حدود سلطة ديوان المحاسبة في تنظيم شئون موظفيه (4)

صحيفة الانباء 18 ابريل 2021

https://alanba.com.kw/1037374

على ضوء ما تم ذكره في المقالات السابقة بشأن التشريعات الخاصة المنظمة لشئون التوظف بديوان المحاسبة، وكذلك التشريعات العامة بالدولة في هذا الشأن، وممارسات الديوان المتعلقة بشئون موظفيه، يتبيّن لنا ثلاثة حقائق:

  • الحقيقة الأولى: في حال تجاوزنا مسالة مدى قانونية تحديد اختصاصات مجلس الوزراء بقرار صادر من المجلس ذاته وليس بأداء قانونية اعلى (قانون)، فان مجلس الوزراء لا يملك من التشريعات التي تمكّنه من تنظيم شئون التوظف بالنسبة لسائر موظفي الدولة المدنيين الا في الحدود الاستثنائية التي نظمها القانون، علما بان القرارات التي تصدرها اللجنة العليا بديوان المحاسبة ليست قرارات استثنائية.
  • الحقيقة الثانية: هي ان ديوان الموظفين (ديوان الخدمة المدنية حاليا) لا يملك أي سلطة تتعلق بشئون التوظف الا في الحدود التي وضّحها المرسوم بقانون (15) لسنة 1979 بشأن الخدمة المدنية، وهي لا تمتد الى سلطة مجلس الخدمة المدنية المبينة بأحكامه وعلى وجه التحديد المادة (5) منه والمتعلقة بإقرار وتعديل نظم المرتبات والتي تشمل المرتبات الأساسية والعلاوات الدورية والأجور الإضافية والبدلات واية مزايا مادية او عينية اخرى تتقرر للموظف، والتي هي تعتبر اختصاص اصيل لمجلس الخدمة المدنية دون غيره.
  • الحقيقة الثالثة : لو أراد المشرع ان يمنح ديوان المحاسبة سلطة إقرار كل ما يتعلق بشئون التوظف لموظفي الديوان بما في ذلك نظم المرتبات ، لتم إعادة النظر في اختصاصات اللجنة العليا بالديوان كما هو الحال في سلطة مكتب المجلس بمجلس الامة ، حيث منحت اللائحة الداخلية تلك السلطة لمكتب مجلس الامة بموجب القانون  رقم (12) لسنة 1963   وتعديلاتها ، حيث يختص مكتب المجلس وفق الفقرة ( ج) من المادة (39) بالاتي ( ان يضع في شؤون المجلس الإدارية والمالية وموظفيه القواعد والأحكام المنظمة لها ، وفيما عدا ذلك تطبق القوانين واللوائح السارية بهذا الشأن ، وله ممارسة الصلاحيات المقررة لمجلس الوزراء ومجلس الخدمة المدنية وديوان الخدمة المدنية ووزير المالية في ذلك) .

وعلى ضوء ذلك تبرز لنا تساؤلات مستحقة تستلزم الوقوف عندها للتحقق من مدى سلطة ديوان المحاسبة في شان شئون موظفيه بالديوان وهي:

  • هل يجوز تقرير اية استحقاقات مالية إضافية لرئيس الديوان بغير ذات الأداة القانونية التي قرّرت بها استحقاقاته كما هو واقع الحال حاليا، حيث انه بنص القانون يعامل معاملة الوزير من حيث المرتب والمعاش وسائر البدلات والمزايا المالية؟
  • هل يجوز تقرير اية استحقاقات مالية لقياديين ديوان المحاسبة (نائب رئيس الديوان، وكيل والوكلاء المساعدين) بخلاف ما تم اقراره بموجب أحكام المواد 34 و37 و38 من قانون انشاء ديوان المحاسبة؟
  • هل تملك اللجنة العليا بديوان المحاسبة وفقا للمادة (47) من قانون انشاء الديوان أي سلطة تتعلق بتنظيم شئون موظفيه، وبالأخص الاستحقاقات المالية في ظل وجود مجلس الخدمة المدنية المنشأ بموجب المرسوم بقانون (15) لسنة 1979، والذي عقد المشرع له دون غيره اقرار وتعديل نظم المرتبات بتفصيلاتها وملحقاتها؟
  • هل ما تم اقراره من استحقاقات مالية وكوادر مالية من قبل اللجنة العليا بديوان المحاسبة تستند الى أساس قانوني في إقرار مثل تلك الاستحقاقات؟ ام يستلزم اخذ موافقة مجلس الخدمة المدنية المسبقة على كل قرار يصدر من قبل اللجنة العليا قبل تنفيذه لإضفاء الغطاء القانوني عليه؟

ختاما .. وفقا للحقائق والتساؤلات التي ذكرناها في مقالاتنا ، نرى على الجهات المعنية التعامل مع تلك الحقائق والتساؤلات بشكل موضوعي وصولا الى قرار بشان مدى سلطة ديوان المحاسبة في تنظيم شئون موظفيه، ومن تلك الجهات ديوان الخدمة المدنية وإدارة الفتوى والتشريع ممثلي الحكومة في اللجنة العليا ،بحيث لا يقتصر دورهم على التصويت على قرارات اللجنة وانما باتخاذ موقف حيال وجود أي قرارات لا تتسق مع القانون ، وكذلك وزارة المالية وفقا لما نصت عليه المادة (82) من قانون انشاء ديوان المحاسبة بالاتي (تراجع مستندات وحسابات ديوان المحاسبة بواسطة وزارة المالية والصناعة ويخطر الديوان بما قد تسفر عنه هذه المراجعة من ملاحظات أو مخالفات لعرضها على رئيس الديوان لاتخاذ اللازم بشأنها طبقا لهذا القانون ويدرج ذلك في التقرير السنوي للديوان) .

ومن جانب اخر على ممثلي مجلس الامة باللجنة العليا وهم رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية ورئيس لجنة الشؤون التشريعية والقانونية، ان يكون لهم دور رقابي فعّال على مقترحات ديوان المحاسبة بشأن شئون التوظف فيه بما يتسق مع احكام الدستور والقوانين المنظمة في هذا الشأن.

نُشر بواسطة bader alhammad

من مواليد الكويت عام 1964 ، حاصل على الاجازة الجامعية في تخصص المحاسبة عام 1988 بتقدير جيد جدا . بدء عمله في ذات العام بوظيفة محاسب بوزارة المالية وتدرج في المناصب الاشرافية كرئيس قسم التوجيه المحاسبي ثم مراقب مالي ثم مديرا لإدارة الرقابة المالية الى ان صدر به مرسوم اميري عام 2013 بتعينه وكيل مساعد بوزارة المالية حيث شغل منصب الوكيل المساعد لشئون الرقابة المالية . ثم عين بمرسوم اميري رئيسا لقطاع الرقابة المالية بجهاز المراقبين الماليين عند انشاءه في عام 2015 حيث شغل منصب رئيس قطاع الرقابة المالية للهيئات الملحقة والمؤسسات المستقلة خلال الفترة من عام 2016 حتى عام 2018، ومن ثم شغل منصب رئيس قطاع الرقابة المالية للوزارات والإدارات الحكومية في أكتوبر 2018 ، وبالإضافة الى عملة كلف بمنصب نائب رئيس الجهاز بالوكالة في نهاية ديسمبر 2018 حتى نوفمبر 2019.، وحاليا كاتب رأي ومتخصص في شئون المالية العامة في صحيفة الانباء الكويتية. كما شغل العديد من المناصب الأخرى محليا وخارجيا فكان عضو مجلس إدارة بنك الائتمان الكويتي، وعضو مجلس المدراء التنفيذيين للبنك الإسلامي للتنمية IDB و مجلس المديرين التنفيذيين لصندوق التضامن الاسلامي ISFD و مجلس المديرين التنفيذيين للمؤسسة الاسلامية لتامين الاستثمار وائتمان الصادرات ICIEC . هذا وقد شارك في العديد من اللجان منها الإدارية والفنية ولجان تقصي الحقائق و التحقيق محليا وخارجيا ، وله العديد من الآراء والاجتهادات الفنية التي اثرى بها العمل في مجال الرقابة المالية باعتباره احد مؤسسي نظام الرقابة المالية المسبقة بدولة الكويت ، وقد اصدر له جهاز المراقبين الماليين كتابه الأول في عام 2017 بعنوان ( بعض المسائل الفنية في قضايا الرقابة المالية ).

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: