صحيفة الانباء 4 يوليو 2021

أشرنا في المقالة السابقة بان من اهم مقومات نجاح الصندوق السيادي النرويجي هو التزامه بمبادئ الاستثمار المسئول المستدام (ESG)، وفي رأيي أيضا ان من مقومات نجاح الصندوق السيادي النرويجي من حيث الأداء والمكانة، هو الدور المحوري الذي لعبه البرلمان النرويجي في هذا الجانب.
فالرقابة البرلمانية حتى تحقق أهدافها يجب ان تكون رقابة موضوعية ومسئولة، وليس بمفهومها الشائع المبني على تصيّد الأخطاء والذي أرى في وجهة نظري مفهوم خاطئ للرقابة، فالرقابة الموضوعية هي التي تسمح للمشرعين بالمشاركة بإدارة المخاطر والاهداف من حيث قياس مدى تحقيق الأهداف والامتثال، وبما تسمح بالمسائلة الإدارية.
ان المبادئ التوجيهية الأخلاقية للصندوق والتي اعتمدها البرلمان بالتنسيق مع وزارة المالية، تعد دعما سياسيا لإدارة الصندوق السيادي، ومن اهمها الالتزام بضمان تحقيق العوائد المالية من الثروة النفطية لصالح الأجيال القادمة المشروطة بالتنمية المستدامة.
وفيما يتعلق بإدارة الصندوق السيادي، فوزارة المالية تديره نيابة عن الشعب النرويجي من خلال استراتيجية استثمار يتم مراجعتها مع البرلمان النرويجي بشكل دوري، ووزارة المالية هي المسئولة بشكل مباشر تجاه البرلمان بشأن إدارة هذا الصندوق، بما في ذلك استراتيجيتها الاستثمارية، وقد انشات وزارة المالية مجلس استراتيجي للصندوق بهدف المساهمة في تعزيز الاستثمار المسؤول من خلال المراجعات الدورية وزيادة الشفافية المتعلقة بإدارة الصندوق.
وقامت وزارة المالية بتفويض البنك المركزي النرويجي (Norges Bank) من خلال ادارة منفصلة للاستثمار بالبنك (NBIM) بإدارة صندوق التقاعد الحكومي العالمي كوديعة بموجب اتفاقية بين وزارة المالية والبنك، وتجيز هذه الاتفاقية للبنك بان يستعين بمدراء خارجيين لإدارة هذه الأموال، كما تجيز له تقديم المشورة لوزارة المالية، اما صندوق التقاعد الحكومي النرويجي فمفوض بإدارته التشغيلية مدير الاستثمار (Folketrygdfondet).
وبمقابل تفويض الإدارة هذا تدفع وزارة المالية بشكل منفصل من حساب وزارة المالية اتعاب إدارة البنك لهذه الأموال والتي يتم الاتفاق على حدود نسبتها مسبقا.
هذا ويتخذ البنك قرارات الاستثمار بشكل مستقل عن وزارة المالية ويلتزم البنك بتقديم تقارير دورية عن أموال المحفظة، وتتمتع تلك التقارير بالشفافية، حيث تتضمن ملخصا يوضّح الأداء الحقيقي للصندوق وتكاليف ادارته، واستراتيجية إدارة الاستثمارات ومخاطرها، ويلتزم البنك بأن يقيّم بانتظام إلى أي مدى تم تحقيق اهدافه في خطته الاستراتيجية، على ان يتم نشر التقرير السنوي خلال 3 شهور من انتهاء السنة المالية.
ووفقا للمبادئ التوجيهية للصندوق، يسعى البنك الى تحقيق عائد جيد على المدى الطويل، معتمدا في ذلك على التنمية المستدامة في الاقتصاد والبيئة والجوانب الاجتماعية، فضلا على حسن الأداء، كما يتقيّد البنك بالمؤشرات المرجعية الاستراتيجية التي تضعها وزارة المالية للصندوق، وكذلك القيود المتعلقة بالإدارة.
ويضع المجلس التنفيذي للبنك المبادئ التوجيهية لإدارة الصندوق، كما يضع إطار عمل نظام المكافأة، حيث يجب أن يشتمل نظام المكافآت على أحكام خاصة للمديرين التنفيذيين والموظفون ، هذا على أن يساهم نظام المكافآت في تعزيز إنشاء حوافز للإدارة الجيدة والسيطرة على المخاطر التي تنطوي عليها الإدارة، ومواجهة التعرض المفرط للمخاطر والمساعدة في منع تضارب المصالح.
وقد تم انشاء مجلس الاخلاقيات للصندوق بقانون ، وهو المكلف بتنفيذ المبادئ التوجيهية للأخلاقيات ، وتقديم المشورة بشان فيما اذا كانت الاستثمارات في الأدوات المالية تتعارض مع المبادئ التوجيهية الأخلاقية للصندوق، ، وللمجلس الحق في التحقيق في بعض الأمور وجمع المعلومات التي يراها ضرورية في عمله ، ويتكون المجلس من خمسة أعضاء من ذوي الكفاءات والمواصفات الخاصة التي تتسق مع طبيعة عملهم ، ويتم تعينهم من قبل وزارة المالية بناء على ترشيح من البنك المركزي النرويجي لمدة أربعة سنوات ، وتحدد وزارة المالية مكافآت أعضاء المجلس وميزانيته .
وللمجلس امانة سر، ويعد المجلس خططه السنوية التشغيلية، كما يقوم بتقديم تقارير سنوية عن انشطته، كما للوزارة أمانة عامة مختصة لإدارة وتنظيم الصندوق، ويعمل بها موظفون دائمون ومستشارون في الأمور المتعلقة بإدارة الصندوق بما في ذلك مجلس الأخلاقيات.
هذا وينشر مجلس الاخلاقيات توصياته كما ينشر البنك قراراته بهذا الشأن، واخر قرار للجنة نشر في شهر مايو 2021، وهو استبعاد احدى الشركات الاسيوية نظرا لما كشفت عنه التحقيقات بان ظروف العمل في أحد مصانع الشركة وصفت بانها تنتهك حقوق العمال.