مدى دستورية انشاء جهاز للمراقبين الماليين(4-4)

صحيفة الانباء 9 يوليو 2020

https://alanba.com.kw/979920

تناولنا في الجزء الثالث مسالة تبعية الجهاز وان تلك التبعية لا تخالف احكام الدستور ، كما وضحنا عدم وجود تداخل فيما بين اختصاصات جهاز المراقبين الماليين وديوان المحاسبة ، وان اقرار جدول المرتبات والمزايا والحوافز للعاملين بجهاز المراقبين الماليين يوازي ما يمنح للعاملين بجهاز المراقبين الماليين لا علاقة له باستقلالية ديوان المحاسبة .

هذا وقد ابدى الديوان عددا من الملاحظات حيث يرى الديوان من ان منح جهاز المراقبين الماليين سلطة تشكيل اللجان وفرق العمل يعد تداخل في اختصاصات الديوان.

ونرى ان تشكيل اللجان وفرق العمل يعتبر من قبيل التنظيم الإداري الذي يهدف الى تحقيق اعمال وانجازات خلال فترة محددة ، وان تنظيم مثل تلك اللجان وفرق العمل من اختصاصات مجلس الخدمة المدنية ، والذي أصدر بدوره عدد من القرارات التنظيمية بهذا الشأن ويستلزم من الجهات الحكومية العمل بها ، والجهاز احد الأجهزة الحكومية التي يتطلب عمله اللجوء الى تشكيل اللجان وفرق العمل حتى اذا لم ينص قانونه على ذلك ، ونظرا لأهمية عمل الجهاز فقد منح المشرع سلطة تنظيمية اكبر في هذا الشأن على النحو الموضح بقانون انشاءه ، وعليه ليس ثمة اي تداخل في الاختصاصات بين الجهاز والديوان في هذا الشأن .

كما يرى الديوان من ان مقترح انشاء جهاز للمراقبين الماليين  يتضمن اعفاء الجهاز من الرقابة المسبقة لديوان المحاسبة ، وان تضمين المقترح نص يفيد (الغاء ما يتعارض مع احكام هذا القانون) مما يعني الغاء جميع الاحكام المتعارضة في قانون ديوان المحاسبة.

ونرى هذا الامر ليس دقيق حيث ان الاستثناء يجب ان يكون بنص صريح بالقانون، ولم يرد أي نص صريح يعفي جهاز المراقبين الماليين من رقابة ديوان المحاسبة ، وفيما يتعلق بالنص المتعلق بـ (الغاء ما يتعارض مع احكام هذا القانون ) ، فان الهدف من المادة وكما هو متعارف عليها قانونا بانه نظرا لوجود تنظيم سابق للمراقبين الماليين ، سواء ضمن احكام المرسوم بقانون 31 لسنة 1978 بقواعد اعداد الميزانيات العامة والرقابة عليها والحساب الختامي ، او بالقرارات التنظيمية التي صدرت في ظل احكام المرسوم بقانون سواء بقرارات وزارية او قرارات صادرة من مجلس الوزراء ، فان المادة المشار اليها تبطل العمل بتلك الاحكام ، اما القول بان المادة تعني الغاء جميع الاحكام التي تتعارض في قانون انشاء الديوان فهذا القول أيضا غير دقيق ، حيث لم يرد أي نص بقانون الديوان يتعارض مع احكام مقترح بقانون انشاء الجهاز .

هذا واشار الديوان بان المقترح تضمن العديد من المصطلحات التي تثير تساؤلات وتحتاج الدراسة منها :

  1. ( تزويد الجهاز  بالخبراء) فما هي طبيعة عمل الخبراء.
  2. ان اهداف الجهاز  الواردة بالمادة 8 من المقترح لم يقابله أي اختصاصات في المادة 12 من ذات المقترح.
  3. تضمنت  المادة  14 من المقترح على العبارة التالية   (… حالة عدم الاخذ بوجهة نظر المراقب يتم رفع الامر الي الوزير المختص… ) فما الموقف إذا كانت وجهة نظر المراقب تخالف ما جرى عليه العمل بالجهاز.
  4. نصت المادة 25  علي نقل جميع العاملين بقطاع الرقابة المالية الي الجهاز،  ولم يراعي حاجة وزارة المالية الي المراقبين الماليين تابعين لها.

فيما يتعلق بتزويد الجهاز  بالخبراء و طبيعة عملهم ، فان تعزيز أي جهاز فني بكوادر بشرية متخصصة للمساهمة في رفع كفاء العمل والعاملين بالجهاز امر طبيعي، وهذا معمول به في كل اجهزة الدولة وليس مقصور على الجهاز بعينة، فجهاز المراقبين الماليين كجهاز فني يتطلب وجود عدد من الخبراء والمستشارين في مجال المالية العامة والمحاسبة والقانون.

هذا ونتفق مع وجهة نظر الديوان بانه كان يتوجب على المشرع بان يقابل الاختصاصات الواردة بالمادة 12 بأهداف الجهاز  الواردة بالمادة 8 بالقانون والتي تمت معالجتها باللائحة التنفيذية للقانون.

اما فيما يتعلق فيما اذا  كانت وجهة نظر المراقب تخالف ما جرى عليه العمل بالجهاز.، فان القرارات التنظيمية بالجهاز لم تغفل المعالجة لمثل تلك الحالات والتي تتضمن أيضا الاختلاف في وجهات النظر فين المراقبين الماليين أيضا، كما نصت اللائحة التنفيذية لقانون انشاء جهاز المراقبين الماليين على وجود لجنة لشئون المراقبين الماليين تعنى بالأمور المالية والإدارية والفنية والتي تفصل في أي اختلاف في وجهات النظر بين المراقبين الماليين وأيضا بين المراقب المالي والجهات الخاضعة لرقابة الجهاز.

