ماذا بعد انهاء المراسيم بدرجة (وزير)؟

صحيفة الانباء في 31 يناير 2021

https://alanba.com.kw/1020888

بعد سنوات من اثارة موضوع تعيين بعض قياديي الدولة على درجة (وزير) ،أسدل الستار على الإجراءات لمعالجة هذا الموضوع وذلك بصدور المرسوم رقم 3 لسنة 2021 بإنهاء العمل بالمراسيم الصادرة بالتعيين بدرجة (وزير) ، والذي جاء فيه بإنهاء العمل بالمراسيم الصادرة بالتعيين بهذه الدرجة اعتبارا من 31/1/2021 بناء على توصية من مجلس الخدمة المدنية، الا ان المرسوم لم يحدد المعالجة للدرجة في التعيين لمثل تلك الوظائف مستقبلا .

ويأتي هذا المرسوم بعد جدل قانوني في الفترة الماضية حول مدى قانونية التعيين على درجة (وزير) ، ولعل من أفضل ما كتب في هذا الموضوع هو نائب رئيس مجلس الأمة الاسبق السيد / مشاري العنجري بصحيفة القبس في أكتوبر من عام 2019 في سياق ملاحظاته الدستورية والقانونية من تزايد صدور المراسيم التي تصدر بالتعيين في بعض الوظائف بدرجة (وزير) في عدد من الجهات الحكومية.

وقد اجاز نائب رئيس مجلس الأمة الاسبق في رايه القانوني المعاملة المالية كوزير لا الدرجة الوظيفية، هذا كما لم يغفل في رايه القانوني الحلول لمعالجة المراسيم الصادرة بتعيين بدرجة (وزير).

لذا لن اخوض في الجانب القانوني لهذا الموضوع في ظل وجود راي قانوني واضح ومعتبر من الناحية القانونية، لكن ما اود ان اطرحه هنا هو الجانب الذي يقع في مجال اختصاصي والمتمثل بالانعكاسات المالية لهذا الراي القانوني وللمرسوم رقم 3 لسنة 2021 بإنهاء العمل بالمراسيم الصادرة بالتعيين بدرجة وزير.

ففي رأيي ان التعيين بدرجة (وزير) له أسباب، الأول يتعلق بالجانب المالي وهو ما يتقاضاه الوزير من استحقاقات مالية سواء كانت نقدية او عينية، حيث ان الاستحقاقات المالية لتلك الدرجة كانت من أفضل الاستحقاقات المالية التي يمكن تقاضيها بالدوائر الحكومية، والسبب الثاني هو الجانب البروتوكولي الذي يتميز به شاغل هذه الدرجة الوظيفية عن غيره من شاغلي الوظائف الحكومية الأخرى، اما السبب الثالث والأخير هو لتجاوز موضوع السن المقرر لإحالة شاغلي الوظائف العامة للتقاعد، وهذا يتسق الى حد كبير مع راي نائب رئيس مجلس الأمة الاسبق.

والمعينين على درجة (وزير) أنواع، الأول من ليس لهم وحدات إدارية يشرفون عليها كالمستشارين المعينين بدرجة (وزير)، وهم يعاملون ماليا معاملة الوزير وقد تم التبرير لتلك المعاملة الى ما نص عليه الدستور بالمادة 124 منه، وبناء عليه صدر القانون رقم 15 لسنة 1962 لتحدد مرتبات رئيس مجلس الوزراء والوزراء، ثم عدلت المرتبات بما يتلاءم مع ظروف الزمن حتى وصل مرتب الوزير إلى 2310 د.ك.

ثم بعد ذلك صدر قرار مجلس الخدمة المدنية رقم 20 لسنة 2014 والذي حدد اجمالي المرتب الشهري لشغل وظيفة درجة (وزير) وهو 6000 دينار دون علاوة الأولاد ، وبقرار مجلس الخدمة المدنية هذا لم يعد الجانب المالي مبررا للتعيين بدرجة وزير ، فبعدما كان التأسيس لتحديد رواتب تلك الدرجة القانون رقم 15 لسنة 1962وتعديلاته والذي لم يعد مناسبا تم اصدار قرار من مجلس الخدمة المدنية في هذا الشأن ، الامر الذي اخرج تلك الدرجة (وزير) من مظلة التشريعات المنظمة للاستحقاقات المالية للوزراء الى مظلة التشريعات المنظمة للوظائف العامة ممثلة بالمرسوم بقانون 15 لسنة 1979 .

وبعد صدور المرسوم رقم 3 لسنة 2021 بإنهاء العمل بالمراسيم الصادرة بالتعيين بدرجة (وزير) ، فانه لم يعد يمكن التعيين الا بالدرجات القيادية المقررة بالمرسوم بقانون 15 لسنة 1979 في شان الخدمة المدنية، واعلى درجة فيها هي الدرجة (الممتازة) والمقرر راتبها الشامل بدون علاوة أولاد بـ 5000 دينار وفقا لقرار مجلس الخدمة المدنية رقم 10 لسنة 2012 ، وفيما يتعلق بالمميزات التي كانت مقرره لدرجة (وزير) فسيتم الغائها  كمنح سيارة له كل سنتين ، ويستبدل بذلك ببدل نقدي شهري عوضا عن السيارة ، كما ستخفض مخصصات السفر  المقررة لدرجة (وزير) ، هذا بالإضافة الى التعديلات المقررة كاستحقاقات عن مكافئات الاعمال الممتازة ، كل ذلك في حال عدم اصدار اية قرارات بخلاف الاحكام المقررة لهذه الدرجة ( الممتازة ) كما تفضل به نائب رئيس مجلس الأمة الاسبق في رايه القانوني المشار اليه وفقا للمادة 14 و 15 من بالمرسوم بقانون 15 لسنة 1979في شان الخدمة المدنية .

