صحيفة الانباء 6اغسطس 2020
العناوين الرئيسية :
- مصطلح «الملاحظات» الوارد بالقانـون يأتي في سياق معناها اللغوي ومدلولاتها منح الديوان سلطة تقييم الموضوعات محل رقابته
- الملاحظات التي يوردها الديوان بتقاريره غير ملزم الأخذ بها طالما لا تعد مخالفة مالية وفقاً للتفسير الوارد في المادة 52
في المقالة السابقة اشرنا الى المواد الواردة بقانون انشاء ديوان المحاسبة التي لعلها جاءت على ضوءها اختصاص الديوان بمسالة تقييم الجوانب التي حددها القانون في احكام المواد تلك وبشكل واضح ومباشر، كما ان هناك دلالات وردت بقانون انشاء ديوان المحاسبة من شانها ان تندرج تلك الدلالات تحت مفهوم التقييم لكن بشكل غير مباشر.
فقد جاء ضمن القانون مصطلحين الاول يتعلق بالمخالفة والاخر يتعلق بالملاحظة، وقد عرف قانون انشاء ديوان المحاسبة بشكل واضح ماهية المخالفة المالية حيث حددت المادة 52 من القانون الحالات التي تعتبر مخالفة المالية وهي 8 حالات على النحو الوارد بالمادة (يمكن الرجوع للمادة لمزيدا من التفصيل ) ، حيث قيـد القانون الجزاء المرتبط بالوقوع بتلك المخالفات ، حيث نصت المادة 53 من القانون على الاتي (يعاقب تأديبيا على الوجه المبين في هذا القانون كل من ارتكب من الموظفين العموميين عدا الوزراء مخالفة من المخالفات المالية المنصوص عليها في المادة السابقة او ساهم في ارتكابها او سهل وقوعها او تراخى في الإبلاغ عنها او حاول التستر على مرتكبها وذلك كله على أية صورة من الصور) ، كما اوجبت المادة 54 من القانون بإحالة مرتكبي المخالفات المالية للتحقيق ، وحددت المادة 60 اختصاص المحاكمة التأديبية وتشكيل هيئتها على النحو الوارد بالمادة.
اما في شان الملاحظات فان هذا المصطلح جاء تأسيسا على المادة 151 من الدستور حيث نصت المادة على الاتي (ينشأ بقانون ديوان للمراقبة المالية يكفل القانون استقلاله، ويكون ملحقا بمجلس الأمة ويعاون الحكومة ومجلس الأمة في رقابة تحصيل ايرادات الدولة وإنفاق مصروفاتها في حدود الميزانية ويقدم الديوان لكل من الحكومة ومجلس الامه تقريرا سنويا عن أعماله وملاحظاته)، ولم يرد اية تعريف للملاحظات بقانون انشاء الديوان على الرغم من الإشارة لها في مواقع عديدة بالقانون وعلى وجه التحديد المواد (12 ،19 ،22 ،24 ،25 ،31 ، 82 ).
ويتبين بان كلمة الملاحظات ليس لها اية مدلولات واضحة في القانون الا فيما ورد بنص المادة 12 حيث كان النص كالاتي (… ويبلغ الديوان الجهة المختصة بملاحظاته فيما يتعلق بمدى مطابقة القرارات المذكورة لأوضاع الميزانية والقواعد والأحكام المالية التي تنظم موضوعها…)، وهنا نلاحظ ان المشرع قد ربط الملاحظات بمدى الالتزام بالأحكام المنظمة وبالتالي في وجهة نظرنا وردت الملاحظة هنا بنفس اثر المخالفة المالية الوارد وصفها بالمادة 52 من القانون.
وعليه وباستثناء المادة 12 من القانون فكلمة الملاحظات الوارد بأحكام القانون برأينا انها تأتي في سياق معناها اللغوي كالتعليق أو التنبيه او الرأي حول موضوع ما، وبالتالي فان مدلولات ذلك بان منح القانون الديوان سلطة ان يبدي رايه على الموضوعات التي أوردها بتقاريره الدورية اثناء ممارسة لاختصاصاته.
وعلى الرغم من ان القانون منح الديوان حق ابداء الراي في المسائل التي حددها القانون من خلال الملاحظات التي يوردها بتقاريره الدورية ، الا ان في رايي ان تلك الملاحظات غير ملزم بالأخذ بها طالما لا تعد مخالفة مالية وفقا للتفسير الوارد في المادة 52، لذلك قد يكون لمثل تلك المدلولات مدخل الديوان وتأسيسه في منهجية عمله المتبعة من قبله والمتعلقة بتقييمه لبعض الإجراءات (تقييم الأداء).
اما فيما يتعلق بالمادة 13 من قانون انشاء ديوان المحاسبة وهي المادة التي يرتكز عليها الديوان بممارسة اختصاصاته المتعلقة بالرقابة المسبقة، فوفقا للمذكرة الايضاحية للقانون فقد اشارت بان المادة فصلت الإجراءات والاحكام التي تتبع في شان تطبيق الرقابة المسبقة وهي على النحو التالي:
- تحديد نطاق الاعمال التي يسري عليها حكم المادة وهي المناقصات الخاصة بالتوريدات والأشغال العامة.
- تحديد نصاب تلك الاعمال وهو قيمة المناقصة الواحدة مئة ألف دينار فأكثر، وفى تحديد هذه القيمة تكون العبرة بالقيمة الاجمالية للأصناف أو الأعمال محل المناقصة، محسوبة على أساس أقل الأسعار بالعطاءات المقدمة فيها مستوفية للشروط.
- على الجهة صاحبة المناقصة الا ترتبط أو تتعاقد مع المتعهد أو المقاول الذي راي إرساء العطاء عليه الا بعد الحصول على ترخيص بذلك من السلطة المختصة بالديوان طبقا لنظام العمل به.
- عدم جواز تجزئة المناقصة الواحدة بقصد إنقاص قيمتها إلى الحد الذي ينأى بها عن الخضوع للرقابة.
- على الديوان بالبت في الأمر في مدة أقصاها سبعة أيام من تاريخ تلقيه أوراق المناقصة وكافة ما يتصل بها من وثائق ومستندات وبيانات وإيضاحات كاملة ومستوفاة ، ولا يبدأ سريان هذا الميعاد الا من تاريخ وصول ما قد يطلبه الديوان خلال السبعة الأيام المذكورة من أوراق أو بيانات أو إيضاحات يرى أنها ضرورية ولازمة لعملية الفحص والمراجعة.
- تشمل الرقابة التحقق من ان الاعتمادات الواردة بالميزانية تسمح بالارتباط أو التعاقد وان كافة الإجراءات الواجب استيفاؤها قبل الارتباط أو التعاقد قد روعيت وفقا لأحكام والقواعد المالية المقررة في هذا الشأن.
- إذا لم يبت الديوان في الموضوع أو لم يخطر الجهة المختصة بالنتيجة قبل فوات الميعاد المشار إليه جاز لهذه الجهة ان تجرى الارتباط أو التعاقد تحت مسئوليتها ولا يخل ذلك بحق الديوان في ممارسة اختصاصاته في الرقابة اللاحقة.
- في حالة ما إذا ابلغ الديوان الجهة المختصة اعتراضه خلال الميعاد المحدد ولم تر هذه الجهة الاخذ به فعليها إخطار الديوان بوجهة نظرها مدعمة بالأسانيد التي تقوم عليها ، فإذا ظل رئيس الديوان مع هذا عند الرأي السابق إبداؤه فانه في هذه الحالة يتعين عرض الأمر على الوزير المختص أو ممثل الجهة المختصة للنظر فيه ، فإذا كان له رأى مغاير لرأى رئيس الديوان قام بعرض وجهتي النظر على مجلس الوزراء الذي يبت في الموضوع بعد الاستماع إلى رئيس الديوان ويعمل بالقرار الذي يصدر عن المجلس المذكور.
هذا ووفقا للمادة 14 فتسري أحكام المادة 13 على كل مشروع ارتباط أو اتفاق أو عقد يكون من شأن ابرامه ترتيب حقوق أو التزامات مالية للدولة أو غيرها من الأشخاص المعنوية العامة أو عليها، إذا بلغت قيمة الارتباط أو الاتفاق أو العقد مائة ألف دينار فأكثر، ويسري ذلك أيضا على عقود القروض المشار اليها في وفقا لما نصت عليه اللائحة الايضاحية للقانون.
وفيما يتعلق بالأحكام الواردة في المادتين (13، 14) يتبين لنا الاتي:
- ان المادة 13 جاءت بشكل واضح وتفصيلي بالإجراءات والاحكام التي تتبع في شان تطبيق الرقابة المسبقة، وهذا ما أكدته للمذكرة الايضاحية للقانون.
- لم يتبين بشكل قاطع وردود أي اختصاص يتعلق باتباع منهجية التقييم في دراسة المناقصات الخاصة بالتوريدات والأشغال العامة، وانما يرتكز اختصاص الديوان في هذا الشأن فقط بالتحقق من ان الاعتمادات الواردة بالميزانية تسمح بالارتباط أو التعاقد وان كافة الإجراءات الواجب استيفاؤها قبل الارتباط أو التعاقد قد روعيت وفقا لأحكام والقواعد المالية المقررة في هذا الشأن.
- هذا واذا قام الديوان بإبداء اية ملاحظات على الارتباطات أو تعاقدات المناقصات الخاصة بالتوريدات والأشغال العامة، فانه لا يوجد سند يعول عليه الديوان بإصدار الموافقة من عدمه على تلك الارتباطات استنادا على تلك الملاحظات، خاصة في حال انها لا ترقى بان تكون ضمن إطار المخالفات الموضحة احكامها بالمادة 52 من القانون.
- على الرغم من ان المادة 14 قد وسعت نطاق احكام المادة 13 بحيث تسري على كل ارتباط أو اتفاق أو عقد يكون من شأن ابرامه ترتيب حقوق أو التزامات مالية للدولة أو غيرها من الأشخاص المعنوية العامة أو عليها ، الا ان المذكرة الايضاحية اعتبرت هذا النطاق ضمن مفهوم الممارسة ، لكن بالرجوع الى نص المادة يتبين ان حكمها جاء على نحو مطلق طالما كان ارتباط أو اتفاق أو عقد ، وليس بالضرورة ان تكون ممارسة وما يدلل على ذلك بان يكون اثر هذا الارتباط او الاتفاق او العقد على الإيرادات وليس المصروفات (ترتيب حقوق أو التزامات مالية للدولة) ، كما ليس بالضرورة بان يكون اثرها على اعتمادات الميزانية وما يدلل على ذلك ذكر انها ممارسة ولم يتم ذكر المناقصة .
- نظرا لعدم وجود احكام تفصيلية للرقابة المسبقة للديوان على غرار الرقابة اللاحقة ، فان الممارسة الحالية لأحكام المادتين (13، 14) من القانون تنحصر بقيام الديوان فقط بالرقابة المسبقة على الارتباطات والاتفاقات والعقود ، في حين ان المشرع عند شرحه لمنهجية الرقابة المالية التي تنتهجها بعض الدول ما بين الرقابة المسبقة والرقابة اللاحقة في المذكرة الايضاحية ، بان المقصود بالرقابة المسبقة هي الرقابة على المصروفات العامة ، وان دولة الكويت انتهجت الجمع بين الرقابة المسبقة واللاحقة ، وقصر رقابتها المسبقة على أنواع معينة من الارتباطات والمصروفات على الوجه الذي حددته المادتين (13، 14) ، وعند تبرير المشرع أسباب تحديد نصاب رقابة الديوان بان تلك المناقصات تستنفذ قدرا كبيرا من اعتمادات المصروفات الواردة في الميزانية ومن ثم وجب اخضاعها للرقابة المسبقة بما يؤمن سلامة عمليات الارتباط والصرف الخاصة بها – الى ابعد حد – دون صرف مبالغ بالخطأ او اكثر من المستحق فعلا قد يتعذر استردادها في كثير من الأحيان ، فيما لو ان اكتشاف امرها جاء تاليا للارتباط او الصرف .
ويتضح من خلال المذكرة الايضاحية بان الرقابة المسبقة المناطة بديوان المحاسبة هي على جانبين ، الأجانب الأول رقابة على الارتباط بكافة انواعه (عقد، اتفاق) ، والجانب الثاني الرقابة على الصرف، في حدود النصاب الموضح بالمادة، وهي ذات نوع الرقابة الذي يقوم بها جهاز المراقبين الماليين(الرقابة المالية قبل الصرف).
(يتبع )