صحيفة الانباء 22 سبتمبر 2020
العناوين الرئيسية:
- الميزانية العامة لا تعد وفق المادة 140 من الدستور ولا تشتمل على كل إيرادات الدولة ومصروفاتها
- يجب إعادة النظر في التشريعات القائمة وإعداد المركز المالي للدولة لتحقيق مزيد من الشفافية والحوكمة
ناقش مجلس الامة في جلسة سرية الحالة المالية للدولة وفقا لنص المادة 150 من الدستور، والتي تلزم الحكومة بان تقدم الى مجلس الامة بيانا عن الحالة المالية للدولة مرة على الأقل خلال كل دور من أدوار انعقاده العادية.
ويتزامن تقديم هذا البيان عادة مع مناقشة الميزانية العامة للدولة في الجلسة العامة، حيث انه وفقا للمادة 140 من الدستور ألزمت بان تعد الدولة مشروع الميزانية السنوية الشاملة لإيرادات الدولة ومصروفاتها وتقدمه إلى مجلس الأمة قبل انتهاء السنة المالية بشهرين على الأقل، لفحصها وإقرارها.
وعلى الرغم من ان الميزانية العامة للدولة لا تعد وفق المادة 140 من الدستور، حيث انها في حقيقة الامر لا تشتمل على كافة إيرادات الدولة ومصروفاتها، وهذا ما أفصح عنه بعض أعضاء مجلس الامة في جلسة المناقشة الأخيرة، حيث افاد أحدهم بان الحكومة تعمل على تجزئة الميزانية وبالتالي لا يمكن معرفة مركز الكويت المالي، لا بل حتى رئيس الحكومة ووزير المالية لا يعرفان الوضع الحقيقي للوضع المالي للدولة – حسب تعبيره.
والآخر افاد بان مصروفات تسليح وزارة الدفاع وميزانيتها البالغة 3.5 مليار كانت خارج إطار الميزانية، ولكن لم يتم تضمين مشروع قانون الميزانية العامة لميزانية التسليح لإحكام الرقابة عليها، حيث وعدت الحكومة بإرسال مشروع بقانون لتضمين مصروفات التسليح ضمن إطار الميزانية ولم يتم ذلك.
الا انه كان من الحصافة ان تقدم الحكومة بيانا عن الحالة المالية للدولة بما يتسق مع المادة 140 من الدستور، من خلال تقديم قائمة بالمركز المالي للدولة، والتي تعتبر بيان يساهم في توضيح المركز الماليّ لها، وبموجب هذا البيان يتم توضيح طبيعة الأصول التي تمتلكها الدولة وتوزيعها ، والالتزامات المترتبة عليها، والمبالغ المتبقية لها بعد دفع قيمة الالتزامات، وهي بمثابة الميزانية العمومية الشاملة للدولة والتي تتضمن كافة المصروفات والايرادات واصول الدولة والتي توضح الصورة الحقيقية للموقف المالي للدولة.
ومن خلال اعداد المركز المالي للدولة على النحو المذكور ووفق المعايير الدولية المتعارف عليها في هذا الشأن ، ستكون الصورة واضحة لمجلس الامة فيما إذا كان يتطلب الامر من الدولة اللجوء الى قانون الدين العام لسد العجز المالي في الميزانية العامة للدولة من عدمه، كما سيحدد الخيارات والبدائل المناسبة لتوفير السيولة المناسبة للدولة ، وتحديد كلفتها مقارنة مع عائد استثمار أصول الدولة في حالة كان تسييل الأصول أحد تلك الخيارات ، خاصة في ظل وجود تقارير صحفية تفيد بان الصندوق السيادي للدولة يمتلك سيولة تقدر بـ 30 مليار دينار .
لذا في سبيل تحقيق ذلك يجب إعادة النظر في التشريعات القائمة بما يتيح اعداد مثل هذا المركز المالي، والذي يقدم ضمن الحالة المالية للدولة لتحقيق مزيدا من الشفافية والحوكمة، وبما يتسق مع المادة 140 من الدستور، وان تطلب ذلك تعديل احكام القانون رقم 47 لسنة 1982 بشأن انشاء الهيئة العامة للاستثمار.
علما بان بعض الجهات الحكومية تقوم بإعداد أكثر من ميزانية لها، كميزانية تشغيلية والتي تدرج ضمن الميزانية العامة للدولة، وميزانية النشاط الخاص بالجهة والتي لا تدرج ضمن الميزانية العامة للدولة، وهي من الممارسات المطبقة في العديد من الجهات الحكومية، كميزانية أموال القصر بالهيئة العامة لشئون القصر وميزانية أموال الوقف بالأمانة العامة للأوقاف، وميزانية الزكاة في بيت الزكاة وغيرها من الجهات.
ومن أفضل الممارسات الدولة المتعلقة بالصناديق السيادية الصندوق السيادي النرويجي المنشأ في عام 1990 والذي يعد الأكبر بالعالم، وتقوم وحدة الاستثمار في المركزي النرويجي، بإدارة الصندوق نيابة عن وزارة المالية، التي تمتلكه باسم الشعب النرويجي.
ويتمتع هذا الصندوق بالشفافية العالية فيما يخص سياسة الاستثمار لهذا الصندوق ،وتركز استثماراته سواء على مستوى الشركات او الدول، وكذلك ما يخص طبيعة تلك الاستثمارات ونسبها سواء كانت أسهم او سندات او عقارات، تلك السياسات التي تمكّن الصندوق من تحقيق أعلى عائد ممكن، ضمن إطار السياسات التي تحددها وزارة المالية النرويجية.
وأحد المبادئ الأساسية التي تقوم عليها السياسة المالية النرويجية، هو ما يسمى بقاعدة الميزانية، حيث لا يسمح للإنفاق الحكومي بتخطي سقف العائدات الحقيقية المتوقعة للصندوق، والتي تقدّر عادة بنحو 3-4%. ، وقد تصدّر الصندوق السيادي النرويجي مؤشر لينابورج مادويل للشفافية، الذي يقيس شفافية الصناديق السيادية العالمية، حيث حصل على كامل النقاط العشر على سلم المؤشر.