النوع الثاني هم رؤساء بعض الجهات الحكومية ممن نصت قوانين انشائها او المنظمة لها على صدور مراسيم بتعيينهم بمسمياتهم الوظيفية المذكورة بالقانون (رئيس، مدير عام …. الخ) ولم ينص صراحة على الدرجة الوظيفية له بالقانون، وبعد صدور المرسوم رقم 3 لسنة 2021 بإنهاء العمل بالمراسيم الصادرة بالتعيين بدرجة (وزير)، فان هذا النوع من الوظائف يفترض ان يصدر بهم مراسيم وفقا للمسميات الوظيفية المنصوص عليها بقوانين انشائها او المنظمة لها، مما سيفقدون كل ما هو مقرر لهم بدرجة (وزير) من مميزات نقدية او عينية، ويبقى على ما هو مقرر لهم وفقا لقانون انشائها او المنظم لها.

النوع الثالث هم رؤساء بعض الجهات الحكومية ممن نصت قوانين انشائها او المنظمة لها على صدور مراسيم بتعيينهم بدرجة (وزير ) ، وهنا يستلزم تعديل تشريعي على تلك القوانين لإلغاء درجة الوزير بما يتسق مع احكام المرسوم رقم 3 لسنة 2021 بإنهاء العمل بالمراسيم الصادرة بالتعيين بدرجة (وزير ) ، حيث لا يمكن التعديل على تلك القوانين بمراسيم وانما بذات الأداة التشريعية التي صدرت بها ، وهذا النوع من رؤساء بعض الجهات الحكومية سيفقد كل ما هو مقرر له بدرجة (وزير ) من مميزات نقدية او عينية ، ويبقى على ما هو مقرر له وفقا لقانون انشائها او المنظم لها.

وبلا شك سوف تبرز بعض الإشكاليات المتعلقة بالمسميات الوظيفية لرؤساء بعض الجهات الحكومية في النوع الثاني والثالث، وذلك بالنسبة لكيفية المعادلة الوظيفية لهم (الممتازة، وكيل وزارة)، خاصة في ظل وجود مسميات ومستويات ادارية متقاربة في تلك الجهات، وعلى سبيل المثال لا الحصر الهيئة العامة لمكافحة الفساد فللهيئة رئيس وامين عام فكيف يتم معادلة تلك الوظائف وفقا للوظائف العامة.

ويبقى على عاتق مجلس الخدمة المدنية معالجة تلك الإشكاليات والموجودة في أكثر من جهة حكومية، مع الاخذ بعين الاعتبار مدى قانونية صدور مرسوم بتحديد الدرجة الوظيفية لرئيس الجهة او غيره على الرغم من عدم النص عليها صراحة بقوانين انشائها او المنظمة لها، او تسمية قياديين ممن ينظم شئونهم الوظيفية قوانين خاصة ويتمتعون بمميزات وفقا لقوانينهم الخاصة بالإضافة الى ما يقرر لهم وفق قانون وقرارات الخدمة المدنية كتعيين طبيب او عسكري بوظيفة قيادية، خاصة وان احكام قانون الخدمة المدنية لا تسري على العسكريين على سبيل المثال.

نُشر بواسطة bader alhammad

من مواليد الكويت عام 1964 ، حاصل على الاجازة الجامعية في تخصص المحاسبة عام 1988 بتقدير جيد جدا . بدء عمله في ذات العام بوظيفة محاسب بوزارة المالية وتدرج في المناصب الاشرافية كرئيس قسم التوجيه المحاسبي ثم مراقب مالي ثم مديرا لإدارة الرقابة المالية الى ان صدر به مرسوم اميري عام 2013 بتعينه وكيل مساعد بوزارة المالية حيث شغل منصب الوكيل المساعد لشئون الرقابة المالية . ثم عين بمرسوم اميري رئيسا لقطاع الرقابة المالية بجهاز المراقبين الماليين عند انشاءه في عام 2015 حيث شغل منصب رئيس قطاع الرقابة المالية للهيئات الملحقة والمؤسسات المستقلة خلال الفترة من عام 2016 حتى عام 2018، ومن ثم شغل منصب رئيس قطاع الرقابة المالية للوزارات والإدارات الحكومية في أكتوبر 2018 ، وبالإضافة الى عملة كلف بمنصب نائب رئيس الجهاز بالوكالة في نهاية ديسمبر 2018 حتى نوفمبر 2019.، وحاليا كاتب رأي ومتخصص في شئون المالية العامة في صحيفة الانباء الكويتية. كما شغل العديد من المناصب الأخرى محليا وخارجيا فكان عضو مجلس إدارة بنك الائتمان الكويتي، وعضو مجلس المدراء التنفيذيين للبنك الإسلامي للتنمية IDB و مجلس المديرين التنفيذيين لصندوق التضامن الاسلامي ISFD و مجلس المديرين التنفيذيين للمؤسسة الاسلامية لتامين الاستثمار وائتمان الصادرات ICIEC . هذا وقد شارك في العديد من اللجان منها الإدارية والفنية ولجان تقصي الحقائق و التحقيق محليا وخارجيا ، وله العديد من الآراء والاجتهادات الفنية التي اثرى بها العمل في مجال الرقابة المالية باعتباره احد مؤسسي نظام الرقابة المالية المسبقة بدولة الكويت ، وقد اصدر له جهاز المراقبين الماليين كتابه الأول في عام 2017 بعنوان ( بعض المسائل الفنية في قضايا الرقابة المالية ).

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: