صحيفة الانباء 2 مايو 2021

بدء الاهتمام بالعمل التعاوني بدولة الكويت منذ مطلع اربعينيات القرن الماضي، والتجربة الكويتية في مجال العمل التعاوني تعتبر من أقدم واعرق التجارب في المنطقة وانجحها، وقد تم تنظيم العمل التعاوني بشكله الشامل بعد صدور اول تشريع له في عام 1962.
وتهدف الجمعيات التعاونية الى الارتقاء بالمستوى الاجتماعي والاقتصادي وتقديم الخدمات الضرورية لمساهميها في المنطقة التي انشات لأجلها تلك الجمعية، ولضمان قيام الجمعيات بدورها وأهدافها ولحماية لأموال مساهميها، حرصت التشريعات بان يكون هناك دور رقابي لوزارة الشئون الاجتماعية باعتبارها الجهة المختصة، حيث تتولى الوزارة الرقابة والتفتيش على أنشطتها واعمالها وحساباتها.
وتقوم الوزارة بدورها الرقابي من خلال بعض الآليات التنظيمية منها تعيين مراقبين ماليين واداريين بالجمعيات، وتعيين أعضاء في مجالس ادارتها، هذا بالإضافة الى إشراف الوزارة على اجتماعات الجمعيات العمومية لها.
ولعل من اهم آليات الرقابة التي تقوم بها وزارة الشئون الاجتماعية في رايي تعيين أعضاء في مجالس ادارات الجمعيات التعاونية ، والتي تضمن فاعلية أداءها والرقابة على اعمالها ، وقد نظمت الوزارة إجراءات تعيين الأعضاء في مجالس الإدارات من خلال قرارات تنظيمية استنادا لأحكام القانون ، الا ان القرار الذي أصدره وزير الشئون الاجتماعية مؤخرا وباشرت الوزارة في تنفيذه في رايي قد يقوّض حوكمة اعمال مجالس الادارات الجمعيات التعاونية، حيث اعاد الوزير النظر في شروط التعيين بمجالس الإدارات بما يضمن أن يكون العضو المعيّن من موظفي الوزارة، وقد تم تبرير هذا التعديل نظرا لما يتمتع به موظفي الوزارة من خبرات إدارية ومالية في مجال العمل التعاوني.
وبهذا الصدد يجب ان نؤكد على أهمية تعزيز حوكمة اعمال الجمعيات التعاونية من خلال توفير الأنظمة والآليات التي تضبط العلاقة بين أصحاب المصلحة فيها لتخدم مصالحهم، خاصة في ظل بعض مظاهر الفساد في بعضها والتي للأسف تسيئ للعمل التعاوني، ومن اهم هذه الآليات تعيين اعضاء بمجالس الادارات من ذو الخبرة، ويتمتعون بالاستقلال التام (عضو مستقل) في مراكزهم وقراراتهم، وان لا يكون في تعيينهم أي تعارض للمصالح.
وفي رأيي ان تعيين أعضاء بمجلس إدارة الجمعيات التعاونية ممن يعملون بوزارة الشئون الاجتماعية يؤثر على استقلالية هذا العضو كونه يعمل في ذات الوزارة التي تراقب على اعمال تلك الجمعيات، وفي نفس الوقت يشارك هذا العضو في اتخاذ قرارات استراتيجية للجمعية، وبالتالي قد يخرج نطاق وصف هذا العضو بالعضو المستقل.
ومن جانب آخر ان التشريعات التي تنظم العمل التعاوني تسمح بمنح أعضاء مجالس ادارات الجمعيات التعاونية مكافأة نظير عضويتهم، وقد يواجه تلقي موظفي الوزارة تلك المكافآت تحفظات من الجهات الرقابية، حيث ان بعض الجهات الرقابية لها وجه نظر في شان صرف مثل هذا النوع من المكافآت، باعتبار ان مثل هذا العمل من طبيعة مهام موظفي الوزارة، وبالتالي لا يجوز منحهم مكافأة عن هذا العمل، وانما يتم تقدير عملهم هذا من خلال ميزانية الوزارة والتي تملك نظم إدارية تخولهم من تقييم وتقدير مثل تلك الاعمال.
لذا أرى من الحصافة ان يعيد وزير الشئون الاجتماعية النظر في قراره هذا، وذلك بان يقتصر تعيين اعضاء مجالس ادارات الجمعيات التعاونية من ذوي الخبرة من خارج الوزارة حفاظا على دور العضو المستقل في مجالس الادارات، وترسيخا لمبدأ استقلاليتهم والذي يعد من أسس ممارسات الحوكمة السليمة، ويكتفى بدور موظفي الوزارة الرقابي من خلال آليات العمل الاخرى المعمول بها حاليا.
