صحيفة الانباء 22 مارس 2021
تناولت بعض وسائل الاعلام صدور قرار بإعادة توزيع الجهات الحكومية بين الوزراء وفقا للمسميات الجديدة، وعلى الرغم من عدم صدور مراسيم تنفيذية بهذا الشأن حتى كتابة هذه المقالة الا ان خبر صدور مثل هذا القرار قد واجه بعض الانتقادات منها ما يمكن ان يوصف بانها حادة نسبيا، خاصة من بعض الأطراف المعنية كما حدث مع قطاع التعليم مؤخرا، والمتمثّل بهيئة التدريس لدى الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب.
ولكي يمكن تقييم مثل هذا القرار يجب النظر الى هذه المسألة من زاويتين، الأولى وهي من حيث الشكل فمرسوم نقل التبعية من وزير الى وزير في رأيي سيكون صدوره متسقا مع القانون، فالمرسوم بقانون رقم (116) لسنة 1992 أجاز نقل التبعية أو الإشراف أو الإلحاق المنصوص عليه في القانون المنظم لأي هيئة أو مؤسسة عامة أو إدارة مستقلة بمرسوم، وبالتالي من الناحية الشكلية فان قرار نقل التبعية في حال صدوره سيعتبر سليما قانونا.
اما الزاوية الاخرى وهي الاهم في نظري فتتعلق بموضوعية هذا القرار، والذي برأيي يحق لاي طرف معني في هذه المسالة ان يبدي وجهة نظره بشأنها طالما جاء رايه وفقا لأسس موضوعية، هذا وان جاء القرار في سياقه القانوني كما اوضحناه سالفا، فأنا على سبيل المثال في حال صدور مرسوم بنقل جهاز المراقبين الماليين من وزير المالية الى وزير العدل ووزير الدولة لشئون تعزيز النزاهة حسب ما زعمت وسائل الاعلام، فلن اتفق مع هذا القرار من وجهة نظر متخصص في هذا الشأن، وعدم الاتفاق هذا يأتي بالتأكيد لأسباب موضوعية.
اولا لم اجد علاقة موضوعية وثيقة بين جهاز المراقبين الماليين ووزير العدل ووزير الدولة لشئون تعزيز النزاهة ، كالعلاقة الموضوعية بين الجهاز ووزير المالية ، فجهاز المراقبين الماليين يعتبر جهاز رقابي يعنى بشكل أساسي بتحقيق الرقابة المالية المسبقة على التصرفات المالية المتعلقة بالميزانية العامة للدولة ، هذا وان ورد باختصاصات الجهاز مصطلحات تتعلق بالشفافية والنزاهة ، الا انه لا يمكن التعويل على ذكر مثل تلك المصطلحات لتبرير نقل تبعية الجهاز ، فالشفافية والنزاهة هنا مقصورة على الإجراءات المالية ولا تمتد الى مفهومها المطلق ، والا اصبح هناك تعارض فيما بين اختصاصات الجهاز واختصاصات الهيئة العامة لمكافحة الفساد (نزاهة) .
الامر الآخر يتعلق بوظيفة الرقابة المالية حيث انها في الأصل هي وظيفة مالية ويقوم بالإشراف عليها وزير المالية ، ويأتي ذلك وفق التصنيف الوظيفي الحكومي للأمم المتحدة ( COFOG ) و المعتمد من قبل صندوق النقد الدولي ، كما وردت تلك الوظيفة أيضا بدليل إحصاءات مالية الحكومية (GFSM2001) والذي تبنّته دولة الكويت ، وبالتالي من حيث الوظيفة فهي تختلف عن الوظيفة المناطة بوزير العدل والهيئة العامة لمكافحة الفساد (نزاهة) ، كما ان احكام المرسوم بقانون رقم (31) لسنة 1978 بشأن قواعد اعداد الميزانيات العامة والرقابة عليها والحساب الختامي ، قد اكدت بان أنشطة التدقيق والرقابة المالية مناط تنظيمها من قبل وزير المالية دون غيره من الوزراء .
لذا هل سيكون نقل تبعية جهاز المراقبين الماليين لوزير العدل دون غيره من الأجهزة المعنية بالرقابة في سياقة الموضوعي؟
في رأيي لا اعتقد ذلك، لذا فما هي مبررات عدم نقل قطاع مراقبي شئون التوظف بديوان الخدمة المدنية، وهو المعني بالرقابة الإدارية على الجهات الحكومية والذي يتصدى للفساد الإداري، وكذلك عدم نقل تبعية جهاز متابعة الأداء الحكومية المناط به متابعة أداء الجهات الحكومية ماليا واداريا، حسب ما زعمت بعض وسائل الاعلام.
لذا اتمنى ان يكون هناك توضيحا للمبررات الموضوعية قبل صدور أي قرار في هذا الشأن حتى يتمكن المختصين من فهم واستيعاب أهدافه ومقاصده.