صحيفة الانباء 14 ابريل 2020
ان الإصلاح بكافة صوره سواء كان سياسيا او ماليا او اقتصاديا غاية منشوده ، والإصلاح مبتغى كل منظومة إدارية سواء كان ذلك على مستوى الدولة او على مستوى الأجهزة الحكومية و غير الحكومية ، بل ويطال الإصلاح غايته مستوى الاسرة .
وتتعدد أسباب الرغبة في الإصلاح، وقد تكون هذه الرغبة بهدف تطوير الاعمال الى ما هو أفضل كتقديم خدمات وتسهيلات لمتلقي تلك الخدمات، وقد تكون بهدف الحفاظ على موقع الصدارة في ظل وجود بيئة تنافسية، وقد يكون الهدف منها تحقيق مزيد من المكاسب المالية او غيرها.
وفي حقيقة الامر ان الإصلاح كغاية قد يكتنفها الغموض والضبابية احيانا بسبب عدة عوامل تحيط بالبيئة التي تعنى بعملية الإصلاح، فالواقع السياسي على سبيل المثال قد يؤثر سلبا او إيجابا على نتائج العملية الإصلاحية، كما هو الحال الواقع الاقتصادي او الاجتماعي.
فعلى سبيل المثال فالكويت تتمتع بقدر كبير من الديمقراطية وهي حالة قد تكون فريدة من نوعها في المنطقة ، و نتلمّس كيف يكون الواقع السياسي ذا اثر لأي عملية إصلاحية بغض النظر ان كان هذا الأثر إيجابيا ام سلبيا ، فكون البيئة السياسية في الكويت تمثل خليط من الاتجاهات السياسية ، فان لهذا الخليط انعكاس على مفهوم الإصلاح وأدواته واسلوب تنفيذه، هذا مع الاخذ بعين الاعتبار الاتجاه الأساسي في هذا الخليط ويتمثل بالاتجاه الحكومي الذي هو في حقيقة الامر هو من يملك زمام الأمور كونها السلطة التنفيذية .
هذا اخذين بالاعتبار التكامل بالأدوار بين الاتجاهات السياسية لا التنازل عنها ، ولعل الدستور الكويت قد رسم هذا المسار بكل وضوح فنصت المادة 50 منه بان يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات مع تعاونها وفقا لأحكام الدستور ولا يجوز لأي سلطة منها النزول عن كل أو بعض اختصاصها المنصوص عليه في هذا الدستور.
فاذا ما كان هناك توافق كامل لمفهوم الإصلاح كمبتغى وهدف حقيقي ما بين كل الأطراف ذات الصلة وعلى وجه التحديد الجانب الحكومي ، فلابد ان يكتب لعملية الإصلاح النجاح لان غاية تلك الأطراف واحدة وان تعددت مشاربهم، لكن إذا كانت العملية الإصلاحية هي وسيلة لتحقيق مكاسب فئوية فمهما بذلت من جهود في هذا الجانب لا يمكن ان يتم تحقيق اية نجاحات في العملية الاصلاحية، وان أي جهود في هذا الاتجاه ستكون هدرا للجهد والوقت والمال ، وهذا المفهوم يسري على مستوى مؤسسات القطاع العام والخاص .
ومن واقع محاولات الإصلاح المتعددة التي قدمت على مدى عقود من الزمن ، سنصل الى نتيجة بان العملية الإصلاحية بأنواعها تمر بتحديات عديده اشبه في بعض الأحيان بمرحلة مخاض نظرا لصعوبة البيئة التي تعمل فيها، فالكثير من المبادرات الإصلاحية وعلى وجه التحديد الإصلاحات الاقتصادية والمالية لم يكتب لها النجاح ،واذا كانت هناك نجاحات فهي تعتبر نسبيا ولا تتم بالشكل المأمول لسبب رئيسي وهو عدم وجود توافق بين الأطراف ذات الصلة.
اما فيما يتعلق في كيفية تنفيذ تلك الإصلاحات اذا ما تم الاتفاق عليها ، فهناك نماذج متعدد في وسائل الاصلاحات وذلك نظرا لتعدد مدارسها في مسألة كيفية تنفيذها، هناك من يستخدم نموذجه الخاص في التنفيذ من باب المثل القائل ( اهل مكة ادرى بشعابها ) ، وهناك من يستخدم نماذج عالمية، والأخر يقوم بالمزج بين هذا وذاك لخلق نموذج يراعي البيئة التي سيتم تنفيذ الإصلاحات فيها.
ولتحقيق تلك الإصلاحات فان الامر يتطلب في كل الأحوال وجود إمكانيات بشرية ذات خبرات عالية وذات المام كبير في البيئة التي تعمل بها ، على ان تكون مؤمنة في عملها وقادرة على تنفيذ مثل تلك الإصلاحات بحيث تكون مسانده للجهود التي تبذل لتحقيق نجاحات ملموسة في هذا الشأن.
طبعا هناك دائما يكون صراع في بعض الأحيان يكون خفي وفي بعض الأحيان يكون بالعلن بين المدراس التي يمثلها القائمين على تلك الإصلاحات فيما يتعلق في الاستعانة في بيوت الخبرة سواء كانت على مستوى محلي او عالمي . وتأتي أهمية طلب الاستشارة سواء كانت من أحد الخبراء أو أحد بيوت الخبرة، الى توسيع المدارك وتعدد الخيارات ، ولكن في نهاية المطاف يجب ان يكون نصب عينك بان المستشار لن يتلمس مشاكلك اليومية ، ولا يستشعر العقبات التي تراها، فيبقى رأيك وآراء المخلصين من العاملين معك ممن لديهم ايمان قوي بأهمية عملية الإصلاح هي الفيصل في القرارات ، لان ما يقدمه المستشارين هي مجرّد اقتراحات ، ويجب ان تتعامل معها على هذا الأساس ، لان في النهاية انت الوحيد الذي ستتحمل تبعات هذا القرار سواء كانت النتيجة سلبا ام إيجابا .