صحيفة الانباء 22 يونيو 2020
تابعنا في الأسبوع الماضي الاستجواب المقدم من قبل النائب رياض العدساني والموجه لوزير المالية ، وقد اثار النائب موضوع الوثيقة المقدمة من الوزير المتعلقة بالإصلاحات ومقترحات تمويل الميزانية ،حيث اعترض النائب على بعض مضامين تلك الوثيقة والتي تتضمن إعادة النظر في الدعوم الحكومية والرسوم وتوفير موارد أخرى لايرادات الموازنة العامة .
والتساؤل المطروح هنا … ما هو المطلوب من وزير مكلف بحقيبة وزارة المالية مثقلة بعجوزات مالية متراكمة على مدى 5 سنوات ؟ وتقدر تلك العجوزات خلال تلك السنوات بما يزيد عن 22 مليار دينار حتى اخر بيان رسمي صادر، في ظل انخفاض أسعار البترول لتصل الى اقل من 50٪ من نقطة سعر التعادل بين الإيرادات والمصروفات ، وكذلك انعكاسات وباء فايروس كورونا ماليا واقتصاديا على الموازنة العامة للدولة .
وانا هنا لا أتكلم عن شخص الوزير وانما عن صفة الوزير المسئول عن الخزانة العامة للدولة و إدارة المالية العامة بما يحقق الاستدامة المالية للدولة ،والتي لا تتحقق الا من خلال عنصرين اساسيين تنمية الإيرادات و تقنين المصروفات ، وعليه فمن واجب أي وزير للمالية ان يقدم وصفة إصلاحات مالية لتحقيق تلك الاستدامة ، ومن خلال ما تم تداوله من إجراءات مقترحة في تلك الوثيقة ، تبين انها لم تخرج عن الاطار العام المطلوب في أي وثيقة لإصلاحات مالية ، ولن اخوض بتفاصيل تلك الاصلاحات حيث سبق ان كتبت فيها بشكل دقيق تحت عنوان (خارطة طريق الإصلاح المالي للموازنة العامة للدولة ) .
لذا يجب ات لا نجزع من تقديم أي وثيقة إصلاحات مالية تحقق تنمية الإيرادات وترشيد المصروفات ،طالما تحقق الاستدامة المالية بما لا يمس أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة وبالقدر الذي يحقق المصلحة العامة ، وهذا ليس بالأمر الجديد فقد سبق ان ضمّن وزير المالية في بيانه عن الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية لمشروع الميزانية العامة للسنة المالية 2018/2019 و 2019/2020 ، وان الإدارة المالية التزمت بالإجراءات التي اقرها مجلس الوزراء في 10 نوفمبر 2014 بشان ترشيد الانفاق ومنها ما يتعلق بكوادر المرتبات وتقنين الدعومات.
كما أشار الوزير في ذلك الوقت بان الإدارة المالية قد التزمت بالمحاور التي تضمنتها وثيقة الإجراءات الداعمة للإصلاح والتي صدرت من لجنة الشئون الاقتصادية الحكومية واعتمدها مجلس الوزراء في 14 مارس 2016 ، حيث عُرض على مجلس الامة البرنامج التنفيذي الوطني للاستدامة الاقتصادية والمالية بجداوله الزمنية في جلسته المنعقدة بتاريخ 6 مارس 2018 ، والذي يهدف الى دعم الاقتصاد الوطني والحفاظ على المستوى المعيشي للمواطنين .
و كان من ضمن التوقعات الواردة ببيان وزير المالية حين ذاك ما يتعلق بخفض عجز الموازنة والوارد بتقرير صندوق النقد الدولي من خلال ماهو متوقع من تطبيق الضريبة الانتقائية في السنة المالية 2020/2021 ، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة في السنة المالية 2021/2022 .
ويتضح ان كل ما ورد بالوثيقة التي عرضها النائب بالجلسة هي بالاصل وردت بشكل او باخر في بيانَيْ وزير المالية المشار اليها، اذن ماهو الجديد في الامر ؟
وبهذا الصدد نود ان نوضح بان اقتراح وقف نسبة الـ 10% من الإيرادات لصالح صندوق الأجيال القادمة لن يحقق نقطة التعادل في الموازنة ، كما لن تتحقق نقطة التعادل عند تحويل إيرادات المؤسسات الحكومية للخزانة العامة للدولة بما يتفق مع قوانين انشاء تلك المؤسسات ، لان نقطة التعادل تتحقق بوجود حزمة إصلاحات مالية مجتمعة لا منفردة ، علما بان تلك المقترحات هي بالاصل وردت ضمن الوثائق الإصلاحية السابقة .
وبعد ذلك يبقى دور ومسئولية مجلس الامة في دراسة ومناقشة تلك الإصلاحات في حال احالتها من قبل الحكومة ، وذلك اما باقرارها او رفضها او التعديل عليها او ربط الموافقة عليها باشتراطات محددة وحسب ما يتم الاتفاق عليه ، وان مسئوليته متابعة تنفيذ تلك الإصلاحات من خلال اللجان المختصة بالمجلس وعلى راسها لجنة الميزانيات والحساب الختامي ، والتي ترد لها كل البيانات المالية الخاصة بحسابات الدولة وتقارير الجهات الرقابية بشانها، واللجنة هي المسئولة بالدرجة الأولى على المحافظة على استدامة المالية العامة وتتحمل مسئولية عدم تقويم مسار المالية العامة للدولة من خلال اجتماعاتها وتقاريرها التي ترفعها لمجلس الامة.
اذن هي مسئولية مجلس الامة مجتمعا ، وهي مسئولية تضامنية والمجلس هو الذي يحدد مسار ومستقبل الموقف المالي والاقتصادي للدولة ومصير الوطن والمواطن .
وفي سياق دور ومسئولية لجنة الميزانيات والحساب الختامي استوقفني ما ورد بتقرير ديوان المحاسبة عن السنة المالية 2016/2017 المنشور على الموقع الالكتروني للديوان والذي اطلعت عليه مؤخرا ، حيث تحفظ ديوان المحاسبة على صحة ما جاء بالبيانات الواردة بالحسابات الختامية للجهات المشمولة برقابة الديوان للسنة المذكورة !! ، وأصحاب الاختصاص يعون تماما مفهوم التحفظ على البيانات الامر الذي يضع مصداقية البيانات المالية للدولة في محك محليا وخارجيا ، ومدى نطاق اثر هذا التحفظ على البيانات المرحلة منذ تلك السنة المالية حتى تاريخه وانعكاساته على جوانب أخرى في عناصر الحسابات الختامية والمركز المالي للدولة .
نقطة نظام:
سبق أن وضحنا الجوانب القانونية والفنية بشان طلب المستجوب بتكليف جهاز المراقبين الماليين بموضوع شركة الخطوط الجوية الكويتية، وحيث انه تأكد صدور تكليف رسمي للجهاز بهذا الشأن نؤكد ان هذا التكليف يتعارض مع قانون انشاء جهاز المراقبين الماليين واستقلاليته .