صحيفة الانباء 21 اغسطس 2020
العناوين الرئيسية :
- حجم مديونية العلاج بالخارج جاء نتيجة ارتباطات مالية خارج النظام المالي للدولة والذي فاق الاعتمادات المرصودة لها بالموازنة
- آن الأوان لإعادة النظر في النظام المحاسبي للدولة والانتقال الحقيقي إلى نظام على أساس الاستحقاق لتعزيز القدرة على توفير سجلات محاسبية أكثر دقة
كتب محرر الشئون الصحية والطبية في صحيفة واشنطن بوست بان الحكومة الكويتية مدينة ماليا لبعض المستشفيات الكبرى في الولايات المتحدة بحوالي مبلغ وقدره 700 مليون دولار – حسب زعمها – وذلك عن فواتير غير مسددة عن الرعاية الطبية للمرضى الكويتيين الموفدين للعلاج هناك.
ونظر لتراكم تلك المطالبات ونتيجة للأضرار المالية التي لحقت بالمستشفيات بسبب جائحة فايروس كورونا والتي اثرت على استدامة تلك المستشفيات، لذا لجات تلك المستشفيات الى طلب مساعدة الحكومة الامريكية لحل تلك المعضلة التي تواجهها مع المؤسسات المعنية بالدولة.
ولعل إثارة تلك المسالة ليس هي الأولى من نوعها ، فقد سبق ان أثارت الصحف المحلية ذات المشكلة في شهر مايو من عام 2018 من خلال مطالبة شركة (أتنا) الامريكية والتي بلغت ما يزيد عن 235 مليون دولار امريكي تقريبا ، حيث تعاقدت معها وزارة الصحة لتحصيل فواتير المواطنين الذين يتم علاجهم بمستشفيات الولايات المتحدة الامريكية عن طريق المكتب الصحي في واشنطن ، الامر الذي على إثر ذلك أصدر مجلس الوزراء قراره رقم 1131 لسنة 2018 والقاضي بتكليف وزارة الصحة بإدراج مبلغ 120 مليون دينار خاصة بمطالبات شركة (أتنا) والمكتبين الصحيين في فرانكفورت ولندن ضمن مشروع ميزانيتها للسنة المالية 2018 /2019 .
وبكل تأكيد سيرتفع حجم مبالغ المطالبات تلك التي اشارت لها الصحيفة الامريكية إذا ما اخذا بعين الاعتبار مستحقات المراكز الطبية في الدول الأخرى كالمملكة المتحدة وألمانيا وغيرها من الدول، الامر الذي سيكون له تبعات مالية وقانونية وسياسية.
فمن الجانب المالي إن استمرار تطبيق النظام المحاسبي النقدي المعدل من قبل الإدارة المالية العامة للدولة حتى الان ،على الرغم من تبني ذات الإدارة للنظام المحاسبي على أساس الاستحقاق من السنة المالية 2004/2005، إلا ان التطبيق العملي بعد عقد من الزمن جاء مخيبا للآمال ، وان الإعلان عن التطبيق الفعلي لنظم إدارة مالية الحكومة (GFMIS) ابتداء من الاول أبريل 2016 باستخدام تطبيقات (Oracle) جاء بعيدا عن المستهدفات الأساسية ، والتي ترتكز بشكل محوري على التحول من النظام المحاسبي النقدي المعدل الى النظام المحاسبي على أساس الاستحقاق ، والذي يهدف الى تعزيز القدرة على توفير سجلات محاسبية أكثر دقة وتكاملا وفقاً لأعلى معايير الكفاءة.
فبات من المؤكد بانه في ظل عودة أزمة ملف العلاج بالخارج إلى الواجهة مجدداً على النحو الذي اثارته صحيفة واشنطن بوست ،فإن الحساب الختامي للدولة لا يعبر تعبيرا صادقا عن المصروفات نتيجة لعدم اثبات مثل تلك المديونيات التي تكون خارج النظام المالي بسبب عيوب النظام المحاسبي المطبق حاليا ( النقدي المعدل ) ،الامر الذي لا يعكس حقيقة العجز المعلن عنه في موازنة الدولة لا في السنوات الماضية ولا الجارية ،وقد يمتد أثرها الى السنوات المالية القادمة في حال عدم معالجة الامر بالطريقة السليمة، كما ان موازنة الدولة التي قدمت مؤخرا من المؤكد انها لا تعكس حقيقة التزامات الدولة الواجبة السداد، لذا فإننا امام إشكالية في مدى مصداقية البيانات المالية للدولة والتي اكد عليها ديوان المحاسبة بشكل او بآخر في تقريره المنشور عن السنة المالية 2016/2017 .
ومن الجانب القانوني لتلك المسالة تمثل في ان حجم مديونية العلاج بالخارج جاءت نتيجة لارتباطات مالية خارج النظام المالي للدولة، والذي فاق الاعتمادات المالية المرصودة بالموازنة العامة لهذا الغرض، مما يشكل تجاوزا صريحا لأحكام الدستور في هذا الشأن.
اما فيما يتعلق بالجانب السياسي، فخارجيا تمثل في تناول ملف ازمة مديونية العلاج بالخارج في أروقة وزارة الخارجية الامريكية والكونجرس الأمريكي على النحو الذي اشارت لها صحيفة واشنطن بوست، كوسيلة اضطرت المراكز الصحية بأنواعها لاستخدامها للخروج من المأزق المالي الذي تواجهها بسبب تبعات جائحة فايروس كورونا، فاصبح هناك تداخل فيما بين المسائل المالية والسياسية لتلك الازمة ، وداخليا فمديونية العلاج بالخارج أيضا سيكون لها انعكاسات داخل أروقة مجلس الامة وهذا ما ستبينه الأيام القادمة .
ختاما .. فالوصفة المتعلقة بمعالجة هذه المسالة سبق ان تناولتها في مقالة سابقة بعنوان (تضخم حساب العهد ابعاد المشكلة وسبل حلها)، هذا و يجب ان نؤكد بانه آن الأوان لإعادة النظر بالنظام المحاسبي للدولة و الانتقال الحقيقي الى النظام المحاسبي على أساس الاستحقاق لتعزيز القدرة على توفير سجلات محاسبية أكثر دقة، وتقييم أداء الأجهزة الحكومية بشكل أفضل من ناحية كلفة الخدمات التي تقدمها وفعاليتها وإنجازاتها والتدفقات النقدية، وتوفير رؤية واضحة للبيانات المالية على المديين المتوسط والبعيد.
السلام عليكم ورحمة الله
أخي العزيز بدر
سعيد برؤية هذه المدونة وشاكر لك هذا الاهتمام والمواضيع المميزة.
أخوكم
محمد الدوسري
إعجابإعجاب
شكرا اخي محمد على متابعتك
إعجابLiked by 1 person