صحيفة الانباء 1 سبتمبر 2020
اقر مجلس الامة مؤخرا قانون حق الاطلاع على المعلومات اتساقا مع الاتفاقية الدولية التي صادقت عليها دولة الكويت بموجب قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة المنعقدة في أكتوبر 2003، وجاء هذا الإقرار انسجاما مع استراتيجية الدولة في تنفيذ برنامج الحوكمة والنزاهة الذي اعتمد في عام 2008.
وعلى الرغم من ان إقرار هذا القانون جاء متأخرا، الا ان تأتي أهمية مثل هذا القانون الان الى تعزيز حق المواطن في اشراكه بالمعلومات انطلاقا من معايير الشفافية والحوكمة، والتي هي أيضا تعزز مصداقية الادارة الحكومية، لأنها هي السبيل لإثبات ادارتها الحكيمة من خلال مؤسساتها المختلفة.
وما لفت انتباهي في هذا القانون هو ان المشرع قد أكد على أهميته لاستكمال تشريعات الدولة المتعلقة باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ومنها صدور القانون رقم (2) لسنة 2016 في شأن إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد والأحكام الخاصة بالكشف عن الذمة المالية، الا ان ما جاء في طيّات هذا القانون من جوانب تستلزم الوقوف عند بعضها.
فلقد أشارت المذكرة الإيضاحية للقانون الى قانون انشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد ، الا انني لم اجد أي دور واضح للهيئة في هذا القانون ، فلا توجد اية إشارة للهيئة لا في توطئة القانون ولا ضمن احكامه ، حيث قصر المشّرع في هذا القانون على النيابة العامة دون غيرها ، اختصاص التحقيق والتصرف والادعاء في جميع الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون وفقا لما جاء بالمادة 15 من القانون ، فكان من المناسب ان يكون لهيئة مكافحة الفساد دور في هذا القانون ،خاصة وان الهيئة وفقا لقانون انشاءها تعنى في إرساء مبدا الشفافية والنزاهة في المعاملات الاقتصادية والإدارية بما يكفل تحقيق الإدارة الرشيدة ، علما من بان الهيئة العامة لمكافحة الفساد (نزاهة) قد أعربت عن ارتياحها الكامل لإقرار مجلس الأمة مشروع قانون تنظيم حق الاطلاع على المعلومات،
ان الأصل في التشريع بان يكون حق الاطلاع على المعلومات مشروع للأشخاص المعنيين، ووجود التشريع ما هو الا يهدف الى تنظيم هذا الحق، وتحديد الاستثناءات من تلك المعلومات التي لا يمكن الإفصاح عنها نظرا لسريتها بموجب نصوص قانونية قائمة، لا ان تحدد المعلومات الواجب اتاحتها من عدمه كما هو منصوص عليها في المادة الخامسة من القانون، والتي ذاتها أعطت الحق للجهة بتحديد المعلومات الضروري نشرها من عدمه.
ومن جانب آخر جرى العرف بان يتم العمل بالقانون من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية على ان تصدر اللائحة التنفيذية خلال فترة زمنية وعادة تكون ستة أشهر، الا ان القانون نص في مادته السابعة عشر على ان يعمل به بعد ستة شهور، أي ان العمل به مؤجل لحين نفاذ تلك الفترة.
ولم يقف هذا الموضوع الى هذا الحد، بل اوجبت المادة الرابعة من القانون على كل جهة تنظيم وتصنيف وفهرسة المعلومات والوثائق التي تتوافر لديها حسب الأصول المهنية والفنية المرعية، وتصنيف ما يجب اعتباره منها سريا ومحميا طبقا للقانون، وذلك خلال سنتين من تاريخ العمل بهذا القانون.
كما ألزمت المادة الخامسة من القانون الجهات المعنية بأن تنشر على موقعها الالكتروني خلال ثلاث سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون دليلا يحتوي على قوائم المعلومات المتاح الكشف عنها، وقد حددت بعشرة قوائم.
وبوجود تلك المدد في تلك النصوص القانونية، أتاح القانون للجهات السماح ضمنيا تأجيل تطبيق احكام قانون حق الاطلاع على المعلومات، فكأنما صدر القانون مع وقف التنفيذ لحين نفاذ المدة.