الصناديق السيادية للدولة وميثاق الشفافية المالية (1)

صحيفة الانباء 6 يونيو 2021

https://alanba.com.kw/1048325

أثار الجدل حول الموقف الحقيقي للمركز المالي للدولة تباين في المواقف بين الأطراف المعنية في هذا الموضوع، وذلك نتيجة لغياب الشفافية الكاملة للبيانات المالية ومدى موثوقيتها، الأمر الذي انعكس سلباً على إيجاد الحلول الناجحة لمعالجة الاختلالات في الميزانية العامة للدولة لسد الهوة الكبيرة بين إيرادات الدولة ونفقاتها.

وقد قدّمت الإدارة المالية العامة للدولة مبادرات عديدة لترشيد الإنفاق في الميزانية والحد من الهدر، إلا أنّ التحديات التي تواجهها الإدارة المالية العامة لم تمكَنها من معالجة هذه الهوة بسبب عمق الاختلالات الهيكلية في المالية العامة للدولة، بل إنّ أزمة العجز في الميزانية العامة للدولة قد تفاقمت إلى درجة أنّه قدّرت احتياجات الدولة من السيولة خلال الخمس سنوات المقبلة لتصل في حدود 45-60 مليار دينار حسب التقارير الصادرة بهذا الشأن.

وحتى هذه اللحظة لم يتم حسم القرارات المتعلقة بمعالجة عجز الميزانية العامة، سواء كان ذلك بقانون الدين العام أو السحب من احتياطي الأجيال القادمة، وذلك بسبب وجود أزمة ثقة بين الأطراف ذات الصلة.

وترى الإدارة المالية العامة لمعالجة موضوع الاستدامة المالية وفقاً لبرنامجها الوطني للاستدامة الاقتصادية والمالية في سياق برنامج عمل الحكومة (2021/2022- 2024/2025)، يتمثل في تعزيز كفاءة الإدارة الحكومية من خلال عدة مبادرات منها حوكمة تنفيذ الإصلاح المالي، وتطوير نزاهة وشفافية الإدارة الحكومية.

ويأتي ما تصبوا إليه الإدارة المالية العامة للدولة في سياق التوجه العالمي بالاهتمام بشكل ملحوظ بضرورة تبني مبادئ الحوكمة ومعايير المحاسبة الدولية في السنوات الماضية؛ لتعزيز الثقة في البيانات المالية التي تصدرها مؤسسات القطاع العام، ودورها في تحسين جودة تلك البيانات، خاصةً في ظل الحاجة الماسة لها لتحسين اتخاذ القرارات الاقتصادية والمالية، والتي تعتبر من المعطيات الأساسية لتلك القرارات سواء كان ذلك على مستوى القطاع العام أو الخاص.

أمّا على مستوى الرأي العام والذي يعتبر الشريك الرئيسي في العملية الإصلاحية، فيتطلب الأمر الافصاح له عن البيانات الكاملة عن الأنشطة المالية للدولة، سواء كانت ضمن الميزانية العامة للدولة أو خارجها، وعن أهم المخاطر التي قد تعتريها، خاصةً في ظل قانون حق الاطلاع على المعلومات الذي تم إقراره مؤخراً من قبل مجلس الأمة، ويأتي هذا القانون في سياق تعزيز الرقابة العامة والمساءلة.

وبما أنّنا هنا نتطرّق للأنشطة التي تكون خارج الميزانية العامة للدولة، وعلى وجه التحديد أنشطة الاستثمارات المتعلقة بالصناديق السيادية، فإنّه لابد أنّ تكون لإدارة مثل تلك الاستثمارات استراتيجية واضحة تتسم بالشفافية، على أنّ تتضمن تلك الاستراتيجية تحديد المخاطر المحتملة وأنواع الاستثمارات ومكوناتها، وكيفية إدارتها وكلفة إدارتها من أجل تحقيق الاستدامة المالية للأجيال الحالية والقادمة على حد سواء.

كما ينبغي إخضاع تلك البيانات المالية بوجه عام لمتابعة الأجهزة الرقابية المستقلة، ولعلّ من أهم تلك الأجهزة الرقابية بالدولة ديوان المحاسبة، والذي يتّبع السلطة التشريعية ممثل بمجلس الأمة، حيث يوافي الديوان المجلس بتقارير دورية سنوية وحسب الطلب أيضاً – حسب الأحوال-، ويهدف الديوان من هذه المتابعة التحقق من جودة وموثوقية البيانات المالية التي تصدرها الإدارة المالية العامة للدولة.

ولتعزيز الثقة بالبيانات للمالية العامة للدولة يتطلب تبني الإدارة المالية العامة لمبادئ الحوكمة، وتحسين مستوى الشفافية للمالية العامة بشكل طوعي لنيل ثقة الرأي العام، وهناك الكثير من الدول بادرت طوعاً لتحقيق ذلك، ويجب أنّ لا نغفل بأنّ مثل تلك المبادرات تعزز من مكانة الدولة المالية أمام المؤسسات المالية الدولية بما فيها مؤسسات التصنيف المالي.

ونأمل من ان تتحقق شفافية للبيانات المالية وفقاً لما جاء بمضمون البرنامج الوطني للاستدامة الاقتصادية والمالية، والذي أعده الفريق التوجيهي المشكّل برئاسة وزير المالية التابع للجنة الشؤون الاقتصادية في مجلس الوزراء، هذا بأنّ يأتي هذا البرنامج في سياق تبني وتنفيذ الإدارة المالية العامة للدولة لمبادئ الحوكمة والشفافية، بما ينسجم إلى حد ما مع مقترح بعض النواب المتعلق بطلب تعديل قانون الهيئة العامة للاستثمار رقم (47) لسنة 1982؛ بحيث يتم إلزام الهيئة بنشر وإصدار تقارير دورية سنوية عن أداء أعمال الهيئة وإدارة الصناديق الاستثمارية السيادية والأموال المستثمرة التابعة لها، أو المكلّفة باستثمارها بالجريدة الرسمية وبالموقع الإلكتروني الخاص بالهيئة .

نُشر بواسطة bader alhammad

من مواليد الكويت عام 1964 ، حاصل على الاجازة الجامعية في تخصص المحاسبة عام 1988 بتقدير جيد جدا . بدء عمله في ذات العام بوظيفة محاسب بوزارة المالية وتدرج في المناصب الاشرافية كرئيس قسم التوجيه المحاسبي ثم مراقب مالي ثم مديرا لإدارة الرقابة المالية الى ان صدر به مرسوم اميري عام 2013 بتعينه وكيل مساعد بوزارة المالية حيث شغل منصب الوكيل المساعد لشئون الرقابة المالية . ثم عين بمرسوم اميري رئيسا لقطاع الرقابة المالية بجهاز المراقبين الماليين عند انشاءه في عام 2015 حيث شغل منصب رئيس قطاع الرقابة المالية للهيئات الملحقة والمؤسسات المستقلة خلال الفترة من عام 2016 حتى عام 2018، ومن ثم شغل منصب رئيس قطاع الرقابة المالية للوزارات والإدارات الحكومية في أكتوبر 2018 ، وبالإضافة الى عملة كلف بمنصب نائب رئيس الجهاز بالوكالة في نهاية ديسمبر 2018 حتى نوفمبر 2019.، وحاليا كاتب رأي ومتخصص في شئون المالية العامة في صحيفة الانباء الكويتية. كما شغل العديد من المناصب الأخرى محليا وخارجيا فكان عضو مجلس إدارة بنك الائتمان الكويتي، وعضو مجلس المدراء التنفيذيين للبنك الإسلامي للتنمية IDB و مجلس المديرين التنفيذيين لصندوق التضامن الاسلامي ISFD و مجلس المديرين التنفيذيين للمؤسسة الاسلامية لتامين الاستثمار وائتمان الصادرات ICIEC . هذا وقد شارك في العديد من اللجان منها الإدارية والفنية ولجان تقصي الحقائق و التحقيق محليا وخارجيا ، وله العديد من الآراء والاجتهادات الفنية التي اثرى بها العمل في مجال الرقابة المالية باعتباره احد مؤسسي نظام الرقابة المالية المسبقة بدولة الكويت ، وقد اصدر له جهاز المراقبين الماليين كتابه الأول في عام 2017 بعنوان ( بعض المسائل الفنية في قضايا الرقابة المالية ).

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: