صحيفة الانباء 20 يونيو 2021

في سياق إجابة الهيئة العامة للاستثمار لإحدى الأسئلة البرلمانية، والمتعلق بطلب التقارير السنوية التي يقدمها رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار الى مجلس الوزراء مع مشروع الهيئة عن اعمال الهيئة ،واوضاع الأموال المستثمرة استنادا لأحكام قانون انشاء الهيئة ، لوحظ بتعّذر الهيئة عن تقديم نسخ من تلك التقارير المالية .
وقد اعتبرت الهيئة في اجابتها بان استثمارات الصناديق السيادية هي من المسائل التي تتعاون السلطتان التشريعية والتنفيذية في احاطة المعلومات عنها بسياج من السرية ، حيث ان هذه المعلومات تطرح على مجلس الامة سنويا في جلسة سرية ،ودون توزيع أي بيان مكتوب عنها لأعضاء مجلس الامة ، بل يكتفى بتلاوة بيان الحالة المالية للدولة والذي يشتمل على كل المعلومات عن هذه الاستثمارات ،وعن سياسة وقواعد وبرامج الاستثمار ، وذلك عملا بالمادة 150 من الدستور ، علما بانه بالاطلاع على حكم المادة المشار اليها لم يتبين من قيام المشرع بالتّطّرق لسرية بيان الحالة المالية .
كما بررت الهيئة العامة للاستثمار بعدم نشر تقارير عن أعمالها وأوضاع الاموال المستثمرة على موقعها الإلكتروني الى ان قانون انشاء الهيئة يحظر ذلك، حيث ترى الهيئة ان القانون يحتوي على مواد تنظم نشر المعلومات، اذ تحظر المادة رقم (8) من القانون الإدلاء ببيانات او معلومات عن اوضاع الأموال المستثمرة، كما تنص المادة رقم (9) من القانون على فرض عقوبات على كل من أفشى سرا من اسرار العمل بالهيئة العامة للاستثمار او معلومات اطلع عليها بحكم عمله.
وبالاطلاع أيضا على النصوص القانونية التي اشارت لها الهيئة، يتبين بان تلك النصوص تنظّم واجبات ومسئوليات موظفي الهيئة ولا تنظّم واجبات ومسئوليات الهيئة، وتلك النصوص واردة بالأساس في قانون الخدمة المدنية والذي ينظم الوظيفة العامة بشكل عام.
ويستفاد من هذه الإجابة بان ما تصرح به الهيئة من تبنيها بمبادئ الحوكمة والشفافية في رأيي لا يتسق مع ممارستها العملية، فمبادئ الشفافية يجب ان تتحقق بالمبادرة لا بالإلزام، وخير مثال على ذلك قيام ديوان المحاسبة بالمبادرة طواعية منذ عقد من الزمن بنشر تقاريره السنوية عبر موقعة الالكتروني بعدما كانت تلك التقارير تصنّف على انها سرية، وبذلك يكون الديوان بهذه المبادرة أنهى موضوع سرية تقاريره السنوية، وهذا دلاله على مدى تقيّد الديوان بمبادئ الشفافية والحوكمة في اعماله وبالأخص فيما يتعلق بتقاريره.
لذلك برأيي ان الهيئة العامة للاستثمار لا تتمتع بالحوكمة والشفافية الكاملة ، وجاء رايي هذا استنادا الى ما أكده مؤشر الينابيرغ – مانويل للشفافية (Maduell- Linaburg Transparency Index)، ووفق لآخر بيانات توافرت لدينا ، يقع ترتيب الصندوق السيادي لدولة الكويت والذي يدار من قبل الهيئة بالمرتبة الخامسة ضمن أعلى 95 تصنيفًا لأكبر صناديق الثروة السيادية حسب إجمالي الأصول، وقد سجل الصندوق الكويتي 6 نقاط من أصل 10 على مؤشر “لينابورغ – مادويل” للشفافية، وهذا تصنيف متدني نسبيا مقارنة مع دول أخرى سجلت 10 نقاط منها على سبيل المثال البحرين والامارات والنرويج والولايات المتحدة.
وقد استحدث هذا المؤشر في عام 2008 من قبل معهد صناديق الثروة السيادية (SUFI)، والذي يهدف الى تقييم شفافية صناديق الثروة السيادية، ويتم تصنيف صناديق الثروة السيادية وفقا لهذا المؤشر كل ثلاثة أشهر.
ويستند هذا المؤشر إلى عشرة مبادئ أساسية تصور شفافية صناديق الثروة السيادية للعامة، بحيث تضيف كل من المبادئ التالية نقطة واحدة من الشفافية إلى تصنيف المؤشر، ويوصي معهد صندوق الثروة السيادية بحد أدنى من التصنيف 8 من أجل المطالبة بالشفافية الكافية، ومبادئ تصنيف الصناديق السيادية العشرة هي:
- تاريخ ومبررات تأسيس الصندوق ومصادر الثروة وهيكلية الملكية الحكومية.
- وجود تقارير مالية سنوية مدققة.
- بيان نسبة المشاركة في اصول الصندوق والتوزيع الجغرافي لتلك الأصول.
- بيان إجمالي القيمة السوقية والعوائد ومكافآت المديرين.
- وجود الخطوط العريضة للمعايير الأخلاقية والسياسات الاستثمارية والجهات التي تشرف على تطبيق تلك المعايير.
- وجود استراتيجيات واهداف واضحة.
- الكشف عن هويات الشركات الفرعية والتابعة ووسائل الاتصال بها.
- الافصاح عن المديرين الخارجيين.
- وجود موقع خاص للصندوق على الانترنت وتحت ادارته.
- وجود عناوين ومواقع المكاتب الرئيسية للصندوق ووسائل الاتصال به من هاتف وفاكس وخلافه.