صحيفة الانباء 7 يونيو 2020
العناوين الرئيسية :
- الكويتي جسّد خلال أزمة ««كورونا» معنى الوطنية وقدم كل صور الدعم للجهود الحكومية.
- العاملون بأجهزة الدولة المختلفة خلال الأزمة يقدمون أروع صور الوطنية بتحملهم المسؤولية.
- القطاع التعاوني والمتطوعون لعبوا دوراً محورياً في أزمة «كورونا» لتحقيق الأمن الغذائي بالبلاد.
- التقدير المالي يجب أن يقدم بشكل موضوعي.. مراعياً الظروف المالية والاقتصادية للبلاد.
- آلية تقدير العاملين يجب أن تراعي تحقيق الاستقرار بضمان استمراريتها دون تغيير وعدالتها.
في وقت الازمات يصعب ان نجد وصفا دقيقا نصف به وطنية الكويتي، فعاطفته الوطنية تلقائية وهذا ما يتميز به الكويتي، والتاريخ القديم والحديث يشهد مواقفه، ولعل اصدق موقف يعبّر عن وطنية الكويتي بالتاريخ الحديث موقفه أبّان الغزو العراقي الغاشم الذي تعرضت له البلاد يوم 2 اغسطس 1990، حيث ضرب الكويتي أروع وأعظم الأمثلة بمواقفه الثابتة المخلصة تجاه هذا الوطن.
و لا يزال الكويتي يجسد معنى الوطنية والولاء في كل ازمة ومحنة تواجه الوطن، فهذه ازمة جائحة كورونا فمنذ ان ضرب هذا الوباء الكويت في شهر فبراير الماضي حتى تسارع الكويتيين في تقديم كل صور الدعم للجهود الحكومية لمحاربة هذا الوباء بكافة صوره المادية والعينية والمعنوية، فصندوق دعم الجهود الحكومية لمواجهة وباء كورونا يشهد له بذلك، وفزعة اهل الكويت في تقديم التبرعات للجان الخيرية التي رسمت صورة مشرفة للكويت محليا ودوليا تشهد له بذلك أيضا.
ومن جانب آخر فنرى العاملين في أجهزة الدولة خلال ازمة فايروس كورونا يقدمون أروع صور الوطنية في تحملهم المسئولية ومواجهة خطر الإصابة بهذا الوباء، فمنهم من يعمل في الهيئة الطبية لتقديم الرعاية الصحية للمصابين، ومنهم من يعمل في المؤسسات العسكرية المختلفة لحفظ النظام والامن، ومنهم من يقدم الدعم المساند للقطاعات المعنية بالأزمة من مؤسسات الدولة المختلفة.
ومن زاوية أخرى نرى القطاع التعاوني يسطّر أيضا معاني الوطنية ، فهو يلعب دورا محوريا في هذه الازمة متمثل في تحقيق الامن الغذائي للمواطنين والمقيمين على حد سواء ، وقد عزز دور القطاع التعاوني كادر المتطوعين والذي ساقتهم مشاعرهم وعواطفهم الوطنية لتامين الدعم اللوجستي لهذا القطاع الحساس ، وللمحافظة على استمرارية تقديم هذا القطاع للخدمات لأهالي المناطق السكنية وبنفس الكفاءة ، وهذا ما جبلوا عليه الكويتيين ، ولعل دورهم ابّان الغزو العراقي الغاشم خير شاهد أيضا لدور المتطوعين في هذا القطاع ، ولا ننسى أيضا الجهود المقدمة من قبل القطاعات الأخرى كجمعيات النفع العام واللجان الخيرية وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني .
وانا على يقين تام بان كل من بادر في المساهمة في تقديم خدماته في هذه الازمة منذ بدايتها لم يكن يطمح لأي مردود مادي، وانما جاءت مبادرتهم اما انطلاقا من تلبية نداء الواجب الوطني كما لاحظناه من قبل العاملين بالقطاع الحكومي عندما تم تكليفهم بالعمل اثناء تعطيل المصالح الحكومية، واما جاءت من باب الفزعة الوطنية للعاملين بالقطاع التعاوني وجمعيات النفع العام واللجان الخيرية.
لذلك كان لموقف الكويتيين واخوانهم من الوافدين سواء العاملين بالقطاع الحكومي او العاملين والمتطوعين في القطاع التعاوني ومؤسسات المجتمع المدني محل تقدير واحترام لدى القيادة السياسة، فصاحب السمو امير البلاد حفظه الله ابلغ شكره وتقديره لأبنائه وبناته العاملين بالصفوف الأمامية والذين يقدمون أقصى التضحيات ويواصلون الليل بالنهار ضمن الفرق المكلفة بمواجهة فيروس كورونا المستجد، كما أمر سموه بأن تقدم لهؤلاء العاملين مظاهر التكريم المعنوي والمادي تقديراً لجهودهم.
وعلى ضوء ذلك اقر مجلس الوزراء مقترح ديوان الخدمة المدنية بشأن الآلية المقترحة لمنح مكافآت مالية للموظفين العاملين في القطاع الحكومي المكلفين بالعمل لمواجهة انتشار الفيروس كورونا تقديرا لجهودهم خلال ازمة الوباء، وقد فصّل ديوان الخدمة المدنية الآلية المتعلقة بتحديد التقدير المادي للموظفين العاملين في القطاع الحكومي من حيث الفئات وطريقة احتساب المكافأة لكل فئة.
وقد أثارت الآلية المقترحة من قبل ديوان الخدمة المدنية والتي اقرّها مجلس الوزراء لغطا وردود أفعال متباينة من قبل العاملين، وعلى الرغم من اجتهاد ديوان الخدمة المدنية والذي يشكر عليه الا انه وبرأيي المتواضع كان من الممكن ان تقدم آلية تتسق مع الأجواء العامة التي صاحبت الازمة من تفاعل وطني من القائمين على القطاعات المعنية، والتي تتطلب الحفاوة المعنوية لكل من ساهم ويساهم في جهوده بتلك الازمة، ولا ترتكز بشكل أساسي على التمايز المادي ذو الحساسية لدرجة قد تخلق ردود فعل عكسية.
فكما اسلفت ان منطلقات العاملين بالقطاع الحكومي والعاملين والمتطوعين في القطاع التعاوني ومؤسسات المجتمع المدني والخيري جاءت انطلاقا من الواجب والحس الوطني، وفي وجه نظري ان التقدير المعنوي اهم من التقدير المادي والذي يجب ان لا يغفل المتطوعين أيضا، لان أي آلية لا تتسم بالموضوعية فسوف يكون وقعها النفسي سلبي أكثر مما هو ايجابي، لذلك كان توقيت الإعلان عن آلية تقدير المكافآت برأيي جاء غير موفقا وسبّب نوع من الإحباط لدى بعض العاملين والمتطوعين.
وفيما يتعلق بالتقدير المالي فنرى انه كان من الأنسب ان يكون موضوعيا ومراعيا للظروف المالية والاقتصادية التي تمر فيها البلاد وفي إطار توجيهات صاحب السمو امير البلاد حفظه الله، ولعل ما أكده سمو رئيس مجلس الوزراء امام النواب في اللقاء الحكومي والبرلماني الأخير من حقائق تواجهها الحكومة خلال تصديها لجائحة كورونا وتداعياتها، والذي شدد سموه من أن الوضع الاقتصادي للدولة ليس جيدا ، كما أكد ذلك سموه أيضا بلقائه الأخير مع رؤساء تحرير الصحف عندما أشار الى ان الوضع الاقتصادي يحتاج الى إعادة تعديل كبير في هيكلة الاقتصاد، وهذا دليلا على ضرورة ان تتسق آلية التقدير المالي مع تلك الأوضاع.
وفي رأيي ان الآلية الموضوعية المناسبة للتقدير المادي للعاملين في القطاع الحكومي والتي تعتبر وسيلة للتقدير وليس وسيلة لتحقيق مردود مادي، وتحقق قدر المستطاع قدرا من العدالة دون التركيز على خلق فوارق وتمايز، هي كالتالي:
- ان يكون نطاق تطبيق آلية التقدير المادي لكافة العاملين بالقطاع الحكومي والذي يشمل العاملين في الجهات والهيئات والمؤسسات الحكومية والمؤسسات العسكرية المختلفة.
- بما ان الدولة اعتبرت فترة التعطيل في الجهات والمؤسسات الحكومية فترة راحة، فان نطاق تطبيق آلية التقدير المادي تسري فقط على العاملين المكلفين بالأعمال خلال فترة الراحة المقررة من الدولة.
- بالنسبة لمن تنطبق عليهم تشريعات مجلس الخدمة المدنية يتم تحديد التقدير المالي بنفس آلية التشريعات المتعلقة بالتعويض عن الاعمال خلال فترات أيام الراحة والعطل الرسمية وايام المناوبة مع بعض المرونة التي تطلـبتها الازمة، من حيث تعديل قيمة التعويض وباضافة فئات وظيفية غير مدرجة بتلك التشريعات.
- بالنسبة لمن تنطبق عليهم تشريعات خاصة كبعض العاملين بالجهات والهيئات والمؤسسات الحكومية والمؤسسات العسكرية، يتم العمل بذات آلية التقدير المالي الواردة بالفقرة السابقة المقررة لهم في تشريعاتهم الخاصة.
- يجب ان لا تتجاوز قيمة التعويضات المذكورة باي حال من الأحوال الاجر الشهري الشامل للموظف عن كل شهر عمل.
- بالنسبة للموظفين الذين يعملون عن بعد ودون الحضور الى مقرات عملهم فتكون آلية التقدير المالي لهم بنفس آلية التشريعات المتعلقة بالعمل خلال فترات الراحة والعطل الرسمية وايام المناوبة والتعديلات عليها المشار اليها سابقا، على ان تكون تلك التعديلات تحقق فروقات موضوعية وعادلة عما يتقاضاه زملائهم من هو على راس عمله فعليا.
- نظرا لاستمرار ازمة وباء فايروس كورونا وعدم معرفة مدتها، فيستمر العمل بآلية التعويض تلك على ان لا يتم التقيد بالحد الأقصى للتعويض(الفترة) الذي يمنح للموظف خلال السنة المالية الواردة بالتشريعات المنظمة، ولحين اصدار الدولة قرار بالعودة الشاملة للأعمال الحكومية.
- في حال وجود قيود في بعض عقود العمل تمنع منح تعويض عن الاعمال الإضافية، فيتم منح تلك الفئة ذات التعويض المنصوص عليه بالآلية المشار اليها استثناءً من القيود الواردة بتلك العقود او التشريعات المنظمة.
- على جهات العمل الحكومية المعنية اثبات مباشرة العمل بالطرق المختلفة للمكلفين بالأعمال خلال تلك الفترة.
- العاملين الذين يصابون بفايروس كورونا بسبب ممارسة عملهم، يستمر صرف التعويض المقرر لهم المشار اليه سالفا كما لو كانوا على راس عملهم ولحين تصريح السلطات الصحية للالتحاق بعملهم.
- العاملين الذين يصابون بفايروس كورونا بسبب ممارسة عملهم، ويتوفاهم الله نتيجة لتلك الإصابة يقرر لذويهم تعويضا مناسبا، وبالنسبة للكويتي يقرر له أيضا معاشا تقاعديا بذات الراتب الذي كان يتقاضاه عندما كان على راس عمله قبل وفاته وذلك بصفة استثنائية بما يكفل لأسرهم الحياة الكريمة، واي مميزات أخرى تحددها الدولة بعد انتهاء الازمة.
- يُمنح العاملين الحد الاعلى من مكافئات الاعمال الممتازة المقررة لهم وفق التشريعات المنظمة لجهاتهم ودون التقّيد بالقيود الواردة في تلك التشريعات.
- يتم تعطيل العمل باي تشريعات خاصة ببعض الجهات تسمح بصرف تعويضات للعاملين لديها عن اعمال مميزة (بخلاف الاعمال الممتازة) خلال السنة، وذلك لمنع ازدواجية الصرف ولتحقيق العدالة بين كافة العاملين بالجهات الحكومية.
- يتم توجيه القطاع التعاوني ومؤسسات المجتمع المدني بالنسبة للعاملين لديهم بتطبيق تشريعاتها المتعلقة بالتعويض عن الأعمال في أيام الراحة وأيام الجمع والعطلات الرسمية وبنفس سياق الآلية المقترحة في الجهات الحكومية، ويتم تمويل تلك التكاليف من ميزانياتها بعد إعادة برمجة مصروفاتها وخططها المالية، على ان تنظر الدولة في طرق دعمها إذا استلزم الامر ذلك في حالة وجود عجز في ميزانيتها.
- نظرا لإنشاء الحكومة صندوق لتلقي المساهمات النقدية من المؤسسات والشركات والافراد لدعم جهود الحكومة في مواجهة تداعيات انتشار عدوى فايروس كورونا المستجد، فنرى ان يتم استخدام جزء من أموال هذا الصندوق في صور التقدير المعنوي التي يمكن تقديمها للعاملين والمتطوعين خلال ازمة فايروس كورونا وفق آلية محددة وواضحة.
أخيرا نؤكد على أهمية تقديم التقدير المعنوي والمادي للعاملين بالجهات والمؤسسات الحكومية والقطاع التعاوني ومؤسسات المجتمع المدني باعتبارهم هم الصفوف الامامية في هذه الازمة والذين يقدمون أقصى التضحيات لمواجهة فايروس كورونا المستجد ، وان يكون هذا التقدير يستهدف الجانب المعنوي اكثر من الجانب المادي، لان العاملين والمتطوعين لبّوا نداء الواجب انطلاقا من المسئولية الوطنية بالدرجة الاولى ، لذلك يجب ان تكون الآلية المقترحة لتقدير العاملين خلال ازمة فايروس كورنا تنطلق من هذه المرتكزات وان لا تخلق فوارق مادية غير موضوعية ، آخذين بعين الاعتبار الأوضاع المالية التي تمر بها البلاد والتي تتطلب تفهّمنا للمسئولية الوطنية التضامنية ،لا سيما إن اتباع أي آلية تقدير يجب ان تراعي عدة اعتبارات .
الاعتبار الأول بان تحقّق الآلية الاستقرار في استمراريتها دون أي تغيير في ظل عدم معرفة النطاق الزمني للأزمة ، الثاني بان لا تضطر الدولة الى إعادة النظر فيها بعد فترة الامر الذي سيترك أثرا سلبيا على العاملين بسبب التمايز فيما بينهم ، الاعتبار الأخير يتعلق بالمراحل التي اعلن عنها مجلس الوزراء لعودة الاعمال في الجهات والمؤسسات الحكومية والتي تضمّنت عودة العاملين بالقطاعي الحكومي لأعمالهم وفق نسب حضور متزايدة تصل الى 50 % ، فهل الآلية الحالية المعتمدة عند العودة الجزئية للعمل تحقق الموضوعية والعدالة ولا ترهق على الميزانية ؟