراً إلى مجلس الوزراء يبين فيه رأيه في تجديد أو عدم تجديد شَغْل القيادي لوظيفته مشفوعاً بالمبررات وفي ضوء التقارير السنوية المقدمة عنه، وهذه في رأيي مدة كافية ليتم فيها تقييم أداء القيادي من قبل الوزير المعني.

وقد أكدت إدارة الفتوى والتشريع في إحدى فتاويها على ما جاء بأحكام قانون الخدمة المدنية من أنّ التعيين في الوظائف القيادية لا يكون إلا بمرسوم أميري ولمدة أربعة سنوات، كما أكدت بأنّ تجديد التعيين لا يكون ضمنياً؛ بل يتعيّن صدور مرسوم بذلك، والذي يترتب على عدم صدوره انتهاء خدمة شاغلي الوظائف القيادية اعتباراً من تاريخ انتهاء المدة المشار إليها بمرسوم التعيين.

لكن في الواقع لا يتم الالتزام بأحكام القانون؛ فتارةً نرى التجديد لقياديين قبل ستة شهور من انتهاء مرسوم تعيينهم؛ في حين أنّ هناك قياديون لا يتم التجديد لهم إلا بعد انتهاء مرسوم تعيينهم، وفي حالات تجاوزت الفترة إلى عدة سنوات، وقد ساهم في استمرار تلك الظاهرة التي نرى أنها مخالفة للقانون بعض الآراء القانونية التي تجيز ذلك بشكل غير مباشر تحت ما يسمى بـ “الأجر مقابل العمل”.

لذا فإنّ رقابة الامتثال تحتّم التقيّد بالتشريعات الصادرة بتنظيم عمل القياديين بالدولة أسوة بصدور المرسوم رقم (3) لسنة 2021، ولا يوجد ثمة ذريعة بالأحوال الاستثنائية لضمان الانتظام بالمرافق العامة؛ حيث أنّ القانون قد نظّم مثل تلك الأحوال من خلال المرسوم بالقانون رقم (116) لسنة 1992 في شأن التنظيم الإداري، وتحديد الاختصاصات، والتفويض فيها.

كما أنها تعد ضمانة لحوكمة الأعمال الإدارية في المرافق العامة بعيداً عن خضوع القيادي للضغط في التجديد له من عدمه؛ كما أنّ استمرار القيادي على رأس عمله رغم انتهاء مرسوم تعيينه في رأيي يعتبر نوعاً من أنواع تعارض المصالح، إلى جانب أنه يعد إشكالية في تكييفه القانوني خاصة فيما يتعلق بالمسؤوليات والواجبات والعقوبات المنصوص عليها بقانون الخدمة المدنية؛ حيث إنّ القانون لا يمنحه صفة القيادي في حين أنّه يمارس أعماله.

Audit Bureau’s report on the expenses of the Corona epidemic

The Audit Bureau has completed its mandate to examine and review all government expenditures and procedures for the use of public funds allocated to confront the Corona epidemic crisis, and in my opinion, this report represents a document of exceptional importance related to evaluating the performance of the state’s public financial management during this crisis.
The supervisory role of the National Assembly will become clear to us through the observations contained in the report, especially in light of the provisions of Law No. (1) of 1991 regarding the protection of public funds.
The report revealed that the Bureau has faced challenges due to the delay of some government agencies in responding to its inquiries and requirements, noting that these challenges are classified as financial irregularities that require legal accountability in accordance with the provisions of the Audit Bureau law.
On the other hand, the Bureau indicated in its report the volume of expenditures that were spent in the face of the Corona crisis during approximately six months, which were estimated at 796.7 million dinars: of which (69.5%) were spent on intermediate accounts (554.5 million dinars). Done in contravention of the provisions of Articles (146 and 147) of the Constitution, by spending outside the scope of budget appropriations (intermediary accounts).
The Bureau also indicated that there are no clear laws to define the mechanism and forms of contracting in emergency situations, but in my opinion, the Audit Bureau has missed that public tenders law organized contracts in emergency and disaster situations.
And since the Bureau has precedence in revealing observations, it must follow them, and take disciplinary measures against those responsible for causing serious damage to public funds, in line with the Public Funds Protection Law.
The Ministry of Finance should also benefit from a guide it issued in 2014 on Public Expenditure and Financial Accountability (PEFA) indicators, which includes an indicator that measures the extent to which the budget considers emergency expenditures, which comes in the context of finance reforms.
Concerning the Bureau’s recommendation to study the possibility of establishing an emergency cash fund, I do not agree with the Bureau’s opinion. Because the state’s financial system accommodates such financial needs, as the state has a general reserve. Its purpose is to protect the state’s financial position from any emergency that results from circumstances beyond its control that the state did not expect, such as the Corona crisis, and the law has regulated the procedures for this.
In conclusion … in my opinion, the Audit Bureau has made a great effort in this report in light of this crisis, although I see that it has overlooked two important aspects in its report: The first relates to its role in verifying the adequacy of the systems and methods used to safeguard public funds and prevent tampering with them during this crisis. Whether the systems are internal, such as internal audit, or external systems, such as the tendering body, the Ministry of Finance, and the Financial Controllers Authority. To clarify its role in these observations, especially since there is great dissatisfaction on the part of public opinion regarding the role and effectiveness of regulatory agencies in light of the persistence of financial observations and irregularities as a public phenomenon.
The other side is related to the scope of his mandate issued by the National Assembly and related to preparing a report on all expenditures and government procedures for the use of public funds, as this scope is linked to the end of Corona`s crisis. Consequently, the Bureau had to continue to submit periodic reports on this mandate until the end of the Corona crisis. Whereas, the Bureau’s report did not include all expenses, whether they were disbursed or what will be disbursed after September 15, 2020, including rewards for workers during the Corona crisis under the so-called “front rows.”

قراءة في تقرير ديوان المحاسبة بشأن مصروفات وباء كورونا

صحيفة الانباء 9 مايو 2021

https://alanba.com.kw/1042108

أنجز ديوان المحاسبة تكليفه بفحص ومراجعة كافة المصروفات والإجراءات الحكومية الخاصة باستخدام الأموال العامة المخصصة لمواجهة أزمة وباء كورونا، وهذا التقرير برأيي يمثل وثيقة ذات أهمية استثنائية تتعلق بتقييم أداء الإدارة المالية العامة للدولة أثناء هذه الأزمة.

وبما أنّ الديوان قد أحال هذا التقرير إلى مجلس الأمة وتم إدراجه بجدول أعماله؛ إذاً سوف يتبين لنا دور مجلس الأمة الرقابي بشأن ما جاء بهذا التقرير من ملاحظات التي شابت مصروفات الجهات الحكومية لمواجهة أزمة كورونا، خاصة في ظل أحكام القانون رقم (1) لسنة 1991 بشأن حماية الأموال العامة المناط بمجلس الأمة إلى جانب ديوان المحاسبة.

ومن الملاحظ في هذا التقرير أنّ الديوان قد واجه تحديات في سبيل قيامه بتنفيذ مهامه، حيث عانى الديوان من تأخر بعض الجهات الحكومية المعنية بالرد على استفساراته ومتطلباته، ومن عدم تزويده بالبيانات والمستندات المتعلقة بموضوع هذا التكليف من قبل بعض الجهات الحكومية المعنية، علماً بأنّ تلك التحديات تُصنّف كمخالفات مالية والتي تستوجب المساءلة القانونية وفقاً لأحكام قانون ديوان المحاسبة.

ومن جانب آخر أشار الديوان في تقريره إلى حجم المصروفات التي أُنفقت في مواجهة أزمة كورونا خلال نطاق زمني حدده الديوان، وهو الأول من شهر مارس 2020 وحتى منتصف شهر سبتمبر 2020؛ أي خلال ستة شهور ونصف، والتي قُدّرت بـ 796.7 مليون دينار: منها (69.5%) صُرفت على حساب العهد (554.5 مليون دينار)، وتتضمن العهد بمبلغ 240.4 مليون دينار صُرفت كدعم للعمالة الوطنية من قبل الهيئة العامة للقوى العاملة أي ما يمثل (43.3%) من إجمالي المُنصرف على حساب العهد، إلا أنّه من الغريب أنّ الديوان لم يُشِر بشكل أو بآخر إلى أنّ الإنفاق تم بما لا يتسق مع أحكام المادتين (146 ، 147) من الدستور، وذلك بالإنفاق خارج نطاق اعتمادات أبواب الميزانية (العهد).

كما أشار الديوان إلى عدم وجود قوانين واضحة لتحديد آلية التعاقدات وأشكالها في حالات الطوارئ، إلا أنّه في رأيي أنّ ديوان المحاسبة قد غاب عنه ما جاء في هذا الشأن بالقانون رقم (49) لسنة 2016 بشأن المناقصات العامة وتعديلاته، والذي تناول ضمن أحكامه ما يتعلق بتنظيم التعاقدات في حالات الضرورة القصوى (الأعمال الطارئة والكوارث).

وقد ختم الديوان تقريره بعدد من التوصيات كطلب اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة بشأن الملاحظات الواردة بتقرير مصروفات أزمة كورونا، وهنا برأيي أنّ على الديوان أن يتابع تنفيذ تلك التوصية مباشرةً طالما له الأسبقية في كشفها، واتخاذ الإجراءات التأديبية تجاه المسؤولين المتسببين في إلحاق الضرر الجسيم بالأموال العامة، سواء كان ذلك ناشئاً عن إهمال أو تفريط في أداء وظائفهم، أو كان نتيجة إخلال بواجباتهم وإساءة استعمال السلطة، وذلك بما يتسق مع قانون حماية الأموال العامة.

كما تضمَّنت التوصيات طلب إعادة النظر في التشريعات السابقة الصادرة لمواجهة الكوارث والأزمات، والاستفادة من الخبرات والمعلومات التي تنتج من خلال إدارة الأزمات، وتجدر الإشارة بأنّ وزارة المالية في إطار تبنّيها للإصلاحات المالية بالتنسيق مع البنك الدولي قد أَصدرت دليل إرشادي لمؤشرات تقييم أداء الإنفاق الحكومي والمساءلة المالية Public Expenditure and Financial) (Accountability  “PEFA”  في عام 2014، والذي يتضمن مؤشر يقيس مدى مراعاة الميزانية لنفقات الطوارئ، وفي رأيي كان من الحصافة أن يتم مراعاة هذا المؤشر منذ ذلك الوقت والذي يأتي في سياق الإصلاحات في المالية العامة.

أما التوصية المتعلقة بدراسة إمكانية إنشاء صندوق نقدي لحالات الطوارئ، يتم تمويله سنوياً من إيرادات الدولة لتسهيل إجراءات الصرف وعدم الإخلال بميزانية الدولة وخطتها السنوية، ففي رأيي أنّ الديوان قد جانبه الصواب؛ فالنظام المالي للدولة يستوعب مثل تلك الاحتياجات المالية، حيث تمتلك الدولة احتياطي عام؛ الغرض منه حماية المركز المالي للدولة من أي طارئ ينتج عن ظروف خارجة عن الإرادة ولم تكن الدولة تتوقعها كأزمة كورونا، وقد نظم المرسوم بقانون رقم (31) لسنة 1978 بقواعد اعداد الميزانيات العامة والرقابة عليها والحساب الختامي  إجراءات ذلك.

ختاماً.. في رأيي أنّ ديوان المحاسبة قد بذل جهداً كبيراً في هذا التقرير في ظل تلك الأزمة، وإن كنت أرى أنّه قد أَغفل جانبين مهمين في تقريره: الأول  يتعلق في دوره بالاستيثاق من كفاية الأنظمة والوسائل المتبعة لصون الأموال العامة ومنع العبث بها خلال هذه الأزمة، سواء كانت الأنظمة داخلية كالتدقيق الداخلي أو أنظمة خارجية كجهاز المناقصات، ووزارة المالية، وجهاز المراقبين الماليين؛ لبيان دورها في تلك الملاحظات، خاصةً وأنّ هناك استياء كبير من قبل الرأي العام بشأن دور وفعالية الأجهزة الرقابية في ظل استمرار الملاحظات والمخالفات المالية كظاهرة عامة.

أما الجانب الآخر فهو يتعلق بنطاق تكليفه الصادر من مجلس الأمة والمتعلق بإعداد تقرير بشأن كافة المصروفات وإجراءات الحكومة الخاصة باستخدام الأموال العامة، حيث أنّ هذا النطاق مرتبط بانتهاء أزمة كورونا؛ وبالتالي كان على الديوان أن يستمر بتقديم تقارير دورية بشأن هذا التكليف لحين انتهاء أزمة كورونا؛ حيث أنّ تقرير الديوان لم يشمل كافة المصروفات سواء ما تم صرفه أو ما سيتم صرفه بعد 15 سبتمبر 2020، ومنها مكافآت العاملين خلال أزمة كورونا تحت ما يسمى بـ “الصفوف الأمامية”.

حوكمة مجالس إدارات الجمعيات التعاونية

صحيفة الانباء 2 مايو 2021

https://alanba.com.kw/1040464

بدء الاهتمام بالعمل التعاوني بدولة الكويت منذ مطلع اربعينيات القرن الماضي، والتجربة الكويتية في مجال العمل التعاوني تعتبر من أقدم واعرق التجارب في المنطقة وانجحها، وقد تم تنظيم العمل التعاوني بشكله الشامل بعد صدور اول تشريع له في عام 1962.

وتهدف الجمعيات التعاونية الى الارتقاء بالمستوى الاجتماعي والاقتصادي وتقديم الخدمات الضرورية لمساهميها في المنطقة التي انشات لأجلها تلك الجمعية، ولضمان قيام الجمعيات بدورها وأهدافها ولحماية لأموال مساهميها، حرصت التشريعات بان يكون هناك دور رقابي لوزارة الشئون الاجتماعية باعتبارها الجهة المختصة، حيث تتولى الوزارة الرقابة والتفتيش على أنشطتها واعمالها وحساباتها.

وتقوم الوزارة بدورها الرقابي من خلال بعض الآليات التنظيمية منها تعيين مراقبين ماليين واداريين بالجمعيات، وتعيين أعضاء في مجالس ادارتها، هذا بالإضافة الى إشراف الوزارة على اجتماعات الجمعيات العمومية لها.

ولعل من اهم  آليات الرقابة التي تقوم بها وزارة الشئون الاجتماعية في رايي تعيين أعضاء في مجالس ادارات الجمعيات التعاونية ، والتي تضمن فاعلية أداءها والرقابة على اعمالها ، وقد نظمت الوزارة إجراءات تعيين الأعضاء في مجالس الإدارات من خلال قرارات تنظيمية استنادا لأحكام القانون  ، الا ان القرار الذي أصدره وزير الشئون الاجتماعية مؤخرا وباشرت الوزارة في تنفيذه في رايي قد يقوّض حوكمة اعمال مجالس الادارات الجمعيات التعاونية، حيث اعاد الوزير النظر في شروط التعيين بمجالس الإدارات بما يضمن أن يكون العضو المعيّن من موظفي الوزارة، وقد تم تبرير هذا التعديل نظرا لما يتمتع به موظفي  الوزارة من خبرات إدارية ومالية في مجال العمل التعاوني.

وبهذا الصدد يجب ان نؤكد على أهمية تعزيز حوكمة اعمال الجمعيات التعاونية من خلال توفير الأنظمة والآليات التي تضبط العلاقة بين أصحاب المصلحة فيها لتخدم مصالحهم، خاصة في ظل بعض مظاهر الفساد في بعضها والتي للأسف تسيئ للعمل التعاوني، ومن اهم هذه الآليات تعيين اعضاء بمجالس الادارات من ذو الخبرة، ويتمتعون بالاستقلال التام (عضو مستقل) في مراكزهم وقراراتهم، وان لا يكون في تعيينهم أي تعارض للمصالح.

وفي رأيي ان تعيين أعضاء بمجلس إدارة الجمعيات التعاونية ممن يعملون بوزارة الشئون الاجتماعية يؤثر على استقلالية هذا العضو كونه يعمل في ذات الوزارة التي تراقب على اعمال تلك الجمعيات، وفي نفس الوقت يشارك هذا العضو في اتخاذ قرارات استراتيجية للجمعية، وبالتالي قد يخرج نطاق وصف هذا العضو بالعضو المستقل.

ومن جانب آخر ان التشريعات التي تنظم العمل التعاوني تسمح بمنح أعضاء مجالس ادارات الجمعيات التعاونية مكافأة نظير عضويتهم، وقد يواجه تلقي موظفي الوزارة تلك المكافآت تحفظات من الجهات الرقابية، حيث ان بعض الجهات الرقابية لها وجه نظر في شان صرف مثل هذا النوع من المكافآت، باعتبار ان مثل هذا العمل من طبيعة مهام موظفي الوزارة، وبالتالي لا يجوز منحهم مكافأة عن هذا العمل، وانما يتم تقدير عملهم هذا من خلال ميزانية الوزارة والتي تملك نظم إدارية تخولهم من تقييم وتقدير مثل تلك الاعمال.

لذا أرى من الحصافة ان يعيد وزير الشئون الاجتماعية النظر في قراره هذا، وذلك بان يقتصر تعيين اعضاء مجالس ادارات الجمعيات التعاونية من ذوي الخبرة من خارج الوزارة حفاظا على دور العضو المستقل في مجالس الادارات، وترسيخا لمبدأ استقلاليتهم والذي يعد من أسس ممارسات الحوكمة السليمة، ويكتفى بدور موظفي الوزارة الرقابي من خلال آليات العمل الاخرى المعمول بها حاليا.

Governance of the boards of directors of cooperative societies

The Kuwaiti experience in the field of cooperative work is one of the oldest and most ancient and successful experiences in the region. Cooperative work was organized in its comprehensive form after the issuance of the first legislation in 1962.This aims for cooperative societies to raise the social and economic level and provide the necessary services to their shareholders in residential areas.

To ensure that cooperative societies play their role and objectives, the legislations have a guarantee that there is a monitoring role for the Ministry of Social Affairs, which undertakes the supervision and inspection of its activities, works, and accounts. In addition, the Ministry performs its supervisory role through some mechanisms such as appointing financial and administrative controllers in the associations and appointing members to their boards of directors, in addition. Supervising its general assembly meetings.

One of the most important oversight mechanisms carried out by the Ministry of Social Affairs in my opinion is the appointment of members to the boards of directors of cooperative societies, which guarantee the effectiveness of their performance and control over their work. The Ministry has organized procedures for appointing members to boards of directors through decisions issued by them, but the decision issued by the Minister of Social Affairs Recently, to appoint Ministry employees to the boards of directors of associations, in my opinion, may undermine governance.

in this regard, we must emphasize the importance of strengthening the governance of cooperative societies’ business by providing systems and mechanisms, which control the relationship between the stakeholders to serve their interests, especially in light of some manifestations of corruption in the cooperative work.  Among the most important of these mechanisms is the appointment of members of boards of directors who has experience in the same field, and are characterized by complete independence in their positions and decisions, so there will not be any conflict of interests in their presence.

In my opinion, appointing members of the board of directors of cooperative societies who work in a ministry affects the independence of this member, as he works in the same ministry that monitors the work of these societies, and at the same time participates in making strategic decisions for the association. Therefore cannot be described as an independent member.

On the other hand, the legislation that organizes cooperative work allows members of the boards of directors of cooperative societies to be granted a reward for their membership, and here the ministry’s employees may face reservations from the supervisory authorities that have a point of view regarding the disbursement of such rewards, given that such work is one of the nature of the ministry’s employees’ duties, and he is not entitled to any reward.

Therefore, I think it is prudent that the Minister of Social Affairs reconsiders his decision, by not appointing members of the boards of directors of cooperative societies from among the Ministry’s employees to preserve the role of the independent member in the boards of directors. And to consolidate the principle of their independence, which is one of the foundations of sound governance practices.

Islamic Development Bank and Dr. Ahmed Muhammad Ali

Kuwait Times 26 April 2020

I had the honor to receive a copy of a book entitled (The Islamic Development Bank and Dr. Ahmed Muhammad Ali “The Journey of the Foundation and the President`s Biography ”).  Dedicate from His Excellency Dr. Bandar bin Muhammad Hajjar, President of the Islamic Development Bank Group, which was issued by the Bank Group, as a historical platform for the journey of this bank since its inception in 1975, under the initiative and patronage of King Faisal bin Abdulaziz Al Saud, may God have mercy on him, In the same year in which Dr. Ahmed Muhammad Ali has become the president of the bank, and until he retired from this position in 2016 after serving nearly four decades

Everyone who knows Dr. Ahmed, agrees that he has a distinct personality, not only at the regional level but also at the international level. As Dr. Ahmed received the respect and appreciation of heads of state due to his active role in leading this development institution and his support for charitable and humanitarian work

With these qualities, Dr. Ahmed, through his prudent management and the efforts of the bank’s staff and the support of the member states to him during those decades, was able to advance the bank’s work and performance financially and developmentally. Despite the crises that faced the global economy, he was also able to maintain the bank’s position and credit rating (AAA), and the success of the bank group as an advisor and Developmental partner, especially since the volume of bank financing for development projects has exceeded $ 100 billion since its inception

I was personally honored to know Dr. Ahmed when I was a representative of the State of Kuwait in the Board of Executive Directors that he chairs. Although that period was relatively short, it was sufficient to get to know such a personality, which was distinguished by the characteristics that His Excellency Dr. Bandar bin Muhammad Hajjar, Chairman of the Islamic Development Bank Group, was able to summarize them, namely honesty, sophistication, know-how and civility

This is what I saw through my acquaintance with Dr. Ahmed while I was in the board. I have experienced him as a diplomat in his management of meetings, loyal and respectful of his work, believing in Islamic solidarity, interested in humanitarian work, and willing to achieve the economic and social development aspirations of the member states

It is appropriate to recall some of his stances during my work with him when I have been participated in the Board in adopting the strategy of the Bank Group, in which governance and integrity was one of its pillars. He was supportive for most of the State of Kuwait`s proposals that were in the context of the governance of the Bank’s business and the Board of Executive Directors. In another attitude it’s reflects the status of The State of Kuwait at Dr. Ahmad, when Kuwait`s ownership percentage in the bank decreased to a critical percentage affecting its permanent position. Dr. Ahmed supported Kuwait’s position during that period until the National Assembly approved a law related to the subscription to increase the bank’s capital, which I was personally honored to propose and draft this law

It’s a memorable moment that his appreciation for the attitude of His Highness the late Amir, Sheikh Sabah Al-Ahmad Al-Jaber Al-Sabah, may God have mercy on him, when he thanked His Highness during his visit to Kuwait in 2014 for his efforts in establishing the bank when he was Minister of Foreign Affairs

Dr. Ahmed praised His Highness’s initiative by donating to establish the Fund (A Decent Life in Islamic Countries), where he stated that such an initiative is not strange to Kuwait because it plays an important role in aiding developing countries, and also, he mentioned that it has contributed and participated generously in many international organizations and institutions

Thanks, and appreciation to His Excellency Dr. Bandar bin Muhammad Hajjar for the proposal to prepare this book, and also thanks to the Board of Executive Directors for their response to such a suggestion, and the impacts of Dr. Ahmed on the Islamic Development Bank Group will continue to be witness to his role and achievements

البنك الإسلامي للتنمية والدكتور احمد محمد علي

صحيفة الانباء 26 ابريل 2021

https://alanba.com.kw/1039075

تشرفت باستلام نسخة من كتاب بعنوان (البنك الإسلامي للتنمية والدكتور احمد محمد علي ” مسيرة مؤسسة وسيرة رئيس”) اهداء من معالي الدكتور بندر بن محمد حجار رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، والذي قامت بإصداره مجموعة البنك، ليكون منصة تاريخه لمسيرة هذا البنك منذ تأسيسه في عام 1975، بمبادرة ورعاية الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله، هذا بالتزامن مع تقلّد الدكتور احمد محمد علي رئاسة البنك، وحتى ترجله من هذا المنصب في عام 2016 بعد خدمة ناهزت الأربعة عقود.

وكل من يعرف الدكتور احمد يتّفق على انه يتمتّع بشخصية مميزة ليس على المستوى الإقليمي وحسب وانما على المستوى الدولي، حيث حظي الدكتور احمد على احترام وتقدير رؤساء الدول نظرا لدوره الفاعل في قيادة تلك المؤسسة التنموية ودعمه للعمل الخيري والإنساني.

وبهذه الصفات استطاع الدكتور احمد بإدارته الحصيفة وبجهود كوادر البنك ودعم دول الأعضاء له خلال تلك العقود ان يرتقي بعمل وأداء البنك ماليا وتنمويا، رغم الازمات التي واجهت الاقتصاد العالمي، كما استطاع المحافظة على مكانة البنك وتصنيفه الائتماني (AAA)، ونجاح مجموعة البنك باعتباره مستشار وشريك انمائي، خاصة وان حجم تمويلات البنك للمشاريع التنموية قد فاقت الـ 100 مليار دولار منذ انشائه.

وقد تشرفت شخصيا بمعرفة الدكتور احمد عندما كلّفت بتمثيل دولة الكويت في مجلس المدراء التنفيذيين الذي يرأسه، وان كانت تلك الفترة قصيرة نسبيا إلا انها كانت كافية للتعرف على مثل هذه الشخصية، والتي تميّزت بسمات استطاع معالي الدكتور بندر بن محمد حجار رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية ان يوجز وصفها بالأمانة، والحنكة، والدراية، والكياسة. 

وهذا ما لمسته من خلال معرفتي بالدكتور احمد اثناء عضويتي بالمجلس، فرايته دبلوماسيا في ادارته للاجتماعات، محبا ومخلصا ومحترما لعمله، مؤمنا بالتضامن الإسلامي، مهتما بالعمل الانساني، راغبا في تحقيق طموحات دول الأعضاء التنموية الاقتصادية والاجتماعية.

ولعل من المناسب ان استذكر بعض من مواقفه خلال فترة عملي معه، فعندما شاركت ضمن المجلس باعتماد الاستراتيجية العشرية لمجموعة البنك المتعلقة برؤية البنك والتي كانت الحوكمة والنزاهة احد ركائزها  ، كان داعما لمعظم مقترحات دولة الكويت التي كانت في سياق حوكمة اعمال البنك ومجلس المدراء التنفيذيين ، وفي موقف آخر يعكس مكانة دولة الكويت لدى الدكتور احمد ، فعندما انخفضت نسبة ملكيتها في البنك الى نسبة حرجة بما يؤثر على مقعدها الدائم ، وبناء على توضيح تقدّمت به لمجلس المدراء التنفيذيين بهذا الشأن ،دعم الدكتور احمد موقفها خلال تلك الفترة لحين موافقة مجلس الامة على قانون يتعلق بالاكتتاب بزيادة راس مال البنك ،والذي تشرفت شخصيا في اقتراحه وصياغته ، ومن ثم ثمّن الدكتور موقف دولة الكويت هذا والذي حافظ على نسبة ثابتة لمساهمتها.

هذا ولا انسى تقديره لمكانة صاحب السمو امير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح رحمه الله عندما شكر سموه اثناء زيارته للكويت في عام 2014 على جهوده في تأسيس البنك حينما كان وزيرا للخارجية، هذا وأشاد الدكتور احمد بمبادرة صاحب السمو بتبرعه لإنشاء صندوق (الحياة الكريمة في الدول الإسلامية) وهي باكورة نتاج المنتدى الاقتصادي الاسلامي الدولي الرابع الذي استضافت دولة الكويت فعالياته ، حينها ذكر ان مثل هذه المبادرة ليست بغريبة على الكويت لأنها تقوم بدور مهم في تقديم المساعدة للدول النامية ، كما ذكر انها ساهمت وشاركت  بسخاء  في العديد من المنظمات والمؤسسات الدولية.

كل الشكر والتقدير لمعالي الدكتور بندر بن محمد حجار على اقتراح اعداد هذا الكتاب، والشكر موصول الى مجلس المديرين التنفيذيين لاستجابتهم لمثل هذا الاقتراح، ونقول للدكتور احمد محمد علي ” كفيّت ووفيت ” وستبقى بصماتك بمجموعة البنك الإسلامي للتنمية شاهدة على دورك وانجازاتك.

Limits of the Audit Bureau’s authority to regulate its Employment affairs (4)

Considering what has been mentioned in previous articles regarding the special legislation regulating employment affairs at the Audit Bureau, as well as the state’s general legislation in this regard, and the Bureau’s practices related to its employees ’affairs, three facts are clear to us:

The first fact: The Cabinet does not have legislation that enables it to regulate employment affairs for all civil employees of the state except within the exceptional limits regulated by the law, noting that the decisions issued by the Supreme Committee of the Audit Bureau are not exceptional decisions.

The second fact: The employee’s Bureau (currently the Civil Service Bureau) does not have any authority related to employment affairs except within the limits set forth by Law (15) of 1979 regarding the civil service, and it does not extend to the authority of the Civil Service Council as set forth in its provisions and specifically Article (5)  of it, and related to the approval and amendment of salary systems, which include basic salaries, bonuses, additional wages, allowances, and any other financial benefits granted to the employee, which are considered the primary competence of the Civil Service Council exclusively.

The third fact: If the legislator wanted to grant the Audit Bureau the authority to approve everything related to the affairs of employment for the Bureau’s employees, including salary systems, the competencies of the Supreme Committee in the Bureau would be reconsidered as is the case with the authority of the Parliament’s office in the National Assembly, where Article 39 was granted Among the internal regulation that authority is for the National Assembly office according to Law No. (12) of 1963.

In light of this, deserving questions arise that require standing up to verify the extent of the Audit Bureau’s authority in the affairs of its employees at the Bureau, namely:

-Is it permissible to decide any additional financial entitlements for the chief of the bureau without the same legal instrument in which his entitlements were determined, as is the current situation since according to the text of the law, he is treated as a minister in terms of salary, pension, and other allowances and financial benefits?

-Is it permissible to decide any financial entitlements for the leaders of the Audit Bureau (Vice Chief of the Bureau, Undersecretary, and assistant Undersecretary) other than what was decided under the provisions of Articles 34, 37, and 38 of the Law on the Establishment of the Audit Bureau?

-Does the Supreme Committee of the Audit Bureau in accordance with Article (47) of the Bureau’s Establishment Law have any authority related to organizing the affairs of its employees, especially financial benefits considering the existence of the Civil Service Council established under Law No. 15 of 1979, for which the legislator exclusively agreed to approve and amend regulations Salaries with its details and accessories?

-Are the financial benefits approved by the Supreme Committee of the Audit Bureau based on a legal basis? Or is it necessary to obtain the prior approval of the Civil Service Council on every decision issued by the Supreme Committee before its implementation to give it legal cover?

In conclusion, according to the facts and questions that we mentioned in our articles, we think that the concerned authorities should deal with these facts and questions in an objective manner, leading to a decision regarding the extent of the authority of the Audit Bureau in organizing the affairs of its employees, and among those bodies is the Civil Service Bureau, the Fatwa and Legislation Department, government representatives in the Supreme Committee, So that their role is not limited to voting on the committee’s decisions, but rather to take a position regarding the existence of any decisions that are inconsistent with the law, as well as the Ministry of Finance’s oversight role on the Bureau in accordance with Article (82) of the law establishing the Audit Bureau.

On the other hand, the representatives of the National Assembly in the Supreme Committee, who is the chief of the Financial and Economic Affairs Committee and the chief of the Legislative and Legal Affairs Committee, must have an effective oversight role over the Audit Bureau’s proposals regarding employment affairs in it in line with the provisions of the Constitution and the laws regulating in this regard.

حدود سلطة ديوان المحاسبة في تنظيم شئون موظفيه (4)

صحيفة الانباء 18 ابريل 2021

https://alanba.com.kw/1037374

على ضوء ما تم ذكره في المقالات السابقة بشأن التشريعات الخاصة المنظمة لشئون التوظف بديوان المحاسبة، وكذلك التشريعات العامة بالدولة في هذا الشأن، وممارسات الديوان المتعلقة بشئون موظفيه، يتبيّن لنا ثلاثة حقائق:

  • الحقيقة الأولى: في حال تجاوزنا مسالة مدى قانونية تحديد اختصاصات مجلس الوزراء بقرار صادر من المجلس ذاته وليس بأداء قانونية اعلى (قانون)، فان مجلس الوزراء لا يملك من التشريعات التي تمكّنه من تنظيم شئون التوظف بالنسبة لسائر موظفي الدولة المدنيين الا في الحدود الاستثنائية التي نظمها القانون، علما بان القرارات التي تصدرها اللجنة العليا بديوان المحاسبة ليست قرارات استثنائية.
  • الحقيقة الثانية: هي ان ديوان الموظفين (ديوان الخدمة المدنية حاليا) لا يملك أي سلطة تتعلق بشئون التوظف الا في الحدود التي وضّحها المرسوم بقانون (15) لسنة 1979 بشأن الخدمة المدنية، وهي لا تمتد الى سلطة مجلس الخدمة المدنية المبينة بأحكامه وعلى وجه التحديد المادة (5) منه والمتعلقة بإقرار وتعديل نظم المرتبات والتي تشمل المرتبات الأساسية والعلاوات الدورية والأجور الإضافية والبدلات واية مزايا مادية او عينية اخرى تتقرر للموظف، والتي هي تعتبر اختصاص اصيل لمجلس الخدمة المدنية دون غيره.
  • الحقيقة الثالثة : لو أراد المشرع ان يمنح ديوان المحاسبة سلطة إقرار كل ما يتعلق بشئون التوظف لموظفي الديوان بما في ذلك نظم المرتبات ، لتم إعادة النظر في اختصاصات اللجنة العليا بالديوان كما هو الحال في سلطة مكتب المجلس بمجلس الامة ، حيث منحت اللائحة الداخلية تلك السلطة لمكتب مجلس الامة بموجب القانون  رقم (12) لسنة 1963   وتعديلاتها ، حيث يختص مكتب المجلس وفق الفقرة ( ج) من المادة (39) بالاتي ( ان يضع في شؤون المجلس الإدارية والمالية وموظفيه القواعد والأحكام المنظمة لها ، وفيما عدا ذلك تطبق القوانين واللوائح السارية بهذا الشأن ، وله ممارسة الصلاحيات المقررة لمجلس الوزراء ومجلس الخدمة المدنية وديوان الخدمة المدنية ووزير المالية في ذلك) .

وعلى ضوء ذلك تبرز لنا تساؤلات مستحقة تستلزم الوقوف عندها للتحقق من مدى سلطة ديوان المحاسبة في شان شئون موظفيه بالديوان وهي:

  • هل يجوز تقرير اية استحقاقات مالية إضافية لرئيس الديوان بغير ذات الأداة القانونية التي قرّرت بها استحقاقاته كما هو واقع الحال حاليا، حيث انه بنص القانون يعامل معاملة الوزير من حيث المرتب والمعاش وسائر البدلات والمزايا المالية؟
  • هل يجوز تقرير اية استحقاقات مالية لقياديين ديوان المحاسبة (نائب رئيس الديوان، وكيل والوكلاء المساعدين) بخلاف ما تم اقراره بموجب أحكام المواد 34 و37 و38 من قانون انشاء ديوان المحاسبة؟
  • هل تملك اللجنة العليا بديوان المحاسبة وفقا للمادة (47) من قانون انشاء الديوان أي سلطة تتعلق بتنظيم شئون موظفيه، وبالأخص الاستحقاقات المالية في ظل وجود مجلس الخدمة المدنية المنشأ بموجب المرسوم بقانون (15) لسنة 1979، والذي عقد المشرع له دون غيره اقرار وتعديل نظم المرتبات بتفصيلاتها وملحقاتها؟
  • هل ما تم اقراره من استحقاقات مالية وكوادر مالية من قبل اللجنة العليا بديوان المحاسبة تستند الى أساس قانوني في إقرار مثل تلك الاستحقاقات؟ ام يستلزم اخذ موافقة مجلس الخدمة المدنية المسبقة على كل قرار يصدر من قبل اللجنة العليا قبل تنفيذه لإضفاء الغطاء القانوني عليه؟

ختاما .. وفقا للحقائق والتساؤلات التي ذكرناها في مقالاتنا ، نرى على الجهات المعنية التعامل مع تلك الحقائق والتساؤلات بشكل موضوعي وصولا الى قرار بشان مدى سلطة ديوان المحاسبة في تنظيم شئون موظفيه، ومن تلك الجهات ديوان الخدمة المدنية وإدارة الفتوى والتشريع ممثلي الحكومة في اللجنة العليا ،بحيث لا يقتصر دورهم على التصويت على قرارات اللجنة وانما باتخاذ موقف حيال وجود أي قرارات لا تتسق مع القانون ، وكذلك وزارة المالية وفقا لما نصت عليه المادة (82) من قانون انشاء ديوان المحاسبة بالاتي (تراجع مستندات وحسابات ديوان المحاسبة بواسطة وزارة المالية والصناعة ويخطر الديوان بما قد تسفر عنه هذه المراجعة من ملاحظات أو مخالفات لعرضها على رئيس الديوان لاتخاذ اللازم بشأنها طبقا لهذا القانون ويدرج ذلك في التقرير السنوي للديوان) .

