صحيفة الانباء 13 مايو 2020
اطلّ علينا الشيخ ناصر صباح الأحمد نائب رئيس المجلس الأعلى للتخطيط في أواخر أيام شهر رمضان المبارك معايدا الشعب الكويتي في هذا الشهر، وداعيا الله بان تتجاوز الكويت الازمة الصحية التي تواجه دولة الكويت والعالم.
وقد استذكر رؤية صاحب السمو امير البلاد حفظه الله ورعاه التي عكستها رؤية كويت 2035 ، ولعلنا نستذكر هنا أيضا خطاب سموه الأخير بمناسبة العشر الاواخر من رمضان والذي احتوى على مضامين ذات أهمية خاصة تلامس واقع الحال ، وتمثلت بالتوجيه على تركيز جهود الدولة لبناء اقتصاد مستقر ومستدام أساسه الانسان ، ومراجعة منهج ونمط حياتنا اليومية وترشيد استغلال مواردنا وتقليل الاعتماد على الغير في أعمالنا، خاصة في ظل وجود تحديات كبيرة وغير مسبوقة للحفاظ على سلامة ومتانة اقتصادنا الوطني من الهزات الخارجية الناجمة عن ازمة وباء فايروس كورونا وتراجع أسعار النفط .
هذا الخطاب الذي يمثل الخطوط العريضة لمسار الإصلاح المالي والاقتصادي للدولة في سبيل المحافظة على المقومات المالية للدولة وضمان استدامتها.
اما رسالة الشيخ ناصر فاتسمت بالصراحة والشفافية وجلد الذات احيانا من خلال الإشارة الى ضعف الادارة المالية والمتمثل بالاستمرار الاعتماد على مورد وحيد ممثل بالنفط وعدم إيجاد موارد مالية متنوعة لتعزيز متانة المالية العامة للدولة الى جانب عدم تقييم أداء الموازنة العامة للدولة نظرا لضخامة مصروفاتها.
ويبدوا ان الإدارة المالية لم تأخذ بعين الاعتبار الدروس المستفادة من الازمات السابقة التي واجهة الدولة وانعكست سلبا على الأداء المالي والاقتصادي لها ، وكم من جائحة نحتاج لا سمح الله حتى نعي حجم تلك المخاطر ، نعم تتمتع الدولة ولله الحمد بمركز مالي متين ، لكن هذا المركز يستلزم بان نحافظ على استدامته وديمومته لتوفير حياة كريمة لمن يأتي بعدنا من أجيال .
ولعل ركائز رؤية الكويت 2035 هي السبيل لتحقيق تلك الاستدامة والديمومة ، لكن تلك الركائز وحدها لن تحقق تلك الرؤية، فكما قال الشيخ ناصر ان تحقيق تلك الرؤية تتطلب بان تثبت الإدارة فعاليتها من خلال حُسن الإدارة ومحاربة الفساد، وهذا لن يأتي الا من خلال اختيار عناصر الإدارة وفقا لمعايير الكفاءة والجدارة والاستحقاق، فلن تتحقق الإدارة الفعالة ولا يمكن محاربة الفساد في ظل الاختيار وفق المحسوبية والولاءات.
كما ان كل الدراسات المتعلقة بالإصلاح المالي والاقتصادي والتي قدمت خلال السنوات الماضية اكدت بان اصلاح الاختلالات المالية والاقتصادية مرتبط بشكل أساسي بالواقع السياسي نظرا لما قد يعكسه هذا الواقع من افرازات ذات مضامين مالية واقتصادية ليست بالضرورة ان تكون إيجابية، وهنا تكمن مشكلة الاختلالات المالية والاقتصادية.
كما يجب ان تعكس خطط التنمية مضامين معالجات الاختلالات المالية والاقتصادية، بحيث تعيد صياغة الدور الحكومي وهيمنته على النشاط الاقتصادي، مع التشديد على أهمية الدور الحكومي في مراقبة ومتابعة النشاط الاقتصادي بما يكفل جودة الخدمة ومعقولية كلفتها والحفاظ على المال العام .
ختاما نقدر لمعالي الشيخ ناصر الصباح صراحته وشفافيته ونأمل من خلال توجيهاته بان يتم تهيئة المواطن بشكل مناسب للخطوات الإجرائية لرؤية كويت جديدة 2035 وتنوير الرأي العام بتطورات تلك الرؤية لأهمية مشاركته ودعمه، وان تبرز الحكومة دورها كشريك حقيقي له.
وتقبل الله طاعتك وعساك من عواده ….