حرمان القياديين من مكافآت العاملين في مواجهة انتشار فايروس كورونا

صحيفة الانباء 5 ابريل 2021

https://alanba.com.kw/1034525

في مقالة سابقة نُشرت لي بالصحيفة في بداية ازمة جائحة فايروس كورونا المستجد، تطرّقت فيها للآلية التي أقرّها مجلس الوزراء لتقدير جهود المكلّفين بالعمل في مواجهة انتشار هذا الفايروس.

وكان ملخّص وجهة نظري الوارد في تلك المقالة إن آلية تقدير المكافآت لم تتّسم بالحصافة، نظرا لعدم مُراعاتها للظروف المالية والاقتصادية التي تمر بها البلاد، وما قد ينتج عنها من عواقب وخيمة، خاصة وأن التشريعات القائمة بشأن تنظيم تعويض العاملين بالدولة كانت قادرة على التعامل مع ظروف العمل خلال هذه الازمة والتي سبق أن اوضحناها في تلك المقالة.

وما قد توقعناه في ذلك الوقت قد تحقق، حيث كان للآلية التي أُقِرّت تداعيات سلبية، سواء كان ذلك على مستوى مستحقيّها بسبب معايير تصنيف العاملين، أو على مستوى إجراءات صرفها نظرا لاحتمال استغلال صرفها لفئات غير مستحقة، وهذا ما تبيّن من خلال قيام ديوان الخدمة المدنية قبل فترة برفع توصية إلى مجلس الوزراء بإحالة الجهات الحكومية التي لم تُعدّل الملاحظات المسجلة على كشوف مستحقي المكافآت إلى هيئة مكافحة الفساد (نزاهة).

أما الجانب المالي والاقتصادي وهو المهم فلم يسلم هذا الجانب أيضا من تلك التداعيات، فإقرار ميزانية خاصة لمكافآت ما يسمّى بالصفوف الأمامية بمبلغ 600 مليون دينار، في ظل بحث الإدارة المالية العامة للدولة عن مصادر لتمويل عجز الميزانية العامة قد اضافت عبئا آخرا على الميزانية، فوفقا لآخر بيانات مالية متاحة فإن هذا العبء الاضافي يعتبر قياسيا.

فعلى مستوى مصروفات باب تعويضات العاملين بالميزانية (الأجور والمرتبات) فيمثّل هذا المبلغ نسبة 8% تقريبا من مصروفات الباب، ويمثّل نسبة 140% تقريبا من إجمالي مصروفات بند المكافآت، كما يمثّل نسبة 300% تقريبا من الاعتماد التكميلي المخصص لتعيين الموظفين الكويتيين، أي ما يعادل ميزانية توظيف لثلاثة سنوات مالية، ومن جانب المصروفات الرأسمالية فيمثّل هذا المبلغ نسبة 26% تقريبا من جملة تلك المصروفات.

وفي رأيي لو تم التعامل مع هذا الموضوع بحصافة وفقا للنظم المعمول بها بالدولة لكان بإمكان اعتمادات ميزانية السنة المالية 2020/2021 ان تستوعب تبعات هذا الامر ومن دون اية مبالغ إضافية، خاصة في ظل التعطيل شبه الكامل لمعظم المصالح الحكومية خلال تلك الفترة.

أما فيما يتعلق بقرار مجلس الوزراء باستبعاد القياديين من كشوف المكافآت المالية باستثناء قياديي وزارتي الصحة والداخلية، فعلى الرغم من رأيي المبدئي السابق الذي لا يتفق مع آلية إقرار مثل تلك المكافآت، إلا أن استبعاد بعض العاملين من استحقاق تلك المكافآت يعتبر في رأيي قرار غير حصيف ايضا، فالمسالة هنا ليست مسألة صفوف أمامية، فنحن أمام قرار سبق اصداره من قبل مجلس الوزراء أُقر فيه تقدير الموظفين المكلفين بالعمل في مواجهة انتشار فايروس كورونا، وبالتالي ليس من العدالة أن يتم استبعاد أية فئة من هؤلاء العاملين مهما كانت صفتهم طالما قدّموا عملا خلال فترة التكليف وتحمّلوا فيها الأعباء والمسئوليات، فنظام الخدمة المدنية يُلزم تعويض المكلفين بأي أعمال رسمية .

ختاما. . وفي هذا السياق أرى من المناسب أن اشير الى مبادئ ضمّنها ديوان الخدمة المدنية اصداراته الخاصة، واقتبس منها الفقرة التالية:

( …. الغاية الأهم هي تحقيق التطبيق السليم للقانون، أي تحقيق العدالة التي هي في جميع الشرائع ليست مجرد مرفق أو وظيفة أو مهنة، وإنما هي أمانة ورسالة، وهي قيمة من القيم العليا التي يأمر بها المولى عز وجل، ذلك أن الغاية من إقامة العدل بين الموظفين وبينهم وبين الدولة هي إعلاء سيادة القانون ورعاية الواجبات وحفظ الحقوق، وهي أشد ما تحرص عليه تعاليم السماء  ….).

نُشر بواسطة bader alhammad

من مواليد الكويت عام 1964 ، حاصل على الاجازة الجامعية في تخصص المحاسبة عام 1988 بتقدير جيد جدا . بدء عمله في ذات العام بوظيفة محاسب بوزارة المالية وتدرج في المناصب الاشرافية كرئيس قسم التوجيه المحاسبي ثم مراقب مالي ثم مديرا لإدارة الرقابة المالية الى ان صدر به مرسوم اميري عام 2013 بتعينه وكيل مساعد بوزارة المالية حيث شغل منصب الوكيل المساعد لشئون الرقابة المالية . ثم عين بمرسوم اميري رئيسا لقطاع الرقابة المالية بجهاز المراقبين الماليين عند انشاءه في عام 2015 حيث شغل منصب رئيس قطاع الرقابة المالية للهيئات الملحقة والمؤسسات المستقلة خلال الفترة من عام 2016 حتى عام 2018، ومن ثم شغل منصب رئيس قطاع الرقابة المالية للوزارات والإدارات الحكومية في أكتوبر 2018 ، وبالإضافة الى عملة كلف بمنصب نائب رئيس الجهاز بالوكالة في نهاية ديسمبر 2018 حتى نوفمبر 2019.، وحاليا كاتب رأي ومتخصص في شئون المالية العامة في صحيفة الانباء الكويتية. كما شغل العديد من المناصب الأخرى محليا وخارجيا فكان عضو مجلس إدارة بنك الائتمان الكويتي، وعضو مجلس المدراء التنفيذيين للبنك الإسلامي للتنمية IDB و مجلس المديرين التنفيذيين لصندوق التضامن الاسلامي ISFD و مجلس المديرين التنفيذيين للمؤسسة الاسلامية لتامين الاستثمار وائتمان الصادرات ICIEC . هذا وقد شارك في العديد من اللجان منها الإدارية والفنية ولجان تقصي الحقائق و التحقيق محليا وخارجيا ، وله العديد من الآراء والاجتهادات الفنية التي اثرى بها العمل في مجال الرقابة المالية باعتباره احد مؤسسي نظام الرقابة المالية المسبقة بدولة الكويت ، وقد اصدر له جهاز المراقبين الماليين كتابه الأول في عام 2017 بعنوان ( بعض المسائل الفنية في قضايا الرقابة المالية ).

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: