صحيفة الانباء 15نوفمبر 2020
العناوين الرئيسية:
- وزارة المالية تواجه معضلة في كيفية تسوية مصروفات العهد الخاصة بأزمة كورونا في حسابات وزارة المالية – الحسابات العامة –.
- قرار تحمل وزارة المالية التبعات المالية المتعلقة بمواجهة فيروس كورونا يتنافى مع سياسة اللامركزية بالميزانية.
- تحميل ميزانية وزارة المالية بتكاليف أزمة كورونا لا يتسق مع مرسوم انشاء وزارة المالية.
- اي تصرفات مالية مشوبة تتعلق بميزانية جائحة كورونا فسوف يتحملها وزير المالية بصفته الوزير المعني بتلك الميزانية.
تناولت بعص المصادر الصحفية من ان وزارة المالية تدرس خيارات لتدقيق مستندات صرف وتسوية ميزانية مواجهة تداعيات انتشار جائحة كورونا، والبالغة 500 مليون دينار.
كما اشارت تلك المصادر بان معظم تلك الميزانية قد صُرفت على حساب العهد من قبل 11 جهة حكومية، وذلك استنادا على قرار مجلس الوزراء القاضي بتحمل وزارة المالية – الحسابات العامة – التكاليف المالية المترتبة لاستئجار مقار الحجر الصحي والمصروفات المترتبة عليها مع احتياجات الجهات الحكومية كافة من مستلزمات سلعية ومعدات وغيرها لمواجهة فيروس كورونا، خصماً من ميزانيتها.
وتواجه وزارة المالية معضلة في كيفية تسوية تلك المبالغ في حسابات وزارة المالية (الحسابات العامة) نظرا لحجم المبالغ المنصرفة والمستندات الخاصة بها.
وفي رأيي بان قرار مجلس الوزراء سالف الذكر والقاضي بتحمل وزارة المالية (الحسابات العامة) التكاليف المالية المتعلقة بمواجهة فيروس كورونا، خصماً من ميزانيتها ليس في محلة ولأسباب عديدة منها:
أولا :ان قرار تحمل وزارة المالية التبعات المالية المتعلقة بمواجهة فيروس كورونا يتنافى مع الاتجاهات الحديثة التي انتهجتها الإدارة المالية للدولة منذ السبعينيات من القرن الماضي والمتمثلة بالتحول من مركزية الموازنة والصرف الى اللامركزية، وكان آخر القرارات في هذا الاتجاه الغاء مركزية الصرف للمهمات الرسمية، ومصروفات الضيافة، ومصروفات شراء المقرات التابعة للجهات الحكومية بالخارج، ومصروفات الدورات التدريبية.
ثانيا : ان الغاء المركزية يتسق مع احكام الدستور المتعلقة بمسئوليات كل وزير واشرافه على شؤون وزارته، وعلى وجه الخصوص مسئولية الوزير امام مجلس الأمة عن أعمال وزارته، كما ان تبعات قرار مجلس الوزراء قد يجعل تلك المسئولية مشاعة بين وزير المالية والوزراء الاخرين المعنيين بالصرف من ميزانية مواجهة تداعيات انتشار جائحة كورونا.
ثالثا : ان تحميل ميزانيات الجهات المعنية بتكاليف الصرف الخاصة مواجهة تداعيات انتشار جائحة كورونا تأتي تنفيذا للتشريعات المنظمة لأعمال تلك الجهات ومن أهمها قوانين ومراسيم انشاءها، فتحميل ميزانية وزارة المالية بتلك التكاليف لا يتسق مع مرسوم انشاء وزارة المالية من جهة، ولا يتسق مع قوانين ومراسيم الجهات الحكومية الأخرى المعنية.
رابعا : بموجب قرار مجلس الوزراء المشار اليه فان اي تصرفات مالية مشوبة تتعلق بميزانية مواجهة تداعيات انتشار جائحة كورونا سوف يتحملها وزير المالية تجاه الأجهزة الرقابية بصفته الوزير المعني بتلك الميزانية ، خاصة وان بعض التشريعات والقرارات التنفيذية لها تحمله المسئولية بشكل مباشر ،وعلى سبيل المثال المادة 14 من قانون انشاء جهاز المراقبين الماليين رقم 23 لسنة 2015 والمتعلقة بامتناع المراقب المالية عن توقيع الاستمارة في حال عدم توافقها للقوانين والقرارات والتعليمات المالية وبعد استيفاء المستندات المؤيدة ، ولا يتم تمرير تلك الاستمارة الى بتوقيع الوزير وعلى مسئوليته.
خامسا : عدم وجود القدرة البشرية والنوعية لدى وزارة المالية (الحسابات العامة) للتدقيق على مصروفات ميزانية مواجهة تداعيات انتشار جائحة كورونا، خاصة وان بعض تلك المصروفات تتميز بانها ذات طبيعة فنية خاصة تتعلق بطبيعة الجهات التي قامت بتنفيذها ولا يمكن لوزارة المالية التعامل معها.
سادسا : ان مصروفات ميزانية مواجهة تداعيات انتشار جائحة كورونا قد خضعت للأنظمة الرقابية المختلفة بالجهات الحكومية المعنية بما في ذلك الأجهزة الرقابية الخارجية كديوان المحاسبة وجهاز المراقبين الماليين، وان تحميلها وزارة المالية (الحسابات العامة) سوف يترتب عليها إعادة عرضها على الانظمة الرقابية المشار اليها قانونا، باستثناء ديوان المحاسبة (الرقابة المسبقة)، ولا يمكن الغاء عرضها مرة أخرى بسبب استقلالية الأنظمة الرقابية.
سابعا : ان التفكير بتكليف وزير المالية لجهاز المراقبين الماليين باعتماد وفحص جميع المستندات المؤيدة للصرف، استناداً للمادة 9 من القانون رقم 23 لسنة 2015 بإنشاء الجهاز ، فان هذا التفكير ليس في محلة لا من الناحية القانونية ولا من الناحية الفنية الموضوعية ، وأتمنى ان لا يقع وزير المالية بذات الاخطاء الذي وقعوا به زملاءه السابقون من وزراء المالية عندما تم تكليف جهاز المراقبين الماليين بتدقيق مصروفات علاج المواطنين بالخارج ومطالبات المواطنين عن كوارث السيول والامطار وذلك لسبب جوهري وهو انه لا يمكن لوزير المالية ان يكلف المراقبين الماليين بأعمال هي بالأصل من صميم أعمالهم والتي هي منظمة بالقانون ولائحته التنفيذية ، حيث ان المادة رقم 9 المشار اليها تتعلق بجواز تكليف وزير المالية الجهاز بالرقابة على أية جهة أخرى أو أعمال يرى ضرورة رقابة الجهاز عليها ، وليس تكليفهم بذات الاعمال التي يقومون بها المراقبين الماليين .
هذا وسوف أوضح مسألة مدى جواز تكليف جهاز المراقبين الماليين بمراجعة مستندات صرف الجهات الحكومية خارج الدورة المستندية للنظام المالي في موضوع مستقل مستقبلا لتوضح وجهة نظرنا الموضوعية في هذه المسالة.
لذا فان الأسلوب الأمثل لمعالجة المعضلة التي تواجه وزارة المالية في تسوية مصروفات ميزانية مواجهة تداعيات انتشار جائحة كورونا، هو بان يتم إعادة النظر في قرار مجلس الوزراء القاضي بتحمل وزارة المالية (الحسابات العامة) مصروفات مواجهة فيروس كورونا، هذا على ان تتحملها ميزانية الجهات المعنية من خلال تعزيز ميزانيتها، وان تطلب ذلك إعادة النظر في توزيع الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2021/2020.