صحيفة الانباء 9 ديسمبر 2020
ان ما أفصح عنه نائب رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لبنك الائتمان الكويتي في لقائه الأخير، من ان هناك أخطار تتعلق باستدامة تقديم البنك لخدماته للمواطنين، في حال عدم توافر الموارد المالية اللازمة لتقديم مثل تلك الخدمات، وان كان هذا الامر منطقيا الا ان ذلك لا يتعلق بالبنك فقط وانما يتعلق أيضا بكافة الجهات والمؤسسات الحكومية باعتبار ان الموارد المالية هي المحرك الأساسي لأنشطتها.
فاذا لم تتوافر الاعتمادات المالية اللازمة للجهات الحكومية فلن تستطيع تلك الجهات ان تقوم بمهامها وتقدم خدماتها، فعلى سبيل المثال لن تتمكن وزارة التعليم العالي من الاستمرار في ابتعاث الطلبة، كما لن تتمكن جامعة الكويت ولا الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب من استيعاب قبول الطلبة بمعدلات نموها السنوي الطبيعة، وغيرها من الجهات الحكومية.
لذلك جاءت رؤية الكويت 2035 لتستهدف تطوير الاقتصاد الكويتي لتحقيق التنوع به بهدف الحد من اعتماد الدولة الرئيسي على العائدات من صادرات النفط، مما يمكنها من الاستمرار وديمومة تقديم الخدمات للمواطنين والمحافظة على مستوى جودتها.
ولعل ما يعيق تحقيق ركائز رؤية الكويت أسباب عديده، ومن أهمها ما أفصح عنها نائب رئيس مجلس الإدارة المدير العام لبنك الائتمان الكويتي بشكل او باخر من ان التدخلات السياسية تؤثر على استقرار عمل الجهات والمؤسسات الحكومية ومن ثمة تأثر على استمرارية العمل بها.
طبعا في رأيي ان هذا كان نتيجة طبيعية بسبب القوانين والمقترحات التي يغلب عليها الطابع الشعبي لا المصلحة العامة، والتي كانت من اثارها عدم قدرة مؤسسات الدولة على الاستمرار في تقديم مثل تلك الخدمات، حيث لم تراعي القوانين والمقترحات تلك محدودية دخل الموازنة العامة للدولة، لاعتمادها على مورد واحد وناضب.
هذا وأكثر مؤسسات الدولة تأثرا بتبعات تلك القوانين والمقترحات هي الجهات الحكومية ممثلة بالوزارات والإدارات الحكومية، وذلك باعتبار انها تمول بشكل كامل من الموازنة العامة للدولة، وكذلك الهيئات ذات الميزانية الملحقة لمحدودية الإيرادات الذاتية لها.
اما المؤسسات المستقلة والتي تتمتع باستقلالية مالية وإدارية وتمارس نشاطها بشكل تجاري الى حد كبير كبنك الائتمان الكويتي، ففي رأيي سوف تكون اقل تأثرا بالإجراءات التي تبنتها وزارة المالية مقارنة مع الوزارات والإدارات الحكومية والهيئات ذات الميزانية الملحقة ، مما يقلل حجم التخوفات التي طرحها نائب رئيس مجلس الإدارة المدير العام لبنك الائتمان الكويتي.
فلا أتصور ان يكون توجه وزارة المالية بعدم تلبية طلبات الجهات المستقلة المتعلقة بشان زيادة رؤوس أموالها يسري على البنك، حيث اتوقع ان رؤية وزارة المالية في هذا الشأن تتعلق بعدم رغبتها بتمويل أي توسعات بأنشطة الجهات المستقلة والتي تعتبر غير ضرورية ، لا بعدم تمكين المؤسسات من ممارسة نشاطها، ولا أتصور أيضا بان وزارة المالية تهدف بقرارها هذا وقف أنشطة البنك المتعلقة بمنح القروض المختلفة للمواطنين، لان توفير الرعاية السكنية من خلال تمويل القروض يتعلق بسياسة الدولة والتي هي مرتبطة بما تقرره بالتنسيق مع مجلس الامة وليس سياسة وزارة.
وبرأيي أيضا ومن خلال خبرتي العملية المتواضعة سواء من خلال عضويتي السابقة بمجلس إدارة بنك الائتمان الكويتي او حتى في المؤسسات المالية الأخرى، لا يزال البنك يملك من الملاءة المالية التي تمكنه من الاستمرار في ممارسة نشاطه على النحو المقرر بتمويل القروض المختلفة على المديين القصير والمتوسط، ولا اتفق مع الطرح الذي مفاده بانه في حال عدم إقرار بدائل تمويلية للبنك في أسرع وقت، سيُعاد النظر في استمرار منح بعض القروض النوعية التي يقدمها البنك.
فبنك الائتمان يتمتع بمركز مالي متين يمكنه من الصمود، كما ان حجم راس مال البنك يجعله يتحمل الضغط على المدى القصير والمتوسط ايضا، والبنك وفقا لقانون انشاءه يملك ان يقترض من الحكومة او بضمانها مبالغ لا تجاوز ضعف راس المال، كما له ان يصدر سندات قروض، علما بانه تمت زيادة راس مال البنك أكثر من مرة حتى بلغ 3 مليار دينار، هذا وطرح البنك سندات بقيمة 500 مليون دينار بما يمثل 17% من راس المال، ومن جانب اخر ان القروض التي تمنح من قبل البنك هي بضمان الحكومة حتى صدور وثائق التملك للمقترض.
كما ان تقارير البنك المالية تشير الى ان أداء البنك ايجابي، فاستطاع البنك تنمية ايراداته على الرغم من تراجع أسعار النفط عالمياً، هذا ما صرح عنه البنك مؤخرا عن تحقيقه لصافي أرباح بلغت 73 مليون دينار تقريبا خلال السنة المالية 2019/2020 بزيادة قدرها 13 مليون دينار تقريبا عن الأرباح المحققة خلال السنة المالية السابقة.
وعليه يتضح مدى الملاءة المالية للبنك وكفاية رأسماله وجودة اصوله، والتي تمكنه من الاستمرار في ممارسة نشاطه في تمويل القروض المختلفة، هذا اخذين بعين الاعتبار بان منظومة الرعاية السكنية بالدولة تعتبر متكاملة، وتأتي وفق السياسات العامة للدولة والتي يضعها مجلس الوزراء وفقا لاختصاصاته، فمن غير المنطقي ان تقوم الدولة بتوفير أراضي سكنية للمواطنين وفي نفس الوقت لا توفر لهم التمويل الاسكاني اللازم من خلال بنك الائتمان الكويتي!