ومن جانب اخر على ممثلي مجلس الامة باللجنة العليا وهم رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية ورئيس لجنة الشؤون التشريعية والقانونية، ان يكون لهم دور رقابي فعّال على مقترحات ديوان المحاسبة بشأن شئون التوظف فيه بما يتسق مع احكام الدستور والقوانين المنظمة في هذا الشأن.

Limits of the Audit Bureau’s authority to regulate its Employment affairs (3)

We explained in the previous article what is the truth about the privacy of the Audit Bureau in the affairs of its employees, and perhaps it is appropriate in this regard that we clarify the legislation regulating the state’s employment affairs because of its importance in understanding this topic.

Law (15) of 1979 defined many terms of reference for the Civil Service Council, including what was stated in Article (5) related to proposing general policies for salaries and wages, as well as Article (19) related to defining the Civil Service Council rules, provisions and conditions for granting some compensation and material and in-kind allowances.

Article (14) also permits the Civil Service Council to determine salaries for some jobs without being restricted to the general salary scale. Article (15) also specifies the competencies of the Civil Service Council to set rules, provisions, and formulas for contracts concluded with employees.

It is clear from the foregoing that the competencies of the Civil Service Council differ from those of the Civil Service Bureau as defined by Law No. (15) of 1979, and the Civil Service Bureau does not have any powers related to approving the general policies for salaries related to employment affairs, which was of authority by (employees Bureau Before the issuance of Law (15) of 1979.

And in view of the existence of laws and decrees of establishing government agencies and institutions before released Law (15) of 1979, the law dealt in its articles with transitional provisions to deal with the regulations of employment affairs that had been issued prior to its issuance, including articles (37,38,39).

Emphasizing that the service council has exclusive competence in matters of employment, the Fatwa and Legislation Department issued in 1990 its opinion that the competence of the Civil Service Council in approving and amending the salary systems includes basic salaries, periodic bonuses, additional wages, allowances, and any other material non-cash benefits decided for the employee.

حدود سلطة ديوان المحاسبة في تنظيم شئون موظفيه (3)

صحيفة الانباء 11 ابريل 2021

https://alanba.com.kw/1035752

وضحنا في المقالة السابقة ما هي حقيقة خصوصية ديوان المحاسبة في شان شئون موظفيه، ولعل من المناسب في هذا الصدد ان نُبِيّن التشريعات المنظمة لشئون التوظف بالدولة لأهميتها في فهم هذا الموضوع.

فقد اوكل المرسوم بقانون (15) لسنة 1979 اختصاصات عديدة لمجلس الخدمة المدنية ،ومنها ما ورد بالفقرة (3) من  المادة   (5)  والتي نصت على الاتي ( اقتراح السياسات العامة للمرتبات والاجور بما يكفل التنسيق بين الجهات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة والشركات التي تساهم فيها الدولة بأكثر من نصف رأسمالها ) ، وكذلك المادة   (19)   والمتعلقة بتحديد مجلس الخدمة المدنية بناء على اقتراح ديوان الخدمة المدنية قواعد واحكام وشروط منح بعض التعويضات والبدلات والمخصصات  والحوافز المادية والعينية او المعنوية لرفع مستوى الخدمة المدنية.

كما اجازت المادة (14) لمجلس الخدمة المدنية بناء على اقتراح ديوان الموظفين تقرير مرتبات لبعض الوظائف دون التقيد بما ورد بالجداول المرافقة بالمرسوم بقانون، هذا كما حددت المادة (15) اختصاصات مجلس الخدمة المدنية بوضع قواعد واحكام وصيغ العقود التي تبرم مع الموظفين.

ويتضح مما سبق ان اختصاصات مجلس الخدمة المدنية المشار اليها تختلف عن اختصاصات ديوان الخدمة المدنية على النحو المحدد بالمرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1979، ولا يملك ديوان الخدمة المدنية أي صلاحيات تتعلق بإقرار السياسات العامة للمرتبات ذات العلاقة بشئون التوظف، والتي كان يملكها (ديوان الموظفين) قبل صدور المرسوم (15) لسنة 1979، والتي أثّر صدوره على احكام بالمرسوم بقانون رقم (10) لسنة 1960 بشأن ديوان الموظفين وتعديلاته.

ونظرا لوجود قوانين ومراسيم بقوانين انشاء جهات ومؤسسات حكومية عند صور المرسوم بقانون (15) لسنة 1979 فقد تناول المرسوم بقانون في مواده احكام انتقالية لمعالجة ما قد صدر من لوائح شئون توظّف قبل صدوره ومنها الاتي:

  • المادة (37) وتنص على (يستمر العمل باللوائح والقرارات المعمول بها في شئون التوظف وقت نفاذ هذا القانون لمدة سنة او لحين صدور اللوائح والنظم المشار اليها فيها ايهما أقرب وذلك بشرط الا تتعارض مع احكام هذا القانون. ولا يترتب على تطبيق الجداول المرافقة لنظام الخدمة المدنية او الصادرة وفقا للمادة “39” من هذا القانون اي زيادة في قيمة البدلات والعلاوات الإضافية والمكافآت التشجيعية التي تصرف وقت صدوره، ويستمر صرف هذه القيمة الى ان يحدد مجلس الخدمة المدنية او السلطة المختصة القواعد والأحكام والشروط المنظمة لها).
  • المادة (38) وتنص على (تعرض نظم المرتبات المعمول بها في الهيئات والمؤسسات العامة والشركات المملوكة للدولة ملكية كاملة على مجلس الخدمة المدنية للنظر في إقرارها او تعديلها حسب الأحوال. ولا يجوز بعد ذلك اجراء اي تعديل على هذه النظم الا بموافقة مجلس الخدمة المدنية. كما يجوز لمجلس الخدمة المدنية عند الاقتضاء مراجعة نظم المرتبات المعمول بها في الشركات التي تساهم فيها الدولة بأكثر من نصف رأسمالها بما يكفل تنفيذ السياسة العامة للمرتبات والأجور).
  • المادة (39) وتنص على (يجوز بمراسيم تعديل المرتبات والعلاوات والبدلات المتعلقة بالموظفين الذين تنظم شئون توظيفهم قوانين خاصة).

وتأكيدا على ان اختصاص مجلس الخدمة دون غيره في شان شئون التوظف ، فقد اصدرت ادارة الفتوى والتشريع في عام 1990 رايها بما انتهى اليه راي الجمعية العمومية للقسم الاستشاري بالإدارة من راي بان اختصاص مجلس الخدمة المدنية في اقرار وتعديل نظم المرتبات يشمل المرتبات الأساسية والعلاوات الدورية والأجور الإضافية والبدلات واية مزايا مادية او عينية اخرى تتقرر للموظف ،وان مباشرة هذا الاختصاص يوجب على الهيئة او المؤسسة العامة او الشركة -حسب الاحوال – ان تعرض على المجلس النظام الوظيفي الخاص بها وذلك تفسيرا للمادة (5)  من المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1979 المتعلقة باختصاصات مجلس الخدمة المدنية وكذلك الاحكام الانتقالية الواردة بالمرسوم بقانون  .

وقد اسست ايضا ادارة الفتوى والتشريع رأيها على ضوء الغاية التي شرّع النص من اجلها وهي كفالة التناسق والتجانس بين مرتب العمل الواحد سواء في الجهات الحكومية او الهيئات او المؤسسات العامة والشركات المملوكة ملكية كاملة للدولة وهي ما افصحت عنه المذكرة الايضاحية للقانون تعقيبا على المادة (38) منه.

Depriving leaders of employees’ rewards in the face of the spread of Coronavirus

In a previous article published for me in the Al-Anbaa newspaper, I touched on the mechanism approved by the cabinet to assess the efforts of those tasked with working to confront the spread of this virus.

The summary of my point of view contained in that article was that the mechanism for estimating the remuneration was not prudent, due to its lack of consideration of the financial and economic conditions that the country is going through, and the dire consequences that may result from them, especially since the existing legislation on the regulation of compensation for employees in the state was able to deal with the circumstances work during this crisis.

What we expected at that time had been happened, as employee’s classification criteria, and the exploitation of their disbursements to unworthy categories.

as for the financial and economic aspect also had repercussions, as the approval of a special budget for the front-rows bonuses at an amount of 600 million dinars, in light of the state’s public financial administration’s search for Sources of financing the general budget deficit have added a record burden on the budget.

This burden represents 8% of the salaries and wages budget, 140% of the total cash incentive expenditures, and 300% of the budget allocated for the appointment of Kuwaiti employees, equivalent to an employment budget for three fiscal years, and on the capital expenditures side, this amount represents 26% of the total expenditures.

In my opinion, if this issue had been dealt with prudently in accordance with the regulations in force in the country, the budget allocations for the fiscal year 2020/2021 would have absorbed the consequences of this matter without any additional amounts, especially in light of the almost complete suspension of most government interests during that period.

As for the Cabinet’s decision to exclude leaders from the financial bonus statements, despite my previous initial opinion that does not agree with the mechanism for approving such rewards, excluding some employees from the entitlement of such rewards is also, in my opinion, an imprudent decision, especially since the Cabinet had previously agreed to grant appreciation to the employees assigned to work to confront the spread of the Coronavirus, and therefore it is not fair to exclude any category of these employees, regardless of their career level, as long as they provided work during the period of assignment and assumed the burdens and responsibilities.

In conclusion, the most important goal is to achieve the proper implementation of the law, that is, to achieve justice that is in all the canons and is a trust, a message, and a value of the highest values, upholding the rule of law, caring for duties and preserving rights.

حرمان القياديين من مكافآت العاملين في مواجهة انتشار فايروس كورونا

صحيفة الانباء 5 ابريل 2021

https://alanba.com.kw/1034525

في مقالة سابقة نُشرت لي بالصحيفة في بداية ازمة جائحة فايروس كورونا المستجد، تطرّقت فيها للآلية التي أقرّها مجلس الوزراء لتقدير جهود المكلّفين بالعمل في مواجهة انتشار هذا الفايروس.

وكان ملخّص وجهة نظري الوارد في تلك المقالة إن آلية تقدير المكافآت لم تتّسم بالحصافة، نظرا لعدم مُراعاتها للظروف المالية والاقتصادية التي تمر بها البلاد، وما قد ينتج عنها من عواقب وخيمة، خاصة وأن التشريعات القائمة بشأن تنظيم تعويض العاملين بالدولة كانت قادرة على التعامل مع ظروف العمل خلال هذه الازمة والتي سبق أن اوضحناها في تلك المقالة.

وما قد توقعناه في ذلك الوقت قد تحقق، حيث كان للآلية التي أُقِرّت تداعيات سلبية، سواء كان ذلك على مستوى مستحقيّها بسبب معايير تصنيف العاملين، أو على مستوى إجراءات صرفها نظرا لاحتمال استغلال صرفها لفئات غير مستحقة، وهذا ما تبيّن من خلال قيام ديوان الخدمة المدنية قبل فترة برفع توصية إلى مجلس الوزراء بإحالة الجهات الحكومية التي لم تُعدّل الملاحظات المسجلة على كشوف مستحقي المكافآت إلى هيئة مكافحة الفساد (نزاهة).

أما الجانب المالي والاقتصادي وهو المهم فلم يسلم هذا الجانب أيضا من تلك التداعيات، فإقرار ميزانية خاصة لمكافآت ما يسمّى بالصفوف الأمامية بمبلغ 600 مليون دينار، في ظل بحث الإدارة المالية العامة للدولة عن مصادر لتمويل عجز الميزانية العامة قد اضافت عبئا آخرا على الميزانية، فوفقا لآخر بيانات مالية متاحة فإن هذا العبء الاضافي يعتبر قياسيا.

فعلى مستوى مصروفات باب تعويضات العاملين بالميزانية (الأجور والمرتبات) فيمثّل هذا المبلغ نسبة 8% تقريبا من مصروفات الباب، ويمثّل نسبة 140% تقريبا من إجمالي مصروفات بند المكافآت، كما يمثّل نسبة 300% تقريبا من الاعتماد التكميلي المخصص لتعيين الموظفين الكويتيين، أي ما يعادل ميزانية توظيف لثلاثة سنوات مالية، ومن جانب المصروفات الرأسمالية فيمثّل هذا المبلغ نسبة 26% تقريبا من جملة تلك المصروفات.

وفي رأيي لو تم التعامل مع هذا الموضوع بحصافة وفقا للنظم المعمول بها بالدولة لكان بإمكان اعتمادات ميزانية السنة المالية 2020/2021 ان تستوعب تبعات هذا الامر ومن دون اية مبالغ إضافية، خاصة في ظل التعطيل شبه الكامل لمعظم المصالح الحكومية خلال تلك الفترة.

أما فيما يتعلق بقرار مجلس الوزراء باستبعاد القياديين من كشوف المكافآت المالية باستثناء قياديي وزارتي الصحة والداخلية، فعلى الرغم من رأيي المبدئي السابق الذي لا يتفق مع آلية إقرار مثل تلك المكافآت، إلا أن استبعاد بعض العاملين من استحقاق تلك المكافآت يعتبر في رأيي قرار غير حصيف ايضا، فالمسالة هنا ليست مسألة صفوف أمامية، فنحن أمام قرار سبق اصداره من قبل مجلس الوزراء أُقر فيه تقدير الموظفين المكلفين بالعمل في مواجهة انتشار فايروس كورونا، وبالتالي ليس من العدالة أن يتم استبعاد أية فئة من هؤلاء العاملين مهما كانت صفتهم طالما قدّموا عملا خلال فترة التكليف وتحمّلوا فيها الأعباء والمسئوليات، فنظام الخدمة المدنية يُلزم تعويض المكلفين بأي أعمال رسمية .

ختاما. . وفي هذا السياق أرى من المناسب أن اشير الى مبادئ ضمّنها ديوان الخدمة المدنية اصداراته الخاصة، واقتبس منها الفقرة التالية:

( …. الغاية الأهم هي تحقيق التطبيق السليم للقانون، أي تحقيق العدالة التي هي في جميع الشرائع ليست مجرد مرفق أو وظيفة أو مهنة، وإنما هي أمانة ورسالة، وهي قيمة من القيم العليا التي يأمر بها المولى عز وجل، ذلك أن الغاية من إقامة العدل بين الموظفين وبينهم وبين الدولة هي إعلاء سيادة القانون ورعاية الواجبات وحفظ الحقوق، وهي أشد ما تحرص عليه تعاليم السماء  ….).

Limits of the Audit Bureau’s authority to regulate its Employment affairs (2)

We discussed in the previous article the legal framework that regulates the rules for appointing the Chief and leaders of the Audit Bureau and all its technical and other employees, and the rules that define their job financial entitlements, and in this article, we will explain what distinguishes the Bureau from other government agencies in the affairs of its employees.

According to Article (47), the Audit Bureau law stipulates that a supreme committee shall be established in the Bureau that shall have the powers of The Cabinet and the Office of Personnel in the matter of employment affairs, and the committee members:

  1. The Chief of the Audit Bureau (Chairman).
  2. The Chief of the National Assembly’s Financial and Economic Affairs Committee.
  3. The Chief of the National Assembly’s Legislative and Legal Affairs Committee.
  4. The Chief of Fatwa and Legislation Department.
  5. The Chief of Civil Service Bureau.
  6. Representative of the State Audit Bureau.

Now, what is the truth about the Audit Bureau’s privacy regarding its employees’ affairs, based on the provisions of Article (47)?

From the texts referred to in this article and the previous article, we benefit from the provisions that regulate the employment affairs at the Audit Bureau, which apply to leadership positions and other technical and non-technical positions, as well as benefit from the legal texts some privacy granted by the legislator to the Accounting Bureau related to employment affairs, specifically Article (47) of the provisions related to the functions of the Supreme Court in the Bureau, which is based on two main aspects, namely:

  • The committee has the powers that the laws and regulations grant to The Cabinet in employment affairs about all the state’s civil servants.
  • The committee has the powers that the laws and regulations confer on the Civil Service Bureau in matters of employment concerning other civil state employees.

Concerning the powers of The Cabinet in the affairs of employment, looking at the powers of The Cabinet according to the internal regulations of The Cabinet issued in its session No. (48/63) held on 11/11/1963, it was mentioned within those powers to issue exceptional decisions and approve the salary or remuneration.

Although these specializations were not issued by law, in my opinion, such jurisdiction issued by the decision of The Cabinet will not have the legal force of the laws regulating employment affairs in the state, according to Article (155) of the constitution, which stipulates that the law regulates salaries, pensions, compensation, subsidies, and bonuses.

Concerning the powers of the Employees Bureau, the Civil Service Bureau (formerly the Employees Bureau) does not have the powers that relate to employment affairs except within the limits of Law 15 of 1979 regarding the civil service, and the decree issued on April 4, 1979, in the matter of the civil service system, especially since The aforementioned law has established in its provisions a Civil Service Council, in which it defines its terms of reference that differ from those of the Civil Service Bureau.

حدود سلطة ديوان المحاسبة في تنظيم شئون موظفيه (2)

صحيفة الانباء 4 ابريل 2021

https://alanba.com.kw/1034222

تناولنا بالمقالة السابقة الإطار القانوني الذي ينظّم قواعد تعيين رئيس وقياديي ديوان المحاسبة وسائر موظفيه الفنيين وغيرهم من الموظفين، والقواعد التي تحديد استحقاقاتهم المالية الوظيفية، وفي هذه المقالة سوف نوضح ما يميّز الديوان عن غيره من الجهات الحكومية في شان شئون موظفيه.

فقد نص قانون ديوان المحاسبة وفقا للمادة (47) بان (تنشأ بالديوان لجنة عليا يكون لها في شئون موظفي الديوان الصلاحيات التي تخولها القوانين واللوائح لمجلس الوزراء، ولديوان الموظفين في شئون التوظف بالنسبة لسائر موظفي الدولة المدنيين ،وتؤلف هذه اللجنة من: 1. رئيس ديوان المحاسبة. رئيسا 2. رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس الامة. 3. رئيس لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بمجلس الامة. 4. رئيس إدارة الفتوى والتشريع. 5. رئيس ديوان الموظفين. 6. وكيل ديوان المحاسبة، ….. )  .

والان ما حقيقة خصوصية ديوان المحاسبة في شان شئون موظفيه استنادا الى احكام المادة (47) المشار اليها؟

يستفاد من النصوص التي تم الإشارة اليها في هذه المقالة والمقالة السابقة الاحكام التي تنظّم شئون التوظف بديوان المحاسبة، والتي تسري على الوظائف القيادية والوظائف الأخرى الفنية وغير الفنية، كما يستفاد من النصوص القانونية بعض الخصوصية التي منحها المشرع لديوان المحاسبة والمتعلقة بشئون التوظف ،وعلى وجه التحديد ما نصت عليه المادة (47) من احكام تتعلق باختصاصات اللجنة العليا بالديوان ،والتي ترتكز الى جانبين أساسيين وهما:

  • للجنة في شئون موظفي الديوان الصلاحيات التي تخولها القوانين واللوائح لمجلس الوزراء في شئون التوظف بالنسبة لسائر موظفي الدولة المدنيين.
  • للجنة في شئون موظفي الديوان الصلاحيات التي تخولها القوانين واللوائح لديوان الموظفين في شئون التوظف بالنسبة لسائر موظفي الدولة المدنيين.

ففيما يتعلق بصلاحيات مجلس الوزراء في شئون التوظف بالنسبة لسائر موظفي الدولة المدنيين والتي تخولها القوانين واللوائح له، فبالاطلاع على اختصاصات مجلس الوزراء بموجب اللائحة الداخلية لمجلس الوزراء التي صدرت بجلسته رقم (48/63) المنعقدة بتاريخ 11/11/1963، فقد ورد ضمن تلك الاختصاصات إصدار القرارات الاستثنائية في التعيينات والترقيات ومد الخدمة وتقرير المعاش أو المكافأة والفصل غير التأديبي ،وكل قرار استثنائي جعل القانون سلطة الاستثناء فيه لمجلس الوزراء.

فعلى الرغم من ان تلك الاختصاصات لم تصدر بقانون او مرسوم، فبرأيي فان مثل هذا الاختصاص الصادر بقرار مجلس الوزراء لن يكون بالقوة القانونية للقوانين المنظمة لشئون التوظف بالدولة، وذلك استنادا للمادة (155) من الدستور والتي نصت على ان ينظم القانون شؤون المرتبات والمعاشات والتعويضات والاعانات والمكافآت التي تقرر على خزانة الدولة.

وفيما يتعلق بصلاحيات ديوان الموظفين التي تخولها القوانين واللوائح لديوان الموظفين في شئون التوظف بالنسبة لسائر موظفي الدولة المدنيين، فان ديوان الخدمة المدنية (ديوان الموظفين سابقا) لا يملك من الصلاحيات التي تتعلق بشئون التوظف الا في حدود المرسوم بقانون (15) لسنة 1979 في شان الخدمة المدنية ،والمرسوم الصادر في 4 ابريل 1979 في شان الخدمة المدنية، خاصة وان المرسوم بقانون المشار اليه قد أنشئ في أحكامه مجلس للخدمة المدنية ،والذي حدد فيه اختصاصاته والتي تختلف عن اختصاصات ديوان الخدمة المدنية.

Limits of the Audit Bureau’s authority to regulate its Employment affairs (1)

The Audit Bureau was established by Law No. 30 of 1964 to achieve effective financial control. And the Bureau generally exercises its control over revenues, expenditures, and various financial systems.

The Bureau is also concerned with verifying the extent to which the entities covered by its control comply with the legislation regulating the employment affairs therein, and the related decisions of appointment, promotions and the granting of allowances and bonuses, and everything related to functional financial affairs.

And since the Audit Bureau is considered one of the governmental administrative units, it is also obligated to apply the legislation governing financial affairs and employment affairs established in the state, unless its establishment law stipulates otherwise.

 In a series of these articles we will focus on the extent of the Audit Bureau’s commitment to its employment affairs, due to the material impact on the implications of administrative decisions related to employment affairs, especially since the beginning of the approval of financial increases for employees in the country started from the beginning of the approval of a special financial increase for employees of the Audit Bureau, and from This was followed by the approval of financial increases for several government agencies, such as the Audit Bureau.

The question posed here is does the Audit Bureau have the authority that entitles it to approve such cash and non-cash benefits for its employees? To answer such a question, it is necessary to examine the legislations regulating the Bureau’s work on this issue to reach an objective answer to this deserved question.

 Article (3) of the law establishing the Audit Bureau specifies the formation of the Bureau, whereby it shall be composed of a Chief, an Undersecretary, an Assistant Undersecretary, and a sufficient number of technical employees. The article also permits the appointment of a Vice Chief, and that the necessary number of non-technical employees be attached to the Bureau.

 Article (34) of the law dealt with the mechanism for appointing the Chief of the Bureau to be appointed by an Emiri decree based on the nomination of the Chief of the National Assembly, and the approval of the Council for this nomination in a secret session and after the approval of The Cabinet, and the Chief is treated as a minister in terms of salary, pension, other allowances, and financial benefits,  and accordingly, the article clearly indicated how to deal with the functional financial benefits related to the Chief of the Bureau.

Article (37) also dealt with the mechanism for appointing a Vice the Chief of the Bureau and his job treatment, which is the same mechanism related to appointing the Chief of the Bureau, and the deputy is treated as an Undersecretary (  premium grade -B) in terms of salary, pension, and other financial benefits, and accordingly, the article clearly indicated how to deal with financial benefits The job related to the Vice Chief of the Bureau.

As for other leadership positions, Article (38) dealt with the mechanism for appointing each of the Bureau Undersecretary and the Assistant Undersecretary by an Emiri Decree based on the nomination of the Chief of the Bureau and with the approval of the Chief of the National Assembly and The Cabinet. And the pension and other allowances and financial benefits, and accordingly, the article also clearly states how to deal with the functional financial benefits related to the Undersecretary and Assistant Undersecretary.

In contrast to the leadership positions, the rest of the Bureau’s jobs are included in its budget, according to a statement specifying the number, types, grades, and salaries of the jobs required for it in all job circles stipulated in the ranks and salaries attached to the Civil Public Jobs Law, meaning that the provisions of the General Law regulating public positions in this regard apply to the Bureau’s jobs.

Then Article (50) of the law specified the application of all the rules and provisions stipulated in this regard in the Civil Public Service Law on employees and employees of the Bureau if there was no special provision for it in the law establishing the Bureau.

Based on the foregoing, it becomes clear what is the legal framework that regulates the rules for appointing the Chief of the Audit Bureau, its leaders, and all its technical employees and other employees, and determining their functional financial entitlements by this framework.

حدود سلطة ديوان المحاسبة في تنظيم شئون موظفيه (1)

صحيفة الانباء في 28 مارس 2021

https://alanba.com.kw/1032765

أنشئ ديوان المحاسبة بمقتضى القانون رقم (30) لسنة 1964 وتعديلاته ليستهدف الرقابة المالية الفعّالة على الأموال العامة، ويمارس الديوان اختصاصاته وفقا لأحكام هذا القانون على الجهات المشمولة برقابته، حيث يمارس الديوان رقابته بوجه عام على الإيرادات والمصروفات والأنظمة المالية المختلفة على النحو الموضّح بأحكام القانون ذات الصلة.  

كما يختص الديوان أيضا بالتحقق من مدى التزام الجهات المشمولة برقابته بالتشريعات المنظمة لشئون التوظف فيها، وما يتعلق بها من قرارات التعيين والترقيات ومنح البدلات والعلاوات، وكل ما يتعلق بالشئون المالية الوظيفية. 

وحيث إن ديوان المحاسبة يعتبر من ضمن الوحدات الإدارية الحكومية، فهو أيضا معني بالالتزام بالتشريعات المنظمة للشئون المالية وشئون التوظف المقررة بالدولة، ما لم ينص قانون إنشاءه على غير ذلك.

 وسوف نركّز في سلسلة هذه المقالات على مدى التزام ديوان المحاسبة فيما يتعلق بشؤون التوظف الخاصة به، وذلك نظرا للأثر المادي على انعكاسات القرارات الإدارية المتعلقة بشئون التوظف ، خاصة وأن شرارة إقرار الكوادر المالية للموظفين بالدولة انطلقت منذ بداية إقرار كادر مالي خاص للعاملين بديوان المحاسبة، ومن ثم تلا ذلك إقرار كوادر مالية للعديد من الجهات الحكومية على غرار كادر ديوان المحاسبة. 

والتساؤل المطروح هنا هل ديوان المحاسبة يملك من السلطة التي تخوله في إقرار مثل تلك المزايا النقدية والعينية لموظفيه؟   وللإجابة على مثل هذا التساؤل يستلزم ضرورة التمعّن في التشريعات المنظمة لعمل الديوان في هذه المسالة للوصول إلى إجابة موضوعية لهذا التساؤل المستحق.

 فقد حددت المادة (3) من قانون إنشاء ديوان المحاسبة تشكيل الديوان، حيث يشكّل من رئيس ووكيل ووكيل مساعد، وعدد كاف من الموظفين الفنيين، كما أجازت المادة تعيين نائب للرئيس وتعيين أكثر من وكيل ووكيل مساعد للديوان تبعا لحاجة العمل ومقتضياته، وأن يلحق بالديوان العدد اللازم من الموظفين غير الفنيين.

 وتناولت المادة (34)  من القانون آلية تعيين رئيس الديوان بحيث يعين بمرسوم أميري بناء على ترشيح رئيس مجلس الأمة ، وإقرار المجلس لهذا الترشيح في جلسة سرية وبعد موافقة مجلس الوزراء،  ويعامل الرئيس معاملة الوزير من حيث المرتب والمعاش وسائر البدلات والمزايا المالية ومن حيث نظام الاتهام والمحاكمة،  ولا يجوز عزله إلا بموافقة أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس الأمة أو بقرار من السلطة التأديبية المختصة،  وعليه بيّنت  المادة بشكل واضح كيفية التعامل مع الاستحقاقات المالية الوظيفية المتعلقة برئيس الديوان. 

كما تناولت المادة (37) آلية تعيين نائب لرئيس الديوان ومعاملته الوظيفية، وهي ذات الآلية المتعلقة بتعيين رئيس الديوان، كما يعامل النائب معاملة موظف الدرجة الممتازة (ب)من حيث المرتب والمعاش والمزايا المالية الأخرى، وعليه بيّنت المادة بشكل واضح كيفية التعامل مع الاستحقاقات المالية الوظيفية المتعلقة بنائب رئيس الديوان. 

اما فيما يتعلق بالوظائف القيادية الأخرى فتناولت المادة (38) آلية تعيين كل من وكيل الديوان والوكيل المساعد وذلك بمرسوم أميري بناء على ترشيح رئيس الديوان وبموافقة رئيس مجلس الأمة ومجلس الوزراء، ويعامل الوكيل معاملة وكيل الوزارة، والوكيل المساعد معاملة وكيل الوزارة المساعد وذلك من حيث المرتب والمعاش وسائر البدلات والمزايا المالية، وعليه فقد بيّنت المادة بشكل واضح أيضا كيفية التعامل مع الاستحقاقات المالية الوظيفية المتعلقة بوكيل الديوان والوكيل المساعد. 

وبخلاف الوظائف القيادية فإن باقي وظائف الديوان تدرج ضمن ميزانيته، وفق بيان يحدد به عدد الوظائف اللازمة له وأنواعها ودرجاتها ومرتباتها بكافة حلقات الوظائف المنصوص عليها في جداول الدرجات والمرتبات الملحقة بقانون الوظائف العامة المدنية وفقا لما وضحته المادة (34) من القانون، أي أنه تسري على وظائف الديوان أحكام القانون العام المنظم للوظائف العامة في ذلك الوقت. 

ثم جاءت المادة (50) من القانون لكي تحدد سريان كافة القواعد والأحكام المقررة في شأنه بقانون الوظائف العامة المدنية على موظفي ومستخدمي الديوان فيما لم يرد عنه نص خاص في قانون إنشاء الديوان.

وبناء على ما سبق يتبيّن ما هو الإطار القانوني الذي ينظم قواعد تعيين رئيس ديوان المحاسبة وقياديي الديوان وسائر موظفيه الفنيين وغيرهم من الموظفين، وتحديد استحقاقاتهم المالية الوظيفية وفقا لهذا الإطار.

The Financial Controllers Authority is under the umbrella of the Minister of Justice

The decision to redistribute government agencies among ministers according to the new names has faced criticism, some of which are described as relatively severe. Among the most prominent critics of this decision are the teaching staff of the Public Authority for Applied Education and Training.

For such a decision to be evaluated, we must look at this issue from two angles, the first being in terms of the legal aspect. The decree of transferring dependency from a minister to a minister, in my opinion, came by Law No. (116) of 1992 which authorized the transfer of dependency or supervision stipulated in the law. The organizer of any public authority or institution or independent administration, therefore the decision to transfer the affiliation is legally valid.

As for the other angle, which is the most important one, it relates to the objectivity of that decision, which must be based on objective justifications. For example, I do not agree with the transfer of the Financial Controllers Authority from the Minister of Finance to the Minister of Justice and the Minister of State for Integrity Enhancement Affairs, and this disagreement certainly comes for objective reasons.

First, I did not find any clear relationship between the Financial Controllers Authority and the Minister of State for Integrity Promotion Affairs, such as the clarity of the relationship that is between the Authority and the Minister of Finance.

The other matter is related to the financial control function, as it is originally a financial function is supervised by the Minister of Finance, according to the United Nations Governmental Job Classification (COFOG)  approved by the International Monetary Fund, and that function was mentioned in the Government Financial Statistics Manual (GFSM2001) which is adopted by The State of Kuwait, and thus in terms of the function, differs from the function entrusted to the Minister of Justice and the Public Authority for Anti-Corruption (Nazaha). The provisions of Law No. (31) of 1978 regarding the rules for preparing and controlling public budgets and the final account are affirmed that auditing and financial control activities are mandated to regulate them. By the Minister of Finance.

So, did the transfer of the Financial Controllers Authority subordination to the Minister of Justice come in the light of the presence of other similar oversight Authorities in the context of the subject matter, such as the Employment Controllers Sector that follows the Civil Service Bureau and the Government Performance Monitoring Authority

In my opinion, I do not think so, and I hope that there will be a clarification of the objective justifications for such a decision so that the specialists can understand its goals and objectives.

جهاز المراقبين الماليين في كنف وزير العدل

صحيفة الانباء 22 مارس 2021

https://alanba.com.kw/1031566

تناولت بعض وسائل الاعلام صدور قرار بإعادة توزيع الجهات الحكومية بين الوزراء وفقا للمسميات الجديدة، وعلى الرغم من عدم صدور مراسيم تنفيذية بهذا الشأن حتى كتابة هذه المقالة الا ان خبر صدور مثل هذا القرار قد واجه بعض الانتقادات منها ما يمكن ان يوصف بانها حادة نسبيا، خاصة من بعض الأطراف المعنية كما حدث مع قطاع التعليم مؤخرا، والمتمثّل بهيئة التدريس لدى الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب.

ولكي يمكن تقييم مثل هذا القرار يجب النظر الى هذه المسألة من زاويتين، الأولى وهي من حيث الشكل فمرسوم نقل التبعية من وزير الى وزير في رأيي سيكون صدوره متسقا مع القانون، فالمرسوم بقانون رقم (116) لسنة 1992 أجاز نقل التبعية أو الإشراف أو الإلحاق المنصوص عليه في القانون المنظم لأي هيئة أو مؤسسة عامة أو إدارة مستقلة بمرسوم، وبالتالي من الناحية الشكلية فان قرار نقل التبعية في حال صدوره سيعتبر سليما قانونا.

اما الزاوية الاخرى وهي الاهم في نظري فتتعلق بموضوعية هذا القرار، والذي برأيي يحق لاي طرف معني في هذه المسالة ان يبدي وجهة نظره بشأنها طالما جاء رايه وفقا لأسس موضوعية، هذا وان جاء القرار في سياقه القانوني كما اوضحناه سالفا، فأنا على سبيل المثال في حال صدور مرسوم بنقل جهاز المراقبين الماليين من وزير المالية الى وزير العدل ووزير الدولة لشئون تعزيز النزاهة حسب ما زعمت وسائل الاعلام، فلن اتفق مع هذا القرار  من وجهة نظر  متخصص في هذا الشأن، وعدم الاتفاق هذا يأتي بالتأكيد لأسباب موضوعية.

اولا لم اجد علاقة موضوعية وثيقة بين جهاز المراقبين الماليين ووزير العدل ووزير الدولة لشئون تعزيز النزاهة ، كالعلاقة الموضوعية بين الجهاز ووزير المالية ، فجهاز المراقبين الماليين يعتبر جهاز رقابي يعنى بشكل أساسي بتحقيق الرقابة المالية المسبقة على التصرفات المالية المتعلقة بالميزانية العامة للدولة ، هذا وان ورد باختصاصات الجهاز مصطلحات تتعلق بالشفافية والنزاهة ، الا انه لا يمكن التعويل على ذكر مثل تلك المصطلحات لتبرير نقل تبعية الجهاز ، فالشفافية والنزاهة هنا مقصورة على الإجراءات المالية ولا تمتد الى مفهومها المطلق ، والا اصبح هناك تعارض فيما بين اختصاصات الجهاز واختصاصات الهيئة العامة لمكافحة الفساد (نزاهة) .

الامر الآخر يتعلق بوظيفة الرقابة المالية حيث انها في الأصل هي وظيفة مالية ويقوم بالإشراف عليها وزير المالية ، ويأتي ذلك وفق التصنيف الوظيفي الحكومي للأمم المتحدة ( COFOG ) و المعتمد من قبل صندوق النقد الدولي ، كما وردت تلك الوظيفة أيضا بدليل إحصاءات مالية الحكومية (GFSM2001) والذي تبنّته  دولة الكويت ، وبالتالي من حيث الوظيفة فهي تختلف عن الوظيفة المناطة بوزير العدل والهيئة العامة لمكافحة الفساد (نزاهة) ، كما ان احكام المرسوم بقانون رقم (31) لسنة 1978 بشأن قواعد اعداد الميزانيات العامة والرقابة عليها والحساب الختامي ، قد اكدت بان أنشطة التدقيق والرقابة المالية مناط تنظيمها من قبل وزير المالية دون غيره  من الوزراء .

لذا هل سيكون نقل تبعية جهاز المراقبين الماليين لوزير العدل دون غيره من الأجهزة المعنية بالرقابة في سياقة الموضوعي؟ 

في رأيي لا اعتقد ذلك، لذا فما هي مبررات عدم نقل قطاع مراقبي شئون التوظف بديوان الخدمة المدنية، وهو المعني بالرقابة الإدارية على الجهات الحكومية والذي يتصدى للفساد الإداري، وكذلك عدم نقل تبعية جهاز متابعة الأداء الحكومية المناط به متابعة أداء الجهات الحكومية ماليا واداريا، حسب ما زعمت بعض وسائل الاعلام.

لذا اتمنى ان يكون هناك توضيحا للمبررات الموضوعية قبل صدور أي قرار في هذا الشأن حتى يتمكن المختصين من فهم واستيعاب أهدافه ومقاصده.

Fairness of the White Army is a Duty

The medical staff were not destined to rejoice the front rows’ reward, which had not yet been disbursed until the Civil Service Bureau responded to the Ministry of Health, that doctors’ periodic leave balance could not be deported, consequently, this has caused a great disappointment. Instead, the Bureau justified its response as it is due to the provisions of the decree regarding the civil Service system, which allows the employee to keep the balance of his periodic leaves that are not benefitted from only during five years

There is no doubt that the medical teams made tremendous efforts in confronting the emerging Coronavirus pandemic continuously for over a year in which they have represented the most wonderful examples of sacrifice and loyalty. We may recall here the position of His Highness the Emir of The State of Kuwait, the late Sheikh Sabah Al-Ahmad Al-Jaber Al-Sabah, may his soul rest in peace, who cherished his sons and daughters working within the teams tasked with fighting the Coronavirus, as His Highness affirmed that those work in the front rows offering the utmost sacrifices are obligated to perform manifestations of moral honor in gratefulness of their efforts

Therefore, I think it is fair to maintain the entitlements of the front row staff according to their distinguished hard work by honoring them morally and financially, and in my opinion, based on my modest experience in the field of financial control, the matter does not require a legislative amendment rather than issuing executive decisions that do justice to the medical staff. Furthermore, I think that there are several alternatives in this regard, and they are as follows, arranged according to the ease of implementation procedures

 The first alternative: According to the authorization granted to the Minister of Health to work on all the powers established for the Civil Service Council and the Civil Service Bureau by Article 80 of Law No. (7) of 2020 regarding the practice of the profession of medicine and allied professions, the minister can issue executive decisions to maintain doctors’ benefits, in this case, the law here is in a higher rank than the decree, and this is what is argued by several specialists

 The second alternative: Compensation for those who will be negatively affected by not deporting their balance of periodical leave financially in the amount equivalent to the value of the lost balance of their leaves with a financial reward for not having a periodic leave due to the circumstances of the Corona pandemic, through the activation of Article 19 of Decree-Law No. (15) of 1979 regarding The civil service, which allows the Civil Service Bureau to propose to the Civil Service Board to approve financial incentives under the requirements of the nature of work in the government agency

 The third alternative: Issuing a decision by the Council of Ministers according to its terms of reference for issuing exceptional decisions regarding financial rewards, to compensate those who will be affected by the failure to transfer the balance of their periodic leaves financially in return for not having a periodic leave due to the circumstances of the Corona pandemic, noting that the Council is the one who previously issued the decision to grant rewards for the front rows

 The fourth alternative (a radical solution): is an initiative by the Civil Service Bureau requesting to amend Article 40 of the decree issued on 4/4/1979 in the matter of the civil service system, to allow the employee to compensate the balance of his vacations that are forfeited if he does not benefit from them, not exceeding (90) a day throughout his service period, similar to what is decided for some financial cadres (the Audit Bureau – the Public Authority for Combating Corruption – the Kuwaiti Investigation Unit – the Financial Controllers Authority), to achieve justice among state employees in this regard

In conclusion … An expression of great gratitude, respect, and appreciation is dedicated to our white army for what they have done to protect us from this pandemic … We ask God the Almighty to end this epidemic

إنصاف الجيش الأبيض واجب

صحيفة الانباء 13 مارس 2021

https://alanba.com.kw/1029769

لم يكن مقدرا للطواقم الطبية بان يهنئوا بمكافأة الصفوف الامامية والتي لم يتم صرفها حتى الآن، حتى جاء رد ديوان الخدمة المدنية لوزارة الصحة والقاضي بعدم إمكانية ترحيل اجازات الأطباء، والذي لاقى امتعاض شديد من قبل كادر الأطباء كما أصابهم بخيبة امل كبيرة، وقد برر الديوان رده هذا الى ما جاء من احكام في المرسوم بشأن نظام المدنية، والتي تجيز للموظف بالاحتفاظ برصيد إجازاته الدورية التي لم ينتفع بها فقط خلال خمس سنوات، فالأطباء الان أصبحوا بين السندان والمطرقة.

ولا يوجد شك لدى الجميع بان الدور الذي قامت به الاطقم الطبية من جهود جبارة في مواجهة جائحة فايروس كورونا المستجد بشكل متواصل دون كلل وملل على مدى يزيد عن سنة سطروا فيها أروع الأمثلة في التضحية والوفاء، ولعلنا نستذكر هنا موقف المغفور له بإذن الله تعالى سمو امير البلاد الراحل الشيح صباح الأحمد الجابر الصباح ، الذي شكر وقدر ابناءه وبناته العاملين ضمن الفرق المكلفة بمواجهة فايروس كورونا المستجد، حيث أكد سموّه على ان من يقف في الصفوف الامامية مقدمين اقصى التضحيات واجب ان يحضوا بمظاهر التكريم المعنوي والمادي تقديرا لجهودهم.

لذلك أرى من الانصاف ان نحافظ على استحقاقات العاملين بالصفوف الامامية على قدر جهودهم المميزة في ظل التوجيهات السامية بتكريمهم معنويا وماديا، وفي رأيي انطلاقا من خبرتي المتواضعة في مجال الرقابة المالية، فالأمر لا يتطلب الى تعديل تشريعي على قدر الاهتمام بإصدار القرارات التنفيذية التي تنصف كادر الأطباء، وارى ان هناك عدة بدائل في هذا الشأن وهي على النحو التالي مرتبة حسب سهولة إجراءات تنفيذها:

  • البديل الأول: بموجب التخويل الممنوح لوزير الصحة بممارسة كافة الصلاحيات المقررة لمجلس الخدمة المدنية وديوان الخدمة المدنية استنادا للمادة 80 من القانون رقم (7) لسنة 2020 في شان مزاولة مهنة الطب والمهن المساعدة، يمكن للوزير اصدار القرارات التنفيذية للحفاظ على استحقاقات الأطباء، فالقانون هنا اعلى مرتبة من المرسوم وهذا ما يدفع به عدد من المختصين.
  • تعويض من سيتضرر من عدم ترحيل رصيد اجازاته الدورية ماديا بما يعادل قيمة ما يسقط من رصيد اجازاته بمكافأة مالية نظير عدم تمتعه بإجازة دورية بسبب ظروف جائحة كورونا، وذلك من خلال تفعيل المادة 19 من المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1979 بشأن الخدمة المدنية، والتي تجيز لديوان الخدمة المدنية الاقتراح على مجلس الخدمة المدنية بإقرار حوافز مادية وفقا لما تقتضيه طبيعة العمل في الجهة الحكومية.
  • البديل الثالث: اصدار قرار من مجلس الوزراء بموجب اختصاصاته المتعلقة بإصدار القرارات الاستثنائية في شان المكافآت، وذلك لتعويض من سيتضرر من عدم ترحيل رصيد اجازاته الدورية ماديا نظير عدم تمتعه بإجازة دورية بسبب ظروف جائحة كورونا، علما بان المجلس هو من أصدر سابقا قرار منح مكافآت الصفوف الامامية.
  • البديل الرابع: وهو حل جذري يتمثل بقيام ديوان الخدمة المدنية بطلب تعديل المادة 40 من المرسوم الصادر في 4/4/1979 في شأن نظام الخدمة المدنية، بحيث يسمح بتعويض الموظف عن رصيد اجازاته التي تسقط في حال عدم الاستفادة بها بما لا يتجاوز (90) يوم طوال فترة خدمته، اسوة بما هو مقرر لبعض الكوادر المالية (ديوان المحاسبة – الهيئة العامة لمكافحة الفساد – وحدة التحريات الكويتية – جهاز المراقبين الماليين)، بهدف تحقيق العدالة بين موظفي الدولة في هذا الشأن.

ختاما … كلمة شكرا لجيشنا الأبيض لا تكفي لرد العرفان والتقدير لهم على ما بذلوه لحمايتنا من هذه الجائحة … ونسأل الله العلي القدير ان يرفع عنّا الوباء ويدفع البلاء عن سائر بلاد العالمين.

حوكمة الصرف من صندوق دعم الجهود الحكومية

صحيفة الانباء 9 مارس 2021

https://alanba.com.kw/1028787

في سياق السؤال البرلماني الموجه إلى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء بشأن صندوق دعم الجهود الحكومية في مواجهة فايروس كورونا المستجد، والذي تضمّن تساؤل فيما إذا كان الصندوق قد خضع لرقابة ديوان المحاسبة وجهاز المراقبين الماليين.

فعلى الرغم من الأهداف السامية لإنشاء هذا الصندوق والذي يجسّد مدى التضامن على المستوى الشعبي في مواجهة الكوارث التي تواجه دولة الكويت، الا ان ما جاء بمضامين السؤال البرلماني يعتبر امرا مستحقا، لكي يتم تبيان مدى الحوكمة التي تتمتع بها إجراءات الصرف من هذا الصندوق، وكذلك لتوفير الشفافية لمقدمي تلك التبرعات.

وكان من المستغرب انه في ظل تكليف الأمانة العامة لوزارة المالية بصفتها تمثّل الإدارة المالية العامة للدولة وهي المعنية بالميزانية العامة للدولة والقواعد الخاصة بها بما في ذلك القواعد المتعلقة بالرقابة عليها، الا ان الإجراءات التي تم التعامل معها في شان انشاء هذا الصندوق من وجهة نظري تجاوزت موضوع تسهيل الإجراءات الروتينية المعتادة التي طلبها مجلس الوزراء، حيث ارى انها لا تتسق مع القوانين والنظم واللوائح المعتمدة والتي أكد مجلس الوزراء على مراعاتها في قراره.

فكان من المتوقع بان تبيّن الجهات الرقابية المعنية لمجلس الوزراء كل وفق واختصاصه بان انشاء الصندوق على النحو الصادر بقراره لا يتسق مع القوانين والنظم واللوائح المقررة في هذا الشأن ، وان الإجراءات الواجب اتباعها في مثل هذه الحالات هي الموضحة بتعميم وزير المالية رقم 4 لسنة 2015 ، والتي صنفت أغراض صندوق دعم الجهود الحكومية في مواجهة فايروس كورونا المستجد كإيرادات للدولة تحت ما يسمى بالتحويلات الطوعية ،  وهي الهبات الطوعية المقدمة من الافراد والمؤسسات الخاصة غير الهادفة للربح والمؤسسات غير الحكومية والشركات .

وبالمقابل على الدولة تخصيص اعتمادات مالية بالميزانية العامة بقيمة التبرعات التي تحصّلت عليها كدعم للجهود الحكومية استنادا للمادة 141 من الدستور واحكام المرسوم بقانون 31 لسنة 1978، ومن ثمة يمكن اخضاع الاعتمادات المخصص لرقابة الأجهزة الرقابية المختلفة بالدولة، باعتبار ان تلك المبالغ مدرجة ضمن الميزانية العامة للدولة ويسري عليها ما يسري على الاعتمادات المالية الأخرى، علما بان تلك الإجراءات أيضا تتسق معايير المحاسبية الدولية في هذا الشأن.

كما ان تلك  الإجراءات أخرجت مبالغ التبرعات من نطاق رقابة جهاز المراقبين الماليين وفقا لما جاء بالمادة الأولى من قانون انشاءه ،هذا وإن أشار القانون بشكل او بآخر الى بعض الرقابة النوعية على التبرعات الا انها غير قابلة للتطبيق فنيا وقانونيا في الوقت الراهن، وكذلك أخرجت تلك الإجراءات من نطاق رقابة ديوان المحاسبة وفقا لما جاء بالمادة الخامسة من قانون انشاءه ، ويقتصر دور ديوان المحاسبة في هذا الشأن في حدود احكام القانون رقم 1 لسنة 1993 بشأن حماية الأموال العامة، باعتبار  تلك الأموال ضمن الأموال العامة طالما هي تحت إدارة واشراف الدولة.

علما بان توجد سوابق إيجابية لمجلس الوزراء توضح أهمية دور الأجهزة الرقابية في إعادة النظر في بعض قراراته، حيث سبق لمجلس الوزراء ان تراجع عن أحد القرارات التي كانت لا تتسق مع بعض القوانين والنظم واللوائح بناء على راي من قطاع الرقابة المالية بوزارة المالية، وكنت أتمنى لو اعاد مجلس الوزراء النظر بقراره في حينه.

السحب من احتياطي الأجيال القادمة .. بين الرفض والقبول

صحيفة الانباء 25 فبراير 2021

https://alanba.com.kw/1026112

العناوين الرئيسية:

  • من الواضح ان كل الإجراءات التي اتخذتها الإدارة المالية العامة للدولة في سبيل معالجة معضلة عجز الموازنة لم تفي بالغرض.
  • ان أصل مشكلة العجز نابعة من الخلل بنموذج عمل الإدارة المالية العامة والذي انعكس سلبا على البيانات المالية للدولة.
  • التعديل على المرسوم بالقانون رقم (106) لسنة 1976 في شأن احتياطي الأجيال القادمة النحو الذي اقترحته الإدارة المالية العامة لا يعتبر تعديلا مناسبا.
  • يجب ان نلتزم بوصية المشرع بان نكون أوفياء للأمانة وحافظين للرسالة لأجيالنا القادمة.

على الرغم من تمسك الإدارة المالية العامة للدولة بمشروع قانون الدين العام الا انه بات من الواضح انها قد وضعت امام مجلس الامة خيارين، اما إقرار مشروع قانون الدين العام، او إقرار مشرع قانون السحب من احتياطي الأجيال القادمة.

 وتأتي خطوة مشروع تعديل المادة الثالثة  من المرسوم بالقانون رقم (106) لسنة 1976 في شان احتياطي الأجيال القادمة نتيجة لعدم وجود توافق فيما بين الحكومة ومجلس الامة بشان مشروع قانون الدين العام ، خاصة في ظل عدم قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها في توقيتاتها المناسبة ، وبهذا المشروع يتضح من ان  كل الإجراءات التي اتخذتها الإدارة المالية العامة للدولة في سبيل معالجة معضلة عجز الموازنة لم تفي بالغرض المطلوب، وفي رايي بان هناك قناعة من الادارة من ان الإجراءات التي تبنتها سابقا ليست هي الإجراءات الناجعة التي تعالج مشكلة عجز الموازنة العامة ، لان أصل المشكلة في رايي كانت نتيجة لخلل في أسلوب عمل الإدارة المالية العامة بالدولة، وهذا ما أفصح عنه بشكل غير مباشر سمو رئيس مجلس الوزراء مؤخرا اثناء لقاءه مع الصحافة المحلية من ان العجز كان نتيجة لقرارات حكومية الى جانب قوانين صادرة من قبل مجلس الامة.

وقد انعكس أداء العمل السلبي  لاسلوب عمل الإدارة المالية العامة المتبع على نتائج البيانات المالية للدولة، فقد أظهرت تلك البيانات من ان حجم المبالغ المسحوبة من الاحتياطي العام لسد عجز الموازنة العامة قد بلغت خلال الفترة من 2014/2015 الى 2019/2020 مبلغ 24.2 مليار دينار تقريبا ،هذا بخلاف الالتزامات الأخرى والتي رفعت سقف السحب من الاحتياطي العام بما يزيد عن 40 مليار دينار  ، حيث بات من الواضح ومن خلال تلك البيانات ان مشروع قانون للدين العام لن يكون هو الوسيلة الفعالة لمعالجة ازمة السيولة النقدية ، خاصة في ظل اسلوب عمل الإدارة المالية العامة الحالي ، هذا ولن يستطيع صندوق الاحتياطي العام مستقبلا الوفاء بالتزاماته نتيجة لعدم القدرة على تحقيق الاستدامة للمالية العامة ،ولعدم وجود برنامجا إصلاحيا شاملا للموازنة العامة للدولة .

وفي رأيي ان مجرد تفكير الإدارة المالية العامة بان تستفيد من صندوق الأجيال القادمة يعتبر من أحد الحلول الموضوعية بشرط ان تكون الاستفادة تتسم بالحوكمة ، هذا وان لاقى هذا الامر ردود أفعال سلبية من قبل أعضاء مجلس الامة و الراي العام ، وكان اللافت في الامر ان الإدارة المالية العامة بعدما كانت تعارض أي طرح للاستفادة من احتياطي الأجيال القادمة ،أصبحت مؤخرا تتقبل الفكرة بل وتتبناها، وكان هذا واضحا عندما جاءت وزير المالية السابق بمشروع قانون بإعادة النظر باستقطاع نسبة 10 بالمئة من الإيرادات العامة لصالح هذا الاحتياطي ، حيث كان يرى ان هذا المشروع له جوانب فنية ومهنية من شأنها ان تعزز السيولة للموازنة العامة للدولة، وقد انتهى هذا المشروع بصدور القانون رقم (18) لسنة 2020 بتعديل بعض احكام المرسوم بالقانون رقم (106) لسنة 1976 في شان احتياطي الأجيال القادمة.

لكن التساؤل هنا هل تعديل المرسوم بالقانون رقم (106) لسنة 1976 في شأن احتياطي الأجيال القادمة على النحو الذي اقترحته الإدارة المالية العامة يتّسم بالحصافة؟

في رايي لا اتفق تماما مع تعديل المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم (106) لسنة 1976 ولأسباب موضوعية، تلك الأسباب التي سبق ان تناولتها وبنوع من التفصيل الفني والقانوني في الصحيفة في فبراير 2020 بعنوان (حقيقة العجز في الموازنة العامة للدولة) ، وذلك عندما اثرت الجوانب التشريعية المتعلقة بالموضوع ، وعلى وجه الخصوص حكم الدستور في المرسوم بقانون رقم (106) لسنة 1976 وأثره على حقيقة العجز في الموازنة العامة للدولة، واثرنا أيضا راينا بوجوب ان يلعب صندوق الأجيال القادمة دورا محوريا في معالجة ازمة السيولة النقدية طالما كانت الاستفادة تنطلق من ركائز موضوعية لا تمس ديمومته الصندوق ونموه.

وتأكيدا على تلك الركائز الموضوعية علينا ان نسترجع رؤية المشرع عندما اقر المرسوم بقانون رقم (106) لسنة 1976، حيث صدر المرسوم بقانون بهدف تامين مستقبل الأجيال القادمة في وقت تحقيق الدولة لوفرة مالية، ولكي تضمن الدولة من خلاله تحقيق الاستدامة المالية عبر الأجيال عند الحاجة له في الظروف الصعبة التي تواجه الدولة.

والان وبعد أربعة عقود ونيف من الزمن ونتيجة للظروف المالية الصعبة التي تواجهها الدولة ،والتي انعكست سلبا على المركز المالي للاحتياطي العام بسبب انخفاض أسعار النفط من جهة، وزيادة المصروفات من جهة أخرى، هذا في ظل عدم تمكّن سيولة الاحتياطي العام للدولة من الاستمرار من سد العجز في الموازنة العامة ، أصبحت الأجيال الحالية والتي كانت تمثل الأجيال القادمة عند انشاء صندوق الأجيال القادمة في حاجة ماسة للاستفادة من هذا الصندوق وفقا لرؤية المشرع في ذلك الوقت ، وذلك من خلال تعزيز الإيرادات العامة للدولة بعوائد استثمار أموال احتياطي الأجيال القادمة ، واعتبارها رافدا أساسيا للإيرادات العامة بالميزانية العامة للدولة الى جانب الإيرادات النفطية لتكون ركيزة في تحقيق الاستدامة المالية  .

ان مثل هذا الخيار يتسق مع احكام المادة (140) من الدستور المتعلق بمبدأ شمولية الميزانية، كما سيحافظ على استمرارية تعزيز المقومات الأساسية التي حددها الدستور للمجتمع الكويتي من تنمية اقتصادية ورفع المستوى المعيشة وتحقيق الرخاء للمواطنين، والتي هي ذاتها الاهداف التي أكد عليها المشرع بالمرسوم بقانون رقم (106) لسنة 1976، هذا الى جانب ضمان خضوع استخدام عوائد استثمار احتياطي الأجيال القادمة لرقابة السلطة التشريعية طالما يقر استخدامها ضمن قانون الميزانية العامة السنوية ، حيث ان تعديل المادة الثالثة من المرسوم بقانون على النحو المقترح يضعف دور السلطة التشريعية الرقابي على سحب الأموال من الاحتياطي الأجيال القادمة .

كما ان هذا الخيار لن يمس بأهداف المرسوم بقانون احتياطي الأجيال القادمة، بل يؤكد على عدم المساس به والتي وضحته المادة الثالثة من بالمرسوم بقانون رقم (106) لسنة 1976 وتعديلاته، والتي لا تجيز أخذ أي مبلغ من احتياطي الأجيال القادمة، بل سيحافظ هذا الخيار على استدامه الاحتياطي من خلال فوائض الميزانية وعوائد الاحتياطي العام مستقبلا.

لذا أرى ان تكون عوائد صندوق احتياطي الأجيال القادمة رافدا أساسيا في الموازنة العامة للدولة، لا ان يتم سحب مبلغ سنوي لصالح الاحتياطي العام، هذا من خلال تعديل المادة الثانية من المرسوم بقانون بدلا من المادة الثالثة لتكون على النحو التالي (تستثمر الهيئة العامة للاستثمار أموال احتياطي الأجيال القادمة، ويضاف عائد استثماراتها الى الإيرادات العامة بالميزانية العامة للدولة).

وهذا التعديل يتسق مع توجه الإدارة المالية العامة المتعلق بتبني البدائل الفنية والمهنية في المعالجات المتعلقة باحتياطي الأجيال القادمة، مع التأكيد على ضرورة وجود برنامجا إصلاحيا شاملا للموازنة العامة للدولة يتم الاتفاق عليه بين السلطة التنفيذية والتشريعية للحفاظ على مقدّرات الأجيال القادمة وتحقيق الاستدامة المالية، والتي أكد عليها المشرع عندما ذكر بالمذكرة الايضاحية للمرسوم بقانون عبارته التالية:

(وبذلك نكون قد أوفينا الأمانة وحفظنا لأجيالنا القادمة الرسالة)

تبادل أصول الصناديق السيادية … بين الضرورة والعدالة

صحيفة الانباء 21 فبراير 2021

https://alanba.com.kw/1025228

العناوين الرئيسية:

  • اكتنف عملية تبادل أصول احتياطي العام باحتياطي الأجيال القادمة الغموض.
  • لم تكن صفقة تبادل بعض الأصول بين الصناديق السيادية صفقة عادلة لصندوق الاحتياطي العام.
  • يتطلب الامر تقييم الإجراءات التي تمت في التبادل من جميع جوانبها المالية والفنية والقانونية.

منذ ان لاحت في الأفق بوادر مشكلة شح السيولة النقدية في الخزانة العامة للدولة، حتى بادرت الأجهزة المعنية بالإدارة المالية العامة بالمضي في تنفيذ خيارات لتوفير السيولة اللازمة لتمويل عجز الموازنة العامة، وقد استنفذت تلك الأجهزة معظم الخيارات المتاحة لها وكان آخرها مبادلة أصول احتياطي العام باحتياطي الأجيال القادمة.

وقد اكتنف عملية التبادل تلك الغموض، فتارة قيل بانها عملية بيع وشراء وفق ما صرح به وزير المالية السابق والتي تمت بموجب موافقة مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار بقيمة 2.5 مليار دينار لصالح احتياطي العام، كما أكد بان تقييم الأصول تم بشكل دقيق في وقت الشراء وبالقيمة السوقية.

وتارة أخرى ينقل عن مصادر حكومية من خلال تقارير صحفية اقتصادية بانها عمليات مبادلة للأصول ونقل الملكيات وفقاً لآلية محاسبية تضمن توفير السيولة والتي تم البدء بها فعليا منذ يونيو 2020، كما أشارت ذات التقارير بان من بين تلك الاصول مؤسسة البترول الكويتية وتم التبادل بقيمتها الدفترية والتي تعادل 2.5 مليار دينار.

وفي ظل تلك التصريحات والتقارير المتضاربة حول حقيقة التبادل في الأصول بين الاحتياطي العام واحتياطي الأجيال، يثار تساؤل هنا هل ما تم بين الصناديق السيادية هي عملية بيع وشراء حقيقية، ام هي مجرد تبادل ونقل أصول فيما بينها؟ وهل يمكن ان تتم تلك العملية بهذه البساطة المطروحة؟

في رأيي ان الموضوع أكثر تعقيدا مما نتصوره، فهناك جوانب فنية ومالية وقانونية في هذه المسالة، فالأمر ليس مجرد نقل أصول دفتريا كما يتصوره البعض او كما يصوره البعض لنا، نحن امام صناديق سيادية أسست بموجب تشريعات مختلفة، وذات ذمم مالية وقانونية منفصلة وان كانت تملكها جهة واحدة ممثلة بالدولة.

 فالاحتياطي العام جاء نتيجة للمرسوم بقانون المرسوم بقانون رقم (31) لسنة 1978 بشان قواعد اعداد الميزانيات العامة والرقابة على تنفيذها والحساب الختامي، اما احتياطي الأجيال القادمة فجاء بموجب المرسوم بقانون رقم (106) لسنة 1976، وكلاهما تتولى الهيئة العامة للاستثمار بإسم حكومة الكويت ولحسابها إدارة استثمار أموال تلك الاحتياطيات بموجب قانون انشاء الهيئة رقم (47) لسنة 1982.

كما ان عملية تقييم الأصول عملية معقدة فهي تخضع لمعايير وعوامل مؤثرة، فعلى سبيل المثال لو اخذنا مؤسسة البترول كأحد الأصول التي نقلت او بيعت للاحتياطي الأجيال، فان العوامل الرئيسية المؤثرة لتقييم المؤسسة تتمثل في مدى ضمان توزيع المؤسسة للأرباح، واستدامة التدفق النقدي بها وحجم الموارد التي تمتلكها، مع الاخذ بعين الاعتبار مخاطر التركيز المرتبطة بالنشاط النفطي للمؤسسة.

فهل تلك المعايير والعوامل اخذت بعين الاعتبار عند تقييم المؤسسة كحد أصول الاحتياطي العام؟

بناء على الأرقام المعلنة سواء الواردة بالتصريحات او التي اشارت اليها التقارير الاقتصادية، في رأيي ان تقييم بعض الأصول لم يكن دقيقا، كما لم يتبين انها تمت وفقا للقيمة السوقية في وقت الشراء كما قيل، وانما كان التقييم وفقا للقيمة الدفترية، فالقيمة المذكورة بالنسبة لمؤسسة البترول الكويتية في حقيقة الامر تمثل رأس مال المؤسسة عند تأسيسها بموجب المرسوم بقانون رقم (6) لسنة 1980 والذي يبلغ مليار دينار، وقد تمت زيادته ليبلغ 2.5 مليار دينار بموجب القانون رقم (54) لسنة 1982.

لذا وفي رأيي لم تكن صفقة التبادل المتعلقة بالمؤسسة والمبنية على البيع والشراء – حسب ما زعم – صفقة عادلة لصندوق الاحتياطي العام، وندلل على ذلك لو قارنا القيمة السوقية لبعض الشركات البترولية العالمية لوجدنا الفرق الشاسع في تقييمها سوقيا، وفيما يلي القيم السوقية التقريبية لتلك الشركات وفق بعض التقارير الصادرة في عام 2019 (أرامكو 1.7 تريليون دولار، شِل 225 مليار دولار، إكسون موبيل 228 مليار دولار ، توتال 141 مليار دولار، بي بي 126 مليار دولار، شيفرون 221 مليار دولار).

ومن جانب آخر، هناك تساؤل قانوني مستحق يتعلق بهذه المسالة، وهو هل يتطلب مثل تلك الصفقة (البيع والشراء) الى موافقة مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار فقط، ام يتطلب موافقة مجلس الامة المسبقة؟ فكما نعلم ان مؤسسة البترول الكويتية تأسست بموجب مرسوم بقانون مصادق عليه من مجلس الامة، وفي رأيي لا يمكن التصرف بالمؤسسة كأصل سواء تبادلا ام بيعا الا بذات الأداة التشريعية.

وهناك مسالة قانونية أخرى تتعلق بأرباح المؤسسة، فبموجب المرسوم بقانون انشاء المؤسسة فان أرباحها المتبقية بعد استقطاع نسبة الاحتياطيات تؤول الى الخزانة العامة للدولة والمتمثلة بالاحتياطي العام، ففي ظل الإجراءات التي تمت بين الصندوقين السياديين سواء كان ذلك تبادلا او بيعا وشراء في رايي لا يمكن تحويل ارباح المؤسسة الى احتياطي الأجيال الا بقانون في هذه الحالة.

وفي حال فرضية الإبقاء على تحويل أرباح المؤسسة للاحتياطي العام التزاما بمرسوم قانون انشاء المؤسسة، فان هذا الاجراء أيضا في رايي يتعارض مع احكام المرسوم بقانون رقم (106) لسنة 1976 في شان احتياطي الأجيال القادمة وتعديلاته والتي لا تجيز اخذ أي مبلغ من هذا الاحتياطي الا بقانون، باعتبار ان المؤسسة أصبحت أحد أصول احتياطي الأجيال.

لذا يتطلب الامر تقييم هذا الموضوع من جميع جوانبه المالية والفنية والقانونية، نظرا لأثره المادي على المراكز المالية والقانونية للصناديق السيادية المعنية وذلك لمزيدا من الشفافية.

فهذا ديوان المحاسبة قد ابدى ملاحظاته على هذا الموضوع من خلال تأكيده على غياب نظم وإجراءات الحوكمة في وقت اتخاذ قرار مبادلة الأصول فيما بين الاحتياطي العام واحتياطي الأجيال القادمة ، وتجدر الإشارة بان هناك تقارير أخرى تشير الى إعادة اثارة موضوع مديونية مؤسسة البترول للخزانة العامة عن أرباحها المحتجزة، لذا كيف سيتم التعامل مع هذا الموضوع في ظل عملية البيع او التبادل التي تمت بين الصندوقين؟

الموضوعية مطلوبة في المقترحات التشريعية (قانون انشاء جهاز المراقبين الماليين)

صحيفة الانباء 12 فبراير 2021

https://alanba.com.kw/1023723

العناوين المقترحة:

  • ترجع أسباب رصد الجهات الرقابية للمخالفات الى امرين اما لوجود خلل في التشريع واما نتيجة للممارسات الخاطئة.
  • من الناحية التشريعية التعديلات المقترحة لن تساهم في عدم تكرار جرائم التطاول على المال العام، مثل ما يسمى بـ “صندوق الجيش” و”الصندوق الماليزي“.
  • تراجع الجهاز عن المضي في تطبيق معايير الحوكمة في اجراءاته المتعلقة بشئون التوظف.
  • يتطلب الامر ان تكون هناك قراءة جادة وموضوعية لواقع نظام الرقابة المالية المسبقة.

قدم عدد من نواب مجلس الامة اقتراحاً بقانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم (23) لسنة 2015 بإنشاء جهاز المراقبين الماليين، وحسب ما يراه مقدمو هذا الاقتراح فان هذا التعديل يهدف الى منح جهاز المراقبين الماليين المزيد من الاستقلالية المالية والإدارية لتحقيق رقابة مسبقة فعالة على الأداء المالي للدولة.

وقد سبق ان تم تقديم ذات المقترح في دور الانعقاد السابق لمجلس الامة حيث ابديت حوله رأيي من خلال قراءة تحليلية نشرت في الصحيفة بعددها الصادر في 14 يناير 2020، الا انني رأيت من المناسب ان استذكر بعض هذا الراي ولو بشكل مختصر قدر الإمكان من خلال الإجابة على بعض التساؤلات بشكل موضوعي في هذه المقالة بعد ما تم إعادة تقديم المقترح مرة أخرى.

هل التعديلات المقترحة على القانون ستساهم في زيادة وتطوير مهام واختصاصات جهاز المراقبين الماليين؟ وهل ستحرر التعديلات المقترحة الجهاز من الصعوبات والعراقيل التي تواجهه؟ وهل ستحافظ تلك التعديلات على استقلالية الجهاز الإدارية والمالية على النحو الذي يأمله مقدمي هذا المقترح بقانون؟

بادئ ذي بدء يجب ان نوضح بانه عندما يتم  تطبيق التشريعات التنظيمية وعلى وجه الخصوص التشريعات التي تنظم الشئون المالية بالدولة ،تبرز بشأنها بعض الملاحظات التي تبديها الجهات الرقابية على الجهات الحكومية التي تخضع لرقابتها ،نتيجة لعدم التزام الجهات بتلك التشريعات وذلك لأمرين ، اما لوجود خلل في التشريع وبالتالي يستلزم التدخل لتعديل تلك التشريعات بما يتلاءم مع متطلبات الواقع ، واما يكون نتيجة للممارسة الخاطئة من قبل الجهات الحكومية ، وأيضا هنا يستلزم التدخل لتقويم تلك الممارسات والتصرفات من خلال المحاسبة الجادة للمتسببين بها .

لذا على المشرع عند التفكير باي تعديل تشريعي ان يؤخذ هذه المسالة بعين الاعتبار.

وفيما يتعلق بالتعديلات المقترحة على قانون انشاء جهاز المراقبين الماليين، ففي رأيي ان مثل تلك التعديلات المقترحة غير مرتبطة بالأهداف المزمع تحقيقها والتي أشار اليها مقدمو الاقتراح، فتحديد فترة الخبرة المطلوبة في القياديين بالجهاز هي على مستوى الدولة متحقق في ظل احكام المرسوم بالقانون رقم (15) لسنة 1979 بشأن نظام الخدمة المدنية وتعديلاته والقرارات المنظمة لأحكامه.

اما استقلالية جهاز المراقبين الماليين الإدارية والمالية فهي أيضا متحققة في ظل احكام القانون الحالي، ولا أرى في سلب اختصاصات مجلس الخدمة المدنية في شان تنظيم شئون التوظف بالدولة بما في ذلك سياسة الأجور والمرتبات والمقررة لديوان الخدمة المدنية وفق احكام الدستور والقانون له صلة بالاستقلالية والإدارية، فالأصل ان يقوم المشرع بإلغاء النصوص التي تمنح الجهات تلك الاختصاصات لا تعزيزها، فالجهاز مستقل إداريا من خلال سلطة رئيس الجهاز واللجنة العليا، ومستقل ماليا من خلال الميزانية المستقلة المقررة له سنويا .

وبشأن الرغبة في مد نطاق رقابة الجهاز لكي يسري على الشركات المملوكة للدولة بنسبة 50%، ففي ظل فعالية رقابة ديوان المحاسبة على تلك الشركات. لا يعتبر هذا تطويرا للاختصاصات انما زيادة في نطاق الرقابة.

وفيما يتعلق بمسالة تطبيق الرقابة المالية المسبقة على المكاتب الخارجية التابعة للجهات الحكومية أيا كان نوعها، فالجهاز ملزم بها قانونا في ظل احكام القانون الحالي، وعدم ممارسة الجهاز لهذه الرقابة حتى تاريخه يساءل عنه الجهاز ولا يتطلب تعديلا تشريعيا.

ولم ارى في هذا المقترح من الناحية التشريعية مساهمته في عدم تكرار جرائم التطاول على المال العام، مثل ما حدث فيما يسمى بـ “صندوق الجيش” و”الصندوق الماليزي” حسب ما يعتقده مقدمو الاقتراح.

كما ان انشاء لجنة للتظلمات متحقق من خلال لجنة “شئون المراقبين الماليين” المنصوص عليها باللائحة التنفيذية ولذات الأغراض الواردة بالمقترح، وان اقتراح الاستعانة بأعضاء باللجنة من خارج الجهاز يعتبر في رأيي تدخل في استقلالية الجهاز، خاصة في ظل وجود آليات ونظم متعلقة بالبت بالاختلافات في وجهات النظر، إما من خلال استفتاء ادارة الفتوى والتشريع او البت من قبل لجنة الحسم بمجلس الوزراء.

هذا وان النص بالتعديل على عدم عزل القائمين على الوظائف القيادية وتنظيم ذلك، فهذا التعديل أيضا ليس موضوعيا لان الهدف من التعديل متحقق في ظل احكام نظام الخدمة المدنية والتي خصت مجلس الخدمة المدنية والمكون من الوزراء المعنيين بتأديب شاغلي الوظائف القيادية ومنها الفصل من الخدمة.

فان كان هناك تعديل مستحق فالأجدر ان يحقق هذا التعديل معايير الحوكمة في كثير من الجوانب ومن أهمها اختيار القياديين والاشرافيين، وتحديد نظم الترقيات والتقييم بالجهاز، والتي يجب ان تعتمد على معايير الكفاءة والجدارة والاستحقاق كما هو معمول به بديوان المحاسبة والذي يطالب الجهاز ذات المعاملة للديوان ،علما بان الجهاز يطبق ذات الكادر الى حد كبير.

وتجدر الاشارة بان وزارة المالية طبقت معايير شغل الوظائف الاشرافية بمعايير أفضل شفافية مما اقرته اللجنة العليا بالجهاز مؤخرا والتي يرأسها ذات الوزير، حيث لوحظ تراجع الجهاز عن المضي في تطبيق معايير الحوكمة في المفاضلة في الاختيار بالوظائف الاشرافية والترقيات والتقييم السنوي والتي رسخها الجهاز واعتمد استراتيجيتها في بداية انشاءه دون وجود أي مبررات موضوعية لهذا التراجع.

وعلى ما سبق ذكره نرجع الى تساؤلنا الأساسي، هل يوجد خلل في التشريع وبالتالي يستلزم التدخل على النحو المقترح من أعضاء مجلس الامة؟  

انطلاقا من واقع خبرتي في هذا المجال والتي تشرفت بان أكون أحد مؤسسي نظام الرقابة المالية المسبقة بدولة الكويت، وبصفتي المسئول السابق عن القطاع المعني بوزارة المالية الذي ابدى رايه الإيجابي على مقترح بقانون بإنشاء جهاز للمراقبين الماليين في ذلك الوقت، ومع تقديري واحترامي لمقدمي هذا التعديل، الا ان في رأيي انهم لم يتلمّسوا مكامن الخلل الموضوعية فيما يواجه نظام الرقابة المالية المسبقة في الدولة سواء كانت مكامن الخلل في التشريع ام في التطبيق.

لذا يتطلب الامر ان تكون هناك قراءة جادة وموضوعية لواقع نظام الرقابة المالية المسبقة انطلاقا من رؤية المشرع تاريخيا للنظام وما كان مأمول منه، ومرورا بنتائج تطبيقه على ارض الواقع على مدى تقريبا 3 عقود من الزمن، ودراسة التحديات التي واجهته، وصولا الى التشخيص الصحيح لما يتطلبه النظام من تطوير، سواء كان من الجانب التشريعي او الجانب التطبيقي.

ملاحظة: لمعرفة المزيد عن الراي الفني لهذا الموضوع يمكن الرجوع الى “القراءة تحليلية لاقتراح تعديل القانون رقم 23 لسنة 2015 بشأن إنشاء الجهاز” https://www.alanba.com.kw/945695

الإصلاحات المالية … اهي نهج ام مجرد شعار؟

صحيفة الانباء 7 فبراير 2021

https://alanba.com.kw/1022332

العناوين الرئيسية

  • لا خلاف على ان المشكلة المزمنة التي أصابت الاقتصاد المحلي القت بظلاله على الحالة المالية للدولة.
  • الحلول والإجراءات التي سبق تقديمها قبل عقود لمعالجة الاختلالات الهيكلية أصبحت عديمة الجدوى في معالجتها في هذا الوقت.
  • اجمع المختصين على ان أساس المشكلة تأثر القرارات الاقتصادية والمالية بالقرارات السياسية شعبوية الطابع.
  • ان القرارات والممارسات المالية الحالية لا تتسق مع رؤية ورسالة الإدارة المالية للدولة، ولا مع وثيقة اصلاحاتها المالية.
  • الاثار المالية لقانون قوة الإطفاء العام رقم 13 لسنة 2020 أحد الأمثلة على القرارات السلبية.

عندما نتطرق للتحديات التي تواجه الدولة واقصد هنا التحديات المالية والاقتصادية، دائما يتزامن هذا الحديث مع المطالبة بوجوب قيام الدولة بإصلاحات هيكلية لمعالجة الاختلالات المالية والاقتصادية ،والتي تواجه الإدارة المالية العامة للدولة وتأثر سلبا على مركزها المالي ، ونرى ان هناك اتفاق تام من ان المشاكل المزمنة التي أصابت الاقتصاد المحلي القت بظلالها على الحالة المالية للدولة، وان استمرار هذا الوضع منذ عدة عقود من الزمن على الرغم من توافر الحلول التي كانت كفيلة بمعالجة تلك الاختلالات في وقتها ، الا ان تلك الحلول اصبحت ضعيفة الاثر إن لم تكن عديمة الجدوى في معالجة بعض تلك الاختلالات في وقتنا الراهن.

وقد اجمع كل المختصين اكانوا اقتصاديين ام ماليين على ان التعامل مع الملفات الاقتصادية والمالية الشائكة لم يكن بالقدر المطلوب في الفترة السابقة، بسبب تأثر القرارات الاقتصادية والمالية بالقرارات السياسية الشعبوية ، وذلك في ظل استمرار بقاء الموازنة العامة للدولة رهينة لمورد وحيد وناضب وهو النفط، الامر الذي انعكست تلك القرارات على تضخم مصروفات الموازنة العامة للدولة، والتي تضاعفت خلال فترة زمنية قصيرة نسبيا بشكل ملحوظ  لدرجة أصبحت خارج السيطرة حتى قفزت تقديراتها الى ما يزيد عن  23 مليار دينار في مشروع الموازنة العامة  للدولة للسنة المالية  2021/2022 وبنسبة تزيد عن 210% من الإيرادات المقدرة .

وانعكاسا لتلك القرارات السياسية الشعبوية لم تتخذ في رأيي الادارة المالية العامة للدولة أي إجراءات حقيقية وحصيفة لمعالجة تلك الاختلالات المالية، الامر الذي تفاقم معه العجز في الموازنة العامة للدولة مما أنهك سيولة الاحتياطي العام، واضطرت معه الإدارة المالية العامة الى اجراء عمليات تبادل بين أصول الاحتياط العام واحتياطي الأجيال القادمة، بالإضافة الى وقف استقطاع النسبة المقررة لصالح احتياطي الأجيال القادمة ، وهي اجراءات ذو أثر وقتي لا تحقق الاستدامة المالية على المدى البعيد.

كما ان قانون الدين العام والذي انتهت مدته لم يكن قادر على معالجة الموقف المالي للموازنة العامة للدولة من حيث توفير السيولة اللازمة، مما اضطرت معه الدولة الى التقدم بقانون جديد وبسقف جديد لمواجهة مشكلة السيولة النقدية والذي لم يتم تمريره حتى الان من قبل مجلس الامة، لا من اجل معالجة أصل المشكلة.

ومن المستغرب بان الإدارة المالية العامة للدولة تتفق بالراي تماما مع المختصين بشأن تلك الاختلالات الاقتصادية والمالية، بل انها قد اعتمدت نهجا للإصلاحات المالية بالإدارة المالية العامة للدولة، وذلك من خلال رؤيتها المتعلقة بتحقيق الاستقرار المالي لتحقيق تنمية مستدامة، وكذلك من خلال رسالتها التي تستهدف الاستقرار المالي لتحقيق الأهداف التنموية للدولة عبر تنفيذ سياسات مالية مناسبه، ومن خلال التعاون الاقتصادي والتطوير المؤسسي وترسيخ مبادئ النزاهة والشفافية.

ولم يقف ذلك عند هذا الحد بل سبق ان قدمت الإدارة المالية العامة للدولة وثيقة للإصلاحات المالية والاقتصادية والتي كانت في هذا الاتجاه وترتكز الى ستة ركائز وهي:

  1. الإصلاح المالي.
  2. اعادة رسم دور الدولة في الاقتصاد الوطني.
  3. زيادة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي.
  4. مشاركة المواطنين في تملك المشروعات.
  5. اصلاح سوق العمل ونظام الخدمة المدنية.
  6. الإصلاح التشريعي والمؤسسي والإجراءات المساندة.

الا ان واقع الحال يقول ان القرارات والممارسات المالية لا تتسق مع رؤية الإدارة المالية للدولة تلك، ولا مع رسالتها، ولا ترتكز الى ركائز وثيقة للإصلاحات المالية والاقتصادية المقدمة من قبلها سالفة الذكر.

ولقد سبق ان أشرنا في أحد مقالاتنا السابقة مثالا على تلك القرارات والممارسات، ولا ضير ان نستشهد هنا مرة أخرى بممارسة حديثة لنؤكد وجهة نظرنا.

فهذا قانون قوة الإطفاء العام رقم 13 لسنة 2020 الصادر في 31 أغسطس 2020، والذي صدر ضمن مجموعة قوانين في أواخر دور الانعقاد السابق لمجلس الامة ، حيث سجل هذا القانون ضمن إنجازات المجلس، هذا ولا يختلف أحد مع راي المشرع على أهمية مرفق الإطفاء العام في توفير الحماية اللازمة لمصادر الثروة الوطنية والارواح والممتلكات من الحرائق والكوارث، وان هذا المرفق يحقق للدولة الحفاظ على مقدراتها ومكتسباتها والامن والأمان لمواطنيها.

ولا اقلل من أهمية ودور مرفق الإطفاء العام لكن تلك الأهمية التي اشار اليها المشرع ليس مقصورة على هذا المرفق دون غيره من المرافق ، فان كافة مرافق الدولة تشارك بعضها البعض في توفير الحماية اللازمة لمصادر الثروة الوطنية والارواح والممتلكات من الحرائق والكوارث، سواء كانت تلك المرافق تقدم خدمات الامن كالجيش والشرطة والحرس الوطني، او تقدم الخدمات الصحية وغيرها ن المرافق الأخرى.

فمثل تلك القوانين يترتب عليها تحميل الموازنة العامة للدولة بأعباء مالية إضافية كبيرة، على الرغم من التوجيهات العامة المتعلقة بالشئون المالية بالدولة المتمثلة بقرارات مجلس الوزراء المتعلقة بضبط وترشيد الانفاق ومعالجة الاختلالات التي يتعرض لها الاقتصاد الوطني كالقرار رقم (51/2014) والقرار رقم (728/2020) على سبيل المثال لا الحصر، وعلى الرغم من ان الأهداف الواردة بخطة التنمية السنوية 2020/2021 تتضمن معالجة الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد الكويتي والحد من الانفاق الجاري.

لقد منح قانون قوة الإطفاء العام الوزير المختص تحديد الهيكل التنظيمي لقوة الإطفاء العام بعد ان اخرجها المشرع من هيمنة مجلس الخدمة المدنية في هذا الشأن، مما سيترتب عليه خلق هيكل تنظيمي وفقا لما يراه الوزير المختص دون النظر لراي وموافقة مجلس الخدمة المدنية كجهاز فني معني في هذا الشأن، الامر الذي يؤثر حتما على كلفة الوظائف الاشرافية المقرر لهذا الهيكل.

كما قرر القانون انشاء مستشفى طبي متكامل يضم كافة التخصصات لرعاية أعضاء قوة الإطفاء واسرهم حتى الدرجة الأولى صحيا وطبيا، على ان يضم المستشفى معمل تحاليل طبية وفقا للمعاير الدولية ومزودا بأحدث الأجهزة، مما سيضيف هذا عبئا إضافيا أيضا على مصروفات الدولة من كلفة مالية سواء كانت رأسمالية او تشغيلية، هذا بالإضافة الى تكاليف الإيفاد للعلاج بالخارج بالنسبة لمنتسبي قوة الإطفاء واسرهم من الدرجة الأولى ، وفي رايي كان الاجدر ماليا واقتصاديا ان يتم تطوير المنظومة الصحية الحالية المقررة للقوات المسلحة ممثلة بالمستشفى العسكري لتشمل خدماته كافة القوى العسكرية النوعية ( الجيش ، الشرطة، الحرس الوطني ، الإطفاء ).

ولم يقف ذلك عند هذا الحد بل امتد أيضا الى زيادة الأعباء المالية المتعلقة بإضافة استحقاقات مالية لأعضاء قوة الإطفاء ضمن اللائحة التنفيذية للقانون الصادرة بالقرار الوزاري رقم 13 لسنة 2020 بتاريخ 3 ديسمبر 2020 المنشورة بجريدة كويت اليوم بتاريخ 6 ديسمبر 2020 ، على الرغم من انه لم يرد نص بالقانون يحيل للائحة التنفيذية بشان تلك الاستحقاقات ، حيث ما ورد بالقانون وفق المادة 24 منه هو نقل أعضاء قوة الإطفاء بالإدارة العامة للإطفاء الى قوة الإطفاء العام بذات أوضاعهم ودرجاتهم ومزاياهم الوظيفية للرتب المعادلة لدرجاتهم التي كانوا يشغلونها فقط ، الامر الذي قد يجعل بعض احكام اللائحة التنفيذية في رايي على الرغم من كلفتها محل شبهة عدم دستوريتها ، حيث لا يجب ان تتضمن اللائحة التنفيذية اية احكام تضيف او تلغي او تعدل على احكام القانون .

ختاما .. نؤكد على ضرورة وأهمية ان نواجه التحديات التي تتعرض لها الموازنة العامة للدولة بقرارات جريئة، قد تكون تلك القرارات موجعة نتيجة للتأخر في تطبيق الإصلاحات المالية للاختلالات التي تعاني منها، الا انها بلا شك سيتم امتصاص أثرها مع مرور الوقت وستكون كفيلة لتحقيق الاستدامة المالية للمالية العامة للدولة على المدى البعيد.

فالإصلاحات المالية يجب ان تكون نهجا قبل ان تكون شعارا.

ماذا بعد انهاء المراسيم بدرجة (وزير)؟

صحيفة الانباء في 31 يناير 2021

https://alanba.com.kw/1020888

بعد سنوات من اثارة موضوع تعيين بعض قياديي الدولة على درجة (وزير) ،أسدل الستار على الإجراءات لمعالجة هذا الموضوع وذلك بصدور المرسوم رقم 3 لسنة 2021 بإنهاء العمل بالمراسيم الصادرة بالتعيين بدرجة (وزير) ، والذي جاء فيه بإنهاء العمل بالمراسيم الصادرة بالتعيين بهذه الدرجة اعتبارا من 31/1/2021 بناء على توصية من مجلس الخدمة المدنية، الا ان المرسوم لم يحدد المعالجة للدرجة في التعيين لمثل تلك الوظائف مستقبلا .

ويأتي هذا المرسوم بعد جدل قانوني في الفترة الماضية حول مدى قانونية التعيين على درجة (وزير) ، ولعل من أفضل ما كتب في هذا الموضوع هو نائب رئيس مجلس الأمة الاسبق السيد / مشاري العنجري بصحيفة القبس في أكتوبر من عام 2019 في سياق ملاحظاته الدستورية والقانونية من تزايد صدور المراسيم التي تصدر بالتعيين في بعض الوظائف بدرجة (وزير) في عدد من الجهات الحكومية.

وقد اجاز نائب رئيس مجلس الأمة الاسبق في رايه القانوني المعاملة المالية كوزير لا الدرجة الوظيفية، هذا كما لم يغفل في رايه القانوني الحلول لمعالجة المراسيم الصادرة بتعيين بدرجة (وزير).

لذا لن اخوض في الجانب القانوني لهذا الموضوع في ظل وجود راي قانوني واضح ومعتبر من الناحية القانونية، لكن ما اود ان اطرحه هنا هو الجانب الذي يقع في مجال اختصاصي والمتمثل بالانعكاسات المالية لهذا الراي القانوني وللمرسوم رقم 3 لسنة 2021 بإنهاء العمل بالمراسيم الصادرة بالتعيين بدرجة وزير.

ففي رأيي ان التعيين بدرجة (وزير) له أسباب، الأول يتعلق بالجانب المالي وهو ما يتقاضاه الوزير من استحقاقات مالية سواء كانت نقدية او عينية، حيث ان الاستحقاقات المالية لتلك الدرجة كانت من أفضل الاستحقاقات المالية التي يمكن تقاضيها بالدوائر الحكومية، والسبب الثاني هو الجانب البروتوكولي الذي يتميز به شاغل هذه الدرجة الوظيفية عن غيره من شاغلي الوظائف الحكومية الأخرى، اما السبب الثالث والأخير هو لتجاوز موضوع السن المقرر لإحالة شاغلي الوظائف العامة للتقاعد، وهذا يتسق الى حد كبير مع راي نائب رئيس مجلس الأمة الاسبق.

والمعينين على درجة (وزير) أنواع، الأول من ليس لهم وحدات إدارية يشرفون عليها كالمستشارين المعينين بدرجة (وزير)، وهم يعاملون ماليا معاملة الوزير وقد تم التبرير لتلك المعاملة الى ما نص عليه الدستور بالمادة 124 منه، وبناء عليه صدر القانون رقم 15 لسنة 1962 لتحدد مرتبات رئيس مجلس الوزراء والوزراء، ثم عدلت المرتبات بما يتلاءم مع ظروف الزمن حتى وصل مرتب الوزير إلى 2310 د.ك.

ثم بعد ذلك صدر قرار مجلس الخدمة المدنية رقم 20 لسنة 2014 والذي حدد اجمالي المرتب الشهري لشغل وظيفة درجة (وزير) وهو 6000 دينار دون علاوة الأولاد ، وبقرار مجلس الخدمة المدنية هذا لم يعد الجانب المالي مبررا للتعيين بدرجة وزير ، فبعدما كان التأسيس لتحديد رواتب تلك الدرجة القانون رقم 15 لسنة 1962وتعديلاته والذي لم يعد مناسبا تم اصدار قرار من مجلس الخدمة المدنية في هذا الشأن ، الامر الذي اخرج تلك الدرجة (وزير) من مظلة التشريعات المنظمة للاستحقاقات المالية للوزراء الى مظلة التشريعات المنظمة للوظائف العامة ممثلة بالمرسوم بقانون 15 لسنة 1979 .

وبعد صدور المرسوم رقم 3 لسنة 2021 بإنهاء العمل بالمراسيم الصادرة بالتعيين بدرجة (وزير) ، فانه لم يعد يمكن التعيين الا بالدرجات القيادية المقررة بالمرسوم بقانون 15 لسنة 1979 في شان الخدمة المدنية، واعلى درجة فيها هي الدرجة (الممتازة) والمقرر راتبها الشامل بدون علاوة أولاد بـ 5000 دينار وفقا لقرار مجلس الخدمة المدنية رقم 10 لسنة 2012 ، وفيما يتعلق بالمميزات التي كانت مقرره لدرجة (وزير) فسيتم الغائها  كمنح سيارة له كل سنتين ، ويستبدل بذلك ببدل نقدي شهري عوضا عن السيارة ، كما ستخفض مخصصات السفر  المقررة لدرجة (وزير) ، هذا بالإضافة الى التعديلات المقررة كاستحقاقات عن مكافئات الاعمال الممتازة ، كل ذلك في حال عدم اصدار اية قرارات بخلاف الاحكام المقررة لهذه الدرجة ( الممتازة ) كما تفضل به نائب رئيس مجلس الأمة الاسبق في رايه القانوني المشار اليه وفقا للمادة 14 و 15 من بالمرسوم بقانون 15 لسنة 1979في شان الخدمة المدنية .

النوع الثاني هم رؤساء بعض الجهات الحكومية ممن نصت قوانين انشائها او المنظمة لها على صدور مراسيم بتعيينهم بمسمياتهم الوظيفية المذكورة بالقانون (رئيس، مدير عام …. الخ) ولم ينص صراحة على الدرجة الوظيفية له بالقانون، وبعد صدور المرسوم رقم 3 لسنة 2021 بإنهاء العمل بالمراسيم الصادرة بالتعيين بدرجة (وزير)، فان هذا النوع من الوظائف يفترض ان يصدر بهم مراسيم وفقا للمسميات الوظيفية المنصوص عليها بقوانين انشائها او المنظمة لها، مما سيفقدون كل ما هو مقرر لهم بدرجة (وزير) من مميزات نقدية او عينية، ويبقى على ما هو مقرر لهم وفقا لقانون انشائها او المنظم لها.

النوع الثالث هم رؤساء بعض الجهات الحكومية ممن نصت قوانين انشائها او المنظمة لها على صدور مراسيم بتعيينهم بدرجة (وزير ) ، وهنا يستلزم تعديل تشريعي على تلك القوانين لإلغاء درجة الوزير بما يتسق مع احكام المرسوم رقم 3 لسنة 2021 بإنهاء العمل بالمراسيم الصادرة بالتعيين بدرجة (وزير ) ، حيث لا يمكن التعديل على تلك القوانين بمراسيم وانما بذات الأداة التشريعية التي صدرت بها ، وهذا النوع من رؤساء بعض الجهات الحكومية سيفقد كل ما هو مقرر له بدرجة (وزير ) من مميزات نقدية او عينية ، ويبقى على ما هو مقرر له وفقا لقانون انشائها او المنظم لها.

وبلا شك سوف تبرز بعض الإشكاليات المتعلقة بالمسميات الوظيفية لرؤساء بعض الجهات الحكومية في النوع الثاني والثالث، وذلك بالنسبة لكيفية المعادلة الوظيفية لهم (الممتازة، وكيل وزارة)، خاصة في ظل وجود مسميات ومستويات ادارية متقاربة في تلك الجهات، وعلى سبيل المثال لا الحصر الهيئة العامة لمكافحة الفساد فللهيئة رئيس وامين عام فكيف يتم معادلة تلك الوظائف وفقا للوظائف العامة.

ويبقى على عاتق مجلس الخدمة المدنية معالجة تلك الإشكاليات والموجودة في أكثر من جهة حكومية، مع الاخذ بعين الاعتبار مدى قانونية صدور مرسوم بتحديد الدرجة الوظيفية لرئيس الجهة او غيره على الرغم من عدم النص عليها صراحة بقوانين انشائها او المنظمة لها، او تسمية قياديين ممن ينظم شئونهم الوظيفية قوانين خاصة ويتمتعون بمميزات وفقا لقوانينهم الخاصة بالإضافة الى ما يقرر لهم وفق قانون وقرارات الخدمة المدنية كتعيين طبيب او عسكري بوظيفة قيادية، خاصة وان احكام قانون الخدمة المدنية لا تسري على العسكريين على سبيل المثال.

الاجهزة الرقابة ودورها التكاملي مع هيئة مكافحة الفساد(نزاهة)

صحيفة الانباء 25 يناير 2021

https://alanba.com.kw/1019460

على الرغم من تتعدد الأجهزة الرقابية بالدولة باختلاف نوعية رقابتها، الا انها تجتمع تلك الأجهزة على هدف رئيسي وهو حماية وصيانة الأموال العامة من المساس، سواء كان ذلك متعلق بالجانب المالي او الإداري على حد سواء، لذلك يركّز المشرع في قوانين انشاء الأجهزة الرقابة المختلفة على التأكيد على أهمية دور تلك الأجهزة في الحفاظ على الأموال العامة متمثلة بموارد الدولة المختلفة.


فنجد في قانون انشاء ديوان المحاسبة رقم 30 لسنة 1964 وتعديلاته قد أكد المشرع بان الهدف الأساسي من إنشائه، وفقا لما جاء بنص المادة الثانية من القانون هو تحقيق رقابة فعالة على الأموال العامة لصونها ومنع العبث بها، والتأكد من استخدامها الاستخدام الأمثل في الأغراض التي خصصت لها.


اما جهاز المراقبين الماليين المنشأ بموجب القانون رقم 23 لسنة 2015، فأكد المشرع بان مستهدفات القانون وفقا لما جاء بنص المادة الثامنة منه هي تحقيق رقابةٍ مسبقةٍ فعالةٍ على الأداء المالي للدولة، وضمان الشفافية والنزاهة والوضوح في الأداء المالي العام، وتعزيز المصداقية والثقة بالإجراءات المالية.


وجاء القانون رقم 19 لسنة 2000 في شأن دعم العمالة الوطنية وتشجيعها للعمل في الجهات غير الحكومية، ليعزز الرقابة الإدارية من خلال وضع نظام لتعيين مراقبين لشؤون التوظف بالوزارات والادارات الحكومية والجهات الملحقة تابعين لديوان الخدمة المدنية.


ومن جانب آخر وبناء على القانون رقم 47 لسنة 2006 بشان الموافقة على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي اعتمدتها الجمعية العامة في اكتوبر 2003 ، تم انشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد بموجب القانون رقم 2 لسنة 2016 ،حيث حدد المشرع اهداف الهيئة الرئيسية ، و أهمها أرساء مبدأ الشفافية و النزاهة في المعاملات الاقتصادية والإدارية ،بما يكفل تحقيق الادارة الرشيدة لأموال وممتلكات الدولة والاستخدام الأمثل لها ،وحماية أجهزة الدولة من الرشوة و المتاجرة بالنفوذ و سوء استخدام السلطة لتحقيق منافع خاصة ،ومنع الواسطة و المحسوبية والذي اعتبرها المشرع من جرائم الفساد في نطاق تطبيق أحكام هذا القانون .


كما تناول القانون مهام واختصاصات الهيئة بتلقي التقارير والشكاوى والمعلومات بخصوص جرائم الفساد المقدمة اليها ودراستها، وفى حال التأكد من أنها تشكل شبه جريمة يتم أحالتها الى جهة التحقيق المختصة، وكذلك أيضا طلب التحري من الجهات المختصة عن وقائع الفساد المالي والإداري والكشف عن المخالفات والتجاوزات وجمع الأدلة المتعلقة بها.


كما أن من السلطات الممنوحة للهيئة كما ورد في اللائحة التنفيذية طلب المعلومات والتقارير من الجهات المختصة بموضوع البلاغ والاطلاع على الملفات والعقود والوثائق ذات الصلة وضبطها، وإذا لزم الأمر يتم فحص وتدقيق المستندات والأدلة المرفقة بالبلاغات والشكاوى المقدمة للهيئة، ومراجعة تقارير الاجهزة الرقابية وأي تقارير أخرى تشير الى وقائع فساد بالتنسيق معها، واتخاذ ما يلزم بشأنها.


ويتضح مما سبق ذكره مدى تطابق مستهدفات الأجهزة الرقابية واهمية تكامل أدوارها، خاصة بعد انشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد، حيث فرض انشاء الهيئة واقعا جديدا على الأجهزة الرقابة والذي لم يقتصر دورها فقط على رصد المخالفات وتضمينها تقاريرها السنوية، وانما يمتد دورها الى التنسيق مع هيئة مكافحة الفساد لتمكينها من القيام بدورها الذي رسمه لها قانون انشاءها ولائحة التنفيذية.


فما قامت به الهيئة العامة لمكافحة الفساد (نزاهة) وديوان المحاسبة مؤخرا من توقيع مذكرة تعاون مشترك من أجل تحقيق رقابة فعالة للحد من التعديات على المال العام ،وتعزيز قدراتهما في مكافحة الفساد نظرا لتشارك الأهداف فيما بينهما ، وكذلك اتفاقهما على اتخاذ التدابير القانونية اللازمة لمكافحة الجرائم المنصوص عليها في المادة 22 من قانون الهيئة العامة لمكافحة الفساد ولائحته التنفيذية ، وإعداد البرامج والخطط التأهيلية والتدريبية لكوادر الطرفين وتبادل حضور الدورات التدريبية وورش العمل التي يعقدها الطرفان في مجالات مكافحة الفساد وأعمال التدقيق المالي ، انما يأتي تأكيدا الى ما ذهب الى المشرع من تحديد الأغراض التي من اجلها انشئت مثل تلك الأجهزة ،ودورها التكاملي لتحقيق تلك الأغراض .


كما يأتي ذلك أيضا في سياق قرارات مجلس الوزراء الهادفة الى تعزيز التعاون فيما بين الأجهزة الرقابية المختلفة بالدولة، وصولا الى انشاء منصة تجمع كافة الأجهزة الرقابية، والتي أيضا أشارت اليها تلك القرارات.


ولعل ما قام به ديوان المحاسبة من أحالت 36 بلاغاً وموضوعاً للهيئة العامة لمكافحة الفساد، وكذلك ما احالته الهيئة من موضوعات الى ديوان المحاسبة والبالغ عددها 17 موضوعا، يجسد تماما مقاصد المشرع في هذا الشأن، والذي يؤكد على أهمية فتح قنوات تواصل بين الأجهزة الرقابية لتحقيق الأهداف المشتركة والمصلحة العامة.


لذا نأمل من ان نرى مثل هذا التعاون فيما بين الأجهزة الرقابية الأخرى كجهاز المراقبين الماليين وديوان الخدمة المدنية ممثل بقطاع شئون التوظف من جهة، والهيئة العامة لمكافحة الفساد من خلال ابلاغ الهيئة بالموضوعات الي تأتي في سياق الفساد المالي والإداري.
فمن غير المعقول ان يكون هناك تعاون بدرجة عالية فيما بين جهاز يتبع السلطة التشريعية ممثل بديوان المحاسبة وجهاز يتبع السلطة التنفيذية ممثل بالهيئة العامة لمكافحة الفساد، ولا نرى مثل درجة هذا التعاون فيما بين الأجهزة الرقابية ضمن السلطة التنفيذية خاصة في ظل قرارات مجلس الوزراء في هذا الشأن!!

إدارة ملف التامين الصحي (عافية ) في إطار برنامج عمل الحكومة

صحيفة الانباء 17 يناير 2021

https://alanba.com.kw/1017771

تضمنت محاور الأولويات الحكومية في برنامج عمل الحكومة 2021-2024 ما يتعلق بتحقيق الاستدامة المالية العامة، حيث ترى الإدارة المالية العامة ان تحقيق الاستدامة تتمحور في ثلاثة ركائز أساسية وهي:

1 – تطوير الإدارة المالية العامة.

2 – ترشيد الانفاق الحكومي.

3 – تعظيم إيرادات الدولة.

وفي رأيي ان الإدارة المالية العامة للدولة قادرة على تحقيق نجاحات سريعة وذات أثر ملموس وسريع، إذا ما حددت أولوياتها بشكل جيد ومدروس في تنفيذ برامج الإصلاحات ضمن الركائز التي تم تحديدها، خاصة في المسائل التي يتفق فيها مجلس الامة بسلطتيه التنفيذية والتشريعية.

وحتى نوضّح هذا الراي سوف اتناول مسالة يمكن من خلالها ان نبيّن كيف يمكن تحقيق مثل تلك النجاحات السريعة لتنفيذ برامج إصلاحات مالية قادرة على تمكين الإدارة المالية العامة من تحقيق الاستدامة المالية.

لقد ورد ضمن محور ترشيد الانفاق في برنامج عمل الحكومة ما يتعلق باستهداف خفض البنود المالية ضمن الميزانية العامة، والتي لا تؤثر على كفاءة اعمال الجهات الحكومية، وذلك بوضع سقف للموازنة العامة لا يتجاوز 19 مليار دينار، بالإضافة الى وضع حد أدني لبند تكلفة العلاج بالخارج واقتصارها على الحالات الطارئة والتي تقررها الجهات المختصة.

ومن جانب آخر إذا ما رأينا كلفة التامين الصحي للمتقاعدين الكويتيين (عافية ) فإنها تقّدر بمبلغ 150 مليون دينار سنويا، وتتحملها الخزانة العامة للدولة من خلال ميزانية وزارة الصحة السنوية، وتلك التكلفة في زيادة مطّردة نظرا للزيادة في اعداد المتقاعدين السنوية، هذا بخلاف كلفة علاج المواطنين بالخارج ممن هم من شريحة المتقاعدين.

وبالاطلاع على التشريعات المنظمة للتقاعد والتي بدأت الكويت العمل بها منذ منتصف القرن الماضي، والتي تشمل المدنيين والعسكريين وبموجبها تم انشاء مؤسسة التأمينات الاجتماعية، فان تلك التشريعات تنظم شئون المتقاعدين بمفهومها الواسع، والذي يشمل تأمين الشيخوخة والعجز والمرض والوفاة للعاملين المدنيين فـي القطاع الحكومي وفـي القطاعين الأهلي والنفطي، وكذلك العاملين لحسابهم الخاص ومن فـي حكمهم وتامين إصابات العمل، هذا وان تم تأجيل العمل ببعض الخدمات التأمينية بموجب تشريعات خاصة.

وبالتالي فان المؤسسة تختص في إدارة وتنظيم كل ما يتعلق بالمواطنين الكويتيين المسجلين لديها من خلال الصناديق التي تم انشاءها لهذا الغرض.

لذلك نرى ان مؤسسة التأمينات الاجتماعية سواء من خلال التشريعات القائمة او من خلال تعديل بعضها هي الاقدر والاجدر تشريعيا وفنيا بان تتولى ادارة وتنظيم التامين الصحي للمواطنين المتقاعدين المسجلين بالتأمينات الاجتماعية، الامر الذي يخفف عن كاهل الميزانية العامة للدولة تكلفة التامين الصحي لهم سواء كان هذا يتعلق بالعلاج محليا او خارجيا.

ومن جانب آخر ان إدارة المؤسسة لملف التامين الصحي للمتقاعدين يتحقق معها جانب الحوكمة في إدارة هذا الملف، حيث تتمتع المؤسسة بالإمكانيات الفنية والكوادر البشرية المطلوبة التي تمكّنها من التعامل مع هذا الملف على قدر عالي من الكفاءة وحسن الأداء، ويكاد يكون نموذج العمل الذي تطبقه المؤسسة أقرب الى أسلوب القطاع الخاص منه الى القطاع العام.

وقد اثبتت مؤسسة التأمينات الاجتماعية كفاءتها من خلال ادارتها لأنشطتها المقررة وفق قانون انشائها على النحو المطلوب، وما يدلل على ذلك إعلانها مؤخرا عن اداءها الاستثماري للربع الثاني من السنة المالية 2021/2020، محققة بذلك أرباحا بلغت 4.7 مليارات دولار وبنمو 611% عن نفس الفترة من العام الماضي، ليبلغ إجمالي الأرباح المحققة في النصف الأول من هذا العام 12.1 مليار دولار وبنمو يبلغ 362% عن نفس الفترة من العام الماضي، وهو أفضل أداء استثماري في تاريخ المؤسسة وفقا لما أعلنته.

لذا على الإدارة المالية العامة في سبيل تحقيق ركائزها المتعلقة بترشيد الانفاق الحكومي وتطوير الإدارة المالية ان تعيد النظر في بعض سياساتها المالية ،ومنها ما يتعلق بالإصلاحات الهيكلية وذلك بإعادة النظر في إدارة بعض الأنشطة على نحو الذي يحقق اعلى أداء وكفاءة، كنقل إدارة وتنظيم التامين الصحي للمتقاعدين من وزارة الصحة الى مؤسسة التأمينات الاجتماعية ، والذي سيحقق في راينا تخفيضا سنويا في الميزانية العامة للدولة ما بين 150-200 مليون دينار سنويا على المدى المتوسط ، في ظل تسجيل عجز في تنفيذ الموازنة الجارية وفق آخر تقرير صادر من وزارة المالية والذي يشير الى وجود عجز يبلغ 4.7 مليار دينار حتى نهاية شهر نوفمبر الماضي ،  كما تشير احدى التقارير المنشورة من ان العجز المقدر والذي سيسجل في نهاية السنة المالية الجارية يبلغ نحو 11 مليار دينار ويشكل 27% من حجم الناتج المحلي الإجمالي عن عام 2019 .

إعادة صياغة نظام الخدمة المدنية بوابة للإصلاحات الهيكلية

صحيفة الانباء 4 يناير 2021

https://alanba.com.kw/1014989

تأتي أهمية هيمنة مجلس الخدمة المدنية على نظام شئون التوظّف لما تشكّل قرارات المجلس وسياساته من أثر كبير على الموازنة العامة للدولة خاصة فيما يتعلق بباب المرتبات، فمجلس الخدمة المدنية هو المعني عن السياسة العامة للمرتبات والأجور بما يكفل التنسيق بين الجهات والمؤسسات الحكومية المختلفة، بل امتدت مسئوليته في هذا الشأن الى الشركات التي تساهم فيها الدولة بأكثر من نصف رأسمالها، كما هو المسئول عن التطوير الإداري للدولة.

من جانب آخر فمجلس الخدمة المدنية هو المختص عن التشريعات المتعلقة بالخدمة المدنية وابداء الراي بشأنها وإصدار التفسيرات الملزمة للجهات والمؤسسات الحكومية، كما هو المعني في ابداء الراي في مشروعات انشاء الجهات والهيئات والمؤسسات العامة، وكذلك الرقابة على نظم شئون التوظف بالجهات الحكومية وغيرها من المسئوليات والاختصاصات الموضحة بالقانون رقم 15 لسنة 1979 بشأن الخدمة المدنية.

وقد القى برنامج عمل الحكومة 2021/2024 الذي اشارت اليه صحيفة الانباء مؤخرا العديد من المسئوليات على عاتق مجلس الخدمة المدنية، بهدف تحقيق رؤية الكويت 2035 في تحويل الكويت الى مركز مالي وتجاري جاذب للاستثمار، والذي يقوم فيه القطاع الخاص بقيادة النشاط الاقتصادي، ومن تلك المسئوليات التي وردت بأولويات الحكومة هي إعادة هيكلة الجهاز الحكومي ودمج او الغاء الجهات الحكومية ذات القيمة الغير مضافة.

وقد أسند برنامج الحكومة لديوان الخدمة المدنية الاشراف على تنفيذ استراتيجية التوظيف الوطنية والتي تتضمن اصلاح هيكل الأجور في القطاع العام، وتوحيد سياسة الأجور وموائمة هيكل الأجور بين القطاعين العام والخاص.

وعلى الرغم من الاختصاصات والمسئوليات التي منحها المشرع لمجلس الخدمة المدنية في سبيل تحقيق هيمنة المجلس على السياسة العامة لشئون التوظف، وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بسياسة الأجور والمرتبات الا انه في رأينا هناك قصور واضح في دور مجلس الخدمة المدنية في احكام دوره fهذا الشأن.

واول جانب من هذا القصور صدور العديد من التشريعات التي منحت عدد من الجهات والمؤسسات الحكومية سلطات مجلس الخدمة المدنية دون أي مبررات موضوعية، الامر الذي أخل بنظام العدالة والمساواة بالأجور والرواتب وتكافئ الفرص بين العاملين بالجهات والمؤسسات الحكومية بما في ذلك القطاع الخاص ،والتي هي أحد المبادئ التي أسسها دستور دولة الكويت، فاذا كان برنامج الحكومة يستهدف موائمة هيكل الأجور بين القطاعين العام والخاص فانه من الأولى ان يكون موائما فيما بين الجهات والمؤسسات الحكومية قبل النظر الى هيكل الأجور بالقطاع الخاص .

اما الجانب الاخر من القصور فهو يتعلق بمبدأ وحدة المسئولية ،واعني هنا مسئولية الاشراف على اعداد وتنفيذ الميزانية العامة للدولة والرقابة عليها ،حيث ان ديوان الخدمة المدنية يتبع مجلس الوزراء وفقا للقانون (تم نقل التبعية لوزير الدولة للشئون الاقتصادية) ، في حين ان باقي الجهات المعنية بمكونات الموازنة العامة مسئول عنها وزير المالية ، لذا نرى من الجانب الفني والموضوعي ان  يكون اشراف وزير المالية كامل على مكونات الموازنة العامة للدولة ، وذلك لما بين شؤون التوظف وشؤون المال من علاقة وثيقة، وحتى يكون وزير المالية هو من يمثل ديوان الخدمة المدنية امام مجلس الوزراء.

اما القصور الأخير الذي نراه فهو يتعلق بمبدأ الشمولية والمقصود هنا ان تشمل مسئولية مجلس الخدمة المدنية السياسة العامة للمرتبات والأجور مهما اختلفت نظم شئون التوظف في الجهات والمؤسسات الحكومية، فنرى ان المشرع بالقانون رقم 15 لسنة 1979 بشأن الخدمة المدنية استثنى العسكريين من احكام القانون، الامر الذي أخل بمفهوم التنسيق الكامل بين الجهات والمؤسسات الحكومية والمؤسسات العسكرية في شان شئون التوظف، خاصة في ظل مسؤولية وزير المالية المتعلقة بالاستحقاقات المالية للقوات العسكرية وفقا للقوانين المنظمة للمؤسسات العسكرية.

لذا يجب ان تكون هيمنة مجلس الخدمة المدنية هيمنة كاملة على سياسة المرتبات والأجور لكافة قطاعات الدولة، وذلك حتى تتمكن الدولة من ضبط التناسق العام لجدول المرتبات والأجور على مستوى الدولة، خاصة في ظل تبني الدولة لسياسات إصلاحية هيكلية ذات أثر مالي واقتصادي.

المخالفات المالية في ظل قانوني جهاز المراقبين الماليين وديوان المحاسبة (2-2)

صحيفة الانباء 27 ديسمبر 2020

https://alanba.com.kw/1013208

العناوين الرئيسية:

  • ان التفاوت في الاحصائيات بين الجهاز والديوان يرجع الى مسالة أساسية لا ترتبط بالتباين بالتعريفات فقط، بل تتعلق في منهجية عمل كل منهما.
  • الجهاز يعنى بالرقابة المالية المسبقة، في حين ان الديوان يعنى بالرقابة المالية اللاحقة بوجه عام والمسبقة في الحدود، مما أثر على نطاق العمل فيهما.
  • يقوم الجهاز بمراجعة كافة المعاملات المالية، اما الديوان فانه يجوز له ان تكون نسبة المراجعة بما لا يقل عن 50%.
  • هناك اختلاف منهجي في عرض المخالفات والملاحظات في التقارير الدورية فيما بين الجهاز والديوان تأسيسا على احكام قانون انشاء كل منها.
  • لم يتبين ما هو الأساس القانوني الذي استند عليه الديوان في منهجيته بشأن الملاحظات المسجلة على الجهات والتي لا يدرجها الديوان ضمن تقريره السنوي، والتي بلغت في أحد السنوات في حدود 1500 ملاحظة.

أشرنا في الجزء الأول الى التأسيس القانوني للمفردات التي تستخدم في تقارير كل من جهاز المراقبين الماليين وديوان المحاسبة وهي المخالفة والملاحظة والامتناع والتحفظ.

والان وبعد توضيح التأسيس القانوني للمفردات المشار اليها، هل يمكن ان يتم اعادة تكييف المسميات والمفردات ذات الصلة بالملاحظات والمخالفات التي يسجلها جهاز المراقبين الماليين على الجهات والمؤسسات الحكومية، بما يتناسب مع السياق العام المنصوص عليه في قانون انشاء ديوان المحاسبة؟

وفق لهذا التساؤل المطروح، ووفق لمفهوم وتعريف المخالفات في ظل قانون انشاء جهاز المراقبين الماليين 23 لسنة 2015 وقانون انشاء ديوان المحاسبة 30 لسنة 1964، والذي تم الإشارة له في الجزء الأول، حيث تم تبيان الجانب القانوني واللغوي لأسس استخدام كل من مصطلح المخالفة والملاحظة في كل من القانونين المشار اليهما، ونظرا لوجود تباين في التعريفات المشار اليها فانه على هذا الأساس وجد تفاوت بإحصائيات المخالفات فيما بين الجهاز والديوان.

وإذا كان الهدف من هذا التساؤل هو معرفة أسباب التفاوت بين الاحصائيات التي ترد في تقارير كل من الجهاز والديوان، فان التفاوت في الاحصائيات يرجع الى مسالة أساسية لا ترتبط بالدرجة الأولى بالتباين في التعريفات والمفاهيم فقط، بل تتعلق بمنهجية عمل كل منهما وذلك تأسيسا على ما ورد في هذا الشأن في قانوني انشاء الجهاز والديوان.

فلكل من جهاز المراقبين الماليين وديوان المحاسبة نطاق عمل مختلف عن الاخر، وهما الجهازين الوحيدين بالدولة اللذان يقومان باختصاص الرقابة المالية، وعلى الرغم من ان ديوان المحاسبة نطاق رقابته أوسع الا اننا سوف نركّز فقط على النطاق المالي في الجهازين.

فمنهجية عمل الجهازين المختلفة تنعكس بشكل واضح على حجم المخالفات التي ترد ضمن الاحصائيات التي يتم عرضها من قبل كل من الجهاز والديوان، ويمكن توضيح ذلك بالجوانب التالية:

أولا :وفقا لقانون انشاء جهاز المراقبين الماليين فان الجهاز يعنى بالرقابة المالية المسبقة على المعاملات المالية بالجهات والمؤسسات الحكومية ،استنادا الى ما جاء بالمادة 8 من قانون انشاءه بشان مستهدفات الجهاز ، في حين ان ديوان المحاسبة وفقا للمادة 7 من قانون إنشاءه يعنى بالرقابة المالية اللاحقة بوجه عام ،والمسبقة في الحدود التي وضحها القانون ،وفي جانب ضيق وهو العقود والالتزامات في نصاب محدد ، هذا بالإضافة الى رقابة شئون التوظف والسجلات والاعتمادات المالية والعهد والمخازن والسلف والقروض والاستثمارات وتنفيذ المشاريع والحسابات الختامية ، والتي هي لا تدخل ضمن نطاق عمل الجهاز .

ثانيا: يقوم جهاز المراقبين الماليين بموجب المادة 12 من قانون انشاءه بمراجعة كافة استمارات الصرف والقيد والتوريد، وبالتالي فان إحصائية الجهاز تعكس ما تسفر عنه مراجعة الاستمارات من مخالفات، والتي يتم رصدها على مستوى كل استمارة تقوم الجهة الحكومية بإعدادها.

فمراجعة الجهاز مراجعة شاملة على مستوى كل عملية مالية يتم تنفيذها دون النظر الى الجانب الموضوعي بشأنها، اما ديوان المحاسبة فانه يجوز له ان تكون نسبة مراجعته بما لا يقل عن 50% للمستندات وفقا لما جاء بالمادة 78 من قانون انشاءه، وان الديوان يرصد مخلفاته وملاحظاته بشكل موضوعي، أي يتناول الموضوعات التي تمت مراجعتها وفحصها بغض النظر عن عدد استماراتها، ويرصد ما يرد بشأنها من مخالفات او ملاحظات، على خلاف منهجية عمل الجهاز في هذا الشأن.

ثالثا : يرصد جهاز المراقبين الماليين المخالفات التي تقع بها الجهات والمؤسسات الحكومية نتيجة لتنفيذ ما جاء بالفقرة 2 من المادة 12 من قانون انشاء الجهاز ،حيث نصت الفقرة على الاتي ( التوقيع على استمارات الصرف والقيد والتوريد، بعد مراجعتها مع كافة المستندات المؤيدة لها والتأكد من صحة وسلامة الاجراءات والتوجيه المحاسبي ومطابقتها للواقع وللقوانين والتعليمات المالية والنظم واللوائح الخاصة بالجهة، خلال خمسة أيام عمل من اليوم التالي لاستلام الاستمارة والمستندات اللازمة والمؤيدة لها، ولهم في سبيل ذلك الاطلاع على كافة المستندات والملفات التي يرى أهميتها في عملية الرقابة) .

هذا بالإضافة الى ما نصت عليه المادة 14 من القانون وهي على النحو التالي (على المراقب المالي التأكد من أن إنشاء الالتزامات المالية أو تحميل عبء على الخزانة العامة قد أجيز من السلطة المختصة، وفقا للقوانين والقرارات والتعليمات المالية وبعد استيفاء المستندات المؤيدة، وإلا فعليه أن يمتنع عن توقيع الاستمارة مع بيان أسباب الامتناع كتابة. وإذا لم يؤخذ بوجهة نظر المراقب المالي، يرفع الأمر للوزير أو رئيس الجهة متضمنا الرأيين معا، فإذا لم يقرر الوزير أو رئيس الجهة رأي المراقب المالي وجب تنفيذ رأي الوزير أو رئيس الجهة مع إخطار رئيس الجهاز بذلك).

وبالنسبة لديوان المحاسبة، فقد وضح الديوان منهجيته في هذا الجانب وفقا لما ورد بتقريره السنوي، والذي يكون عادة في المجلد الخاص بالمؤشرات المالية والظواهر، حيث أورد الديوان بالمجلد الخاص بالمخالفات المالية مفهوم ديوان المحاسبة بشأن المخالفات المالية حيث قسمها الى الاتي:

أ -مخالفة مالية بطبيعتها، وتتمثل في كل تصرف يتعلق بالإخلال بقاعدة مالية مقررة، وقد تكون مقررة في الدستور أو في القوانين المختلفة والأنظمة والقرارات أو اللوائح والتعليمات المنظمة للصرف والتحصيل.

ب – مخالفة مالية بحسب آثارها، وتتمثل في التصرفات المالية غير السليمة التي يترتب عليها ضياع حق من الحقوق المالية للدولة أو للجهات الخاضعة لرقابة الديوان، أو التي من شانها أن تؤدي لذلك مباشرة أو للمساس بمصلحة من مصالحها المالية.

ج-المخالفة المالية حكماً، وتشتمل على عدم التعاون مع الديوان وعرقلة أعماله وعدم الرد على مكاتباته بالمستندات المطلوبة.

ووفقا لما ورد بتقرير ديوان المحاسبة على سبيل المثال تقرير السنة المالية 2019/2020 فان الديوان سجل 113 مخالفة مالية على الجهات التي تخضع لرقابته استنادا على المواد (52،14،13) من قانون انشاءه.

رابعا: فيما يتعلق في كيفية عرض النتائج التي تسفر عنها عملية المراجعة فانه وفقا لما ورد بقانون انشاء الجهاز فان المادة 11 منه نصت على الاتي (يعد رئيس الجهاز تقريرا دوريا كل نصف سنة مالية عن أعمال وأداء الجهاز، ويقدم هذا التقرير إلى وزير المالية لعرضه على كل من مجلس الوزراء ومجلس الأمة)، كما نصت الفقرة 15 من المادة 12 بشأن اختصاصات المراقبين الماليين على الاتي (إعداد تقارير دورية عن نتائج أعمال الرقابة المالية المسبقة).

اما فيما يتعلق بتقارير ديوان المحاسبة فقد نصت المادة 22 من قانون انشاءه على الاتي (يضع رئيس الديوان تقريرا سنويا عن كل من الحسابات الختامية المشار اليها في المادة السابقة يبسط فيه الملاحظات وأوجه الخلاف التي تقع بين الديوان وبين الجهات التي تشملها رقابته المالية، ويقدم هذا التقرير الى رئيس الدولة ومجلس الأمة ومجلس الوزراء ووزير المالية في موعد أقصاه آخر شهر يناير التالي لانقضاء السنة المالية. ويجوز لرئيس الديوان تقديم تقارير أخرى على مدار السنة في المسائل التي يرى أنها بدرجة من الأهمية والخطورة تستدعي سرعة نظرها).

ويلاحظ ان كل من قانون انشاء جهاز المراقبين الماليين وقانون انشاء ديوان المحاسبة نص بشكل واضح بان تتضمن التقارير التي تعد من قبلهما نتائج المراجعة التي يقوم بها كل من الجهاز والديوان ، ولم يتبين وجود نص صريح بان يكون هناك تقدير لمسالة عرض النتائج باستثناء جانب محدد ورد بقانون ديوان المحاسبة بالمادة  25 حيث نصت المادة على الاتي ( يقوم الديوان بفحص ومراجعة كل حساب أو عمل آخر يعهد إليه بفحصه ومراجعته مجلس الأمة أو مجلس الوزراء.ويبلغ رئيس الديوان ملاحظاته في هذه الحالة إلى الجهة طالبة الفحص أو المراجعة ويجوز له أن يضمن تقريره السنوي كل ما يبدو له من الملاحظات بشأن الحساب أو العمل السالف الإشارة إليه) .

وتجدر الإشارة بانه ورد ضمن تقرير ديوان المحاسبة السنوي 2017/2018 على سبيل المثال في المجلد الخاص بالوزارات والإدارات الحكومية، في الفصل الثالث بالمجلد (نتائج رقابية) في المحور الثاني، ورد بيان إحصائي بالملاحظات المسجلة على الجهات والتي لم تدرج ضمن التقرير السنوي.

وقد برر الديوان ذلك بانه استمرارا للنهج الذي يتبعه ديوان المحاسبة من خلال حرصه على تطوير وتنمية مجالات التعاون البنّاء مع الجهات المشمولة برقابته ، حيث يقوم الديوان بعرض  بعض ما تكشّف له من ملاحظات نتيجة ممارسة مهامه في التدقيق والفحص والمراجعة على أعمال تلك الجهات بتقريره السنوي ،بهدف اتخاذ الإجراءات الكفيلة لمعالجة أسباب حدوث تلك الملاحظات وتسوية ما يمكن تسويته منها ،أو الرجوع إلى جهات الاختصاص من المعنية بالدولة للتنسيق معها لإيجاد ووضع الحلول اللازمة لتلافيها واستمرارا لأسلوب التعاون الذي ينتهجه الديوان في علاقاته مع الجهات المشمولة برقابته ،يرى عدم تضمين تقريره بالعديد من الملاحظات التي سبق عرضها ومناقشتها مع الجهات بشكل مباشر ،بالإضافة إلى إبلاغها بها كتابيا بالتفصيل بعد أن أبدت الجهات رغبتها في تلافي أو تسوية تلك الملاحظات ، وذلك لمعاونتها على تحقيق ما يهدف إليه من تلافي تلك الملاحظات وعدم تكرارها مستقبلا.

وقد أورد الديوان في بيانه عدد الملاحظات التي لم يتم ادراجها ضمن التقرير السنوي على مستوى الجهات الحكومية المشمولة برقابة الديوان وعددها 28 جهة حكومية ويبلغ عدد الملاحظات التي لم يوردها الديوان في تقريره 1496 ملاحظة.

هذا ولم يتبين ما هو الأساس القانوني الذي استند عليه الديوان في هذه المنهجية.

ختاما وردا على التساؤل المطروح وهو هل يمكن ان يتم اعادة تكييف المسميات والمفردات ذات الصلة بالملاحظات والمخالفات التي يسجلها جهاز المراقبين الماليين على الجهات والمؤسسات الحكومية بما يتناسب مع السياق العام المنصوص عليه في قانون انشاء ديوان المحاسبة؟

فان الإجابة هي انه لا يمكن ان يتم اعادة تكييف لمسميات والمفردات ذات الصلة بالملاحظات والمخالفات التي يسجلها جهاز المراقبين الماليين وذلك لأسباب قانونية وفنية منهجية على النحو الذي سبق عرضها.

كما ان التباين فيما بين إحصائيات كل من جهاز المراقبين الماليين وديوان المحاسبة بشأن المخالفات والملاحظات التي ترد في تقاريرهما يعتبر امرا طبيعيا، وذلك لاختلاف منهجية عملهما ونطاقه على النحو الذي وضحناه.

المخالفات المالية في ظل قانوني جهاز المراقبين الماليين وديوان المحاسبة (1-2)

صحيفة الانباء 20 ديسمبر 2020

https://alanba.com.kw/1011750

العناوين الرئيسية:

  • التباين في المصطلحات الفنية التي تستخدم من قبل كل من الجهاز والديوان المحاسبة اثارت ردود أفعال سلبية لدى السلطة التنفيذية.
  • هل يتطلب الامر إعادة تكييف المسميات والمفردات ذات الصلة بالملاحظات والمخالفات والتي يسجلها الجهاز على الجهات المختصة؟
  • هل التباين بين الاحصائيات التي تتعلق بالمخالفات التي يرصدها كل من   الجهاز والديوان تعتبر امرا طبيعيا؟
  • لم يرد نص صريح لتعريف المخالفة المالية في قانون انشاء جهاز المراقبين الماليين ولا لائحته التنفيذية.
  • حالة الامتناع التي تستخدم عند ممارسة المراقبين الماليين لاختصاصاتهم لا تعني انها نوع من أنواع المخالفات.
  • عرّف قانون انشاء ديوان المحاسبة بشكل واضح ماهية المخالفة المالية.
  • مصطلح الملاحظة المستخدم من قبل الديوان جاء تأسيسا على المادة 151 من الدستور.

تزامنا مع صدور التقرير السنوي لكل من جهاز المراقبين الماليين و ديوان المحاسبة ، و الحاقا لموضوع سابق لنا منشور بعنوان (قراءة تحليلية لنتائج تقرير ديوان المحاسبة عن الأداء المالي للدولة عن السنة المالية 2019/2020) ،والذي اثرنا به راينا بشان إحصائيات ديوان المحاسبة والمتعلق بالمخالفات التي يرصدها في ظل عدم ابراز تلك الإحصائية كاداة لقياس الأداء .

كما اثرنا مشكلة التباين باستخدام المصطلحات الفنية التي تستخدم من قبل كل من جهاز المراقبين الماليين وديوان المحاسبة والتي اثارت ردود أفعال سلبية لدى السلطة التنفيذية، الامر الذي على اثره اصدر مجلس الوزراء قراره رقم (1071/2018) بتكليف جهاز المراقبين الماليين بإعادة تكييف المسميات والمفردات ذات الصلة بالملاحظات والمخالفات والتي يسجلها الجهاز على الجهات المختصة بما يتناسب مع السياق العام المنصوص عليه في القوانين ذات الصلة .

كما انعكست نتائج تقارير جهاز المراقبين الماليين للسنة المالية 2019/2020 والتي ناقشها مجلس الوزراء المنعقد في 30 نوفمبر 2020 على قراره ،وذلك بتكليف الوزراء المعنيين بمتابعة أسباب نشوء حالات الامتناع والملاحظات التي يسجلها الجهاز ،واتخاذ الإجراءات اللازمة بحق من يثبت تقصيره، هذا بالإضافة الى ربط التجديد للقياديين بمؤشرات أداء قياس واضحة من ضمنها مدى الالتزام بالقوانين والتعليمات المالية.

والتساؤل المطروح هنا هل يتطلب الامر إعادة تكييف المسميات والمفردات ذات الصلة بالملاحظات والمخالفات التي يسجلها الجهاز على الجهات المختصة؟

وهل التباين بين الاحصائيات التي تتعلق بالمخالفات التي يرصدها كل من  جهاز المراقبين الماليين وديوان المحاسبة والتي ترد في تقاريرهما الدورية تعتبر امرا طبيعيا؟

وحيث ان هذا الموضوع يتطلب ان يبحث في سياقه الفني والقانوني لا السياسي، فرأينا من الأهمية ان نتناول هذه التساؤلات بموضوعية وفقا للتأسيس القانوني والفني والمرجعية المتعلقة بها.

أولا: جهاز المراقبين الماليين:

المخالفات المالية:

لم يرد نص صريح لتعريف المخالفة المالية في قانون انشاء جهاز المراقبين الماليين رقم 23 لسنة 2015، ولا لائحته التنفيذية على الرغم من ذكرها في المادة 9 من اللائحة التنفيذية حيث نصت المادة على الاتي (يجوز لمدير المكتب ان يطلب من الجهة الخاضعة اتخاذ الإجراءات القانونية في بعض الملاحظات والمخالفات الجسيمة وموافاة المكتب بما يتم بشأنها وذلك بعد التنسيق مع رئيس القطاع للتحقق من سلامة الاجراء).

كما ان أساس استخدام مصطلح المخالفة من قبل الجهاز ممثلة بالمراقبين الماليين هو نتيجة لتنفيذ ما جاء بالفقرة 2 من المادة 12 من القانون والتي تنص على الاتي (التوقيع على استمارات الصرف والقيد والتوريد، بعد مراجعتها مع كافة المستندات المؤيدة لها والتأكد من صحة وسلامة الاجراءات والتوجيه المحاسبي ،ومطابقتها للواقع وللقوانين والتعليمات المالية والنظم واللوائح الخاصة بالجهة، خلال خمسة أيام عمل من اليوم التالي لاستلام الاستمارة والمستندات اللازمة والمؤيدة لها، ولهم في سبيل ذلك الاطلاع على كافة المستندات والملفات التي يرى أهميتها في عملية الرقابة).

حيث انه في حال نتج عن مراجعة المراقب المالي للاستمارات المعروضة عليه عدم صحة وسلامة اجراءاتها، او انها لا تتفق مع القوانين والتعليمات المالية والنظم واللوائح الخاصة بها، وجب على المراقب المالي ان يبدي رايه المبدئي على الاستمارة، وفي حال إصرار الجهة الحكومية بالمضي في تنفيذ اجرائها، استلزم الامر ان يبدي المراقب المالي رايه السلبي مكتوبا ،والذي لابد ان يكون مؤسس على نص تشريعي أيا كانت درجة التشريع، أي لا بد ان يشير المراقب المالي الى السند القانوني الذي يتعارض (يخالف) مع الإجراءات المتخذة من قبل الجهة الحكومية.

وبالتالي ان استخدام مصطلح (المخالفة) انما هو وصف لحالة التصرف المالي، فوفقا لما ورد في التفاسير اللغوية فان المخالفة تعني ارتكاب عمل مضاد، ففي هذه الحالة يكون العمل مضاد للقانون او التعميم او اللوائح – حسب الأحوال -، وهناك الكثير من مرادفاتها (كإجراء مخالف لـ ……. ، اجراء لا يتفق مع ……… ، اجراء يتعارض مع …..،…. الخ) وغيرها من الاوصاف، هذا وان استخدام كلمة مخالفة جاءت مع العرف السائد المستخدم في المجال القانوني والمالي بالدولة، وربما يكون استخدام الكلمة ذاتها قياسا لما هو منصوص عليه في قانون انشاء ديوان المحاسبة والذي سنوضحه لاحقا.

حالات الامتناع:

اما فيما يتعلق بحالة الامتناع التي تستخدم عند ممارسة المراقبين الماليين لاختصاصاتهم ،فيجب ابتداءا التوضيح بان استخدام هذا المصطلح لا يعني انه نوع من أنواع المخالفات، وانما الامتناع يعتبر اجراء اداري متخذ من قبل المراقب المالي، وهذا الاجراء اما تكون نتيجته تحرير مخالفة في حال إصرار الجهة على تمرير المعاملة المالية بالنظام المالي، واما تتراجع الجهة بالمضي في تنفيذ المعاملة المالية وبالتالي لن يكون لهذا الاجراء أي إثر مادي وقانوني.

 اما الاساس التشريعي التاريخي لإقرار حالات الامتناع فنسردها تاريخيا على النحو التالي:

  • في عام 1997 وافقت وزارة المالية على توصية ادارة الرقابة المالية باتباع أسلوب التحفظ على بعض الحالات وهي: 1 – الصرف بالتجاوز على الاعتمادات المالية.  2 – خصم مبالغ على اعتمادات لا تخصها بسبب عدم توفر اعتمادات مالية لها. 3 – الصرف على حساب عهد مصروفات تحت تسويتها على أنواع مصروفات الميزانية دون وجود موافقة مسبقة من وزارة المالية.
  • في عام 2004 بناء على التوصيات الواردة بتقرير اللجنة المكلفة بدراسة تقرير ديوان المحاسبة عن نتائج الفحص والمراجعة على تنفيذ ميزانيات الوزارات والإدارات الحكومية وحساباتها الختامية ،وكذلك المستقلة والملحقة للسنتين الماليتين (2001/2002 – 2002/2003) ، اصدر مجلس الوزراء قراره رقم (812/سابعا/1) باجتماعه رقم (28/2004) المنعقد بتاريخ 18/7/2004 ،بتكليف الجهات المعنية باتخاذ ما يلزم بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة لعمل نحو تنفيذ توصيات اللجنة ومنها (ب – وزارة المالية: منح المراقبين الماليين ورؤساء الحسابات صلاحية إيقاف عمليات الصرف المخالفة للوائح والتعليمات، بالإضافة إلى تهيئة النظام الآلي المالي المتبع في الدولة (IFS) بعدم جواز اعتماد وإثبات أي مبالغ إلا بعد الاعتماد الآلي له من قبل مكتب المراقبين الماليين بالجهات الحكومية) .
  • في عام 2005 اعتمدت وزارة المالية توصية ادارة الرقابة المالية بتطبيق حالة الامتناع بشأن الصرف على حساب العهد (مصروفات تحت تسويتها على أنواع مصروفات الميزانية) في حال عدم وجود موافقة مسبقة من قبل وزارة المالية .
  • في عام 2006 تم التوسع في حالات الامتناع لتصبح 6 حالات بدلا من حالة واحدة.
  • في عام 2015 صدر قرار وزير المالية رقم 11 لسنة 2015 بشأن اختصاصات المراقبين الماليين ورؤساء الحسابات في الوزارات والإدارات الحكومية والهيئات الملحقة والمؤسسات المستقلة، وقد تم تضمين قرار الاختصاصات حالات الامتناع والبالغ عددها 17 حالة مع وجود سلطة للمراقب المالي للتحفظ على بعض المعاملات المالية.
  • وفي ذات العام صدر القانون 23 لسنة 2015 بشأن انشاء جهاز المراقبين الماليين بتاريخ 11 مايو 2015 وقد نصت المادة 14 منه على الاتي (على المراقب المالي التأكد من أن إنشاء الالتزامات المالية أو تحميل عبء على الخزانة العامة قد أجيز من السلطة المختصة، وفقا للقوانين والقرارات والتعليمات المالية وبعد استيفاء المستندات المؤيدة، وإلا فعليه أن يمتنع عن توقيع الاستمارة مع بيان أسباب الامتناع كتابة. وإذا لم يؤخذ بوجهة نظر المراقب المالي، يرفع الأمر للوزير أو رئيس الجهة متضمنا الرأيين معا، فإذا لم يقرر الوزير أو رئيس الجهة رأي المراقب المالي وجب تنفيذ رأي الوزير أو رئيس الجهة مع إخطار رئيس الجهاز بذلك).
  • وفي ذات العام أيضا صدرت اللائحة التنفيذية للقانون المشار اليه بالمرسوم 333 لسنة 2015 بتاريخ 22 ديسمبر 2015 ,وقد نصت المادة 7 منه على الاتي (على المراقب المالي التأكد من انشاء الالتزامات المالية او تحميل عبئ على الخزانة العامة قد أجيز من السلطة المختصة، وفي حال عدم وجود هذه الاجازة فعلي المراقب المالي ان يمتنع عن توقيع الاستمارة مع بيان اسباب الامتناع كتابة، وفقا للقوانين والقرارات والتعليمات المالية وبعد استيفاء المستندات المؤيدة).
  • في عام 2016 صدر التعميم رقم 1 لسنة 2016 المعدل بالتعميم 3 لسنة 2018 بشأن الإجراءات الخاصة بتنفيذ احكام المادة 14 من القانون رقم 23 لسنة 2015 المتعلقة بالامتناع عن توقيع الاستمارة.

الملاحظات:

اما مصطلح الملاحظة فانه أيضا لم يرد نص صريح لتعريف الملاحظة في قانون انشاء جهاز المراقبين الماليين رقم 23 لسنة 2015 ولا لائحته التنفيذية، على الرغم من وروده في العديد من المواد سواء في القانون او لائحته التنفيذية.

فوفقا لما ورد في التفاسير اللغوية فان المُلاَحَظَةُ تعني التعليق أو التنبيه الذي يكتب أو يُلقى حول رأي أو موضوع معين، وبالتالي فان الملاحظة ليست كلمة مرادفة للمخالفة وانما مصطلح اعم واشمل ويندرج تحت هذا المصطلح المخالفة.

فعلى سبيل المثال المراقب المالي يبدي ملاحظاته على تنفيذ الجهة الحكومية لميزانيتها المعتمدة، ويندرج تحت ملاحظاته ما يرد من مخالفات صريحة لأحكام قوانين ولوائح منظمة للشئون المالية، أيضا يندرج تحت ملاحظاته راية في الإجراءات التي تقوم بها الجهة الحكومية في بعض الموضوعات، فنرى تقرير المراقب المالي يتناول رايه في مواطن الهدر في تصرفات الجهة الحكومية، كما نرى رايه في مدى فاعلية الرقابة الداخلية المنظمة للعمل بالجهة، ومدى كفاءتها وكفايتها لأحكام الرقابة المالية.

فمن ناحية القياس العددي فان الملاحظات من حيث العدد تفوق عدد المخالفات وذلك على النحو الوارد شرحه في الفقرة السابقة، لذا فان البيانات الإحصائية الواردة بملحق التقرير الدوري الذي يعده المراقب المالي يمثل فقط عدد المخالفات التي رصدها في الجهة الحكومية دون عدد الملاحظات.

ثانيا: ديوان المحاسبة:

عرّف قانون انشاء ديوان المحاسبة بشكل واضح ماهية المخالفة المالية، حيث حددت المادة 52 من القانون الحالات التي تعتبر فيها مخالفة المالية وهي 8 حالات على النحو الوارد بالمادة والتي نصها كالاتي (يعتبر مخالفات مالية في تطبيق أحكام هذا القانون ما يأتي:

  1. مخالفة القواعد والأحكام المالية المنصوص عليها في الدستور.
  2. مخالفة الميزانية العامة او الميزانيات الملحقة بها او المستقلة عنها والميزانيات الخاصة بالهيئات الخاضعة لرقابة ديوان المحاسبة، والتي يكون الموظف العمومي مندوبا لمراقبتها او الأشراف عليها.
  3. مخالفة أحكام القانون الخاص بقواعد اعداد الميزانية والرقابة على تنفيذها والحساب الختامي.
  4. مخالفة أحكام قانون المناقصات ولائحته ،ولائحة المخازن والمشتريات، وعلى وجه العموم كافة القواعد والأحكام والأنظمة والتعميمات المالية والحسابية والمخزنية.
  5. كل تصرف خاطئ او إهمال او تقصير يترتب عليه صرف مبالغ من الأموال العامة بغير وجه حق، او ضياع حق من الحقوق المالية للدولة او أحد الأشخاص العامة الأخرى او الهيئات الخاضعة لرقابة ديوان المحاسبة، او المساس بمصلحة من مصالحها المالية، او يكون من شأنه ان يؤدى إلى ذلك.
  6. عدم موافاة الديوان بالمناقصات ومشروعات الارتباطات والاتفاقات والعقود الخاضعة للرقابة المالية المسبقة. وكذلك عدم موافاة الديوان دون مبرر بالحسابات والمستندات المؤيدة لها في المواعيد المحددة لذلك، او بما يطلبه من أوراق او وثائق او غيرها مما يكون له الحق في فحصها او مراجعتها او الاطلاع عليها طبقا للقانون.
  7. عدم الرد على ملاحظات الديوان او مكاتباته بصفة عامة او التأخر في الرد عليها دون مبرر، ويعتبر في حكم عدم الرد ان يجيب الموظف إجابة الغرض منها المماطلة والتسويف.
  8. التأخر دون مبرر في إبلاغ الديوان خلال خمسة عشر يوما على الأكثر بما تتخذه الجهة الإدارية المختصة في شأن المخالفات التي يبلغها الديوان إليها، او تقاعسها دون عذر مقبول عن اتخاذ اللازم حيالها، وبالجملة كل تصرف او موقف يكون من شأنه ان يعوق الديوان -دون مقتض -عن مباشرة اختصاصاته في الرقابة المالية على الوجه الأكمل).

كما ربط القانون الجزاء المرتبط بالوقوع بتلك المخالفات حيث نصت المادة 53 من القانون على الاتي (يعاقب تأديبيا على الوجه المبين في هذا القانون كل من ارتكب من الموظفين العموميين عدا الوزراء مخالفة من المخالفات المالية المنصوص عليها في المادة السابقة او ساهم في ارتكابها او سهل وقوعها او تراخى في الإبلاغ عنها او حاول التستر على مرتكبها وذلك كله على أية صورة من الصور).

هذا واوجبت المادة 54 من القانون بإحالة مرتكبي المخالفات المالية للتحقيق حيث نصت المادة على الاتي (يتعين على كل جهة من الجهات الحكومية او هيئة او مؤسسة عامة او شركة او منشاة تابعة لها ان تحيل إلى التحقيق ما يتكشف لها من المخالفات المالية التي وقعت بها وذلك عقب اكتشافها وعليها بعد إبلاغها بنتيجة هذا التحقيق ان تصدر قرارا في الموضوع سواء بحفظه او بمجازاة المسئول إداريا او إحالته للمحاكمة التأديبية حسبما يتراءى لها وذلك في خلال خمسة عشر يوما على الأكثر من تاريخ إبلاغها نتيجة التحقيق).

كمت حددت المادة 60 اختصاص المحاكمة التأديبية وتشكيل هيئتها على النحو الوارد بالمادة.

الملاحظات:

اما في شان الملاحظات فان هذا المصطلح جاء تأسيسا بالمادة 151 من الدستور حيث نصت المادة على الاتي (ينشأ بقانون ديوان للمراقبة المالية يكفل القانون استقلاله، ويكون ملحقا بمجلس الأمة ويعاون الحكومة ومجلس الأمة في رقابة تحصيل ايرادات الدولة وإنفاق مصروفاتها في حدود الميزانية ويقدم الديوان لكل من الحكومة ومجلس الامه تقريرا سنويا عن أعماله وملاحظاته)، ولم يرد اية تعريف بقانون انشاء الديوان لمصطلح الملاحظة، وانما تم الإشارة لها في عدة مواقع عديدة بالقانون وهي على النحو التالي:

المادة رقم 12

على الجهات المشار إليها في الفقرات الثلاث الأولى من المادة الخامسة من هذا القانون ان توافي الديوان بما تصدره من القرارات الخاصة بتعيين الموظفين والمستخدمين والعمال وترقيتهم ومنحهم العلاوات وما في حكمها والقرارات الخاصة بالمعاشات والمكافآت وما في حكمها على ان يتم ذلك بالنسبة للقرارات الأولى في ميعاد اقصاه عشره أيام من تاريخ صدورها وبالنسبة للقرارات الأخرى في ميعاد غايته ثلاثون يوما. ويبلغ الديوان الجهة المختصة بملاحظاته فيما يتعلق بمدى مطابقة القرارات المذكورة لأوضاع الميزانية والقواعد والأحكام المالية التي تنظم موضوعها وذلك قبل فوات المدة المحددة لصيرورة هذه القرارات غير قابله لسحبها او للطعن فيها بوقت كاف ،وعلى تلك الجهة ان تبادر إلى سحب او إلغاء القرارات المشوبة وما ترتب عليها من أثار وفى حالة عدم موافقة الجهة المذكورة على الاخذ برأي الديوان فان القرارات المعترض عليها تعتبر موقوفة بقوة القانون إلى إن يستقر على اتفاق هاتين الجهتين بشأنها وإلا عرض الموضوع على مجلس الوزراء للبت فيه.

المادة رقم 19

للديوان فحص الأوجه التي تستثمر فيها أموال الدولة ومراجعة حسابات هذه الاستثمارات وإبداء ما يعن له من ملاحظات في هذا الشأن.

المادة رقم 22

يضع رئيس الديوان تقريرا سنويا عن كل من الحسابات الختامية المشار إليها في المادة السابقة يبسط فيه الملاحظات وأوجه الخلاف التي تقع بين الديوان وبين الجهات التي تشملها رقابته المالية، ويقدم هذا التقرير إلى رئيس الدولة ومجلس الأمة ومجلس الوزراء ووزير المالية في موعد أقصاه نهاية أكتوبر من كل عام. ويجوز لرئيس الديوان تقديم تقارير أخرى على مدار السنة في المسائل التي يرى أنها بدرجة من الأهمية تستدعى سرعة نظرها.

المادة رقم 24

يكون فحص ومراجعة حسابات الشركات او المؤسسات المشار إليها في المادة السابقة وفقا للأصول والأوضاع التي تجرى عليها هذه الشركات والمؤسسات في أعداد حساباتها تبعا لطبيعية النشاط الذي تزاوله وفى حدود الأحكام واللوائح والقرارات المنظمة لأعمالها. ويبلغ الديوان ملاحظاته التي تسفر عنها مراجعة الحسابات المتقدمة إلى كل من الشركة او المؤسسة التي روجعت حساباتها والجهة الإدارية المختصة بالأشراف عليها والى وزارة المالية والصناعة. وبالنسبة لشركات المساهمة يجب على الديوان ان يبلغ ملاحظاته قبل انعقاد الجمعية العمومية للشركة بثلاثين يوما على الأقل ويتعين على مجلس إدارة الشركة عرض هذه الملاحظات على الجمعية عند انعقادها.

المادة رقم 25

يقوم الديوان بفحص ومراجعة كل حساب او عمل اخر يعهد اليه بفحصه ومراجعته مجلس الامة او مجلس الوزراء. ويبلغ رئيس الديوان ملاحظاته في هذه الحالة إلى الجهة طالبة الفحص او المراجعة. ويجوز له ان يضمن تقريره السنوي كل ما يبدو له من الملاحظات بشأن الحساب او العمل السالف الاشارة اليه.

المادة رقم 31

يبلغ الديوان الملاحظات التي تسفر عنها عمليات التفتيش والفحص والمراجعة إلى الجهات الخاضعة لرقابته المالية كل فيما يخصها وعلى هذه الجهات موافاة الديوان بردودها على تلك الملاحظات في خلال شهر من تاريخ إبلاغها إليها.

المادة رقم 82

تراجع مستندات وحسابات ديوان المحاسبة بواسطة وزارة المالية والصناعة ويخطر الديوان بما قد تسفر عنه هذه المراجعة من ملاحظات أو مخالفات لعرضها على رئيس الديوان لاتخاذ اللازم بشأنها طبقا لهذا القانون ويدرج ذلك في التقرير السنوي للديوان.

ويلاحظ بان مصطلح الملاحظة ليس له اية مدلولات واضحة في القانون الا فيما ورد بنص المادة 12 وهو على الاتي (… ويبلغ الديوان الجهة المختصة بملاحظاته فيما يتعلق بمدى مطابقة القرارات المذكورة لأوضاع الميزانية والقواعد والأحكام المالية التي تنظم موضوعها…)، وهنا نلاحظ ان المشرع قد ربط الملاحظات بمدى الالتزام بالأحكام المنظمة وبالتالي في رأيي وردت الملاحظة هنا بدرجة المخالفة المالية الوارد وصفها بالمادة 52 من القانون.

اما كلمة الملاحظات الوارد بأحكام القانون (باستثناء المادة 12) فبرئينا انها تأتي في سياق معناها اللغوي الذي أشرنا اليه سابقا كالتعليق أو التنبيه او الرأي حول موضوع ما، وبالتالي الملاحظات غير ملزمة طالما لا تعد مخالفة مالية وفق للتفسير الوارد في المادة 52، وقد يكون هذا هو مدخل الديوان وتأسيسه في منهجية عمله المتبعة من قبله والمتعلقة بتقييمه لبعض الإجراءات (تقييم الأداء).

(( يتبع ))

بنك الائتمان الكويتي واستدامته

صحيفة الانباء 9 ديسمبر 2020

https://alanba.com.kw/1009739

ان ما أفصح عنه نائب رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لبنك الائتمان الكويتي في لقائه الأخير، من ان هناك أخطار تتعلق باستدامة تقديم البنك لخدماته للمواطنين، في حال عدم توافر الموارد المالية اللازمة لتقديم مثل تلك الخدمات، وان كان هذا الامر منطقيا الا ان ذلك لا يتعلق بالبنك فقط وانما يتعلق أيضا بكافة الجهات والمؤسسات الحكومية باعتبار ان الموارد المالية هي المحرك الأساسي لأنشطتها.

فاذا لم تتوافر الاعتمادات المالية اللازمة للجهات الحكومية فلن تستطيع تلك الجهات ان تقوم بمهامها وتقدم خدماتها، فعلى سبيل المثال لن تتمكن وزارة التعليم العالي من الاستمرار في ابتعاث الطلبة، كما لن تتمكن جامعة الكويت ولا الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب من استيعاب قبول الطلبة بمعدلات نموها السنوي الطبيعة، وغيرها من الجهات الحكومية.

لذلك جاءت رؤية الكويت 2035 لتستهدف تطوير الاقتصاد الكويتي لتحقيق التنوع به بهدف الحد من اعتماد الدولة الرئيسي على العائدات من صادرات النفط، مما يمكنها من الاستمرار وديمومة تقديم الخدمات للمواطنين والمحافظة على مستوى جودتها.

ولعل ما يعيق تحقيق ركائز رؤية الكويت أسباب عديده، ومن أهمها ما أفصح عنها نائب رئيس مجلس الإدارة المدير العام لبنك الائتمان الكويتي بشكل او باخر من ان التدخلات السياسية تؤثر على استقرار عمل الجهات والمؤسسات الحكومية ومن ثمة تأثر على استمرارية العمل بها.

طبعا في رأيي ان هذا كان نتيجة طبيعية بسبب القوانين والمقترحات التي يغلب عليها الطابع الشعبي لا المصلحة العامة، والتي كانت من اثارها عدم قدرة مؤسسات الدولة على الاستمرار في تقديم مثل تلك الخدمات، حيث لم تراعي القوانين والمقترحات تلك محدودية دخل الموازنة العامة للدولة، لاعتمادها على مورد واحد وناضب.

هذا وأكثر مؤسسات الدولة تأثرا بتبعات تلك القوانين والمقترحات هي الجهات الحكومية ممثلة بالوزارات والإدارات الحكومية، وذلك باعتبار انها تمول بشكل كامل من الموازنة العامة للدولة، وكذلك الهيئات ذات الميزانية الملحقة لمحدودية الإيرادات الذاتية لها.

اما المؤسسات المستقلة والتي تتمتع باستقلالية مالية وإدارية وتمارس نشاطها بشكل تجاري الى حد كبير كبنك الائتمان الكويتي، ففي رأيي سوف تكون اقل تأثرا بالإجراءات التي تبنتها وزارة المالية مقارنة مع الوزارات والإدارات الحكومية والهيئات ذات الميزانية الملحقة ، مما يقلل حجم التخوفات التي طرحها نائب رئيس مجلس الإدارة المدير العام لبنك الائتمان الكويتي.

فلا أتصور ان يكون توجه وزارة المالية بعدم تلبية طلبات الجهات المستقلة المتعلقة بشان زيادة رؤوس أموالها يسري على البنك، حيث اتوقع ان رؤية وزارة المالية في هذا الشأن تتعلق بعدم رغبتها بتمويل أي توسعات بأنشطة الجهات المستقلة والتي تعتبر غير ضرورية ، لا بعدم تمكين المؤسسات من ممارسة نشاطها، ولا أتصور أيضا بان وزارة المالية تهدف بقرارها هذا وقف أنشطة البنك المتعلقة بمنح القروض المختلفة للمواطنين، لان توفير الرعاية السكنية من خلال تمويل القروض يتعلق بسياسة الدولة والتي هي مرتبطة بما تقرره بالتنسيق مع مجلس الامة وليس سياسة وزارة.

وبرأيي أيضا ومن خلال خبرتي العملية المتواضعة سواء من خلال عضويتي السابقة بمجلس إدارة بنك الائتمان الكويتي او حتى في المؤسسات المالية الأخرى، لا يزال البنك يملك من الملاءة المالية التي تمكنه من الاستمرار في ممارسة نشاطه على النحو المقرر بتمويل القروض المختلفة على المديين القصير والمتوسط، ولا اتفق مع الطرح الذي مفاده بانه في حال عدم إقرار بدائل تمويلية للبنك في أسرع وقت، سيُعاد النظر في استمرار منح بعض القروض النوعية التي يقدمها البنك.

فبنك الائتمان يتمتع بمركز مالي متين يمكنه من الصمود، كما ان حجم راس مال البنك يجعله يتحمل الضغط على المدى القصير والمتوسط ايضا، والبنك وفقا لقانون انشاءه يملك ان يقترض من الحكومة او بضمانها مبالغ لا تجاوز ضعف راس المال، كما له ان يصدر سندات قروض، علما بانه تمت زيادة راس مال البنك أكثر من مرة حتى بلغ 3 مليار دينار، هذا وطرح البنك سندات بقيمة 500 مليون دينار بما يمثل 17% من راس المال، ومن جانب اخر ان القروض التي تمنح من قبل البنك هي بضمان الحكومة حتى صدور وثائق التملك للمقترض.

كما ان تقارير البنك المالية تشير الى ان أداء البنك ايجابي، فاستطاع البنك تنمية ايراداته على الرغم من تراجع أسعار النفط عالمياً، هذا ما صرح عنه البنك مؤخرا عن تحقيقه لصافي أرباح بلغت 73 مليون دينار تقريبا خلال السنة المالية 2019/2020 بزيادة قدرها 13 مليون دينار تقريبا عن الأرباح المحققة خلال السنة المالية السابقة.

وعليه يتضح مدى الملاءة المالية للبنك وكفاية رأسماله وجودة اصوله، والتي تمكنه من الاستمرار في ممارسة نشاطه في تمويل القروض المختلفة، هذا اخذين بعين الاعتبار بان منظومة الرعاية السكنية بالدولة تعتبر متكاملة، وتأتي وفق السياسات العامة للدولة والتي يضعها مجلس الوزراء وفقا لاختصاصاته، فمن غير المنطقي ان تقوم الدولة بتوفير أراضي سكنية للمواطنين وفي نفس الوقت لا توفر لهم التمويل الاسكاني اللازم من خلال بنك الائتمان الكويتي!

وظيفة المستشار القانوني.. هل وجودها ضرورة؟

صحيفة الانباء 29 نوفمبر 2020

https://alanba.com.kw/1007628

تثار ما بين الحين والاخر ردود أفعال حول استعانة الجهات الحكومية بالمستشارين القانونيين وعلى وجه التحديد بمكاتب الوزراء، وقد وجهت انتقادات لاذعة لعدد من الجهات الحكومة بهذا الشأن، وقد وصل الامر بان صدر تكليف من مجلس الامة لديوان المحاسبة لدراسة ظاهرة التوسع بالاستعانة بالمستشارين بمكاتب أحد الوزراء ووكلائه، وكما نعلم بان تعيين او الاستعانة بخدمات هؤلاء المستشارين لا يكون الا بموجب موافقات خاصة من قبل مجلس الخدمة المدنية.
وقد يتبادر بالذهن تساؤل حول مدى جدوى وجود مثل هؤلاء المستشارين في ظل وجود إدارات قانونية ضمن الهياكل التنظيمية بالوزارات والجهات التي يشرف عليها الوزراء، فادارة الشئون القانونية تقوم بمهام متعددة منها ما يتعلق بإبداء الرأي والمشورة حول المسائل القانونية، وكذلك إعداد الدراسات والبحوث القانونية ذات الصلة بأعمال الجهة، حيث يبنى على تلك الآراء القانونية القرار الإداري الذي يتخذه الوزير او المسؤول بالجهة الحكومية.
اذن ما هي وظيفة المستشار القانوني في ظل وجود مثل تلك الإدارات القانونية بالجهات الحكومية؟ والتي يعمل بها العديد من المختصين القانونيين من جميع المستويات والخبرات المختلفة في المجال القانوني.
فاذا كانت وظيفة المستشار القانوني هي ذات الوظيفة التي تقوم بها الإدارة القانونية، فإننا امام ازدواجية في الاختصاصات وفي المهام، خاصة وان اختصاصات المستشار القانوني ليست واردة ضمن دليل تصنيف الوظائف بالجهاز الحكومي والصادر من ديوان الخدمة المدنية.
فالأصل ان يكون الاعتماد على الراي القانوني الصادر من الادارة القانونية بالجهة الحكومية، لان هذا من صميم اختصاصاتها ومهامها ومن مسئولياتها قانونا، اما راي المستشار القانوني فهو راي استشاري يقدم لصاحب القرار بناء على طلبه وهو غير ملزم، ولا يجب ان تكون وظيفته من ضمن الوظائف القانونية بالجهة الحكومية لان التأسيس عليه برايي يعتبر مخالف قانونا ، ويأتي رايه في سياق تحسين القرار من قبل متخذه في حال ان هذا القرار مبني فقط على السلطة التقديرية الممنوحة لمتخذ القرار ، وفي حدود مسئوليته بصفته الوظيفية ، ولا تمتد الى مسئولية الإدارة القانونية بالجهة الحكومية ، اما اذا امتدت الى مسئولية الإدارة القانونية فإننا امام خلل في جودة العمل القانوني في تلك الادارة خاصة في حال وجود تناقض بالراي بين المستشار القانوني والإدارة القانونية، الامر الذي يستلزم معالجته بالطريقة الصحيحه وليس من خلال الاعتماد على راي المستشار القانوني.
فعلى سبيل المثال لا الحصر فالجهات الرقابية تعتد بالراي القانوني الصادر من الإدارة القانونية في المسائل التي تستلزم العرض عليها قانونا، ولا تعتد بالراي الصادر من المستشار القانوني التابع للوزير او المسؤول عن الجهة الحكومية.
لذا فمن الأفضل من الناحية الإدارية والفنية والمالية أيضا ان يتم إعادة النظر في مسالة الاستعانة بالمستشارين القانونيين من خلال العمل المؤسسي بالدولة، حيث نرى ان توكل خدمة الاستشارات القانونية لإدارة الفتوى والتشريع من خلال قيامها بتعيين مستشارين بالجهات الحكومية تابعين لها اداريا وماليا، وذلك نظرا لارتباط مهام إدارة الفتوى والتشريع بالخدمات الاستشارية القانونية التي تحتاجها الجهات الحكومية ومكاتب الوزراء.
كما ان إدارة الفتوى والتشريع تمتلك من الكوادر البشرية ذات الخبرة الكبيرة في المجال القانوني، وقد تعاملت شخصيا عن قرب مع تلك الكوادر من خلال لجان التحقيق وتقصي الحقائق التي شاركت بها والتي كانت برئاسة مستشارين من إدارة الفتوى والتشريع.
وتختص إدارة الفتوى والتشريع استنادا الى المرسوم الاميري رقم 12 لسنة 1960 بشأن تنظيم إدارة الفتوى والتشريع بالدرجة الأولى بإبداء الراي في المسائل التي تستفتيها الجهات الحكومية، وفي المسائل التي تتعلق بتطبيق التشريعات المختلفة.
هذا ويوجد تجارب ناجحة لجهات حكومية متخصصة اتبعت مثل هذا الاسلوب وان كانت وفقا لقوانين انشاءها، منها تعيين مراقبين لشئون التوظف بالجهات الحكومية، ومن اختصاصاتهم ابداء الراي فيما يعرض عليهم من استفسارات وطلبات ومذكرات وكتب قبل قيام الجهة بإرسالها لديوان الخدمة المدنية وشرح وتوضيح قرارات وتعليمات مجلس الخدمة المدنية، وكذلك تعيين مراقبين ماليين بالجهات والمؤسسات الحكومية ومن اختصاصاتهم تقديم الاستشارات والإرشادات اللازمة للشئون المالية للجهات الخاضعة لرقابة جهاز المراقبين الماليين.
ومن إيجابيات تعيين مستشارين بالجهات الحكومية تابعين لإدارة الفتوى والتشريع الاتي:

  1. توفير تكاليف الرواتب والمكافئات التي تصرف على المستشارين الذي يتم تعيينهم او الاستعانة بهم من قبل الجهات الحكومية.
  2. حوكمة اعمال الاستشارات القانونية بالجهات الحكومية وعدم خضوع الراي القانوني لتوجيه من قبل مسئول الجهة الحكومية، وذلك من خلال التبعية الإدارية والمالية للمستشار القانوني لإدارة الفتوى والتشريع.
  3. ضمان جودة الآراء القانونية لوجود مرجعية واحدة متمثلة بإدارة الفتوى والتشريع.
  4. الاستفادة من تبعية المستشار القانوني لإدارة الفتوى والتشريع في خلق قناة اتصال سريعة لمتابعة الموضوعات المحالة من الجهة الحكومية الى الإدارة.

علما بان مثل هذا الأسلوب سبق ان اتبعته إدارة الفتوى والتشريع لكن في نطاق ضيق، وتجدر الإشارة بان إدارة الفتوى والتشريع مؤخرا قد تقدمت بطلب زيادة ميزانيتها وذلك لتغطية متطلباتها المستجدة والتي منها تعيين 700 موظف (محامي “ب “)

قراءة تحليلية لنتائج تقرير ديوان المحاسبة عن الأداء المالي للدولة2019/2020

صحيفة الانباء 19 نوفمبر 2020

https://alanba.com.kw/1005679

العناوين الرئيسية:

  • انخفاض العجز الفعلي عن العجز المتوقع بالميزانية لا يعكس التحسن بأداء المالية للدولة.
  • لم تتخذ الإدارة المالية العامة أي إجراءات فاعلة لمعالجة الاختلالات الهيكلية بالموازنة العامة للدولة.
  • ديوان المحاسبة يدفع الى اصلاح النظام الضريبي وزيادة الإيرادات الضريبية بالإضافة الى تعديل رسوم الخدمات الحكومية وإعادة النظر في تسعير الاستخدامات المختلفة لأملاك الدولة.
  • توقعات بان تسجل الموازنة العامة للسنة المالية 2020/2021 عجزا يقدر بحدود 13.8 مليار دينار.
  • ثقافة تمويل عجز الموازنة العامة للدولة من خلال السندات الحكومية ثقافة ليست بجديدة.
  • يوجد رقابة من قبل مجلس الامة على القروض التي تعقدها الدولة باستثناء التي تعقدها مؤسسة البترول الكويتية.
  • تحفظ الديوان على ارصدة البنوك وتأكيده على وجود انعكاسات سلبية أدت الى عدم تعبير الحساب الختامي للدولة تعبيرا صادقا عن المركز المالي.
  • رصد الديوان في تقريره 113 مخالفة وهي فقط التي ينطبق عليها احكام المسائلة والمحاكمة.
  • لم يعمل الديوان في تقريره على ابراز أثر ومدلولات حجم المخالفات من حيث العدد كأحد مؤشرات أداء الديوان.
  • لم يدرج الديوان اية توصيات بشأن التكليف الخاص بالتحقيق المتعلق بمحاور احدى الاستجوابات.
  • راي الديوان بشأن الحساب الختامي والتعاقدات الخاصة بميزانية التعزيزات العسكرية لوزارة الدفاع بانها تخضع لرقابة جهاز المراقبين الماليين ليس في محله قانونا.
  • جاءت نتائج دراسة الديوان للتقرير النهائي للفريق المكلف من مجلس الوزراء بشأن معالجة تضخم حساب الأصول المتداولة (العهد)، بشكل مغاير لنتائج فريق المكلف من قبل مجلس الوزراء.
  • عدم التزام عدد من الجهات وعدم تعاون البعض منها بأحكام للقانون رقم 25 لسنة 1996 في شان الكشف عن العمولات.
  • يجب ان يبذل الديوان مزيدا من الاهتمام في زيادة ثقافة ووعي الجهات الحكومية بثقافة مبادى الحوكمة.

انجز ديوان المحاسبة تقريره السنوي عن السنة المالية 2019/2020 في ظل ظروف استثنائية نتيجة لما عكسته اثار انتشار جائحة فايروس كورونا (COVID-19) على اعمال الدولة منها المالية والرقابية، حيث اعد الديوان تقريره بجزءه الأول ليكون متسقا مع الموعد الدستوري لتقديمة وفقا لما افاد به الديوان.

وقد احتوى التقرير الذي تجاوز عدد صفحاته الثلاثمائة صفحة على العديد من الموضوعات التي تغطي إطار عمل الديوان وفقا لاختصاصاته الواردة بأحكام قانون انشاء ديوان المحاسبة وتعديلاته رقم 30 لسنة 1964.

ولأهمية دور ديوان المحاسبة وتقاريره الدورية التي يصدرها كونه الجهاز الرقابي الاول على مستوى السلطة التشريعية والذي يعنى بحماية المال العام، قد رأينا من المناسب ان نسلط الضوء على اهم ملامح ومؤشرات التي وردت في هذا التقرير وانعكاساتها وذلك على النحو التالي:

نتائج الإدارة العامة للدولة:

أسفر تنفيذ ميزانية السنة المالية للدولة للسنة المالية 2019/2020 عن وجود عجز فعلي بلغ 3.9 مليار دينار، وعلى الرغم من انخفاض مقدار العجز بنحو 1.2 مليار دينار تقريبا عن السنة المالية السابقة، الا اننا نرى ان ذلك الانخفاض لا يعكس تحسن بالإدارة المالية للدولة، لان ذلك كان نتيجة لقرار إعادة النظر في آلية تنفيذ قانون احتياطي الأجيال القادمة، حيث عطل القانون 18 لسنة 2020 والذي اقره مجلس الامة مؤخرا اقتطاع نسبة 10% من الإيرادات العامة للدولة عن كل سنة لحساب احتياطي الأجيال القادمة.

لذا يتطلب الامر الاخذ بعين الاعتبار اثر هذا التعديل على مؤشرات أداء الإدارة المالية العامة للدولة، بحيث لا يعتبر مثل هذا التخفيض مؤشرا أداء إيجابي وذلك لعدم ارتباطه بتحسن أداء الإدارة المالية ،وانما بتغيير سياسة من السياسات المالية هذا من جانب ، ومن جانب اخر نظرا لعدم ظهور نتائج العمليات المالية بالحساب الختامي للإدارة العامة للدولة على حقيقتها نتيجة لعدم تحميل السنة المالية بجميع مصروفاتها ،وتحميلها بمصروفات لا تخصها ( سنوات مالية سابقة ) ، الامر الذي يؤثر على اتخاذ القرارات المالية والاقتصادية للدولة والمؤسسات المالية المحلية والدولية للوضع المالي للدولة .

وعلى الرغم من هذا التعديل التشريعي كان له اثر إيجابي على تخفيض حجم العجز السنوي في الميزانية العامة للدولة ، الا ان مثل هذا القرار كاجراء إصلاحي ليس هو الحل الوحيد لمعالجة انعكاسات مثل هذا العجز ، حيث ان الإصلاح المالي يتطلب تنفيذ حزمة من الإجراءات الإصلاحية ، ولا تزال الاختلالات الهيكلية بالموازنة العامة للدولة مستمرة وذلك لاعتماد الدولة على مصدر وحيد وناضب للإيرادات وهو انتاج النفط ، والذي يعتبره الديوان مؤشرا على عدم تحسن أداء الإدارة المالية للدولة وفق نهج الإصلاح الاقتصادي والمالي ، والذي يتطلب بذل الإدارة المالية للدولة  المزيد من الجهد وتبني برنامج شامل للإصلاح والتنوع الاقتصادي وزيادة  الإيرادات غير النفطية هذا من جهة ، ومن جهة أخرى تركيز الصرف العام على النفقات الجارية والتي تمثل 90% من اجمالي النفقات على حساب النفقات الرأسمالية ، وقد استنزفت المرتبات وما في حكمها بالإضافة الى الدعم الحكومي ما نسبته 70% من جملة تلك النفقات ، وتتركز الدعومات  بشكل أساسي في دعم الطاقة والوقود ثم بعد ذلك الدعم الصحي بنسبة 58% و 16% على التوالي .

وبهذا الصدد نود التأكيد على ما يميز ديوان المحاسبة كجهاز رقابي هو ما يتمتع به من استقلالية ومهنية عالية ومصداقية مما جعل منه جهازا فنيا محايدا يعتمد عليه في اتخاذ القرارات المالية الاستراتيجية على مستوى الدولة.

لذلك يجب ان تأخذ ملاحظات وتوصيات الديوان بعين الاعتبار في قضايا الإصلاح الاقتصادي والمالي، حيث يؤكد الديوان في تقريره على عدم بذل الإدارة المالية للدولة للإصلاحات اللازمة لتحسين البيئة الاقتصادية وتعظيم مصادر الإيرادات غير النفطية وذلك بما يخالف اهداف الدولة في سياسات الإصلاح المالي والاقتصادي.

هذا ويوصي ديوان المحاسبة بضرورة العمل على تنويع مصادر الإيرادات العامة بما يحقق الاستقرار في الأوضاع المالية للدولة، وذلك من خلال اصلاح النظام الضريبي وزيادة الإيرادات الضريبية بالإضافة الى تعديل رسوم الخدمات الحكومية وإعادة النظر في تسعير الاستخدامات المختلفة لأملاك الدولة.

لذا وبرأيي على مجلس الامة ان يأخذ بعين الاعتبار راي ديوان المحاسبة المحايد والداعم الى حد كبير للتوجهات الحكومية بإصلاح النظام الضريبي وإعادة النظر في سياسة اسعار الخدمات، وما يستلزم ذلك من قيام المجلس بمناقشة ديوان المحاسبة بشأن رايه هذا قبل رفض أي مقترحات حكومية بهذا الشأن، لمعرفة الراي الفني والموضوعي لديوان المحاسبة بصفته الجهاز الفني الذي يعاون مجلس الامة.

هذا لاسيما وان هناك تقارير مالية واقتصادية توقعت في حال استمرار أداء الإدارة المالية للدولة على هذا النحو، سوف تسجل الموازنة العامة للسنة المالية 2020/2021 عجزا يقدر بحدود 13.8 مليار دينار في ظل الانخفاض الكبير في معدل أسعار النفط بسبب انعكاسات اآثار وباء كورونا اقتصاديا وماليا، أي ما يزيد عن نسبة 350% من العجز الفعلي لموازنة السنة المالية 2019/2020، وهذا يعد مؤشرا متوقعا مخيفا لتجاوزه أكثر من نصف الموازنة العامة للدولة. 

علما بان وزارة المالية أعلنت بان الميزانية العامة للدولة للعام الجاري 2020/2021 قد سجلت في الربع الأول منها عجزا بقيمة 1.3 مليار دينار والتزامات مالية بحكم المصروف بلغت نحو 733.3 مليون دينار (2 مليار تقريبا).

الدين العام:

تضمن تقرير ديوان المحاسبة قسم يتعلق بمتابعه الدين العام للحكومة، ويأتي هذا التقرير في سياق تكليف مجلس الامة للديوان في هذا الشأن، حيث تقوم الحكومة بإصدار السندات الحكومية لسداد العجز بالموازنة العامة من جهة، ومن جهة أخرى تقوم مؤسسة البترول الكويتية بعمليات الاقتراض لتمويل مشاريعها، وفيما يلي بعض الجوانب التي نرى ابرازها في هذا الشأن:

  • تقوم الحكومة باستخدام السندات لتغطية العجز في السيولة المالية لتنفيذ الميزانية العامة للدولة، فما يتم طرحة في الآونة الأخيرة من حاجة الدولة لقانون الدين العام لسد عجز الموازنة لا يعتبر امرا جديدا، فثقافة تمويل عجز الموازنة العامة للدولة من خلال السندات الحكومية ثقافة قديمة منذ صدور المرسوم بقانون رقم 50 لسنة 1987 وتعديلاته بشأن الاذن للحكومة بالاقتراض.
  • اظهر التقرير اجمالي رصيد الدين العام في 31/12/2019 مبلغ 4.5 مليار دينار تقريبا مقارنة مع اجمالي رصيد الدين العام في 30/6/2019 البالغ 5.4 مليار دينار تقريبا بانخفاض 900 مليون دينار.
  • نظرا لانتهاء سريان المرسوم بالقانون المشار اليها تم اللجوء الى السحب من صندوق الاحتياطي العام لسد تلك العجوزات مما تسبب بالضغط على الصندوق وعدم تحمله بالاستمرار بسد تلك العجوزات، حيث انخفض صافي أصول الاحتياطي العام بمقدار 5.9 مليار دينار تقريبا أي بنسبة 24.6%، الامر الذي اتخذت الهيئة العامة للاستثمار بسببه قرار بتحويل أصول من صندوق الاحتياط العام الى صندوق احتياطي الأجيال القادمة بقيمة 2 مليار دينار تقريبا كحل مؤقت.
  • نظرا لانعكاسات عجز الموازنة العامة للدولة وعدم إدارة هذا الملف بالشكل المطلوب انعكس على تخفيض احدى مؤسسات التصنيفات الائتمانية لتصنيف الكويت مرتين خلال 3 شهور.
  • تجدر الإشارة بانه يوجد رقابة من قبل مجلس الامة على القروض التي تعقدها الدولة وذلك استنادا الى المادة  136  من الدستور والتي تنص تعقد القروض العامة بقانون ، الا انه لا يوجد رقابة مسبقة من قبل مجلس الامة على مؤسسة البترول الكويتية في هذا الشأن ، حيث ان قانون انشائها رقم 6 لسنة 1980 وفق المادة 5 منه  يجيز للمؤسسة الاقتراض من الحكومة او المؤسسات المالية التابعة لها ، وعقد القروض وإصدار السندات في الأسواق المالية المحلية والخارجية بعد موافقة مجلس الوزراء ، حيث وافق مجلس الوزراء على خطة اقتراض المؤسسة خلال الخطة الخمسية (2018/2019 – 2022/2023 ) بحدود 12 مليار دينار.

مصداقية البيانات المالية للإدارة العامة للدولة:

من الأهمية ان تتمتع البيانات المالية للدولة بالموثوقية بما يعزز مصداقية تلك البيانات المالية وتعبيرها تعبيرا صادقا عن الحساب الختامي للدولة.

وقد كانت هناك إشارات واضحة من قبل ديوان المحاسبة في شان مدى دقة البيانات المالية ومصداقية الحساب الختامي، حيث تبين للديوان الاتي:

  • عدم ادراج العديد من المبالغ المصروفة على أبواب الميزانية وبقائها بالحسابات الوسيطة (العهد)، وذلك نتيجة لعدم التزام الجهات الحكومية بالاعتمادات المالية المقررة لها واللجوء الى الحسابات الوسيطة، الامر الذي يعد مخالف للأحكام المنظمة سواء الواردة بأحكام الدستور او القوانين المنظمة للشئون المالية بالدولة.
  • ظهور حسابات ضمن الحسابات المالية بغير طبيعتها.
  • وجود استمارات مالية مكررة وملغية ولا تعكس الأرصدة الفعلية.
  • وجود تباين في قيمة أملاك الدولة العقارية ما بين ما هو مسجل بالحساب الختامي وما هو موضح بالجداول الايضاحية للحساب الختامي.
  • عدم مراعاة الجهات الحكومية لدقة اعداد بيانات الحساب الختامي على الرغم من تكرار تلك الملاحظات لأكثر من سنة مالية، وفي ظل عدم تدخل وزارة المالية في هذا الشأن.

هذا مما انعكس سلبا على عدم تعبير الحساب الختامي للدولة عن نتائج تنفيذ الميزانية تعبيرا صادقا عن المركز المالي، الامر الذي عليه تحفظ ديوان المحاسبة على ذلك نظرا لتشكيله قدرا لا يستهان به من المخاطر التي يتعرض لها المال العام.

وبرأيي كان على ديوان المحاسبة ان يوضح مدى مادية هذه المخاطر، ودرجة أثر مثل هذه الاختلالات على جودة البيانات المعروضة بالحساب الختامي للدولة، خاصة وان مثل تلك البيانات محل نظر أطراف ذات صلة سواء كانت محلية او خارجية.

الملاحظات الناتجة عن اعمال الرقابة المسبقة:

وفقا لاحكام قانون انشاء ديوان المحاسبة فان الارتباطات بانواعها تخضع لرقابة ديوان المحاسبة المسبقة وفقا للنصاب المحدد بتلك الاحكام، وقد أبرز الديوان في تقريره ملاحظاته على رقابته المسبقة وكان من أهمها:

  • عدم التزام بعض الجهات الحكومية بدراسة العطاءات الفنية المحالة اليها من قبل الجهاز المركزي للمناقصات العامة، وتقديم التوصية بشأنها خلال المدة المحددة قانونا، مما تسبب بضرر للمال العام حددها الديوان بقيمة 8.5 مليون دينار تقريبا في الوزارات والإدارات الحكومية.
  • عدم التزام الجهات الحكومية بإرسال كافة أوراق المناقصات وما يتصل بها من وثائق ومستندات.
  • طول المدة التي تستغرقها بعض الجهات لعرض موضوعاتها على ديوان المحاسبة بعد صدور قرار الترسية.
  • عدم تطبيق احكام القوانين واللوائح والتعاميم التي تنظم اعمال الشراء.
  • ارتباط الجهات مسبقا قبل العرض على ديوان المحاسبة، مخالفة بذلك لأحكام قانون انشاء ديوان المحاسبة بهذا الشأن، وقد رصد الديوان 50 موضوعا لم يتم عرضهما بقيمة 50 مليون دينار تقريبا، وان مثل تلك المخالفات تستوجب المسائلة وتأديب المسئولين وفقا لقانون انشاء الديوان.

هذا وقد حقق ديوان المحاسبة وفورات مالية نتيجة لرقابته المسبقة بقيمة 35.5 مليون دينار تقريبا بزيادة قدرها 15% عما هو عليه في السنة السابقة، وتلك النتائج تعتبر أحد مؤشرات الأداء التي يقاس عليها أداء ديوان المحاسبة، بحيث يعطي مؤشرا على كل نفقة تنفق على ديوان المحاسبة يقابله وفرا بالقيمة على حساب المال العام.

المخالفات المالية:

يقسم الديوان المخالفات المالية التي يرصدها الى ثلاث أنواع، وهي مخالفة مالية بطبيعتها، ومخالفة مالية بحسب آثارها، ومخالفة مالية حكما، وقد حدد المادة 52 من قانون انشاء الديوان الحالات التي تعتبر مخالفة مالية وهي ثماني حالات، والتي تستوجب المسائلة والمحاكمة وفق احكام قانون انشاء الديوان.

وتجدر الإشارة بان عدد الدعاوى المنظورة لهيئة المحاكمة التأديبية خلال السنة المالية المعنية 6 دعاوى، 5 منها تخص الوزارات والإدارات الحكومية ودعوى واحدة تخص هيئة ملحقة.

وقد رصد الديوان عدد 113 مخالفة مقسمة إدارات ديوان المحاسبة المعنية وهي:

  • ادارة الرقابة على الوزارات والإدارات الحكومية (60 مخالفة).
  • إدارة الرقابة على الشركات (14 مخالفة).
  • إدارة الرقابة على الجهات الملحقة (19 مخالفة).
  • إدارة الرقابة على الجهات المستقلة (20 مخالفة).

وتمثل المخالفات المتعلقة بالرقابة المسبقة نسبة 48% تقريبا بعدد 49 مخالفة، في حين تمثل المخالفات التي تنطوي تحت المادة 52 من القانون نسبة 52% تقريبا بعدد 64 مخالفة.

وبشأن المخالفات التي رصدها ديوان المحاسبة خلال السنة المالية المذكورة وضمنها تقريره، نود بيان الاتي بشأنها:

  • تعتبر حجم المخالفات التي ترصدها الأجهزة الرقابية أحد اهم المؤشرات التي تبرز عمل وأداء تلك الأجهزة، الا ان الديوان برأيي لم يعمل على ابراز ذلك بالشكل المطلوب، حيث لم يوضح الديوان أثر ومدلولات حجم المخالفات (العدد) التي قام برصدها.
  • من الأهمية بان يتم عمل مقارنات سنوية للمخالفات اتي يرصدها ديوان المحاسبة حتى يتم ابراز المؤشرات سواء كانت إيجابية او سلبية والتي تتعلق بقياس مدى تحسن أداء الجهات الحكومية للحد من مخالفاتها.
  • ان حجم المخالفات من حيث العدد تعتبر من المؤشرات التي يقاس عليها الأداء سواء من قبل الجهة الرقابية او الجهة الحكومية الخاضعة لرقابة الديوان ، فالأطراف ذات الصلة بالتقارير التي تصدرها الجهات الرقابية  وعلى وجه التحديد مجلس الوزراء ومجلس الامة تأخذ بعين الاعتبار مثل هذا المؤشر ( عدد المخالفات )  ومقارنتها مع مؤشرات الجهات الرقابية الأخرى ،على سبيل المثال جهاز المراقبين الماليين و قطاع رقابة شئون التوظف بديوان الخدمة المدنية ، فاذا ما كان هناك أي تفاوت واضح فيما بينها دون توضيح أسباب هذا التفاوت من خلال تحديد منهجية عمل الجهاز الرقابي في تحديد او رصد مخالفاته ، فان تلك المقارنة تلقي بظلالها سلبا على قراءة تلك المؤشرات ، وهذا ما حصل قبل سنوات عندما تسببت المقارنة ردة فعل من قبل مجلس الوزراء والذي بدورة اصدر قرار بشان هذا الموضوع .
  • وفق توضيح ديوان المحاسبة في تقريره بشان مفهوم المخالفة المالية تأسيسا على احكام قانون انشاءه والتي تستوجب المسائلة والمحاكمة ، فانه فقط تلك المخالفات التي رصدها الديوان في تقريره والبالغ عددها 113 مخالفة على مستوى الجهات الخاضعة لرقابة الديوان هي التي ينطبق عليها احكام المسائلة والمحاكمة ، وفيما عدا ذلك فان كل ما يذكر في تقرير الديوان على مستوى الجهات الخاضعة لرقابة الديوان والذي سيتم اصدارة لاحقا (الجزء الثاني ) ، فانه يأتي ذكرها من منطلق الملاحظات التي لا تستوجب المسائلة وهي غير ملزمة للجهات حيث انها في وجهة نظري تعتبر من باب الراي والراي الاخر (راي الديوان والجهة الخاضعة لرقابة الديوان بشان الملاحظة)  ، وتكون تلك الملاحظات تحت نظر لجنة الميزانيات والحساب الختامي بمجلس الامة ، و تصدر بشأنها توصيات من قبل اللجنة وتعرض على الجلسة العامة لمجلس الامة ليتم اخذ قرار  بشأنها.

التكليفات:

استعرض ديوان المحاسبة التكليفات التي قام بتنفيذها خلال السنة المالية بناء على طلب السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية وذلك استنادا لأحكام قانون انشاء ديوان المحاسبة.

وقد انجز الديوان 21 تكليفا خلال السنة المالية، حيث استعرض الديوان بتقريره موجزا لتلك التكليفات من حيث النتائج والتوصيات، وفيما يلي انطباعاتنا على ما جاء بتلك بتقرير التكليفات:

  • اسفرت نتائج التكليفات على رصد الديوان لمخالفات وقعت بها الجهات الحكومية والتي تندرج ضمن احكام ديوان المحاسبة ، و تستلزم بشان تلك المخالفات المسائلة والمحاكمة التأديبية ، الا ان الديوان لم يوضح بشكل قاطع دوره في الإجراءات التي سيقوم باتخاذها تجاه تلك المخالفات وفقا لأحكام قانون انشاءه  ، حيث ان هذه التكليفات لا تمنع من ان يقوم الديوان بدورة في حال ما تبين له وجود مخالفة اثناء قيامة بتلك التكليفات ، كما ان في رايي لا يستلزم الامر بان ينتظر الديوان توصيات مجلس الامة بشان نتائج تلك التكليفات ، حيث ان الديوان ملزم بتطبيق احكام قانون انشاءه بدون انتظار ما تسفر عنه توصيات المجلس .
  • أدرج الديوان النتائج التي اسفرت عنها التكليفات والتوصيات بشأنها، الا انه كان من المستغرب بان الديوان لم يدرج اية توصيات بشأن التكليف الخاص بالتحقيق بشأن محاور استجواب وزير التجارة والصناعة ووزير الدولة لشئون الخدمات في كافة الجهات التي يتولى مسئوليتها والبالغة خمسة محاور، على الرغم من ذكر الديوان بتقريره بانه أصدر كتابه بهذا الشأن متضمن النتائج والتوصيات.
  • ابدى الديوان رايه حيال الاثار المترتبة على الحساب الختامي للسنة المالية 2017/2018 نتيجة عدم اجراء المطابقات النقدية بين الجهات الحكومية ووزارة المالية، حيث أكد الديوان ما جاء في ملاحظاته في تقرير السنة المالية المعنية 2019/2020 بان رايه بان الحسابات الختامية للجهات المعنية لا تعبر تعبيرا صادقا عن حقيقتها، كما أكد على تحفظه بشأن رصيد البنوك (بنك الكويت المركزي، بنوك أخرى محلية، بنوك أخرى اجنبية) بتقريره عن السنة المالية 2017/2018.
  • تضمنت التكليفات بعض الموضوعات التي اثارها جهاز المراقبين الماليين بتقاريره السنوية، الامر الذي يوضح مدى أهمية الملاحظات التي يثيرها جهاز المراقبين الماليين، وهي محل اهتمام مجلس الامة، وهذا ما أكده الديوان بتقريره من نتائج وتوصيات بشأن التكليف بدراسة التوسع في الاستعانة بخدمات المستشارين في مكتب وزير التجارة والصناعة ووكلائه، والتكليف الخاص بفحص بعض عقود وزارة الكهرباء والماء المبرمة مع بعض المتعهدين المتعلقة بأعمال التشغيل والصيانة لمحطات الوزارة.
  • تضمنت التكليفات دراسة وتقييم تجربة بعض الجهات الحكومية في تدريب غير موظفيها، وورد ضمن النتائج التي وصل اليها الديوان بان تلك الجهات المعنية بالدراسة ساهمت بإعداد البرامج التدريبية وذلك من منطلق المسئولية الاجتماعية، لكن لم يوضح الديوان فيما إذا كانت تلك الجهات الحكومية تستند الى تشريع في قانون انشائها يسمح لها بتدريب غير موظفها، وهل التكاليف التي تتكبدها تلك الجهات في سبيل تنفيذ تلك البرامج التدريبة تستند الى أساس قانوني؟ ام منطلق المسئولية الاجتماعية يعتبر سند قانوني لتنفيذ مثل تلك البرامج، لذلك هذا الموضوع باعتقادي لم يغطى بشكل متكامل من قبل الديوان، وان كنت لا اتفق مع الديوان من ان موضوع تدريب غير موظفي الجهات الحكومية لا يستند الى أساس قانوني لعدم اختصاص تلك الجهات في ممارسة مثل هذا النشاط.
  • ورد ضمن التكليفات تكليف يتعلق بإعداد تقرير بنتائج فحص الحساب الختامي والتعاقدات الخاصة بميزانية التعزيزات العسكرية لوزارة الدفاع للسنتين الماليتين 2017/2018 و 2018/2019 ، وقد ورد ضمن ملاحظات الديوان في هذا الموضوع عدم اعتماد الحساب الختامي لميزانية التعزيزات العسكرية من قبل جهاز المراقبين الماليين ، هذا ونختلف مع الديوان بشان هذه الملاحظات ،حيث ان مصروفات التعزيزات العسكرية ليس ضمن الجهات الخاضعة لرقابة جهاز المراقبين الماليين كما  انه في حقيقة الامر لم يصدر قانون بميزانية التعزيزات العسكرية ضمن الميزانيات العامة للدولة ، واما القانون رقم 3 لسنة 2016 انما يختص بالأذن للحكومة  في اخذ مبلغ من الاحتياطي العام للصرف على التعزيزات العسكرية ، فالصرف أصلا يعتبرخارج اطار الميزانيات العامة للدولة.

الدراسات:

في إطار دور ديوان المحاسبة الرقابي فان طبيعة الديوان كجهاز فني يهتم بإجراء الدراسات والبحوث في مجال عملة واختصاصاته، والتي بلا شك ذات مردود ايجابي على العمل، سواء على مستوى الديوان او مستوى الأجهزة الحكومية ومؤسساتها وما يتبعها من وحدات إدارية.

كما تأتي تلك الدراسات في سياق دور الديوان في تقييم الأداء سواء أداء الجهات الحكومية بوجه عام، او بعض الأنشطة التي تقوم بها، وتتضمن تلك الدراسات نتائج ومدلولات في غاية الاهمية في إطار تحسين أداء الأجهزة الحكومية والأنشطة والأنظمة بها، الامر الذي يتطلب معه ضرورة ان يوضح الديوان انعكاسات نتائج وتوصيات تلك الدراسات على عمله، خاصة في حال تضمن نتائج الدراسات ما يعد مخالفة جسيمة وفق لأحكام قانون انشاء الديوان.

هذا وقد انجز الديوان 11 دراسة متخصصة في عدد من المجالات، وقد تضمن الدراسات دراسة تتعلق بإعداد تقرير بشأن الرد على ما جاء بالتقرير النهائي للفريق المكلف من مجلس الوزراء بشأن معالجة تضخم حساب الأصول المتداولة (العهد)، ويبدوا ان تلك الدراسة ذات طابع خاص وتختلف عن بقية الدراسات الأخرى التي أعدها الديوان، حيث ان تلك الدراسة مرتبطة بتكليف سابق من قبل مجلس الوزراء للديوان بهذا الشأن، وتأتي دراسة الديوان تلك تعقيبا على ما جاء بتقرير الفريق المذكور والذي كان إطار عمله ما جاء بتقرير الديوان عن تكليفه في ذات الموضوع.

وقد جاءت نتائج دراسة الديوان بشكل مغاير لنتائج فريق المكلف من مجلس الوزراء، حيث أكد الديوان قيام الجهات الحكومية خلال السنتين الماليتين 2017/2018 و2018/2019 بالصرف تجاوزا على اعتمادات بنود ميزانية الوزارات والإدارات الحكومية بمبالغ تجاوز 480 مليون دينار تقريبا حسب ما أمكن حصره من قبل الديوان بما يؤكد مخالفة حكم المادة 146 من الدستور والقوانين المنفذة لها.

كما جاءت الدراسة لتؤكد أيضا ظهور العمليات المالية بالحساب الختامي للسنتين الماليين المذكورتين بشأن عجز الإدارة المالية العامة على غير حقيقته الامر الذي أفقد الحساب الختامي للإدارة المالية للدولة مصداقيه وسلبه أهميته كونه الوثيقة الوحيدة التي تعكس المركز المالي للدولة التي يتم الاستناد اليها في اتخاذ القرارات المالية والاقتصادية للدولة وقراءة المؤسسات المالية المحلية والدولية للوضع المالي للدولة.

قانون كشف العمولات:

افرد الديوان قسما عن نتائج فحصة ومراجعته للعقود وفقا للقانون رقم 25 لسنة 1996 في شان الكشف عن العمولات التي تقدم بالعقود التي تبرمها الدولة خلال السنة المعنية، وقد فحص الديوان عدد 1149 عقدا تم ابرام موزع على الجهات التالية:

  • الوزارات والإدارات الحكومية: 755 عقد، منهم 47 عقد لم تلتزم الجهات بإدراج النص المتعلق بالعمولات وفقا للقانون، بنسبة التزام 94%، وقد برزت في كل من وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية ووزارة التربية ووزارة الصحة ووزارة المالية والديوان الاميري.
  • الجهات ذات الميزانيات الملحقة: 125 عقد، منهم 21 عقد لم تلتزم الجهات بإدراج النص المتعلق بالعمولات وفقا للقانون بنسبة التزام 83%، وقد برزت في جامعة الكويت والإدارة العامة للإطفاء.
  • الجهات ذات الميزانيات المستقلة: 105 عقد، منهم 4 عقد لم تلتزم الجهات بإدراج النص المتعلق بالعمولات وفقا للقانون بنسبة التزام 96%، وقد انحصرت في الهيئة العامة للصناعة.
  • الشركات: 164 عقد، منهم 23 عقد لم تلتزم الجهات بإدراج النص المتعلق بالعمولات وفقا للقانون بنسبة التزام 86%، وقدر برزت في الخطوط الجوية الكويتية وشركة نقل وتجارة المواشي.

ويتضح من خلال تقرير ديوان المحاسبة في هذا الشأن عدم التزام عدد من الجهات الحكومية بأحكام للقانون رقم 25 لسنة 1996 في شان الكشف عن العمولات، وكذلك عدم تعاون بعض الجهات مع الديوان في توفير بعض العقود الامر الذي يضع تلك الجهات تحت طائلة المحاسبة والمسائلة القانونية وفقا لأحكام قانون انشاء الديوان.

مبادئ الحوكمة:

اهتم ديوان المحاسبة في السنوات الأخيرة بمبادئ الحوكمة وبشكل خاص بالقطاع الحكومي حيث يعزى الديوان اهتمامه هذا لتدني مستوى أداء الجهات الحكومية وضعف الانتاجية والمنظومة الرقابية وغياب المسئولية، الامر الذي ادى الى ظهور تضارب المصالح وحالات الفساد المالي والإداري.

ويأتي اهتمام ديوان المحاسبة لمبادئ الحوكمة لمتطلبات الإدارة الرشيدة والإصلاح الإداري والمالي والتطوير المؤسسي، والتي تأتي أيضا في سياق رؤية دولة الكويت 2035 والتي تتضمن تبني نظام حوكمة شامل وفعال للقطاع العام بجميع مستوياته، حيث عرف الديوان في تقريره لمفهوم الحوكمة وأهدافها في القطاع العام والشركات، وكذلك الإطار القانوني والتشريعي لمبادئ حوكمة القطاع العام والتي تنطلق من دستور دولة الكويت والقوانين وقرارات مجلس الوزراء ذات الصلة.

هذا وقد أبرز الديوان نتائجه في شان مدى جاهزية الجهات المشمولة برقابته لتحقيق متطلبات مبادئ الحوكمة، وفيما يلي الملاحظات على نتائج الديوان:

  • نتفق مع منهجية الديوان بشان أهمية الاهتمام بمبادئ الحوكمة في القطاع العام ، وذلك لما لها من اثر في تعزيز المصداقية بالإجراءات الإدارية والمالية بالجهات الحكومية ، الا انه براينا ان ثقافة مبادى الحوكمة والتي أوردها الديوان بتقريره والبالغ عددها 8 مبادئ غير واضحة ومفهومة للجهات الحكومية ، الامر الذي يستلزم إيضاح تلك المفاهيم والمبادئ لتلك الجهات لكي تستطيع ان تحسن اداءها في هذا الشأن ، ولعلي هنا استذكر منهجية عمل جمعية الشفافية الكويتية عندما كانت تصدر مؤشراتها السنوية عن الجهات الحكومية ، حيث كانت تقوم بعقد لقاءات دورية مع الجهات الحكومية في هذا الشأن ، والغرض من تلك اللقاءات هو توضيح مؤشرات الشفافية وكيفه تحسين اداءها بالجهات قبل اصدار تقريرها السنوي .
  • لم يوضح التقرير المؤشرات عن نتائج مدى الالتزام بمبادئ الحوكمة كنسبة على مستوى كل الوزارات والإدارات الحكومية والهيئات ذات الميزانيات الملحقة، في حين تم توضيح تلك المؤشرات على مستوى الجهات ذات الميزانيات المستقلة، حيث أظهرت هيئة أسواق المال في مقدمة الجهات بنسبة 100% ومؤسسة الموانئ الكويتية في ذيل الجهات بنسبة 25.4%.
  • لم يتبين مدى اثر انعكاسات مؤشرات مدى الالتزام بمبادئ الحوكمة على أداء الجهات الحكومية في الجزء الثاني لتقرير ديوان المحاسبة والذي مزمع اصدارة لاحقا، فهل يعني ذلك ان مؤشرات الجهات ذات الميزانيات المستقلة على سبيل المثال كهيئة أسواق المال لم يرصد بشأنها أي مخالفات مالية لحصولها على نسبة التزام 100%؟ في حين ان مؤسسة الموانئ الكويتية من أكثر المؤسسات التي رصدت بشأنها مخالفات مالية لحصولها على نسبة التزام 25.4%؟

ختاما … قد وضحنا تلخيصا للمؤشرات التي عكسها تقرير ديوان المحاسبة السنوي للسنة المالية 2019/2020، متضمنا الملاحظات على ما جاء بتلك المؤشرات ومدلولاتها، علما بان الأجزاء الأخرى من التقارير المزمع إصدارها من قبل الديوان لاحقا على مستوى الجهات والمؤسسات الحكومية سوف تبرز تفاصيل لما احتوى عليه الجزء الأول من التقرير.

قانون حماية المنافسة اختبار لنهج الاصلاحات المالية

صحيفة الانباء في 8 نوفمبر 2020

https://alanba.com.kw/1003418

العناوين الرئيسية:

  • عدم اتساق بعض أحكام قانون حماية المنافسة الذي اقره مجلس الامة مؤخرا مع التوجهات الإصلاحية التي تتبناها الدولة.
  • ان القانون تم إنجازه واقراره دون مراجعة موضوعية وتجلى ذلك بالملاحظات التي وردت بأحكامه.
  • ان العبرة ليس في عدد التشريعات التي تصدر بقدر موضوعية احكامها وجودة مضمونها واتساقها مع البرامج الإصلاحية.

ارتكزت وثيقة الإصلاح المالي والاقتصادي التي تبنتها الدولة على عدة ركائز، وتهدف تلك الركائز الى معالجة عدد من المسائل الجوهرية منها الحد من الاعتماد الكلي على مصدر وحيد للدخل والمتمثل بمبيعات النفط، وكذلك تبني برامج التي من شانها تنويع مصادر الدخل ووقف الهدر المالي بما يحقق التوازن الاقتصادي، الامر الذي يتطلب معه تطبيق إصلاحات هيكلية وتشريعية ومؤسسية.

فمن جانب المصروفات فتضمنت الإصلاحات وقف انشاء أجهزة حكومية او هيئات عامة جديدة، وكذلك وقف التوسع في الهياكل التنظيمية، بالإضافة الى إلغاء عضوية الأعضاء المتفرغين بعد انتهاء مدتهم الحالية في المؤسسات والهيئات العامة.

الا ان مجلس الامة قد اقر مؤخرا القانون رقم 72 لسنة 2020 في شان حماية المنافسة، والذي نشر بجريدة كويت اليوم بتاريخ الأول من نوفمبر 2020، بما لا تتسق بعض أحكامه مع التوجهات الإصلاحية التي تتبناها الدولة على النحو الذي أشرنا اليها.

فبعد ان كان الجهاز ملحق بوزير التجارة والصناعة وفقا للقانون رقم 10 لسنة 2007 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 2012، وتدرج الاعتمادات اللازمة للجهاز المشار إليه ضمن اعتمادات الباب الخامس بميزانية وزارة التجارة والصناعة، أصبح للجهاز وفقا للقانون الجديد ميزانية مستقلة تدرج تحت قسم خاص بالميزانية العامة للدولة، كما استمر العمل بأسلوب الأعضاء المتفرغين في مجلس إدارة الجهاز.

وفي تعديل لافت على القانون السابق لجهاز حماية المنافسة فقد منح القانون الجهاز سلطة إقرار الهيكل التنظيمي للجهاز وإصداره بقرار من الوزير، كما منحه سلطة اصدار اللوائح المالية والإدارية المتعلقة بشئون الموظفين دون التقيد بأحكام قانون ونظام الخدمة المدنية، وكذلك منح القانون الوزير تحديد مكافأة والمزايا المالية الأخرى للمدير التنفيذي للجهاز، وتلك السلطات هي أصلا سلطات مقررة لمجلس الخدمة المدنية وفقا للمرسوم بقانون 15 لسنة 1979 بشأن نظام الخدمة المدنية استنادا الى المادة 155 من الدستور.

ومن جانب اخر يتبين بان القانون قد تم إنجازه واقراره في وجهة نظري دون مراجعة موضوعية، وقد تجلى ذلك في الملاحظات التي وردت به،  ومنها:

  • وردت ضمن اختصاصات جهاز المنافسة موضوعات غير مرتبطة بمستهدفات انشاء جهاز متخصص، وانما مرتبطة باختصاصات جهات تنفيذية داخل الجهاز او مسئولية المكلفين بصفة وظيفية كرئيس مجلس إدارة الجهاز او المدير التنفيذي، وعلى سبيل المثال اختصاص اعداد تقرير سنوي عن أنشطة الجهاز وخطته المستقبلية للعرض على المجلس، واعداد مشروع الميزانية السنوية والحساب الختامي للجهاز.
  • صنف القانون جهاز حماية المنافسة ضمن ميزانية الوزارات والإدارات الحكومية وللجهاز مجلس إدارة، ويتولى رئيس الجهاز تمثيله امام القضاء والغير، وفي ذات الوقت للجهاز مديرا تنفيذيا متفرغ، كما يحق لرئيس الجهاز ان يفوض المدير التنفيذي في بعض اختصاصاته، ومن غير الواضح أساس ذكر المسمى ( رئيس الجهاز ) في المادة 20 من القانون على الرغم عدم ورود هذا التعريف ضمن التعريفات المذكورة بالمادة الأولى من القانون ، حيث ورد بالمادة المشار اليها المسمى ( رئيس المجلس ) ، وفي المذكرة الايضاحية ذكر بان رئيس مجلس الإدارة هو رئيس الجهاز ،  كما انه من غير الواضح  ماهي المستويات الإدارية التي يصنّف على اساسها كل من رئيس مجلس الإدارة و رئيس الجهاز ( بافتراض ان هذا المسمى موجود ) والمدير التنفيذي للجهاز، وذلك حتى يتم تحديد الاحكام التي تنطبق على تلك الوظائف وفقا لنظام الخدمة المدنية.
  • نص القانون على ان يعين المدير التنفيذي بقرار من الوزير، في حين نص القانون السابق بان يصدر بتعيينه وتحديد درجته المالية مرسوم بناء على عرض وزير التجارة والصناعة، مما اضحى معه بان تلك الوظيفة لا تعتبر من ضمن الوظائف القيادية المحدد اشتراطاتها في احكام المرسوم بقانون رقم 15 لسنة 1979 بشأن نظام الخدمة المدنية.
  • نظرا لاشتراط القانون بان لا تقل خبرة المدير التنفيذي عن 10 سنوات، فان سنوات الخبرة المطلوبة تلك تعادل الخبرة المطلوبة لشغل وظيفة مدير إدارة ومن في حكمة وفقا لقرار مجلس الخدمة المدنية رقم 25 لسنة 2006 بشأن شروط شغل الوظائف الاشرافية، وما يعزز ذلك الراي هو ان اداة تعيين المدير التنفيذي قرار وزاري وليس مرسوم اميري ، وبالتالي سينعكس ذلك بالتبعية على الهيكل التنظيمي للجهاز والمزمع اصداره، بحيث لا تزيد مستويات الوحدات الإدارية بالجهاز عن مستوى إدارة ، هذا كما ننوه بان احكام القانون اشترطت بان مجال خبرة المدير التنفيذي في مجال العلوم الاقتصادية او القانونية ، اما المذكرة الايضاحية نصت على ان مجال الخبرة تكون في العلوم الاقتصادية والقانونية معا ، وقد اشترطت المذكرة الايضاحية بان تكون الأولية لذوي الخبرة في مجال المنافسة ، في حين لم يرد هذا الشرط ضمن حكم المادة المعنية بالقانون .
  • لم يتبين مغزى النص بالقانون بان المدير التنفيذي يقرر له مكافأة وليس راتب كما هو متعارف عليه، حيث ان المكافئات تقرر عادة اما لأعضاء مجلس الإدارة او للمستعان بهم.
  • نص القانون بان المدير التنفيذي مسئولا امام مجلس الإدارة عن تنفيذ قرارات المجلس ، وبذات الوقت نص القانون أيضا على اختصاصات رئيس المجلس والتي منها ومتابعة تنفيذ قرارات المجلس ، مما اضحى معه عدم وضوح التراتبية الإدارية بالنسبة للمدير التنفيذي تجاه رئيس المجلس من جهة والمجلس من جهة اخرى في هذا الاختصاص .  
  • لم يتبين أيضا مغزى بان يحدد بقرار الوزير بشأن انشاء مجلس تأديب مكافأة أعضاء اللجنة، حيث تم الإشارة أيضا الى تحديد بدلاتهم، وهذا امر مستغرب حيث لا توجد ممارسة سابقة بان تحدد بدلات بالإضافة الى المكافئات لأعضاء اللجان (ملاحظة تم النص بالقانون الى إقرار مكافأة وبدلات لأعضاء اللجنة في حين ان القانون نص على انشاء مجلس وليس لجنة).
  • في رايي وقع المشرع في خطأ تشريعي جسيم فيما يتعلق بتحديد نوع ميزانية الجهاز ، ففي المادة 23 من القانون حددت بان الجهاز وحدة إدارية ( قسم خاص ) ضمن ميزانية الوزارات والإدارات الحكومية ، في حين اعتبرت المادة 24 من القانون بان الجهاز وحدة إدارية في سياق الهيئات والمؤسسات الحكومية والتي تمول من ميزانية الوزارات والإدارات الحكومية ، وتبين ذلك من خلال موارد الجهاز الموضحة بالمادة المذكورة ، بحيث يخصص للجهاز تمويل من الميزانية العامة للدولة بالإضافة الى ما يحصله الجهاز من ايراداته الذاتية، باعتبار الإيرادات الذاتية لا تورد للخزانة العامة للدولة ،وانما يتم الاحتفاظ بها لدى الهيئة او المؤسسة العامة ، ويتم تمويل الفرق بين الإيرادات والمصروفات من الميزانية العامة للدولة.
  • اشارت المذكرة الايضاحية للقانون بان المادة 22 تناولت اختصاصات المدير التنفيذي، واجازت له بان يفوض أيا من نوابه في بعض اختصاصاته، في حين ان النص الواردة في المادة 22 من القانون لم تتناول اية إشارة الى وجود نواب للمدير التنفيذي للجهاز.
  • اشارت المذكرة الايضاحية للقانون بان المادة 23 تناولت بان يكون لرئيس الجهاز الاختصاصات المخولة لوزير المالية فيما يتعلق باستخدام الاعتمادات المقررة بميزانية الجهاز وتنظيم أعماله وشئون موظفيه، في حين ان النص الواردة في المادة 23 من القانون لم تشير الى تلك العبارة لا من قريب ولا من بعيد ، هذا بعد الاخذ بعين الاعتبار مشكلة تعريف رئيس الجهاز والتي تم الإشارة الى سابقا .

ختاما نود التأكيد بان العبرة ليس في عدد التشريعات التي تصدر بقدر موضوعية احكامها وجودة مضمونها واتساقها مع البرامج الإصلاحية التي تنتهجها الدولة.

معضلة تدقيق مصروفات ميزانية جائحة كورونا

صحيفة الانباء 15نوفمبر 2020

https://alanba.com.kw/1004832

العناوين الرئيسية:

  • وزارة المالية تواجه معضلة في كيفية تسوية مصروفات العهد الخاصة بأزمة كورونا في حسابات وزارة المالية – الحسابات العامة –.
  • قرار تحمل وزارة المالية التبعات المالية المتعلقة بمواجهة فيروس كورونا يتنافى مع سياسة اللامركزية بالميزانية.
  • تحميل ميزانية وزارة المالية بتكاليف أزمة كورونا لا يتسق مع مرسوم انشاء وزارة المالية.
  • اي تصرفات مالية مشوبة تتعلق بميزانية جائحة كورونا فسوف يتحملها وزير المالية بصفته الوزير المعني بتلك الميزانية.

تناولت بعص المصادر الصحفية من ان وزارة المالية تدرس خيارات لتدقيق مستندات صرف وتسوية ميزانية مواجهة تداعيات انتشار جائحة كورونا، والبالغة 500 مليون دينار.

كما اشارت تلك المصادر بان معظم تلك الميزانية قد صُرفت على حساب العهد من قبل 11 جهة حكومية، وذلك استنادا على قرار مجلس الوزراء القاضي بتحمل وزارة المالية – الحسابات العامة – التكاليف المالية المترتبة لاستئجار مقار الحجر الصحي والمصروفات المترتبة عليها مع احتياجات الجهات الحكومية كافة من مستلزمات سلعية ومعدات وغيرها لمواجهة فيروس كورونا، خصماً من ميزانيتها.

وتواجه وزارة المالية معضلة في كيفية تسوية تلك المبالغ في حسابات وزارة المالية (الحسابات العامة) نظرا لحجم المبالغ المنصرفة والمستندات الخاصة بها.

وفي رأيي بان قرار مجلس الوزراء سالف الذكر والقاضي بتحمل وزارة المالية (الحسابات العامة) التكاليف المالية المتعلقة بمواجهة فيروس كورونا، خصماً من ميزانيتها ليس في محلة ولأسباب عديدة منها:

أولا :ان قرار تحمل وزارة المالية التبعات المالية المتعلقة بمواجهة فيروس كورونا يتنافى مع الاتجاهات الحديثة التي انتهجتها الإدارة المالية للدولة منذ السبعينيات من القرن الماضي والمتمثلة بالتحول من مركزية الموازنة والصرف الى اللامركزية، وكان آخر القرارات في هذا الاتجاه الغاء مركزية الصرف للمهمات الرسمية، ومصروفات الضيافة، ومصروفات شراء المقرات التابعة للجهات الحكومية بالخارج، ومصروفات الدورات التدريبية.

ثانيا : ان الغاء المركزية يتسق مع احكام الدستور المتعلقة بمسئوليات كل وزير واشرافه على شؤون وزارته، وعلى وجه الخصوص مسئولية الوزير امام مجلس الأمة عن أعمال وزارته، كما ان تبعات قرار مجلس الوزراء قد يجعل تلك المسئولية مشاعة بين وزير المالية والوزراء الاخرين المعنيين بالصرف من ميزانية مواجهة تداعيات انتشار جائحة كورونا.

ثالثا : ان تحميل ميزانيات الجهات المعنية بتكاليف الصرف الخاصة مواجهة تداعيات انتشار جائحة كورونا تأتي تنفيذا للتشريعات المنظمة لأعمال تلك الجهات ومن أهمها قوانين ومراسيم انشاءها، فتحميل ميزانية وزارة المالية بتلك التكاليف لا يتسق مع مرسوم انشاء وزارة المالية من جهة، ولا يتسق مع قوانين ومراسيم الجهات الحكومية الأخرى المعنية.

رابعا : بموجب قرار مجلس الوزراء المشار اليه فان اي تصرفات مالية مشوبة تتعلق بميزانية مواجهة تداعيات انتشار جائحة كورونا سوف يتحملها وزير المالية تجاه الأجهزة الرقابية بصفته الوزير المعني بتلك الميزانية ، خاصة وان بعض التشريعات والقرارات التنفيذية لها تحمله المسئولية بشكل مباشر ،وعلى سبيل المثال المادة 14 من قانون انشاء جهاز المراقبين الماليين رقم 23 لسنة 2015 والمتعلقة بامتناع المراقب المالية عن توقيع الاستمارة  في حال عدم توافقها للقوانين والقرارات والتعليمات المالية وبعد استيفاء المستندات المؤيدة ، ولا يتم تمرير تلك الاستمارة الى بتوقيع الوزير وعلى مسئوليته.

خامسا : عدم وجود القدرة البشرية والنوعية لدى وزارة المالية (الحسابات العامة) للتدقيق على مصروفات ميزانية مواجهة تداعيات انتشار جائحة كورونا، خاصة وان بعض تلك المصروفات تتميز بانها ذات طبيعة فنية خاصة تتعلق بطبيعة الجهات التي قامت بتنفيذها ولا يمكن لوزارة المالية التعامل معها.

سادسا : ان مصروفات ميزانية مواجهة تداعيات انتشار جائحة كورونا قد خضعت للأنظمة الرقابية المختلفة بالجهات الحكومية المعنية بما في ذلك الأجهزة الرقابية الخارجية كديوان المحاسبة وجهاز المراقبين الماليين، وان تحميلها وزارة المالية (الحسابات العامة) سوف يترتب عليها إعادة عرضها على الانظمة الرقابية المشار اليها قانونا، باستثناء ديوان المحاسبة (الرقابة المسبقة)، ولا يمكن الغاء عرضها مرة أخرى بسبب استقلالية الأنظمة الرقابية.

سابعا : ان التفكير بتكليف وزير المالية لجهاز المراقبين الماليين باعتماد وفحص جميع المستندات المؤيدة للصرف، استناداً للمادة 9 من القانون رقم 23 لسنة 2015 بإنشاء الجهاز ، فان هذا  التفكير ليس في محلة لا من الناحية القانونية ولا من الناحية الفنية الموضوعية ، وأتمنى ان لا يقع وزير المالية بذات الاخطاء الذي وقعوا به زملاءه السابقون من وزراء المالية عندما تم تكليف جهاز المراقبين الماليين بتدقيق مصروفات علاج المواطنين بالخارج ومطالبات المواطنين عن كوارث السيول والامطار وذلك لسبب جوهري  وهو انه  لا يمكن لوزير المالية ان يكلف المراقبين الماليين بأعمال هي بالأصل من صميم أعمالهم والتي هي منظمة بالقانون ولائحته التنفيذية ، حيث ان المادة رقم 9 المشار اليها تتعلق بجواز تكليف وزير المالية الجهاز بالرقابة على أية جهة أخرى أو أعمال يرى ضرورة رقابة الجهاز عليها ، وليس تكليفهم بذات الاعمال التي يقومون بها المراقبين الماليين .

هذا وسوف أوضح مسألة مدى جواز تكليف جهاز المراقبين الماليين بمراجعة مستندات صرف الجهات الحكومية خارج الدورة المستندية للنظام المالي في موضوع مستقل مستقبلا لتوضح وجهة نظرنا الموضوعية في هذه المسالة.

لذا فان الأسلوب الأمثل لمعالجة المعضلة التي تواجه وزارة المالية في تسوية مصروفات ميزانية مواجهة تداعيات انتشار جائحة كورونا، هو بان يتم إعادة النظر في قرار مجلس الوزراء القاضي بتحمل وزارة المالية (الحسابات العامة) مصروفات مواجهة فيروس كورونا، هذا على ان تتحملها ميزانية الجهات المعنية من خلال تعزيز ميزانيتها، وان تطلب ذلك إعادة النظر في توزيع الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2021/2020.

ظاهرة شغل الوظائف القيادية بالتكليف

صحيفة الانباء 1 نوفمبر 2020

https://alanba.com.kw/1002139

العناوين الرئيسية:

  • تناول المرسوم بقانون 15 لسنة 1979 وصف من تنطبق عليهم الوظائف القيادية.
  • هل يجوز تكليف مدير إدارة بالقيام بأعمال وكيل وزارة مساعد نتيجة لشغر تلك الوظيفة؟
  • نظم المرسوم بالقانون رقم 116 لسنة 1992 الندب والتكليف بأعمال الوظائف القيادية.
  • هل تتعرض قرارات التكليف للطعن، وكذلك القرارات التي تتخذ من قبل المكلفين؟

برزت ظاهرة خلال السنوات الماضية في بعض الجهات الحكومية تتمثل بوجود وظائف قيادية شاغرة لفترات طويلة نسبيا، من تلك الجهات من سمحت باستمرار ذات القياديين الذي انتهت مدة خدمته وفقا للمرسوم الصادر بتعيينه على الرغم من انتفاء الصفة القانوني لهم ، وبعض الجهات قامت بتكليف مدراء ادارات للقيام بأعمال الوكلاء المساعدين الذين شغرت مناصبهم بانتهاء مدة مرسومهم سواء كان بعدم رغبة الوزير المعني بالتجديد له ، او لانتهاء عدد مرات التجديد لهم ، وقد جرى العرف بان يكون تجديد فترات القيادين بحد اقصى ثلاث دورات مع وجود بعض الجهات المستثناة ، ما لم يكون قانون انشاء الجهة الحكومية ينص على خلاف ذلك .

وباستثناء الشروط الخاصة بشأن التعيين بالوظائف القيادية الواردة ببعض القوانين الخاصة بإنشاء بعض الجهات الحكومية، فقد تناول المرسوم بقانون 15 لسنة 1979 بشأن الخدمة المدنية وكذلك المرسوم بنظام الخدمة المدنية وصف من تنطبق عليهم الوظائف القيادية والتي تنحصر في الاتي:

  • ان يصدر بتعيينه مرسوم اميري.
  • ان يحدد بالمرسوم مدة تعيينه والبالغة 4 سنوات قابلة للتجديد.
  • ان يحدد بالمرسوم درجته الوظيفية (الممتازة – وكيل وزارة – وكيل وزارة مساعد) – حسب الأحوال -.
  • يكون التجديد أو النقل أو الندب في هذه الوظائف بمرسوم بناء على عرض الوزير المختص.
  • توافر شروط خاصة للتعيين في الوظائف القيادية منها اجتياز الاختبارات التحريرية.

والتساؤل المطروح هنا هل يجوز تكليف مدير إدارة بالقيام بأعمال وكيل وزارة مساعد نتيجة لشغر تلك الوظيفة؟ ام يجب تكليف وكيل وزارة مساعد اخر للقيام بأعماله؟

ولكي نتمكن من الإجابة على مثل هذا التساؤل فلا بد من معرفة الاحكام المنظمة لذلك في التشريعات المعنية.

لقد ورد حكم بالمرسوم بالقانون رقم 15 لسنة 1979 في شان الخدمة المدنية بموجب المادة 7 منه بانه يجوز للوزير في حال غياب احد الوكلاء المساعدين تكليف احد مدراء الإدارات للقيام بأعماله ، الا ان نص المادة المشار اليها قد الغيت بموجب المرسوم بالقانون رقم 116 المرسوم 116 لسنة 1992 في شان التنظيم الاداري وتحديد الاختصاصات والتفويض فيها  ،كما نظمت المادة 15 من المرسوم بقانون إجراءات شغل الوظائف العامة ، اما المادة 15 ( مكرر) فنظمت تعيين القياديين بحيث يكون تجديد التعيين في الوظائف القيادية ونقل وندب المعينين فيها بمرسوم بناء على عرض الوزير المختص ، ونرى انه لا يسري على تلك الوظائف احكام الندب الواردة بالمادة 32 من المرسوم في شان نظام الخدمة المدنية الصادر في 4 ابريل 1979 والمتعلقة بمجموعة الوظائف الأخرى .

ويلاحظ من الاحكام التي تمت الإشارة اليها بان هناك فرق بين مجموعة الوظائف القيادية والمجموعات الأخرى من الوظائف كالوظائف العامة والفنية المساعدة والمعاونة، وان المشرع فرق على وجه التحديد بين مجموعة الوظائف القيادية والوظائف الأخرى من حيث التعيين والنقل والندب والاعارة، وكذلك العقوبات التي تقرر على الوظائف القيادية والتي تختلف عن العقوبات التي تقرر على الوظائف العامة الأخرى، كما هو الحال بالنسبة لقواعد التقييم السنوي، وقرارات الوقف عن العمل لمصلحة التحقيق والاحالة الى التحقيق وجهة التأديب.

وبصدور المرسوم بالقانون رقم 116 لسنة 1992 في شان التنظيم الاداري وتحديد الاختصاصات والتفويض فيها ، فقد حلّت المادة 10 منه محل المادة 7 من المرسوم بالقانون رقم 15 لسنة 1979 في شان الخدمة المدنية ، حيث تناولت المادة 10 جانبين ، الجانب الأول يتعلق بغياب وكيل الوزارة او خلو الوظيفة حيث سمحت المادة بمباشرة وكيل الوزارة المساعد الاختصاصات المخولة له بالقوانين واللوائح ، فاذا تعدد الوكلاء المساعدين يندب الوزير احدهم لمباشرة تلك الاختصاصات ، واذا لم يوجد بالجهة الحكومية وكيل وزارة مساعد يندب الوزير احد مديري الإدارات لمباشرة الاختصاصات المشار اليها .

الجانب الاخر يتعلق بانه يجوز للوزير في حالة غياب أحد الوكلاء المساعدين تكليف أحد مدراء الإدارات للقيام بأعماله.

ويلاحظ من حكم المادة 10 من المرسوم بانها نظمت موضوع الندب لوظيفة وكيل الوزارة في حالة الغياب وحالة خلو الوظيفة، اما وظيفة وكيل الوزارة المساعد فان المادة نظمت التكليف في حالة الغياب فقط ولم يتطرق المشرع الى حالة خلو الوظيفة، وهذا يعني في وجه نظري بان التكليف يقتصر فقط على حالة الغياب وهي حالة مؤقتة وليس كالخلو والتي تستلزم بعض الإجراءات طويلة نسبيا لشغل مثل تلك الوظيفة ، والا كان المشرع قد سمح بالتكليف أيضا في حال خلو الوظيفة كما هو الحال في وظيفة وكيل الوزارة وذلك بالنص صراحة في حكم المادة 10 المشار اليها .

لذا وفي ظل وجود الأجهزة الرقابية المختلفة، فما هو راي الأجهزة في مثل تلك قرارات التكليف تلك؟ والتي لا تتسق في نظري نصا مع احكام المرسوم بالقانون رقم 15 لسنة 1979 في شان الخدمة المدنية والمرسوم بنظام الخدمة المدنية ، وكذلك المرسوم بالقانون رقم 116 لسنة 1992 في شان التنظيم الاداري وتحديد الاختصاصات والتفويض فيها، خاصة وان بعض الجهات تصدر قرارات تكليف بمدراء إدارات للقيام بأعمال وكلاء وزارة مساعدين لفترات طوية تمتد الى سنوات، في ظل مسئوليات وتبعات قانونية تختلف فيما بين الوظائف القيادية والوظائف العامة في حال قيام المكلف بالعمل بالتقصير بالأعمال الموكلة له ، وما يستلزم من تطبيق بعض الجزاءات والعقوبات عليه .

ففي حالة العقوبات والجزاءات فهل تطبق على المكلف بأعمال وكيل الوزارة المساعد الاحكام الخاصة بالوظائف القيادية ام الوظائف العامة؟ وهل قد تتعرض قرارات التكليف تلك للطعن، وكذلك القرارات التي تتخذ من قبل المكلفين؟

ومن جانب اخر وهو جانب مهم ويتعلق بحوكمة الاعمال في القطاع الحكومي، فان مثل هذا التكليف المشوب في وجه نظري قد يضع مدير الإدارة المكلف بأعمال وكيل الوزارة المساعد في حال خلو المنصب تحت ضغط الخضوع لاي أوامر قد يطلب منه تنفيذها على امل اختياره كقيادي مستقبلا، والتي لا تتسق مع رؤية الكويت 2035 (كويت جديدة) والمتعلقة بإصلاح الممارسات الإدارية والبيروقراطية لتعزيز معايير الشفافية والمساءلة الرقابية وفاعلية الجهاز الحكومي.

لذا يتطلب الامر إعادة النظر في الإجراءات المتعلقة بتكليف المدراء بأعمال وكيل الوزارة المساعد في حال خلو الوظيفة كما هو في حال غيابة، والالتزام بالإجراءات المتعلقة بفترة التجديد للقيادي من عدمه والتي عادة ما تتم قبل انتهاء مدة شغل الوظيفة القيادية بفترة ستة شهور، وان لا يتم الاعتماد على موائمة الظروف عن النظر في تلك الموضوعات من الجانب القانوني.

الجوانب القانونية في مسائل الرقابة المالية

صحيفة الانباء 18 اكتوبر 2020

https://alanba.com.kw/999611

من خلال ما تطرقت له في مقالات سابقة  من موضوعات تتعلق بالشأن المالي للدولة، قد اثارت تساؤلات لدى البعض حول مدى علاقة ما اتناوله من مسائل مالية وعلى وجه التحديد الرقابة المالية بالموضوعات القانونية التي كنت اثيرها في سياق تلك المسائل ، ولعل أرى من المناسب الرد على تلك التساؤلات والتي أرى انها مستحقة وواجبة التوضيح للقارئ.

يرتكز عمل الرقابة بوجه عام والرقابة المالية بوجه خاص على قاعدة جوهرية، وهي التحقق من مدى اتساق التصرفات المالية مع الإجراءات المنظمة لها ، وكما هو متعارف عليه من الجانب القانوني ان الإجراءات المنظمة تأتي من مصادر متعددة بشكل هرمي تبدا من راس الهرم المتمثل بالدستور وتتدرج الى القوانين والمراسيم ثم اللوائح والقرارات والتعاميم التي تصدر وفقا لأداتها القانونية .

فاذا لم يكن الموظف الفني ملم بشكل كامل بتلك التشريعات المنظمة للشئون المالية ،فانه لن يستطيع ان يبدي رايا فنيا سليما في المسائل التي تعرض عليه، ومن المؤكد ان يكون رايه في أي مسالة تعرض عليه رايا غير سديدا .

وما يؤكد على ان العمل الرقابي والقانوني مكملين بعضهم البعض هو ما ذهب اليه المشرع في قانون انشاء ديوان المحاسبة ، حيث جاء في المذكرة الايضاحية للقانون الاتي  ( … وقد روعي في ذلك ان الاعمال التي يباشرها الديوان وفقا لاختصاصاته المبينة بهذا المشروع ، انما تقوم على ثقافتين ذات مستوى عال ، احدهما قانونية والأخرى حسابية ، وان هاتين الثقافتين تكمل الواحدة الأخرى ، ويتعين اجتماعهما معا لإمكانية ممارسة الديوان لاختصاصاته على الوجه الأمثل ).

ومن ثم فان بناء قدرات الموظف الفني في الجانب القانوني مسالة في غاية الأهمية، فكلما زاد نطاق عمل الموظف الفني من حيث المسئولية الإدارية زادت حاجته الى المعرفة القانونية التي تمكنه من ممارسة اختصاصاته، ومع مرور الزمن تكون لدى الموظف الفني حصيلة غنية من المعرفة القانونية.

وعلى المستوى الشخصي وعلى مدى ما يزيد عن 30 عاما في مجال الرقابة المالية ،ومن خلال عدد من المناصب الإدارية التي كلفت بها بخلاف المشاركات في اللجان والفرق العمل المتخصصة و التمثيل في عضوية عدد من المؤسسات المحلية والإقليمية، تعامل مع العديد من التشريعات المختلفة التي تتطلبها طبيعة العمل والتكليفات ،مما تكونت لدي موسوعة زاخرة من الالمام المعرفي في مجال القانون، وقد مكنتني تلك المعرفة في الدخول بحوارات جدلية مع مشرعين قانونيين في العديد من المسائل وفي مناسبات عديده ، وسوف اكتفي بذكرة تجربة واحدة فقط في هذا السياق تدليلا على ذلك .

 نظرا لدراستي لقانون انشاء هيئة مكافحة الفساد رقم 24 لسنة 2012 ( الملغي بحكم المحكمة الدستورية ) ، فقد اثرت مسالة تتعلق بما جاء بالمادة 19 من المرسوم بقانون انشاء الهيئة والمتعلقة بمنح سلطة خاصة لرئيس الهيئة تتعلق باختصاصات وزير المالية ،حيث نصت المادة على الآتي ( لرئيس الهيئة الاختصاصات المخولة لوزير المالية ، ولمجلس الأمناء الاختصاصات المخولة لديوان الخدمة المدنية فيما يتعلق باستخدام الاعتمادات المقررة بموازنة الهيئة وتنظيم أعمالها وشئون موظفيها ).

ونظرا الى ان المشرع قد نسخ هذا الحكم من قانون انشاء ديوان المحاسبة مع بعض التعديل الامر الذي وقع به المشرع بخطأ تشريعي فادح ، حين منح رئيس هيئة مكافحة الفساد اختصاصات وزير المالية بشكل مطلق وليس محدد كما هو مشار اليه في قانون انشاء ديوان المحاسبة ، مما تسبب المشرع في مد سلطة رئيس هيئة مكافحة الفساد إلى اختصاصات وزير المالية في كافة التشريعات ذات الصلة بدور واختصاص وزير المالية في موضوعات تلك التشريعات.

هذا ولم يستطع الجهاز القانوني بوزارة المالية البت في تلك المسالة التي تمت اثارتها من قبلي ، حيث تم إحالة الموضوع الى إدارة الفتوى والتشريع لاستفتائها في هذا الامر ، ونظرا لصحة ما تم اثارته من قبلنا فقد تدارك المشرع هذا الخطأ التشريعي  لاحقا عند صدور القانون الجديد لهيئة مكافحة الفساد رقم 2 لسنة 2016 ، حيث تم مراعاة تعديل المادة 19 بما يتفق مع تلك الملاحظة التي تمت اثارتها ، وجاء نص المادة بعد التعديل على النحو الاتي  ( لرئيس الهيئة الاختصاصات المخولة لوزير المالية بشان استخدام الاعتمادات المالية المقررة بموازنة الهيئة ولمجلس الأمناء ممارسة الصلاحيات المقررة لديوان الخدمة المدنية فيما يتعلق تنظيم اعماليها وشئون موظفيها ).

ختاما ارجوا ان ما ذكرته في تلك المقالة كافي بالرد على التساؤلات التي تتعلق بمسالة حق الموظف الفني المكلف بالرقابة المالية بان يتناول الجوانب القانونية في قضايا الرقابة المالية.

مدى سلامة إجراءات استلام بعض المكافآت المالية بجهاز المراقبين الماليين نظير تكليفات خاصة

صحيفة الانباء 7 اكتوبر 2020

https://alanba.com.kw/997471

العناوين الرئيسية:

  • أغفلت الآراء المختلفة ما جاء باللائحة التنفيذية للقانون من احكام تفصيلية للمادة 20 من القانون المتعلقة بحظر تلقي أي مبالغ من الجهات الخاضعة لرقابة الجهاز.
  • وفقا للمادة 25 من اللائحة التنفيذية فان المخاطب في المادة 20 من القانون هم المراقبين الماليين المعينين بالجهة الخاضعة لرقابة الجهاز دون غيرهم.
  • القانون واللائحة التنفيذية نظمت مسالة تقديم أي مزايا تقدم للمراقبين الماليين من قبل الجهات الخاضعة للجهاز تأسيساً على ما نصت على المادة 22 من القانون.
  • لا يجب تفسير النصوص الى ابعد ما ذهب اليه المشرع حتى لا يكون الراي منحرف عن مقاصده.

دار لغط في شان المكافآت التي تصرف للمراقبين الماليين من قبل الجهات الحكومية (الجهات الخاضعة لرقابة الجهاز)، حيث ذهب البعض الى تصنيف مثل هذا الصرف بالمخالفة المالية التي تستوجب المسائلة، وذهب الراي الاخر الى ابعد من ذلك بالمطالبة باسترجاع ما قد تقاضوه من مبالغ ومحاسبتهم قانونا بموجب احكام القانون رقم 1 لسنة 1993 بشأن حماية الأموال العامة.

كما تم اقحام ديوان المحاسبة في هذه المسالة، حيث أبدت الجهة المختصة بالديوان رأيها القانوني في هذا الامر، بان تم التفريق ما بين الاعمال المتعلقة بالتدريب والاعمال المتعلقة بالتكليفات، على الرغم من ان إجراءات الصرف المتعلقة بهذا الموضوع كانت تحت نظر الديوان ولم يبدى رايا سلبيا عليه في حينه.

علما بان الديوان ضمّن رايه القانوني لا يرى ما يمنع من قيام الجهاز بصرف مكافآت وبدلات خاصة ضمن ميزانية الجهاز الخاصة، ومفاد هذا الراي بان استحقاق الاجر مقابل الجهد أيا كان نوع الجهد سليم ، وبالتالي لم يذهب الراي الى ما من شانه وجود مخالفة صريحة لاحكام القانون رقم 1 لسنة 1993 بشأن حماية الأموال العامة كما ذهب اليه الراي الآخر.

وللوقوف على حقيقة هذا الراي فانه من الواجب معرفة الجوانب القانونية في هذا الموضوع، حيث نصت المادة 20 من القانون على الآتي (يحظر على العاملين بالجهاز تقاضي أي مبالغ من الجهات الخاضعة لرقابة الجهاز على شكل مكافآت أو مزايا نقدية أو عينية)، وقد أغفل من يدعي بان الصرف مخالف ما جاء باللائحة التنفيذية للقانون والصادرة بالمرسوم رقم 333 لسنة 2015 من احكام تفصيلية لهذه المادة، حيث نصت المادة رقم 25 من اللائحة على الآتي (على الجهات الخاضعة عدم منح المراقبين الماليين أي مكافآت أو مزايا نقدية أو عينية. ويجب موافقة الجهاز في حالة تقديم أي مزايا تنطوي تحت الخدمات الإدارية التي تقدم وفقا للنظم المعتمدة للمستويات الإدارية الموازية للمكاتب).

ويلاحظ من مفاد المادة رقم 25 من اللائحة التنفيذية بان المخاطب في المادة رقم 20 من القانون هم المراقبين الماليين المعينين بالجهة الخاضعة لرقابة الجهاز دون غيرهم ، والدليل على ذلك بان المادة لم تمنع بشكل مطلق وإنما اشترطت موافقة الجهاز في حالة تقديم أي مزايا تنطوي تحت الخدمات الإدارية التي تقدم للمراقبين الماليين وفقا للنظم المعتمدة للمستويات الإدارية الموازية للمكاتب وذلك باعتبار المستوى الاداري الذي يعامل به المراقب المالي بالجهة الخاضعة لرقابة الجهاز بمستوى مدير ادارة ، تأسيساً على ما نصت على المادة رقم 22 من القانون (يعامل المراقبون الماليون معاملة مديري الإدارات ، ويكون تأثيث مكاتبهم وما يتبعها من خدمات إدارية على عاتق الجهات الملحقين بها).

هذا ومع ذلك ولم يمنع القانون من استحقاق القياديين والمراقبين الماليين للأجر نظير الجهد المبذول منهم بمشاركتهم بأعمال تتعلق باختصاصاتهم في الجهات الخاضعة لرقابة الجهاز ، فقد ورد ضمن اختصاصات المراقبين الماليين على سبيل المثال وفقا للأحكام الواردة بالقانون بالمادة رقم  12 الفقرة رقم  7 ( حضور لجان المزايدات والممارسات والمناقصات التي تشكلها الجهة المعين بها، وإبداء الرأي والملاحظات) ، وقد راعت القواعد المصاحبة للكادر الخاص بجهاز المراقبين الماليين المعتمد من اللجنة العليا ، حيث سمحت القواعد بصرف مكافاة بدل حضور تلك اللجان من ميزانية الجهاز ووفق القواعد العامة المعمول بها والصادرة من ديوان الخدمة المدنية ، الامر الذي يؤكد بان التشريعات تحفظ حقوق المراقبين الماليين بالجهاز  بغض النظر عن ميزانية الجهة التي تتحمل تلك الحقوق .

ومن جانب اخر فان ما ورد بالمادة رقم  6 من القانون لا يعد حظرا بالمطلق على العاملين بالجهاز من تقاضي مكافئات او أتعاب نظير بعض الاعمال على النحو الوارد بالمادة، فعلى سبيل المثال سمحت الفقرة 1 من المادة رقم 6 بأن يزاول العاملين بالجهاز والمنصوص عليهم بالمادة اي مهنةً حرةً أو عملاً تجارياً لا يتعارض ومقتضيات وظيفته، كما سمحت الفقرة رقم  5 من ذات المادة بأن يتقاضى أية مبالغ أو مكافآت من أي جهة عامة أو خاصة، بشرط ان لا يكون لها تأثير مباشر أو غير مباشر على حيادية واستقلالية الجهاز.

فاذا طلب المخاطبون بالمادة المشار اليها سالفا تصريح بالعمل خارج أوقات العمل الرسمي وفقا لأحكام المادة رقم 25 من المرسوم بقانون رقم 15 لسنة 1979 بشأن الخدمة المدنية، فيمكن منحه اذن لذلك وان كان العمل في جهة حكومية (جهة خاضعة لرقابة الجهاز) طالما ليس هو مراقب مالي معين بها (المادة رقم 20 من القانون)،

فعلى سبيل المثال المراقب المالي الذي تستعين به وزارة الاوقاف والشئون الاسلامية كخطيب بالمسجد، او الذي تستعين به الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب او وزارة المالية او اية جه أخرى كمحاضر، يكون في حكم المادة رقم 6 المشار اليها، ويسري ذلك على الجهات الحكومية التي تستعين بالمراقبين الماليين في لجان متخصصة ليس لها علاقة باختصاصاتهم المباشرة في الجهات المعينين بها الواردة على وجهة التحديد في احكام المادة رقم 12 من قانون انشاء الجهاز.

وعليه فان ما تقاضاه المراقب المالي من مكافآت او اجر نظير مشاركته بفريق عمل متخصص سواء كان بتكليف من مجلس الوزراء او الوزير المختص لا تخالف احكام المادتين 6 و20 قانون انشاء الجهاز، ويسري ذلك على مكافئات المحاضرين التي تقاضوها المراقبين الماليين.

ولا يجب تفسير النصوص الى ابعد ما ذهب اليه المشرع حتى لا يكون الراي منحرف عن مقاصده، كما لا يجب ان يخضع الجهاز التنفيذي الحكومي لمثل تلك الآراء غير الموضوعية، والا في هذه الحالة فما الراي القانوني في تعيين مراقبين ماليين كقياديين في جهات خاضعة لرقابة جهاز المراقبين الماليين، في ظل حكم الفقرة 6 من المادة 6 من القانون التي لا تجيز لكل من رئيس الجهاز ونائبه ورؤساء القطاعات والمراقبين الماليين، أثناء تولي مناصبهم أن يعين في الجهات التي كان يراقب عليها، قبل مضي خمس سنوات من تاريخ تركه العمل بها؟

أمير التواضع

صحيفة الرأي 4 أكتوبر 2020

نهنئ سمو امير البلاد الشيخ نواف الاحمد الصباح بتوليه مسند الإمارة. معربا عن إيماني بقدرة سموه على حمل أمانة الكويت والتي طالما كانت نصب عينيه، إذ عُرف عن سموه محبته للدوله ولشعبه ، وحرصه على مخافة الله ، واحترام القانون،وسماحته وعفويه وتواضعه.

فإذا كان هناك لقب يستحقه سموه فهو لقب (امير التواضع).
وسموه محفوف بحب الشعب له،والذي يدعوا له بان يسدد خطاه ويبارك له في عمره،ويمده بالصحة والعافية، ويرزقه البطانة الصالحة التي تعينه على هذه المسئولية.

قانون المناقصات بين الواقع والمأمول

صحيفة الانباء 28 سبتمبر 2020

https://alanba.com.kw/995676

العناوين الرئيسية:

  • جاء القانون قانون المناقصات العامة الجديد نظرا لوجود حاجة ملحة ولسد الفراغ التشريعي في التشريع السابق.
  • نتيجة لكثرة وجهات النظر في أي تشريع من أطراف عديده ذات علاقة يترتب عليه صدور التشريع بشكل قاصر ومعيب في بعض الأحيان كما هو أحال في قانون المناقصات العامة.
  • ضرورة إعادة دراسة قانون المناقصات بشكل فني وموضوعي   للخروج بتصورات ومرئيات تخدم الموضوع.
  • من غير الواضح ماهية فلسفة   قانون المناقصات فهل نحن امام قانون ينظم المناقصات العامة؟ ام امام قانون ينظم الشراء بوجه عام؟
  • أغفل المشرع تحديد مرجعة لتفسير احكام قانون المناقصات لحل الخلافات ووجهات النظر في تفسير احكامه.
  • ان القانون لم يحدد موقفة بشأن الغاء النصوص المانعة، وان أي استثناء يجب ان ينص عليه بشكل صريح موضوعي.
  • لم يراعي القانون المناقصات التي لا يكون مصدر تمويلها خارج الموازنة العامة للدولة بما يتفق مع القانون رقم 1 لسنة 1993بشان حماية الأموال العامة.
  • عدم وضوح دور جهاز المناقصات فيما يتعلق بالشراء الخارجي تعاقدا وتنفيذا.
  • عدم وضوح مدى حدود السلطة التقديرية للجهات العامة في شان الحالات الطارئة.
  • من غير الواضح معرفة دور وزارة المالية في شان الاحكام الواردة بالقانون والتي تمت الإشارة فيها لوزارة المالية.

جاء القانون 49 لسنة 2016 بشأن المناقصات العامة بعد فترة طويلة من صدور التشريع السابق القانون رقم 37 لسنة 1964 أي بعد ما يزيد عن خمسة عقود، جاء نظرا لوجود حاجة ملحة لإعادة النظر في التشريع ليتناسب مع الواقع العملي وفقا للتطورات الحديثة لإجراءات الشراء وأيضا لحاجة لنظام شراء يتسم بالشفافية والحوكمة.

القانون جاء أيضا لسد الفراغ التشريعي في التشريعات ،والمتعلق بتنظيم الشراء حيث ان التشريع السابق لم ينظم إجراءات الشراء للحدود التي تقل عن نصاب لجنة المناقصات المركزية ، الامر الذي اضطرت اليه وزارة المالية في ذلك الوقت الى سد هذا الفراغ من خلال اصدار تنظيم خاص بالشراء في تلك الحدود( التي تقل عن النصاب ) ، على الرغم من عدم وجود تأسيس قانوني يمكّن وزارة المالية من تنظيم مثل هذا الامر ،لا من خلال المرسوم في شان وزارة المالية  الصادر في 1986 ، ولا من خلال المرسوم بالقانون رقم 31 لسنة 1978 بقواعد اعداد الميزانيات العامة والرقابة عليها والحساب الختامي ،الا انه في وجه نظرنا ان تدخل وزارة المالية هذا وان كان من غير سند قانوني الا انه كان محمود لإحكام الرقابة على نظم الشراء .

وقبل التطرق الى قراءتنا التحليلية لقانون المناقصات المركزية، نود الإشارة الى انه ترجع اسباب وجود بعض القصور والمثالب في بعض التشريعات بوجه عام، الى ان أي مشروع قانون يصاغ من قبل المشرّع برؤية وروحية يهدف منها المشرع الى تحقيق المستهدفات التي من اجلها يتم اصدار مثل هذا التشريع.

لكن في معظم الأحيان ونتيجة لكثرة الاجتهادات في جهات النظر في التشريعات من قبل أطراف عديده يترتب عليه صدور التشريع بشكل قاصر ومعيب في معظم الأحيان، الامر الذي يؤثر على تطبيق مثل هذا القانون من حيث الجوهر والاهداف، واجزم بان هذا التشريع من ضمن تلك التشريعات التي شابها مثل هذا القصور.

فعلى سبيل المثال لا الحصر ففي الفقرة أولا من المادة 2 من القانون حددت نطاق القانون من حيث الاعمال ومنها الخدمات بشكل مطلق  دون حدود ، ثم جاء القانون بالفقرة ثانيا ونص  على ان يسري احكام هذا القانون على عقود خدمات استيراد البرامج الاذاعية والتلفزيون ، وفي المادة 1 الخاص بالتعريفات عرف المشرّع الخدمات بانها العناصر القابلة للشراء من غير السلع والمقاولات وتضم منافع الأشياء والأشخاص التي يمكن تقيمها ماليا ، ويجوز ان تكون محل للتعامل بما في ذلك خدمات النقل ، من ثم نرى كيف عرف القانون الخدمات بشكل مختلف في مواقع مختلفة من القانون مما يفتح الباب للاجتهاد والتفسيرات ، وهذا يسري على بعض الجوانب الأخرى أيضا من القانون .

ومن أبرز ما تم رصدة من ملاحظات على القانون ولائحته التنفيذية الجوانب التالية:

  • ان لكل تشريع غاية وهدف لكن من غير الواضح ماهية فلسفة   القانون 49 لسنة 2016، فهل نحن امام قانون ينظم المناقصات العامة؟ ام امام قانون ينظم الشراء بوجه عام؟ والذي يتم بعدة وسائل من ضمنها المناقصة العامة، لان هذا القانون نظم كافة أساليب الشراء من مناقصة وممارسة والامر المباشر.

 ونعتقد اننا امام تشريع بنظم الشراء بكافة اساليبه وليس المناقصات العامة فقط، وهو تشريع هجين بين المناقصات العامة والمشتريات العامة، ويتبين ذلك جليا من خلال الاطلاع على احكام الفصل الأول (أساليب التعاقد) والفصل الثالث (أساليب أخرى للشراء).

  • كون هذا القانون يعتبر من القوانين الفنية التي تنظم إجراءات توفير المواد والاعمال والخدمات ،وبالتالي أصبح جهاز المناقصات العامة هو المرجعية الفنية والقانونية المتعلقة باي خلاف او تفسير لمواده، لكن نرى ان المشرع قد أغفل هذا الامر  ، لذا قد يكون من شان ذلك بان يفتح  الباب امام الاجتهادات  والتفسيرات من قبل جهات غير مختصة ، علما بان هناك ممارسة جيدة في هذا الشأن ، فوفقا للمرسوم بقانون 15 لسنة 1979 في شان نظام الخدمة المدنية ، قد اناط المشرع لمجلس الخدمة المدنية دون غيره مسئولية تفسير كل ما يتعلق بتشريعات شئون التوظف ، مما حدد المشرع مرجعة واضحة بشان المرسوم .
  • يهدف هذا القانون الى ضمان الحفاظ على الأموال العامة الى جانب تحقيق المرونة للجهات العامة، الى جانب تحقيق الحوكمة في نظام الشراء في الجهات العامة، وسبق للسلطة التشريعية ان الغت كافة النصوص المانعة من خضوع بعض الهيئات العامة والمؤسسات العامة من رقابة ديوان المحاسبة او قانون المناقصات العامة، وذلك بموجب القانون رقم 66 لسنة 1998 الوارد في دباجة القانون 49 لسنة 2016.

 الا ان القانون الجديد لم يحدد موقفة بشان الغاء النصوص المانعة ،وان كنا نرى ان الغاء النصوص يجب ان يرد أيضا في هذا القانون ، وان أي استثناء يجب ان ينص عليه بشكل صريح  في هذا القانون ، وان يكون الاستثناء موضوعي وليس استثناء على مستوى الجهات ، لأننا الان امام قوانين خاصة تم الغاء النصوص المانعة الواردة فيها ،وهي القوانين الصادرة حتى صدور القانون رقم 66 لسنة 1998 ، وامام قوانين خاصة وردت احكام خاصة نصت على الاستثناء بشكل واضح بعد صدور القانون المشار اليه ، وامام قوانين أيضا لم تنص صراحة على الاستثناء ، لكن أوردت احكام في هذا الشأن تفتح باب الاجتهاد في التفسير فيما اذا كانت تعتبر احكام استثنائية من عدمه ، وقد يزيد باب الاجتهاد في التفسيرات خاصة وان ما ورد في المادة 2 القانون 49 يساعد على ذلك ،حيث نصت على الاتي  ( …. وفي جميع الأحوال تطبق احكام هذا القانون ولائحته فيما لم يصدر بشأنه نص خاص في شان عمل كل من هذه الجهات العامة).

ومن جانب اخر لم يتبين في القانون ولائحته التنفيذية مبررات استثناء الشركات المملوكة بالكامل للمؤسسات المستقلة، وقصر نطاق تطبيق احكام القانون على الشركات المملوكة بالكامل لمؤسسة البترول الكويتية.

  • وفقا للمادة 33 و36 من القانون والمادة 2 من اللائحة التنفيذية، فان احكام تلك المواد قد حددت نطاق تطبيق القانون على أوجه الشراء والخدمات التي يكون مصدرها اعتمادات ميزانية الجهات العامة فقط، مما يعتبر القانون معيب في هذا الشأن، خاصة وان تأسيس القانون جاء لحماية المال العام استنادا الى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية ووفقا للقانون رقم 1 لسنة 1993الوارد بدباجة القانون، حيث ان الأموال العامة تشمل الأموال التي تدار من قبل الدولة وتشرف عليها وليس بالضرورة مصدرها الميزانية العامة للدولة.
  • أضاف القانون نطاق اعمال لم تكن واردة في التشريع السابق، او لم تكن واضحة سابقا، وهي الخدمات بمطلقها والتي تشمل كل اعمال الخدمات مثل الاستشارات والايجارات وغيرها، وبما ان بعض الجهات بقانون انشائها كانت تناط بها بعض تلك الخدمات، وعلى سبيل المثال التدريب لدى ديوان الخدمة المدنية، فأصبح من غير الواضح مدى مركزية الجهاز في طرح تلك الخدمات بمناقصة عامة.
  • عدم وضوح دور جهاز المناقصات فيما يتعلق بالشراء الخارجي تعاقدا وتنفيذا، فالقانون لم يغطي الثغرة في القانون السابق ، فتوفير السلع والخدمات للوحدات الإدارية الخارجية التابعة للجهات العامة لا يغطيها القانون او اللائحة التنفيذية ، وتعميم وزارة المالية الصادر بهذا الشأن 2/2007 غطى ذلك في حدود 5000 دينار فقط، وهو ذات القصور في القانون السابق، فالفقرة 3 من المادة 2 من القانون فيما يتعلق باستثناء مؤسسة البترول الكويتية من النصاب أشارت الفقرة بان الجهاز يختص بعقود الشراء التي تنفذ داخل دولة الكويت والتي تزيد عن 5 ملايين دينار ، وفي الفقرة 2 من المادة 4 إشارة الفقرة بانه تسري احكام طرح المناقصات على العقود التي تتم