صحيفة الانباء 16 ابريل 2020
أفادت لجنة الميزانيات والحساب الختامي البرلمانية لوسائل الاعلام خلال اجتماع اللجنة المتعلق بمناقشة مشروع قانون الدين العام، بانها بحثت الخيارات المتاحة والقابلة للدراسة لدعم السيولة في الاحتياطي العام.
وكان من ضمن الخيارات وقف تحويل نسبة الـ10% من إيرادات الميزانية إلى احتياطي الأجيال القادمة والتي تحول سنوياً، على ان تحول هذه النسبة إلى الاحتياطي العام، كما أفادت اللجنة بانه خلال الخمس سنوات المالية السابقة تم تحويل 12 مليار دينار من إيرادات الميزانية الى الاحتياطي الأجيال القادمة بدلا من تحويلها الى الاحتياطي العام، وهذا أثر على سيولة الاحتياطي العام الذي هو المصدر الرئيسي لسد عجوزات الميزانية على مدى السنوات السابقة.
ومن المستغرب بان يطرح من قبل لجنة الميزانيات والحساب الختامي مثل هذا الخيار والذي لا يعتبر خيارا فنيا بديلا عن مشروع قانون الدين العام على النحو الذي وضحته اللجنة، فمفهوم (الاحتياطي) وفقا للمرسوم بقانون 106 لسنة 1976 بشأن احتياطي الأجيال القادمة ليس كمفهوم (الاحتياطي) وفقا للمرسوم بقانون 31 لسنة 1978 بقواعد اعداد الميزانيات العامة والرقابة عليها والحساب الختامي.
فالمفهوم الأول ليس من المفاهيم المحاسبية المتعارف عليها والذي يقصد به المبالغ المستقطعة من (الأرباح/الوفر) لأغراض دعم المركز المالي، أي ان شرط تكوينها مرتبط بتحقيق (ربح /وفر)، حيث انه وفقا للمرسوم بقانون 106 لسنة 1976 بشأن احتياطي الأجيال القادمة فان الاستقطاع والبالغ نسبته 10% يتم من الإيرادات العامة مباشرة بغض النظر ان كان هناك وفرا بالميزانية العامة من عدمه.
اما المفهوم الثاني فقد جاء متسقا مع المفاهيم المحاسبية المتعارف عليها الوارد بالمرسوم بقانون 31 لسنة 1978 بقواعد اعداد الميزانيات العامة والرقابة عليها والحساب الختامي حيث نصت المادة 40 منه ، بان يرحل الى الاحتياطي العام او يحمل به ما يسفر عنه الحساب الختامي عن السنة المالية.
ووفقا لتلك المفاهيم فلا يوجد شيء يسمى وقف تحويل الـ 10% من إيرادات الميزانية إلى احتياطي الأجيال القادمة التي تحول سنوياً، على ان تحول إلى الاحتياطي العام، وانما ما هو مطلوب وقف استقطاع نسبة احتياطي الأجيال القادمة، على ان يرحل الى الاحتياطي العام او يحمل به ما يسفر عنه الحساب الختامي عن السنة المالية ، أي نحن امام مقترح تعديل تشريعي يعدل في فلسفة احتياطي الأجيال القادمة.
وان القول بان ما تم تحويلة الى خلال 5 سنوات سابقة والبالغ 12 مليار من إيرادات الميزانية الى احتياطي الأجيال القادمة بدلا من تحويلها الى الاحتياطي العام اثر على سيولة الاحتياطي العام ، فهذا القول غير دقيق من جانبين ، الأول ان التحويل لاحتياطي الأجيال القادمة جاء بنص قانوني فهو ليس اختياري ، فان كان هناك مثالب تشريعية بهذا القانون وجب تصحيحها من قبل المجلس ، والجانب الاخر يتعلق بموقف عجوزات الميزانية ، حيث يبلغ اجمالي العجوزات للخمس سنوات المالية السابقة ( وفق الحساب الختامي للدولة ) مبلغ 22.6 مليار ، وبافتراض بانه تم وقف استقطاع نسبة احتياطي الأجيال القادمة في ذلك الوقت فسيكون اجمالي العجوزات للخمس سنوات المالية السابقة 10.4 مليار وبالتالي سيولة الاحتياطي العام متأثرة بكل الأحوال بسبب الأداء السلبي للميزانية العامة للدولة وليس بسبب استقطاع نسبة احتياطي الأجيال القادمة فقط .
لذا لا أرى من الحصافة طرح وقف استقطاع نسبة احتياطي الأجيال القادمة خيارا من الخيارات عن مشروع قانون الدين العام، حيث ان وقف الاستقطاع قد يعتبر اجراء من عدة إجراءات مطلوبة مستقبلا لمعالجة الاختلالات في الموازنة العامة للدولة لكن لا يعتبر خيارا.