وأخيرا بشان ما يتعلق بحاجة وزارة المالية الى مراقبين ماليين تابعين لها ، فانه لا يوجد اية حاجة لوزارة المالية الى مراقبين ماليين تابعين لها باعتبار ان هذا الاختصاص منقول الى الجهاز المستقل، واصبحت وزارة المالية احدى الجهات الخاضعة لرقابة الجهاز.

وعلى الرغم من التعقيب على كل ما طرح من ديوان المحاسبة بشان عدم دستورية مقترح قانون بإنشاء جهاز للمراقبين الماليين ، الا ان هناك احكام وردت ضمن مقترح القانون وتم إقرارها بالقانون 23 لسنة 2015 وفي وجهة نظرنا نرى فيها شبة عدم الدستورية .

 فالمادة 24 من مقترح القانون والتي تنص على ( ينقل للعمل بالجهاز جميع  المراقبين الماليين ورؤساء الحسابات العاملين بوحدات الرقابة المالية التابعة لقطاع الرقابة المالية بوزارة المالية من تاريخ صدور هذا القانون ، مع حساب سنوات الخدمة السابقة لهم بالكامل بالجهاز ) ، وقد اقصت المادة موظفين فنيين يعملون بقطاع الرقابة المالية ( مراقبين ماليين ) من النقل الى الجهاز ، وقد قصر النقل فقط على العاملين بوحدات الرقابة المالية دون الفنيين العاملين بقطاع الرقابة المالية ، حيث كفل الدستور في مادته 7 على مبادئ أساسية كالعدل والحرية والمساواة وهي دعامات المجتمع، والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين ، فما نصت عليه المادة 24 من مقترح القانون لم تحقق العدالة في نقل الموظفين المهنيين المعنيين  المخاطبين في المواد 33 و 34 و 51 من المرسوم بقانون 31 لسنة 1978 بشان قواعد اعداد الميزانيات العامة والرقابة عليها والحساب الختامي .

اما ما جاء بالمادة 7   من مشروع القانون والتي نصت على (……… وتضع اللجنة العليا الهيكل التنظيمي للجهاز ، على أن تكون مكاتب المراقبين الماليين بمستوى إدارة تتبع رؤساء القطاعات مباشرة ) ، وما جاء بالمادة   22   من ذات المشروع والتي تنص على  ( يعامل المراقبون الماليون معاملة مديري الإدارات . ويكون تأثيث مكاتبهم وما يتبعها …. ) ، فان  الاحكام الواردة بتلك المادتين والمتعلقة بتحديد الهيكل التنظيمي للجهاز ومستوى وحداته الإدارية والمستوى الوظيفي للقائمين على تلك الوحدات ، حيث ان احكام التنظيم الإداري والهيكلي تعتبر من صميم اعمال السلطة التنفيذية ، وهي تتعارض مع احكام المادة 50 من الدستور والتي تنص على الاتي ( يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات مع تعاونها وفقا لأحكام الدستور ولا يجوز لأي سلطة منها النزول عن كل أو بعض اختصاصها المنصوص عليه في هذا الدستور).

نُشر بواسطة bader alhammad

من مواليد الكويت عام 1964 ، حاصل على الاجازة الجامعية في تخصص المحاسبة عام 1988 بتقدير جيد جدا . بدء عمله في ذات العام بوظيفة محاسب بوزارة المالية وتدرج في المناصب الاشرافية كرئيس قسم التوجيه المحاسبي ثم مراقب مالي ثم مديرا لإدارة الرقابة المالية الى ان صدر به مرسوم اميري عام 2013 بتعينه وكيل مساعد بوزارة المالية حيث شغل منصب الوكيل المساعد لشئون الرقابة المالية . ثم عين بمرسوم اميري رئيسا لقطاع الرقابة المالية بجهاز المراقبين الماليين عند انشاءه في عام 2015 حيث شغل منصب رئيس قطاع الرقابة المالية للهيئات الملحقة والمؤسسات المستقلة خلال الفترة من عام 2016 حتى عام 2018، ومن ثم شغل منصب رئيس قطاع الرقابة المالية للوزارات والإدارات الحكومية في أكتوبر 2018 ، وبالإضافة الى عملة كلف بمنصب نائب رئيس الجهاز بالوكالة في نهاية ديسمبر 2018 حتى نوفمبر 2019.، وحاليا كاتب رأي ومتخصص في شئون المالية العامة في صحيفة الانباء الكويتية. كما شغل العديد من المناصب الأخرى محليا وخارجيا فكان عضو مجلس إدارة بنك الائتمان الكويتي، وعضو مجلس المدراء التنفيذيين للبنك الإسلامي للتنمية IDB و مجلس المديرين التنفيذيين لصندوق التضامن الاسلامي ISFD و مجلس المديرين التنفيذيين للمؤسسة الاسلامية لتامين الاستثمار وائتمان الصادرات ICIEC . هذا وقد شارك في العديد من اللجان منها الإدارية والفنية ولجان تقصي الحقائق و التحقيق محليا وخارجيا ، وله العديد من الآراء والاجتهادات الفنية التي اثرى بها العمل في مجال الرقابة المالية باعتباره احد مؤسسي نظام الرقابة المالية المسبقة بدولة الكويت ، وقد اصدر له جهاز المراقبين الماليين كتابه الأول في عام 2017 بعنوان ( بعض المسائل الفنية في قضايا الرقابة المالية ).

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: